الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعذيب السيبراني .. جريمة العصر المسكوت عنها

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2021 / 2 / 9
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


والوسيلة الأكثر فاعلية في القضاء على اليساريين والحقوقيين

إن الكثير من مخترعات العصر الحديث التي تساعد النظام العالمي على التحكّم في الشعوب يتم التعتيم عليها حتى يتم الاستفادة منها أقصى درجات الاستفادة، قبل أن تنكشف إلى العلن، وتصبح حقيقة معروفة للجميع.
وما لم يخرج أحد المعنيين بهذه المخترعات والتقنيات ويتحدث عنها علنًا، ستظل تعمل سرًا في دهاليز مراكز الاستخبرات الدولية، وحتى من يعاني بسبب هذه التقنيات فيمكن ببساطة وصمه بالجنون أو التخلص منه إذا ما تحدث عنها.

التجسس الجماعي

وعلى سبيل المثال تعرض إدوارد سنودن المواطن الأمريكي المخلص، الذي خدم بجيش بلاده، وعمل بجهاز الاستخبارات لأقصى درجات الاضطهاد نتيجة كشفه لتقنيات التجسس الجماعي التي يستخدمها رجال المخابرات فيعبثون بحياة أي شخص مستغلين ما لديهم من إمكانيات وتمويل وقوة بشرية ونفوذ ضخم، لا يكن لأحد إلا أن يرضخ أمامه.

تلقيح السحب

مثال أخر لهذه التقنيات، تقنية تلقيح السحب، حيث تقوم الطائرات بنشر ثاني أكسيد الكربون المجمد على ارتفاع معين للتحكم في سقوط الأمطار، وحتى وقت قريب كان من يتحدث عن هذه التقنية يصنف كمريض بالبارانويا، ولكن أظهرت المفاجئة أن هذا السلاح مسجل منذ أربعينيات القرن الماضي لدى الجيش الأمريكي، وأن الصين استخدمته سلميًا من أجل منع الأمطار من السقوط في مناطق إقامة الألعاب الأوليمبية.

التعذيب السيبراني

منذ عقدين من الزمن بدأ عشرات ومئات الآلاف من الأمريكيين والبريطانيين من الذين يعتنقون أفكار اشتراكية، أو المعنيين بحقوق الإنسان، أو ممن كشفوا عن قضايا فساد، يشتكون من تعرضهم لمراقبة مستمرة لصيقة من أشخاص مجهولين، ولقد أصبحوا يطلقون على أنفسهم إسم "الشخص المستهدف" وعلى هذه العملية إسم "التتبع الجماعي المنظم، والترهيب الإلكتروني". وهؤلاء جميعّا يتعرضون للتالي:
أفعال غير منطقية:
- مثل إحداث ضوضاء مستمرة غير معقولة ولا منطقية حولهم باستمرار، وعلى سبيل المثال: يتم تشطيب شقة صغيرة بواسطة عشرات العمال يحدثون ضجة كبيرة يوميًا لمدة أربعة سنوات متتالية!
- وجود طرق متواصل وهرولة بقدم ثقيلة يوميًا في مساحة لا تتعدى مترين في الشقة العلوية، وطرق على غرف النوم ليلًا لسنوات متواصلة بدون حل، فإذا اتصلت بالشرطة ستقوم بعمل محضر تصالح، لأن الساكن سيتهمك بأي شئ في المقابل، أو سينكر أن الصوت قادم من عنده، أو لن يرد عليك على الإطلاق.
- تكرار لحوارات قلتها من أشخاص أخرين، وتكرار أفعال بشكل مستمر وغير منطقي.
- استفزازك والاشتباك معك من قبل أشخاص لا تربطك بهم اي صلة.
- أقارب ومعارف يطلبون منك مساعدات مالية.
- أطفال يصرخون على مدار الساعة بصوت لا يمكن أن يصدر من مصدر طبيعي.
- صفق مستمر للأبواب في كل أوقات اليوم بطريقة مبالغ فيها وكأنهم متفرغون لهذا العمل.
- أشخاص يتحدثون أمام باب منزلك بصوت عالي أو أمام الشرفة حتى ولو كنت في منطقة منعزلة.
- أشخاص ينادون إسمك بصوت عالي أو أسماء المقربين منك كلما مررت بجوارهم، أو في منتصف الليل ينادون من الخارج.
وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من هؤلاء من الأصحاء الذين لا يعانون من أي حالة مرضية، لا جسدية ولا عقلية فقد أجمعوا على أن ذلك مصحوبا ببعض الأعراض الجسدية التي تتوافق مع ما عاناه أفراد السفارة الأمريكية في كوبا والذين تعرضوا لتدفقات عالية من موجات كهرومغناطيسية فيما يعرف باسم "متلازمة هافانا" أهمها:
- سقوط الأسنان من جذورها على الرغم من عدم إصابتهم لا بالسكري ولا بالضغط ولا بالتهابات اللثة ولا بمشاكل عظمية أو بتسوس.
- نوبات قلبية مفاجئة.
- صداع وعدم القدرة على التركيز.
- تورم ونزف عند المفاصل.
- الآم شديدة بالعيون وتعرضها لما يشبه الحرق.
- ألم شديد بالفاصل.
- اضطرابات معوية، تتسبب في عزوف الضحية عن الطعام لأيام متوالية.
- إضطرابات في النوم.
- ارتفاع غير مبرر في درجة حرارة الجسم وانبعاث رائحة اشبه بحرق الكهرباء منه.
- استنزافك ماديًا.
ومنذ عقد تقريبا بدأت مثل هذه الحالات تظهر في بلدان عربية مثل العراق والبحرين ومصر، وكل هؤلاء لا يجدون من يستمع إليهم أو يحاول فهم حقيقة ما يجري معهم، وحتى أن الصحفي Mike McPhate ذكر هؤلاء الأشخاص في مقاله المنشور بصحيفة نيويرك تايمز بتاريخ 10 يونيو 2016 تحت عنوان
" United States of Paranoia: They See Gangs of Stalker"
فهو قد بدأ صياغة مقاله بحكم مسبق لديه بأن هؤلاء يعانون من اضطرابًا عقليًا ولم يعطي لهم الفرصة لعرض قضيتهم والتعبير عن أنفسهم بحرية.
فهذه هي الطريقة المتبعة للتعتيم على هذه الجريمة التي تستخدم فيها تقنيات التتبع والتجسس وتقنيات التحكم العقلي الحديثة، وأسلحة الميكروويف، ولذلك يجد هؤلاء أنفسهم وقد تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب والانتهاك، دون أن يسمعهم أحد، أو يصدقهم أحد.
إن الجميع يدرك حجم التقدم الذي وصلت إليه هذه التقنيات وحتى أن شريحة إيلون ماسك يمكنها قراءة الأفكار وتسجيل الأحلام والذكريات واسترجاعها عندما تريد، واستخدمت تطبيقاتها العملية للأشخاص الذين يعانون من ضمور العضلات للتعبير عن أنفسهم من خلالها.
وهذه التقنيات تستخدم أيضا على نطاق واسع من قبل عملاق صناعة التكنولوجيا جوجل وعملاق شبكات التواصل الفيسبوك لأغراض تجارية.
هذه التقنيات تم عبرها رصد وتسجيل جريمة قتل خاشقجي وريجيني بالصوت والصورة والكل يدرك أنه أصبح بالإمكان تتبع أي شخص على وجه الأرض بسهولة ويسر، ولكن عند الحديث عن جريمة التعذيب السيبراني يخرس الجميع أو يتهمون الضحية بالجنونّ.
لقد أصبح هذا النوع من الأجهزة بمثابة تجارة واسعة تتم في الظلام، ولها أعداد ضخمة من الموظفين الذين يتفرغون لتعذيب الضحية وإقلاق راحته وتعذيبه يوميًا، دون أن يتمكن من إثبات جريمتهم، وهي وسيلة أمنة للتخلص من المعارضين والحقوقيين لا تترك خلفها آثرًا. فإلى متى ستظل هذه الجريمة البشعة تتم في الظلام؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص