الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنشطة النزوح القسري

وديع بكيطة
كاتب وباحث

(Bekkita Ouadie)

2021 / 2 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تنمو المعارف والقدرات والمهارات المتوفرة لدى جماعة ما باستمرار، فالمعرفة تزداد والقدرات تتحسن والمهارات تكتمل. وتكتمل عملية النمو في المجتمعات المختلفة بناء على الحالة المعرفية التي تم الوصول إليها والإمكانات التقنية التي تطورت حتى ذلك الوقت، بسرعات مختلفة وتمتد إلى مناطق محددة للغاية بناء على الهدف المحدد. أما النتائج المترتبة على النمو المعرفي الحتمي والتقدم التكنولوجي الناجم عنها فهي نفس النتائج في كل مكان وزمان؛ فالمعرفة والقدرات المكتسبة حديثا لن تتناسب عاجلا أو آجلا مع صور العالم القديمة التقليدية، وما ينتج عنها من توجيهات، لذا يجب أن تتم توسعة تلك الصور القديمة وتعريف الأهداف مرة أخرى من جديد، وهذا ما يقع لدى الإنسان نفسه.
كل الصور الذهنية الداخلية المُخلقة أثناء الطفولة عند الإنسان والمُمهدة بقوة شديدة، تكون أكثر استقراراً، أكثر بساطة وأكثر رسوخاً، ومن ثم أقل عُرضة للفوضى الحادثة في الدماغ عند التهديد. لذلك تصبح تلك التهديدات عند التعرض للخطر مُحددة للأفعال. ويتصرف الشخص المعنى عندئذ بالرجوع إلى هذا النموذج النابع من طفولته الأولى. إلا أنه أحياناً ما تكون الإثارة المرافقة للتهديد قوية جدا بدرجة أنها تنقض على نماذج الوصلات المُكتسبة سابقا وتجعلها غير قابلة للاستخدام. عندئذ تتابع النزول على درجات الصور الذهنية الداخلية المتأصلة في الدماغ. وفي النهاية تبقى الصور الذهنية الداخلية المفردة قابلة للتفعيل والاستخدام في إنقاذ الحياة كل نماذج الوصلات شديدة الثبات، التي استجلبت من تاريخ الأسرة والقبيلة والمجتمع وتشكلت في مناطق أقدم في الدماغ تحت تأثير مسيطر للبرامج الجينية حتى قبل الولادة. وعندئذ يتصرف الشخص المعنى بأحد تلك المعالجات البالية للطوارئ، التي تعود إليها أيضا كل الثدييات الأخرى في المواقف المُهددة للحياة: مثل الهرب أو الهجوم أو البلادة أو الانتحار، تلك القوالب النمطية وأكثر الأشكال اختلافا تسمى أنشطة النزوح؛ التزاوج، الأكل بشراهة، جرح الذات أو تشويهها، وشم الجسد، الافراط في التجميل... وغيرهم.
يجب أن يتم اعتبار كل ما يمكن إرجاعه إلى تأثير الخبرات السابقة ذكرى ثابتة في بنية الكائن الحي النامي خاصة بالحدث المعنى، فالذاكرة لا ترتبط وحدها بمخ قادر على التذكر ويستطيع أن يرسي الخبرة المعينة وتواجدها داخليّا ويعبر عنها مرة أخرى فيما بعد بشكل رمزي أو مُصوَّر أو فعلي، إنما الذاكرة هي عبارة عن الآثار المتعددة التي تستقر في بنية الكائن الحي ونظامه الداخلي كنتيجة لتفاعله مع العالم الخارجي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة