الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كميل أبو حنيش قصيدة -طريق بمحض اختياري-

رائد الحواري

2021 / 2 / 8
الادب والفن


كميل أبو حنيش
قصيدة
"طريق بمحض اختياري"
"أغنّي وكلّي رجاءً بأنّي سأرقى إلى ذروة الأمنيات
لأبحث عن أيّ معنى..
يطيل بقائي على قيد هذا الوجود..
وتشرق شمس المعاني..
فأمضي أغني بهذا الغناءْ
أنادي على الله.. أن يتجلّى وينقذ وجه الحضور
المقيم بقلب التّلاشي.. ويصلح هذا الخراب
الكبير.. لكي تستقيم الطريق.. سأبقى أنادي
أنادي لعلّ السّماء يجيّب النّداءْ
أداوي جراحي التي استنزفتني..
وليس لديّ خيار سوى أن أسير بدرب احتمالي
لداء الحنين الذي يعتصرني..
ويملي عليّ لكي استحث المسير..
وأبحث عن عشبة للدواءْ
وأرثي حياتي التي لم أعشها..
ولن أذرف الدّمع حزنًا عليّ..
لأنّ الطّريق المفخّخ بالأحجيات
سيبقى طريقي ومحض اختياري..
وإن كنت صدقًا.. جديرًا..
جديرًا بحسن الرثاءْ
وأرجو بأنّ تستحيل الحياة إلى أغنيات
وخير وحبّ وعدل..
ويرخي السّلام جناحيه فوق الوجود العليل..
سأمضي أقاتل من أجل كلّ المعاني
لأشهد يومًا بزوغ الرجاءْ
من الصعب أن نجد عناصر الفرح إذا ما (اختفت) المرأة في النص الأدبي، فغالبا ما تكون هي المولدة/الموجدة لبقية عناصر الفرح، الكتابة، الطبيعة، التمرد، لكن الشاعر "كميل أبو حنيش" رغم أنه يعيش خلف جدران السجن، ومحكوم بعدد سنوات يتجاوزن عمر نوح، إلا أنه استطاع أن يخترق الجدران ويقدم قصيدة تميل نحو البياض، معتمدا على الطبيعة والتي نجدها في الفاظ: "تشرق، شمس، السماء، عشبة، جناحيه" ومن خلال الكتابة/الفن: "أغني، الغناء، أغنيات، معنى، المعاني" ومن خلال التمرد/الثورة على الواقع الذي نجده في فكرة القصيدة وفي البياض والفرح الكامن في الألفاظ التي تكونها.
أن عزل المرأة من القصيدة، واعتماد الشاعر الأسير على العناصر الأخرى، يمثل أحدى أشكال التمرد/الثورة، وبما أن خاتمة القصيدة جاءت ساخنة وحامية، فإن هذا يعد تكامل بين الفكرة التي تحملها القصيدة "السلام، بزوغ" وبين الشكل الذي قدمت فيه، فنهاية القصيدة لم تنتهي/لم تتوقف، لأن هناك "سأمضي، لأشهد"
يفتح الشاعر القصيدة بلفظ أبيض "أغني" ويتبعها ب"سأرقى، ذروة، الأمنيات" فالفاتحة البيضاء كافية لفتح أبواب القصيدة أمام القارئ ليتعرف على ما جاء فيها.
نلاحظ أن هناك تركيز على الأنا من خلال أنا/ياء المتكلم التي نجدها في متن القصيدة: "أغني (مكررة)، بأني، سأرقى، لأبحث، بقائي، فأمضي، أنادي، سأبقى، أنادي (مكررة ثلاث مرات)، أداوي، جراحي، استنزفتني، لدي، أسير، احتمالي، يعتصرني، عليّ (مكررة)، أستحث، أبحث، وأرثي، حياتي، أعشها، أذرف، طريقي، اختياري، أرجو، سأمضي، أقاتل، لأشهد" واللافت في الأنا أنها جاء بأفعال مضارعة/مستقبلية وتحمل معنى البياض والفرح: "أغني، سأرقي، فأمضي" لكن بعد أن تكرار فعل "أنادي"، ثلاث مرات أخذت الأنا تتجه نحو الشدة القسوة: "يعتصرني، أبحث، أقاتل" وكأن الشاعر من خلال تكرار ندائه/أنادي استنفذ الأمل من الآخرين/منا نحن المتلقين، فقرر أن يتمرد لوحده، وهذا ما أكده من خلال حضور الأنا في القصيدة.
هذه السمة العامة في القصيدة، لكن هناك بعض تفاصيل يجب التوقف عندها، منها أن الشاعر جعل القصيدة متواصلة ومتكاملة، من خلال (نثر) ألفاظا تعطي عين المعنى، أو من خلال تكرار بعض الألفاظ: "أغني/الغناء/اغنيات، معنى/المعاني، أنادي/النداء، بقائي/الحضور/المقيم، الله/يتجلى/الكبير، جراحي/استنزفتني، الطريق/طريقي/بدرب، أسير/المسير، جديرا" فهذه الألفاظ بمعناها المجرد تخدم وحدة المعنى في القصيدة، وتجعل الفكرة تدور حول مركز أنا الشاعر.
كما أننا نجد ألفاظ متكاملة المعنى: "تشرق شمس، يصلح الخراب، أغني الغناء، تستقيم الطريق، السماء يجيب، أداوي جراحي، أسير بدرب، استحث المسير" وهذا ما يسهل على المتلقي الدخول إلى القصيدة.
ومن التفاصيل الأخرى، التي تستوقفنا استخدام الشاعر: "وأبحث عن عشبة للدواءْ" فبدا وكأنه "جلجامش" الذي خاض مغامرة البحث عن الخلود، منفردا ووحيدا، والذي وانتهت مغامرته (بالفشل) بعد أن أكلت أفعى الأرض عشبة الخلود، لكن هناك تباين بين نهاية جلجامش ونهاية الشاعر، فالأول انتهى بقبوله لمصير البشر، الفناء، واستسلم لهذا الواقع، لكن الشاعر استمر في مغامرته "سأمضي، لأشهد "، فبدا وكأنه لم يتعب من المسير رغم وعورة الطريق وشدتها.
القصيدة منشورة على صفحة شقيق الأسير كمال أبو حنيش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و