الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المخابرات المركزية وانقلاب 8 شباط 1963

فؤاد حمه خورشيد

2021 / 2 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


المخابرات المركزية وانقلاب 8شباط 1963
لا يحتاج من عاصر نهاية الحكم الملكي وسنوات حكم الزعيم عبد الكريم قاسم وحدوث انقلاب 8 شباط 1963 الى مصادر كثيرة لاحداث عاشها وشاهدها بنفسه في العاصمة بغداد .
في فجر 14 تموز١٩٥٨ ‌أطاحت ثورة حقيقية بالنظام الملكيفي العراق وغيرته الى نظام جمهوري وتبوأ الزعيم الركن عبد الكريم قاسم رئاسة الوزراء حتى نجاح انقلاب البعث والقوميين العرب في 8شباط 1963. ما ان اذيع البيان الاول لثورة 14 تموزحتى هبت الجماهير عن بكرة ابيها الى شوارع العاصمة معلنة تاييدها للثورة حتى قبل ان تعلم من هو قائدها ، وكان بعضهم يحمل في تلك التظاهرات صور الرئيس المصري عبد الناصر باعتباره رجل الوطنية المعروف انذاك والمعارض للنظام الملكي في العراق . ثورة 14 تموز لم تكن حدثا بسيطا بل عملاقا غير بالكامل موازين القوى في الشرق الاوسط ، فبعد ان كان العراق اداة طيعة للسياسات الغربية الانكلو- امريكية ، شرعت ثورة 14 تموز وقيادتها باخراج العراق من حلف بغداد والكتلة الاسترلينية ، واصدرت قانون النفط رقم 80 و، انتزع 95 % من اراضي امتيازات شركات النفط الاجنبية ، واعادت العلاقات الدبلوماسية المقطوعة مع الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية ، يضاف الى ذلك تزايد جماهيرية الحزب الشوعي واكتساحة للشارع العراقي والذي انحاز بالكامل الى تاييد الثورة وزعيمها ، كما اعادت الحكومة الجديدة مطالبتها بالكويت عام 1961 ، كل هذه الاعمال والمنجزات اعتبرتها الولايات المتحة تحديات صريحة ومباشرة لستراتيجيتها الشرق اوسطية وهزيمة لمشاريعها فيه، الامر الذي ادى بمدير المخابرات المركزية ان يقول عما يجري في العراق (ان العراق أصبح البقعة الاكثر خطورة في العالم ) فقد خشيت الادارة الامريكية ،حسب تصورات مستشاريها ، من ان يتحول الزعيم عبد الكريم الى كاسترو اخر في الشرق الاوسط ، ومن احتمالية وقوع العراق في احضان الاتحاد السوفيتي ،اذا ما سيطرة الشيوعيين على زمام الامور، وهو عدوهم اللدود ايام الحرب الباردة . من هنا جاء التحرك الامريكي عبر مخابراتهم المركزية(CIA)لايجاد صيغة للتعاول مع المعارضين لحكم الزعيم عبد الكريم قاسم ، فلم يجدوا افضل من حزب البعث كتنظيم معارض للاطاحة به .
بدات محاولات ال ( CIA)للتدخل عبر قناتين ، الاولى التساهل مع سياسات عبد الناصر المؤثرة في الشرق العربي والقبول بارساله القوات المصرية الى الكويت لمواجهة العراق وغيرها ، والثانيةعبر محاولة ايجاد الصلة مع حزب البعث العربي الاشتراكي المعارض لحكومة الزعيم عبد الكريم والحاقد على الشيوعيين لتغيير نظام الحكم . وفي مبادرة اولى للاطاحة بحكم الزعيم عبد الكريم تم التعاون التعاون بين ال (CIA) والمخابرات البريطانية وحكومة الوحدة السورية -المصرية عبر سوريا وذلك بارسال كميات كبيرة من الرشاشات المصرية الصنع والمعروفة باسم (بورسعيد) و محطة الاذاعة اللاسلكية الى العقيدعبد الوهاب الشواف للقيام بتمرده في مدينة الموصل الذي حدث في 8 اذارعام 1959 الذي قمع بسرعة . بعد فشل مؤامرة الشواف شكلت الادارة الامريكية ( زمن الرئيس جون كندي) هيئة عرفت باسم( مجموعة العمل الخاصة لمنع وقوع العراق بيد الشيوعيين) ، وفي 1962 تبنت الادارة الامريكية رسميا سياسة تغيير النظام في العراق .
اسفرت الاتصالات الاولية لل( CIA ) مع البعث في قيام اضراب الطلبة البعثيين والقوميين والاخوان المسلمين المشكلين للتوجه المعادي لحكومة الزعيم عبد الكريم في بعض اكليات جامعة بغداد وثانوياتها التي يشكل طلاب هذه الجماعات اكثرية طلابها ابتداء من كانون الثاني 1962 وهو الاضراب الذي مهد لانقلاب 8 شباط 1963 الذي نجح واطاح بحكومة الزعيم عبد الكريم قاسم رغم المقاومة الجماهيرية التي واجهتها قوات الانقلاب في بعض مناطق العاصمة باسلحتها الخاصة لان الزعيم عبد الكريم قاسم رغم مطالبة الجماهي له بمنحهم السلاح لدحر الانقلابيين رفض توزيع السلاح عليهم حرصا من على دماء العراقيين . ان نجاح هذا الانقلاب رغم دمويته غير ثانية موازين القوى في الشرق الاوسط لصالح القوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية .
تشير الوثائق الامريكية الى ان ال ( CIA) ومسؤولي الادارة الامريكية كانوا يعلمون بموعد تنفيذ الانقلاب ، بل انهم كانوا على دراية اكيدة بمواعيد الانقلاب السابقة والتي كانت تؤجل لاسباب خاصة ، اذ حدد الموعد الاول للتنفيذ في تشرين الثاني 1961 ، ثم في 16 تموز 1962 ولم ينفذ في هذا الموعد ايضا ، كما ان ال( ) كان لديهاعلم مؤكد بيوم تنفيد الانقلاب الذي اجل الى يوم 8 شباط 1963 ، بل كانت تعرف حتى اسماء اعضاء مجلس الوزراء الذي سيحكم البلاد ، وكذلك اسماءاعضاء المجلس الوطني السري لقيادة الثورة قبل الانقلاب . يقول جيمس كرشفيلد رئيس محطة الشرق الادنى لل ) CIA) بين اعوام 1959-1969 مايلي بهذا الصدد:(في اعوام 1961-1962 ازداد اهتمامنا بالبعث ووجدناه حزبا مفيدا ونشيطا في العراق وكانت تحليلاتنا تقول انه حزب معتدل نسبيا في ذلك الوقت وان الولايات المتحدة متكيفة معه وداعمة لسياساته. انه خطط لتنفيذ انقلابه عدة مرات لكنه كان يؤجلها ، الا إننا أعلمنا بشكل جيد بانقلاب 8 شباط 1963 ببغداد افضل من اي محاولة انقلاب اخرى جرت في المنطقة )
شكل الانقلابيون لدعم انقلابهم مليشيات مسلحة في كل حي وزقاق سميت ب(الحرس القومي) يشد كل واحد منهم خرقة خضراء على ساعده لتمميزه عن غيره ، وقد لعب الحرس القومي وقيادته دورا مفصليا في ابادة الاف الشوعيين والقاسميين والديمقراطيين والكورد على حد سواء ، ففي الفترة من 8-10 شباط اعدم الحرس القومي (1500) شيوعي في حملة تطهير منهجية وبدون اية محاكمة تعذيبا او رميا بالرصاص . فقد كان في شورع بغداد وغيرها من مدن العراق ينتشر مئات من الحرس القومي المسلحين وهم يحملون بايديهم قوائم مستنسخة باسماء الشيوعيين وقادتهم وارقام سياراتهم وعناوين منازلهم لاعتقالهم وقتلهم استنادا الى القرار رقم 13 الصادر من مجلس قيادة الثورة وبتوجيه من ال( CIA) لقتل الشيوعيين وابادتهم اينما كانوا ، وقد بلغ عدد الوطنيين المعتقلين في الاسابيع الاولى من الانقلاب )14000( معتقل ،) 10000( منهم اعضاء في الحزب الشيوعي العراقي .
وهنا تثير بعض الدراسات والتقارير العديد من الاسئلة حول من كان من قادة البعثيين ذو صلة بالسفارة الامريكية ببغداد واعضاء المخابرات المركزية فيها ؟ او بالاحى عن اي طريق كانت ال( CIA) تحصل على معلومات حزب البعث ؟ أحدها يشير صراحة الى طالب شبيب الذي اصبح وزيرا للخارجية بعد الانقلاب ، وصالح مهدي عماش الذي اصبح وزيرا للدفاع ، وحازم جواد الي اصبح وزيرا للداخلية ، كما ان طاقم السفارة الامريكية ببغداد او بالاحرى اعضاء ال ( CIA) فيها كانوا على اتصال مباشر مع اعضاء في قيادة الحرس القومي بما فيهم المحققون ، وبهذا الصدد أشار وليم ليكلاند السكرتير الاول في السفارة الامريكية ببغداد انه( كان على اتصال بمحقق بعثي يدعى حازم مشتاق ). اما من اين عرف الحرس القومي باسماء وعناوين قادة الحزب الشيوعي وكوادره ، هل قامت الادارة الامريكية بتزويدهم بها ، أم إن ال ( CIA) قامت بذلك ، فهذا أمر لم يؤكد بعد لان المخابرات المركزية لم تقم لحد الان بنشر او السماح باستخدام تقاريرها الخاصة بالانقلاب في البحوت والدراسات . كما ان بعض الدراسات اشارت الى ان المخابرات المركزية كانت تبث ايضا اسماء قادة وكوادر الحزب الشوعي للبعثيين من خلال اذاعة لاسلكية مؤقتة اقامتها في الكويت لاعققالهم واعدامهم .
مصادر:1-Brandon Wolfe-Hunnicutt, Embracing regime change in Iraq ,,diplomat history,january1915,Vol.39,No.1,pp.98-125
2-Weldon C .Matthews, The Kennedy administration, counterinsurgency ,and Iraq first Bathist regime, international journal of Middle East Studies,November2011,Vol.43,No.4, pp635-653.
3-Eric Jacobsen, Acoincidence of interest: Kennedy ,U.S.assistance and the 1963 Iraqi Bath regime, Diplomatic history, Vol.37, No.5 November 2013, pp. 1029-105.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يزور تركيا لإجراء محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردو


.. توقعات بموجة جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الغدائية بروسيا




.. سكاي نيوز عربية تزور أحد مخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة


.. حزب -تقدّم- مهدد بالتفكك بعد انسحاب مرشحه لمنصب رئاسة مجلس ا




.. آثار الدمار نتيجة قصف استهدف قاعدة كالسو شمالي بابل في العرا