الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين شعارين وحدة فورية واتحاد فدرالي ضاع العراق .

محمد السعدي

2021 / 2 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تعتبر واحدة من ركائز نجاح ثورة 14 تموز 1958في العراق الملكي ( المنتدب بريطانياً ) ، قيام جبهة الاتحاد الوطني التي تأسست عام 1957 والتي ضمت بين جناحيها الأحزاب التي تعمل في الساحة العراقية الشيوعيين والبعثيين والوطنيين والمستقلين أضافة الى القوى الكردية ، وواحدة من اهدافها الرئيسية التي انطلقت من أجلها ازاحة النظام الملكي القائم منذ 1921 بتنصيب الملك فيصل الاول ملكاً على العراق القادم من الحجاز . ولم يكن هناك خلافاً بين أهداف تلك الاحزاب في تطلعاتها لمستقبل العراق ، وكان للشيوعيين دوراً كبيراً في التنسيق حول آلية العمل الوطني وداعماً لتلك الاحزاب في تطلعاتها وبرامجها ، ولم يكن هناك خلافاً أو تفاوتاً في المواقف بين الشيوعيين والبعثيين عندما تحول لاحقاً الى صراعاً دموياً ، وقد أقدم الشيوعيين قبل قيام ثورة تموز في أطار العمل الوطني والتنسيق بدعم لتنظيمات حزب البعث بطابعة سرية لطبع منشوراتهم وتوزيعها .

في السنة الأولى من عمر ثورة تموز دب الخلاف بين أحزابها وقادتها وبين قطبيها الصديقين اللدودين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف ، وقف الشيوعيين وهم القوة الفعلية في الشارع مع زعيم الثورة عبد الكريم قاسم ووقف البعثيين والقوى القومية والاقطاعيين مع قائد الثورة عبد السلام عارف بالتنسيق مع رئيس جمهورية مصر جمال عبد الناصر الداعم الأول لهم ، وطالبوا أنصاره بالوحدة الفورية مع الجمهورية العربية المتحدة وقابلهم الشيوعيين وأنصارهم باتحاد فدرالي … ونقطة نظام ضاع العراق ؟.

ولم يكن موقف السوفييت وهم القطب الذي يفترض أن يكون موقفه واضحاً وداعماً لمسيرة ثورة تموز بفرضية الدعم الاممي من خلال حضور الشيوعيين الفعلي والميداني في دعم ثورة 14 تموز ودورهم ومشاركتهم بها ، لكن كانت لمصالحهم حظوة أكبر في تحييد مواقفهم على حساب مصالح الشعوب والاوطان ، فظلوا الى آخر يوم يراهنون على سياسة ومشاريع عبد الناصر في تحقيق نظام اشتراكي عربي وتحقيق العدالة الاجتماعية على حساب تأزم الاوضاع في العراق واحتدام الصراعات بل ساهموا في تأجيجها لصالح القوى المعادية لمنجزات ثورة تموز ، وطيلة عمر الثورة واكبتها الخلافات والصراعات بين أحزابها وقادتها ولم تكن تلك المواقف المعادية لأهدافها والاطاحة بها مخفية فكانت هدف أساسي في خطابات الرئيس جمال عبد الناصر في الهجوم عليها وعلى قادتها وعلى القوى المناصرة لها الشيوعيين ، بل نصبت إذاعات ووكالات أنباء ودعم لوجستي وعسكري للأطاحة بها ، كما وقع يوم 8 شباط 1963 . والذي يتحمل الزعيم قاسم مسؤولية ليس قليلة في الاخفاق للتصدي للانقلابين وعرقلة انقلابهم في ذلك اليوم المشؤوم التي تمر ذكراه هذه الأيام .

في صبيحة ذلك اليوم الجمعة 8 شباط 1963 وقد سبقته تحركات مشبوهة لم تكن بعيدة عن دراية الزعيم وسمعه وأطراف حديث متناقل بين الاوساط السياسية ، لكن الخلاف حول لحظة الانطلاق المنتظرة بدل المبادرة في الاجهاز عليها ، فباشروا في ذلك اليوم المشمس في سماء بغداد بساعة الصفر باغتيال الشيوعي جلال الاوقاتي قائد القوة الجوية إمام عتبة بيته وتحت مرأى أبنه الصغير ، كان اغتياله لحظة انطلاق سرب الطائرات من قاعدة الحبانيه بقيادة منذر الونداوي وتحرك رتل الدبابات من كتيبة المثنى في أبو غريب بقيادة خالد مكي الهاشمي باتجاه وزارة الدفاع والمواقع العسكرية المهمة تحت بيانات الانقلابيين من مرسلات الاذاعة في أبو غريب . الغريب في أمر الزعيم قاسم يتوجه الى وزارة الدفاع وفي الوقت الذي كان تحت مرمى الهدف وتحت قصف الانقلابيين ن مما حصر حاله داخل المبنى وتقطعت كل سبل اتصالاته مع قادته بل تمردوا عليه بعد أن شعروا بضعف موقفه وتخلي القطعات العسكرية عنه أمام شدة القصف الجوي وتقدم الدبابات المعادية في محاصرة وزارة الدفاع وموقفه الغريب أمام الجماهير التي زحفت من الاحياء الشعبية الفقيرة للدفاع عنه بعدم تسليحها للدفاع عنه وعن الثورة ومن جانبي لايمكن تفسيره الا خوفه من الشيوعيين لأخذ المبادرة والانقلاب علية وأنا ضد فرضية حقناً لأراقة الدماء ، فالدماء سالت منذ الصباح الباكر ، لكن الظاهر بيان سلام عادل سكرتير الحزب الشيوعي العراقي المدوي في شوارع بغداد منذ اللحظات الاولى للانقلاب فسر من قاسم وصحبه سوءاً . الزعيم قاسم كان هو الادرى بمصيره منذ الساعات الاولى للانقلاب ، عندما أتصل بطاهر يحي وسأله عن فرصة التفاوض فكان الرد نريد رقبتك وأيضا قادة آخرين ، فكان الأجدر به وهو يعرف مصيره أن لايسلم نفسه لهم وان يموت واقفاً أذا تعذر عليه التسلل ليلاً من مبنى وزارة الدفاع الى وسط الجماهير التي تهتف بأسمه .

لقد مضى على رحيل الزعيم قاسم أكثر من نصف قرن ولم نحظى بوحدة فورية ولا اتحاد فدرالي حتى الذين طالبوا بها تخلوا عنها عندما جلسوا على الكراسي . ومنذ ذلك اليوم يدفع العراقيين دماءاً غزيراً ولم يتوقف الى يومنا هاذا ، قد تكون مرحلة حكم عبد الرحمن عارف قد شهدت هدوء نسبي بعض الشيء لكنها لاتشكل شيء حيال المنعطفات التي مرت بحياة العراقيين .

محمد السعدي
مالمو/شباط2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السوفيت لا يستطيعون انقاذ من صمم على الانتحار
طلال الربيعي ( 2021 / 2 / 8 - 23:47 )
الصديق العزيز محمد السعدي!
أية مأساة دموية ارتكبها الأمريكان وعملائهم! فهل يعقل إن بضعة شقاوات سموا انفسهم حزب البعث يستطيعون بهذه السهولة قتل قائد القوة الجوية ومحاصرة وزارة الدفاع ومن ثم تصفية قاسم ورفاقه ببساطة متناهية وفي يوم واحد او يومين. وعبد الغني الرواي نفسه استغرب من حجم الشيوعيين وقتها حيث قال -لو تفلتوا (بصقتوا) علينا كنتم غرقتونا!- ولا ادري لماذا لم يبصق الشيوعيون على البعثيين ليغرقوهم؟ لربما أرادوا الاحتفاظ بهم كي يعقدوا لاحقا جبهتهم المشؤومة معهم بقيادة كاسترو العراق! وقبلها كانوا يرددون ببغاوية -ما كو زعيم الا كريم-! إنها عبادة الشخصية لحزب ستاليني يعبد ويؤله الشخصيات. ولكن المفارقة إن صدام المحب لستالين هو الذي قام بتصفية الشيوعيين الستالينيين. اي انهم اخطأوا, عمدا او سهوا, فكان عليهم تسمية صدام -ستالين العراق-, فكاسترو لم يقتل أحدا! و كاسترو, على عكس قاسم, نجى من مئات المحاولات الانقلابية الأمريكية وقاسم يخفق في المحاولة الاولى, لأن كاسترو شيوعي حقيقي وليس برجوازيا صغيرا مثل قاسم الذي التمس الانقلابيين ان يعينوه سفيرا لهم في
فينا! -
يتبع


2 - السوفيت لا يستطيعون انقاذ من صمم على الانتحار
طلال الربيعي ( 2021 / 2 / 8 - 23:48 )
أي وضاعة ودونية-الزعيم الأوحد يتوسل في أن يصبح سفير الانقلابيين وعملاء أمريكا للنجاة بجلده!
الاتحاد السوفيتي لم يتخل عن الشيوعيين العراقيين وإنما هم الذين تخلوا عن شيوعيتهم وساروا الى حتفهم طوعا, هم وقاسم! انهم اختاروا, كما يفعلون دوما, طريق الموت, وليس طريق الشعب, ولا الاتحاد السوفيتي ولا غيره, مهما بلغت عظمته, يستطيع انقاذ احد صمم على الانتحار!
ونسينا جورج تلو وسيارته التي عطبت يومها بسبب البرد, ما شاء الله! والسبب الحقيقي انه كان قد قضى ليلة الخميس مخمورا ليستمع الى أغاني كوكب الشرق, فلم يستطع الاستيقاظ, فأتهم المسكينة سيارته والطقس اللعين. انهم ثوريو الشعارات والهزيمة!


3 - متى وكيف ضاع العراق؟
عامر سليم ( 2021 / 2 / 9 - 05:24 )
( دون ان اُكره احدا على تبني موقفي اطرح على يساريينا و ليبراليي اليوم هذه الاسئلة و اتمنى عليهم ان يجيبوا عليها من اجل الحقيقة.)
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=476254...

( ان من يصل بالقوة الى السلطة لا يستطيع ان يلوم الآخرين على استخدام القوة للوصول اليها)
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=422320...


4 - هؤلاء سيقتل بعضهم بعضا ويجرون العراق للخراب
منير كريم ( 2021 / 2 / 9 - 06:24 )
تحية للاستاذ الكاتب
قالها المرحوم نوري السعيد عند انقلاب تموز ان هؤلاء سيقتل بعضهم بعضا ويجرون العراق للخراب وقد كان ذلك للاسف
هذه يا استاذ السعدي سواء تموز اوشباط اوغيرها انقلابات عسكرية هدفها السلطة وتحمل الخراب وهذه الانقلابات مشبوهة ومرتبطة بالخارج
الشيوعي يسمي تموز ثورة والبعثي يسمي شباط ثورة فما هو الفرق بينهما
نبقى متخلفين طالما نرفض الديمقراطية ونصفق لضباط جهلة كعبد الكريم والمهداوي وعبد السلام واحمد حسن البكر
الغريب بعد عشرات السنين وكل هذه التجارب والمحن وتجد من يسمي 14 تموز ثورة
شكرا لك

اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية