الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الضبط الاجتماعي لتجنب الاجرام

ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك

(Majid Ahmad Alzamli)

2021 / 2 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الضبط الاجتماعي هو العملية التي يستطيع المجتمع بواسطتها السيطرة على أفراده وتنظيم سلوكهم من خلال مجموعة من الوسائل بالشكل الذي يؤدي إلى اتساق هذا السلوك مع التوقعات الاجتماعية، والتي تعمل للمحافظة على استمرارية المجتمع ونموه في الأوضاع الاعتيادية وتلافي التخلف الذي يحدث في بعض مؤسساته خلال عمليات التطور التدريجي أو التغير المفاجيء لا سيما أثناء الأزمات الاقتصادية والانقلابات السياسية والحروب والثورات والكوارث الطبيعية .. الخ.الحاجة المستمرة لضبط السلوك فأن معظم التنظيمات الاجتماعية الرسمية الحديثة تلجأ إلى وضع تعليمات مكتوبة لحفظ النظام العام داخلها لما في ذلك من فائدة في تقرير القيم والأعراف والمعايير من خلال ما تحتويه هذه التعليمات من جزاءات اجتماعية واسعة وفي هذا الأخطار لقد بين عالم الاجتماع الألماني "ماكس فيبر" بأن الأنظمة والتعليمات المكتوبة تعمل كأداة يتعلم الأفراد من خلالها ما يتوقع منهم من سلوكيات وأعمال والتي من شأنها التأثير وبشكل مباشر في سلوكياتهم وأفعالهم.
والعادات الاجتماعية هي صورة من صور السلوك الاجتماعي استمرت فترة طويلة من الزمن واستقرت في مجتمع معين واصبحت تقليدية وھي اساليب للفكر والعمل ترتبط بجماعة فرعية او بمجتمع بأسره .وتتصف ھذه العادات بأنھا طرق للتصرف تأخذ في الظھور بأساليب مختلفة منھا المصادفة والمحاولة والخطأ والتجربة وعند اصطناعھا لا يبقى إلا إتباعھا وقبولھا. العادات الاجتماعية بما ورائھا من قوة إكتسبتھا بحكم التقااليد تنظم كل مناسبة في حياة الجماعة وترسم لكل عضو من أعضائھا حقوقه وواجباته كما تعمل على التوفيق بين مطالبه ومصالحه من جھة ، وبين مطالب الجماعة ومصالحھا من جھة أخرى. لا تقوم العادات الاجتماعية إلا كعلاقة اجتماعية ، فإذا كنتُ أذھب لحضور مناسبة عرس لأن ھذا واجب ولأن الجماعة التي أنتسب أليھا تفعل ذلك أنني إذا تخلفت عن أداء ھذا الواجب تعرضت للإستھجان من الجماعة او إذا كان الذھاب لحضور العرس يمھد إلى إنجاز بعض الأعمال النافعة أو يمكن من بعض الإتصالات الاجتماعية ، ففي جميع ھذه الحالات يكون سلوكي مطابقا للعادات الاجتماعية . العادات الاجتماعية المنتشرة في جميع المجتمعات فلايمكن تصور مجتمع بدون عادات اجتماعية ،لان العادات تتعبر ضرورة اجتماعية وعاملا أساسيا من أقوى عوامل ضبط العلاقات بين الأفراد ، فھي تتضمن الأوامر والنواھي والواجب والجائز والمحلَّل والمحرَّم والمستحسن والمستهجن. تتميز العادات الاجتماعية كظاھرة اجتماعية بالنسبية ، فھي تختلف من مجتمع إلى آخر ، كما أنھا تتغير بالنسبة لنفس المجتمع من زمن إلى آخر . كما أن أفراد المجتمع يعتقدون أن عاداتھم الاجتماعية ھي الأفضل والأھم من عادات غيرھم في المجتمعات الأخرى وأن عاداتھم جديرة بالتقدير والتقديس . وتوجد العديد من الجزاءات الاجتماعية التي تدعم العادات الاجتماعية المختلفة ، فھي جزاءات اجتماعية ، فخروج أي فرد أو إنحرافه عن عادات الجماعة يستوجب أنواع الجزاءات الاجتماعية ،فھذه الجزاءات أما إيجابية وتأخذ مكافأة أو استحسان عام........الخ ، أو سلبية تأخذ شكل الإستھجان أو النبذ أو السخرية أو التبويخ ....الخ ، والجزاء الذي تفرضه العادات الاجتماعية بالنسبة للفرد باعتبارھا أسلوب من سلوك الجماعة نفسھا من حيث كونھا جماعة. فمفهوم الضبط الاجتماعي وضرورته ونظرياته ، وأساليبه المستخدمة قديماً وحديثاً ، ودور التربية في الضبط الاجتماعي.
والدين له اهمية كبيرة في عملية الضبط الاجتماعي , فتهميش الدين في العالم الغربي ، وعلى الرغم من اهتمام القلة من علماء الغرب بالدين ، إلا أن الغالبية منهم أهمل دوره في الضبط الاجتماعي ، ويظهر ذلك في آرائهم ونظرياتهم ، فقد جاء في المرتبة الثانية بعد القانون عند جيرفيتش ، في حين أن كلاً من لابيير وبارسونز لم يذكراه أو يتعرضا له أصلاً كوسيلة من وسائل الضبط الاجتماعي واقتصرت وسائل الضبط الاجتماعي عند سمنر على الأعراف والتقاليد . كما ظهر انفصال كبير بين الدين والقانون ، واحتلت القوانين الوضعية مكان الأديان السماوية في ضبط المجتمع فنتج عن ذلك تخبط دائم وفساد مستمر في المجتمع الغربي . فالقوانين الوضعية لا تنبع من ذات الفر د بل هي من سلطة خارجية ، لذا فالفرد لا ينقاد لها بإرادته بل مجبراً ، بينما الضوابط في الإسلام تركز على ذات الفرد وتعمل على تزكيته وتنقيته وتنمية ضميره كي يصبح ضابطاً لنفسه قبل أن يضبطه المجتمع. يحقق الضبط الاجتماعي للمجتمعات التوازن والاستقرار. ينظم العلاقات بين الأفراد والمعاملات فيما بينهم، ويعّد وسيلة مثلى لتطبيق الأنظمة والتخلص من الفوضى. يساعد القوانين والأنظمة في تطبيق الرقابة وفرضها على المجتمعات، وفرض السيطرة أيضاً على تصرفات وسلوكيات الأفراد في المجتمع من خلال التنشئة الاجتماعية.وتمثل التربية في كل مجتمع "الوسيلة" التي يعتمدها في إعداد الأطفال وفقاً للشروط الأساسية الخاصة بوجوده، وبالتالي فإن لكل شعب نظامه التربوي الخاص الذي يمكن له أن يحدد في الوقت نفسه ملامح بنيته الأخلاقية والسياسية والدينية. ويمكن تعريف التربية حسب دوركهايم بأنّها "العقل" الذي تمارسه الأجيال الراشدة على الأجيال التي لم ترشد بعد وذلك من أجل الحياة الاجتماعية، ولكن هدف التربية في تنمية الجوانب الفيزيائية والعقلية والأخلاقية، وذلك على النحو الذي يحدده المجتمع السياسي بوصفه متكاملاً ووفقاً للصورة التي يعلنها الوسط الاجتماعي الخاص الذي ينتمي إليه الأطفال وباختصار شديد "التربية عملية تنشئة اجتماعية منهجية للجيل الجديد".
الدولة وما لديها من خطط تربوية وتعليمية وإعلامية تنهض بالوعي الفردي والاجتماعي, المؤسسة الدينية وقدرتها على فهم الدين وتحويله لمشاريع عمل تنهض بالفرد والمجتمع وتنخرط كجزء من هذه المشاريع تنفيذيا وليس فقط تنظيراً ، بل قدرتها على ترسيخ منظومة القيم والمعايير وتقديمها نموذجا مرجعيا نظريا وسلوكيا في ذلك، ورفد الدولة بالقوانين المستوحاة من الأحكام الفقهية القابلة للتقنين. ومؤسسات المجتمع المدني بمختلف مجالاتها وقدرتها على امتلاك مشاريع عمل تدمج طبقات المجتمع المختلفة في مشاريع التوعية القانونية ، وامتلاك رؤية قادرة على رفد الدولة بضوابط تعالج مشاكل المجتمع ، وتدفع باتجاه المزيد من الاستقرار الاجتماعي ، لتلعب دوراً هاماً أيضاً في تحويل تجربتها البشرية الميدانية لقضايا يمكن تشخيص قوانين ضابطة لها على ضوء الشريعة من خلالها جسر يمتد بينها وبين المؤسسات الدينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإنفاق العسكري العالمي يصل لأعلى مستوياته! | الأخبار


.. لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م




.. ألفارو غونزاليس يعبر عن انبهاره بالأمان بعد استعادته لمحفظته


.. إجراءات إسرائيلية استعدادا لاجتياح رفح رغم التحذيرات




.. توسيع العقوبات الأوروبية على إيران