الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرصة الصين

عادل حبه

2021 / 2 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


بقلم بيتر كوينغ
المصدر:
ترجمة عادل حبه
حققت الصين ما يكاد يكون مستحيلاً وهي اتفاقية تجارة حرة مع 14 دولة - دول الآسيان العشر، بالإضافة إلى اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا، وإجمالاً 15 دولة بما في ذلك الصين. وسميت الإتفاقية بـ"الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة" (RCEP) في مفاوضات إمتدت ثماني سنوات، وحققت الهدف في تجميع مجموعة من البلدان من أجل التجارة الحرة، أي حوالي 2.2 مليار شخص، وتستحوذ على حوالي 30 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ولم يتوصل العالم إلى نظير لهذا الاتفاق من قبل من حيث الحجم والقيمة والمدة. وتم توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة خلال قمة الآسيان السابعة والثلاثين في الحادي عشر من تشرين الثاني نوفمبر فيتنام.
وعلاوة على كونها أكبر اتفاقية تجارية من هذا القبيل في تاريخ البشرية، فإنها ترتبط أيضاً بمبادرة الحزام والطريق (BRI) أو "حزام واحد طريق واحد" (OBOR) وترتبط بها، أو تسمى أيضاً طريق الحرير الجديد ، والتي في حد ذاتها تضم بالفعل أكثر من 130 دولة وأكثر من 30 منظمة دولية. وبالإضافة إلى ذلك، تتمتع الصين وروسيا بشراكة إستراتيجية طويلة الأمد، تتضمن اتفاقيات ثنائية تدخل أيضاً في هذه الحظيرة التجارية الجديدة، بالإضافة إلى دول الاتحاد الاقتصادي لآسيا الوسطى (CAEU) ، التي تتكون في الغالب من جمهوريات سوفيتية سابقة، تم دمجها أيضاً في كتلة التجارة.
إن مجموعة الاتفاقيات والاتفاقيات الفرعية بين دول آسيا والمحيط الهادئ التي ستتعاون مع RCEP، مرتبطة معًا بالنسبة للغرب بميثاق آسيوي غير مفهوم قليلاً، يسمى "منظمة شنغهاي للتعاون" (SCO) ، التي تأسست في الخامس عشر من حزيران عام 2001 في شنغهاي بإعتبارها منظمة دولية ضم كل من الصين وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان. وتهدف منظمة شنغهاي للتعاون إلى ضمان الأمن والحفاظ على الاستقرار في منطقة أوراسيا الشاسعة، وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات والتهديدات الناشئة، وتعزيز التجارة ، فضلاً عن التعاون الثقافي والإنساني.
سيكون الكثير من التمويل لمشاريع RCEP و BRI على شكل قروض منخفضة التكلفة من البنك الآسيوي للاستثمار والبنية التحتية الصيني (AIIB) ومصادر التمويل الوطنية الصينية والدول المشاركة الأخرى. وفي الأوقات الصعبة الناتجة من أزمة فيروس كورونا ، قد تحتاج العديد من البلدان إلى مساعدة لتكون قادرة على التعافي بأسرع ما يمكن من خسائرها الاجتماعية والاقتصادية الهائلة التي سببها الوباء. وبهذا المعنى، فمن المحتمل أن طريق الحرير الجديد قد يعزز "طريق الصحة" الخاص عبر القارة الآسيوية.

الصين تحطم القبضة الخانقة للديون الغربية على العالم

إن الفائدة الحقيقية لاتفاقية RCEP هذه هي أنها تتبع مساراً ثابتاً للأمام ، على الرغم من كل الصعوبات التي فرضها الغرب، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية. يمتد على طول الطريق من أوروبا الغربية إلى ما يسمى آسيا ويغطي الشرق الأوسط وكذلك شمال إفريقيا ، بحوالي 55 مليون كيلومتر . انظر إلى الخريطة.
إن جوهر الصفقات التجارية لاتفاقية RCEP هو أنها ستنفذ التعاملات بالعملات المحلية واليوان بدون الدولار الأمريكي. وبذلك أضحت RCEP أداة فعالة للتخلص من هيمنة الدولار، وفي المقام الأول في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وبالتدريج في بقية العالم.
وسيتم تمويل الكثير من الاستثمارات في البنية التحتية لـ"مبادرة الحزام والطريق"، أو طريق الحرير الجديد، بالعملات الأخرى غير الدولار الأمريكي. وسيتم طرح "اليوان" الدولي الرقمي الجديد في الصين (RMB) قريباً كمناقصة قانونية للمدفوعات والتحويلات الدولية، مما سيقلل بشكل كبير من التعامل بالدولار. وسيصبح "الرنمينبي" الرقمي الجديد جذاباً للعديد من البلدان التي سئمت من تعرضها للعقوبات الأمريكية، لأن من يستخدم الدولار الأمريكي يصبح تلقائياً عرضة للعقاب بحجب الدولار، ومصادرة الموارد، وذلك عندما لا يكون "سلوكهم" الدولي لا يتوافق مع مزاج واشنطن.
وإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسرق حتى إحتياطيات البلاد بالدولار، وهي جريمة ارتكبتها واشنطن مع الإفلات من العقاب وبمساعدة المملكة المتحدة، على مرأى من العالم. فقد سرق ما قيمته 1.2 مليار دولار من الذهب الفنزويلي المودع في بنك إنجلترا. ولا يمكن إستراجع فنزويلا هذا الميبلغ دون اللجوء إلى إجراءات قانونية طويلة ومرهقة في محاكم المملكة المتحدة بدأته فنزويلا كي يتم إعادة الأموال في النهاية إلى كراكاس. ويعد هذا تحذيراً للعديد من البلدان، التي تسعى إلى تجاوز عملة الدولار الورقي والانضمام إلى عملة تداول واحتياطي نزيهة يقدمها "الرنمينبي" (اليوان الصيني) القوي والمستقر المدعوم من الاقتصاد الصيني.
الدولار اليوم في حالة تراجع بالفعل. فمنذ ما يقرب من 20-25 عاماً منذ حوالي، شكل الدولار 90 ٪ من جميع الأصول الاحتياطية في جميع أنحاء العالم مقومة، في حين تقلصت هذه النسبة اليوم إلى أقل من 60 ٪ - وتستمر في الانخفاض. قد يساهم الرنمينبي / اليوان الدولي الناشئ، جنباً إلى جنب مع الاقتصاد الصيني المعزز بـ RCEP و BRI، في إزاحة الدولار، فضلاً عن إزالة الهيمنة المالية للولايات المتحدة على العالم. وفي الوقت نفسه وبشكل تدريجي ، قد يحل الرنمينبي / اليوان الرقمي الدولي أيضاً محل احتياطيات الدولار الأمريكي / اليورو في خزائن الدول في مختلف أرجاء العالم.
وقد يعود الدولار الأمريكي في النهاية ليكون مجرد عملة محلية للولايات المتحدة، كما كان سابقاً. وبموجب فلسفة الصين، سيتحول العالم أحادي الجانب إلى عالم متعدد الأقطاب. وتعمل مجموعة RCEP و New Silk Road على تحقيق هذا الهدف النبيل بسرعة، وهو الهدف الذي سيحقق المزيد من التوازن في العالم.
بالنسبة للغرب ، قد لا يكون التكيف مع هذا الواقع الجديد سهلاً. فلم يكن التعاون بدلاً من المنافسة مفهوماً غربياً أو فلسفة. فمنذ مئات إن لم يكن آلاف السنين، تركت الهيمنة الغربية إرثاً مؤسفاً من استغلال الفقراء من قبل أسياد المستعمرات الأغنياء والحروب الدموية.
إن التعاون بدلاً من التنافس والصراع على النفوذ والتسلط هومفهوم لا يسهل على الغرب الالتزام به. إنه واضح للعيان من خلال الحروب التجارية التي حرضت عليها الولايات المتحدة ، وربما تكون حرب العملات بين الولايات المتحدة والصين قد بدأت بالفعل. وعبّر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأكريكي بشكل غامض عن خططه لإطلاق عملة رقمية، وربما مشفرة، قائمة على blockchain لمواجهة الرنمينبي / اليوان الجديد الذي لم يتم إطلاقه دولياً بعد. وليست تفاصيل خطط بنك الاحتياطي الفيدرالي واضحة حتى كتابة هذا التقرير.
إن الاضطرار إلى التكيف مع RCEP الجديد، الذي يتوافق مع اتفاق بين أنداد، لن يكون سهلاً على الغرب. لن يتخلى الغرب، وقد يستخدم إلى أقصى حد ممكن نفوذه في منظمة التجارة العالمية الخاضعة للغرب ، لتخريب أكبر قدر ممكن من الصفقات التجارية لـ RCEP والبنية التحتية المتعلقة بمبادرة الحزام والطريق. والغرب، بقيادة الولايات المتحدة - والمدعوم دائماً من البنتاغون وحلف شمال الأطلسي، قد لا يخضع لتهديد الدول المشاركة في مشاريع الصين، ولكن هذا دون جدوى. ووفقاً لفلسفة تاو، ستمضي الصين قدماً مع شركائها كتدفق المياه باطراد، ويجد طريقه باستمرار ويتجنب العقبات في السعي لتحقيق هدفها النبيل - عالم يسوده السلام ومستقبل مشترك مشرق.
في الختام ، تعد RCEP تحفة صينية ذات خصائص صينية وتمهد الطريق لمزيد من التقدم نحو مجتمع عالمي قائم على مستقبل مشترك للبشرية. المبدأ الأساسي هو تجمع يضم دولاً تتمتع بالسيادة، وتعيش وتعمل وتبني وتبتكر وتخلق وتثري بعضها البعض ثقافياً في سلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ* پيتر كونيغ(Peter Koenig ) محلل جيوسياسي وخبير اقتصادي أول سابق في البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية، عمل في أكثر من 30 عاماً في مجال المياه والبيئة حول العالم. يحاضر في جامعات في الولايات المتحدة وأوروبا وأمريكا الجنوبية. يكتب بانتظام في المجلات على الإنترنت وهو مؤلف كتاب"Implosion"؛وهو عبارة عن قصة اقتصادية مثيرة عن الحرب والتدمير البيئي وجشع الشركات. شارك في تأليف كتاب سينثيا ماكيني "عندما تعطس الصين: من تأمين فيروس كورونا إلى الأزمة الاقتصادية والسياسية العالمية" بيتر كونيج باحث مشارك في مركز أبحاث العولمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بس لا هاي مقدمه لزحف الاستبداد الاسيوي البشع على ا
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2021 / 2 / 9 - 04:34 )
علىالحضارة البشريهمن جانب التحالف المتوحش الصيني-الروسي الذي لايعترف باية حقوق انسانيه ولا بالتعدديه وينتقم لكل بشاعات الماضي والحاضر-عسى ان لا تضطر الانسانية للدفاع عن تقدمها ذي الصفة الاوربية باستعمال القوه التي تعني في الواقع التسلحي والاستفزاز الاستبدادي الاسيوي انفجار العالم كله


2 - مراكز الحضارة
منير كريم ( 2021 / 2 / 9 - 08:04 )
تحية للاستاذ
معظم دول اسيان متاخرة اقتصاديا وكل هذه الدول بمافيها الصين تتطلع للتعامل مع الغرب
يوجد في الدول الغربية وهي المراكز الاساسية للحضارة العالمية التي بدات بعصر النهضة يوجد مالايوجد في دول الاستبداد كروسيا والصين وهو العلوم المتقدمة والتكنلوجية المتطورة والنظام السياسي الحر الديمقراطي فالاهمية ليست للاقتصاد فقط
شكرا لكم

اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر