الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلتي في قطار ..

صادق محمد عبدالكريم الدبش

2021 / 2 / 8
الادب والفن


رحلتي في قطار .. حين التقيتها من غير ميعاد !...
وأنا في وِجْهَتي للسِحْر الذي رافقني !..
عند محطة قِطارٍ لا أعرف وِجْهَتُه !...
أِسْتَقَلًتْهُ صبية في العشرينات من عمرها ، ممشوقة القوام !...
تفترش الأرض بهندامها وأناقتها ..كأنها طاووس حط في مملكة الطيور والغيد الحسان !..
فأضفى شيء من الوقار والترقب والذهول ... وصَمْتٌ مريب !...
ينذر بزلزال قريب الوقوع ..وربما عاصفة هوجاء قد يُحْدثانِ شيء غرسي.. لا أدري ! ..
كانت تحدق فيما حولها !...
كأنها نسر كاسر قد دخل مملكة الطيور ليفرض إرادته وجبروته وقوته على مَنْ حوله !..
فَأُخْضِعَ من فيها دون حراك ..والجمع في خوف وترقب ومهابة وذهول !...
تَقْدَمَتْ وسَط الجمع المترامي على جانبيها عند مدخل العربة !..
الجميع يقول لها بعد أن رفعوا قبعاتهم احتراما وهيبة وتعجب !...
تفضلي أيتها الكحيلة ..الجميلة الصهباء !..
صَعَدَتْ وَكُنْتُ حينها .. في مدخل العربة وأَهِمُ بالدخول لِأخُذْ مقعدي في القطار !..
جَلَسْتُ في منتصف العربة ... وتشاء الصدف !...
لا أدري هل حضي العاثر أَتْبَعَها لِتَجْلِسْ مُتَقابِلَة معي ؟..
أم هي فرصة تتمناها النفوس الغائرة في عِشْقِ تِلْكُم الساحرات ؟..
تمرح في غنج متصابية لعوب ، الأَسِراتُ للعقلِ والقلبِ ؟..
تبعتني ومن دون أن أدري !.. رأيتها جالسة أمام مقْعَدي !..
شيء ليس كمثلها من البشر !!..
في تنهدها وحركتها وأناقتها وطريقة الهمس واللمس ونظارتها البهية !..
الرسائل تنطلق من كل جزء من أجزاء جسدها المُبْهِرُ.. الأَسِر الناظر لعيونها التي ترمي بلحاظها وكما قال المتنبي :
[ سَبَتْني بدَلٍّ ذاتُ حُسْنٍ يَزينُها .. تَكَحُّلُ عَيْنَيها وليسَ لها كُحلُ.
كأنّ لحاظَ العَينِ في فَتْكِهِ بِنَا .. رَقيبٌ تَعَدّى أوْ عَدُوٌّ لهُ دَخْلُ.
ومن جَسَدي لم يَترُكِ السّقمُ شعرَةً .. فَمَا فَوْقَها إلاّ وفيها لَهُ فِعْلُ ] .
كَأَنَ الجالسين من حولها ... قد أنتابهم الشرود اللافت والانبهار !..
حتى من لا يجاري السكنات !...
ولا تتملكه الإيحاءات !...
قالت هل أنت ذاهب إلى ( فرانكفورت !؟) ؟...
تَلَعْثَمْتُ برهة .. وجف فمي ..وَكِدْتُ أَلْعَقُ ظمأ السنين الخوالي ..من سُمارِها وغنجها !!..
ما يُرْويني وما رمتني سهامها المتطايرة من ألحاظها !..
فأصابتني بسهم في مقتلي !..
لولا تداركها المتعجل في إسعافي بتواصلها معي ...
وَأَسَرتْني صبابتها وجمالها وعظيم جاذبيتها !..
توقفت الأحرف والكلمات برهة !..
لا أدري هل أنا ذاهب إلى ... ولماذا أبغي السفر إلى هناك ؟ ...
قلت وبشكل لا شعوري !..
نعم أنا ذاهب إلى ألمانيا !..
كم من الوقت تستغرق الرحلة هذه ؟..
سألتني !... لا أدري ربما خمس ساعات أو أكثر !...
حسنا !..
أنا لا أدري أين جالس الأن ؟..
ولا إلى أين المسير !..
فكيف لي أن أُدْرِك المسافات !..
والزمن !.. هل توقف ؟.. أم مازال يَعًدُ الثواني والدقائق والساعات .. هكذا كنت أدندن مع ذاتي !...
حاولت أن أتمالك نفسي !.. وأستعيد توازني !...
والعودة للتحديق بها وعن استحياء وخجل !..
مقرون بانبهار وتعجب وخشية أن تُأَنْبُني لتحديقي بهيبتها وقوة جاذبيتها !..
قد تَلْحَظُ تقاطيع وجهي .. يا لحيرتي !..
أو هكذا كنت أضن وإن بعض الضن إثم !..
حذري ومحاولتي إخفاء حقيقة اهتمامي المثير والكبير كان سيد الموقف !!...
لِمَ كُل هذا التَوَجُسُ والحذر ؟..
مَنْ هي حتى أَصْبَحْتُ مِثْلُ سارق تُطارِدُهُ الشرطة لتعتقله بالجرم المشهود ؟!!..
يساورني شيء من هذا وغيره !..
تنتابني قشعريرة وخوف من حقيقة هذه المشاعر المجنونة والبعيدة عن الواقع الافتراضي !..
لكن عاوَدَتْني أسئلة !..
وَأحْتارَ الفِكْرُ وجاشت العواطف وأنبلج شيء من تهدئة النفس والسريرة لتطرح علي أسئلة كثيرة !..
عن كنه وسر وجاذبية هذه المخلوقة الملائكية اللعوب المختلفة عن بقية الفتيات !..
كم يفوح من وجنتيك خمرة عذبة رقيقة صادحة جذابة .في غنجها .. ورقتها والخجل المرسوم على وجنتيها !...
وجه سماوي .. صبوح ، كأنه طائر يصدح ويغرد أجمل الترانيم وأعذب الألحان والأنغام !...
يا لكِ من امرأة غيداء ..شهلاء !...
تنادم الكون في سكرة عيونها !...
وتصحو على هفيف رياح سنابل الربيع المتمايلة مع الأزهار بألوان الطيف الشمسي ، بأزهاره ووروده والسنابل والأقحوان !...
فَتَسْتَلُ الألم والكمد من مَكامِنَه !...
لترميه بعيد عن رَوْنَق وَبِشْر الحياة وأريجها المعطر بكل الرياحين.
فَتَنْسجُ خيوط الشمس الذهبية من ضفيرة متدلية على متونها !..
منسابة على سيقانها العارية وخصرها النحيل !..
كأن شاعر ينْظِمُ لها قصيدة لم يشدو كلماتها من قبل مُبْدِعً فَنانً لامع ، ولم يَقُلْها العمالقة من الشعراء !...
يتغزل ويتسامر مع الغيد الحسان .
من أنت ومن هو أبوكِ .. وأمكِ ؟ ... وَمِنْ أَيُ دين وطائفة تنتمين ؟ ...
لا تقولي أنا مِنْ سلالتكم ؟..
أنا متمردة رافضة لماضيكم وما أستجد به وما تفترون !!...
أنا لست من هذي الظنون !...
خرجتُ لكم من جهنم هذي التي قُروناً بها تَصْنعون !..
تصنعون لها هالة من المجد الكاذب !..
تتوعدون وتقسمون ؟!..
بأنكم ستلقوننا ومن كان منا وفي شرعتنا من الكافرين في عرفكم !! ...
من السافرات ..الساحرات المتبرجات لجميلات !! ...
مثل اللاتي في جنتكم التي بها توعدون !!؟!...
أَتَيْتُ من مِحْرابِنا !..
من نار جَنًتِنا !..
لجنتكم وما فيها تحلمون !! ..
وَجِلْتُ عند غِدْران الحرائر من بناتكم !...
عَلني أُجادِل عُقولَهنَ ! ...
وما جناه الخالق وما تَدْعُونَ إليه من مجون !...
هلا كَتَبْتَ لِيَ قصة المجون ؟..
في يقظتكم والمنام ؟...
ونواحه وهيامه بصحراء نَجْدٍ والعَسير ؟ ...
أه منكم ومن عقول خربها التَرَفُع والفِخار !...
وما زالت تقول !...
مِنْ هنا مَرًت بني يعُرْبٍ !...
ومن هنا مَرًتْ أُمَةٌ تَعْيش مِنْ زَيفِ الحضارة والتأريخ والماضي التليد !..
كم عُمْرُكِ ... وما أسمك ... وأين تسكنين ؟..
ومن أي دين وَمِلًةٍ تأتين ؟..
قالت وما شَئْنُكَ بملتي وديني ؟ ..
أما أَنَ لَكُمْ يا أبناء يَعْرُبَ.. أن تُبْعَثوا مِنْ جديد ؟..
فَتَجاذَبَتْ معي أطراف الحديث بثقة وتبصر !..
وأشْفَقَتْ في غَنَجِها وكلامها المُنَمًقُ المختار بعناية ، المتبصر والمنطقي وما تريد قوله !..
دعك من هذا الذي تُسَموهُ المجد والحضارة !..
وتعالوا لجهنمنا !..
واتركوا جناتكم الكاذبة المُضَللة !..
المُخَرِبَةُ للعقول ..
والناشرة للموت ووئد الحياة فلا وجود لجنتكم وما تدعون !؟؟...
كم بقي على وصولنا ؟..
أم أننا لا نبغي التوقف !..
لنستمر في رِفْقَتِنا سويا ؟ ..
إلى جِنانِ عالمنا !...
لمِزْهَرُ الخُلْدِ في كوننا الفسيح !..
هلا تريد ؟..
قلت لها وهل مَنْ هو أَجْمَلُ وأَرَقُ وأكثر سحرا وأغْراء وسعادة من جَنَتُكِ وسحرها المكنون ؟ ..
نغور في أفيائها .. وننعم بنعمائها ..ونقتسم حلوها ومرها !...
وعلى الحب والمودة والحلم والأمل بيوم قادم سعيد نمسي ونصبح على مكامنها وأسرارها وبها نذوب !...
قبلتها من ثَغْرٍ تَفوحُ منه أَطْيَبُ العُطور ، ورِضابُ يحي المَيْت إن هي سقته من سلسبيلها !..
فينهض من غفوته الأبدية !..
ليصلي في مِحْرابُكِ !..
أيته الباعث للحياة والأمل بيوم أسعد جميل ...
وتبادلنا أجمل الأماني !...
ونستخلص من لقائنا أصدق العبر ..
بأن الحياة ومَنْ عَلَيْها وما فيها ... لا تدوم محاسنها بالتمني والأحلام والأمنيات !...
بل بالعمل والحب والإصرار والأمل الواثق بغد يفوح من مكامنه الخير والحب والعمل لحاضر ومستقبل أسعد !..
من جمال ورقة وسعادة وحب يقترن في جوهره .. بأن العمل هو الصانع والخالق للحياة ولبشرها وحلاوتها !..
في كل حين ووقت وزمان ومكان !...
تعاهدنا أن لا يفرق بيننا كل أفاك ووائد لحياة بني البشر !..
وأن لا يفرقنا دين أو عرق أو لون أو فكر وثقافة !..
نعشق سويتا ونعمل سويتا !..
وعلى الحب نحيا ونلتقي .. وبه تدوم النعم !..
ونسعى لكل شيء مفيد جميل وسعيد ولكل ما يطور حياة بني البشر .
الحب جمعنا وعليه نلتقي في كل وقت وحين .
وقالت لا أقول وداعا حبيبي !..
ولكن نقول سويتا إلى ملتقى أسعد وأجمل .
7/2/2016 م
ر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا