الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المخرج والتصور المسرحي - الرؤية الحمالية في فن المخرج نبيل الألفي

أبو الحسن سلام

2021 / 2 / 10
التربية والتعليم والبحث العلمي


المخرج والتصور المسرحي 2
الرؤية الجمالية في فن المخرج :نبيل الالفي
عرض مسرحية ايزيس

یقول نبیل الألفي ، " فإذا كان علي أن أنھض بإخراج إحدى المسرحیات التي وافقت علیھا فعلي أن أحتضنھا كشيء عزیز , وأعید خلق عالمھا داخل ذاتي فبل أن أشرع في اتخاذ أیة خطوة نحو إخراجھا , و قد أدافع عنھا دفاعا لا یعرف التخاذل إذا تعرضت لھجوم لا یرتكز علي أساس سلیم "
و يضيف " و لأن المخرج ھو العقل المدبر و البصیرة الواعیة بالھدف الأخیر الواجب تحقیقه من خلال العرض المسرحي , فإنه بذلك یسیر وفق برنامج عمل یستھدي بالمنھج و ھو في البرنامج یخطط لملامح الأداء والخطوط العامة للتصمیمات ( المناظر و الملابس و الموسیقي والإضاءة والملحقات ) جنبا إلي جنب مع الأداء التمثیلي . و ھو برنامج مكتوب بعد جھد التحلیل الذي ینتھي إلیھ المخرج وصولا إلي رؤیة إخراجیة متكاملة . ولو توقفنا لنتأمل جھد نبیل الألفي المنھجي في إخراجه لمسرحیة ( إیزیس ) لتوفیق الحكیم " بغض النظر عن المشكلات ذات الرائحة الذاتیة التي أثارھا مقال نقدي لألفرید فرج في مستھل حیاته الأدبیة حیث ھاجم النص و المخرج قبل أن یخرج العرض إلي النور، سوف نجد أن نبیل الألفي لا یترك شاردة و لا واردة متصلة بنص ( إیزیس ) الذي یقوم بإخراجھ فھو یخطط للملامح الخاصة بالأزیاء تخطیطا تفصیلیا بعد رجوعھ المتكرر وتعاونھ مع أحد المختصین بالمتحف المصري بالقاھرة علي اعتبار أن مسرحیة ( إیزیس ) مستلھمة من التراث الفرعوني , و باعتبار أن أسلوب إخراج نبیل الألفي لھا ینحو نحو الواقعیة التاریخیة , واقعیة دوق ساكس میننجن MENINGEN و نبیل الألفي في ذلك إنما یستقرئ منھج لوي جوفیه الذي یقول " في الحقیقة أن أي مسرحیة تخرج نفسھا بنفسھا" والمقصود بالطبع أن أسلوب إخراج نص مسرحي ھو من جنس الأسلوب الأدبي و الفني لذات النص . نص المذكرة الفنیة أو المخطط الفني لأزیاء مسرحیة "إیزیس : ( الآنسة أمینة رزق ) القطع المكونة لملابسھا من الممكن أن تتألف من الآتي : " ثوب أو رداء خارجي , قمیص داخلي له حمالات علي الكتفین , نقاب , حزام للخصر, غطاء رأس , غلالة شفافة أو قطعة فضفاضة من القماش لتتشح بھا أحیانا , صندل) (ویلاحظ أن رسم الكرسي " العرش " ھو العلامة الھیروغلیفیة التي تشیر إلي اسمھا , ومن الممكن أن یحلي به غطاء رأسھا في المنظر الأخیر) وحول الشخصیة نفسھا یكشف نبیل الألفي عن ملامح رئیسیة في الشخصیة :- " بعض الملامح الواضحة في شخصیتھا :- • الوفاء الزوجي .. , الأمومة .. • تؤمن بقلبھا , تستجیب لھمساتھ , و تتحرك بوحیھ .. • إیجابیة في وفائھا , و لھا صبر و جلد في طریق بحثھا و كفاحھا , وھي صلبة غایة الصلابة في اتجاھھا نحو أھدافھا البعیدة .. • لا یخلو سلوكھا و لا تخلو تصرفاتھا من الفھم السیاسي ... • تبدأ المسرحیة وھي في حوالي الخامسة و العشرین و تنتھي وھي قبیل الخامسة والأربعین من عمرھا .. • تبدأ ھائمة , و تتطور نحو الصقل و التركیز .. فقسمات تكوینھا النفسي تتطور و تتبلور و تتركز خلال بحثھا و كفاحھا و تجاربھا ومأساتھا
مراحل التعبیر الرئیسیة في ملابسھا وفقا لبناء المسرحیة ..أ- : في المنظر الأول , و الثالث , و الرابع من الفصل الأول , وفي المنظر الأول من الفصل الثاني : المرحلة الھائمة ؛ مرحلة البحث .. في السوق , وفي القریة , و علي ضفاف النیل , وأخیرا في مملكة "ببلوس " - وحدة في اللون و التكوین , مع بعض تغییرات جزئیة طفیفة وفقا .. لتأثر ملابسھا برحلة بحثھا ... وكذلك یراعي المخرج العدید من المشكلات : " ونظرا لضیق وقت التغییر بین ھذه المرحلة , و المرحلة التالیة أي بین المنظرین الأول والثاني من الفصل الثاني , ینبغي أن تلاحظ إمكانات سرعة ( التغییر ) في تكوین الملابس الخارجیة وقطعھا .. " ب- في المنظر الثاني من الفصل الثاني : بعد ثلاث سنوات ؛ بعد أن استعادت زوجھا وعاشت معه في الخفاء عیشة ھادئة و أنجبت ولدا .. خصب , أول الأمومة , وأول تفكیرھا العریض في الطریق السیاسي . ینبغي أن یلاحظ نفس الاعتبارات الخاصة بسرعة التغییر , كما في ملابس المرحلة السابقة ..جـ- في المنظر الأول و الثاني و الثالث من الفصل الثالث و الأخیر : یعد أكثر من خمسة عشر عاما ؛ مرحلة فیھا جلال النضوج .. أكبر سنا , و اعمق تجربة , و أكثر صلابة .. ویصح أن تشمل الملابس بعض تغییرات جزئیة في مناظر ھذه المرحلة , و بالأخص في المنظر الأخیر , منظر المحاكمة حیث تتبلور شخصیتھا في صورتھا النھائیة الكاملة . اقتراحات الألوان : من الممكن أن ننزع بھا إلي المزاج أو التدرج أو الانتقال الصریح وفقا للمراحل السابقة ) • أزرق بلون السماء الصافیة .. ( یعبر عن نقاء الشعور , و العاطفة الثابتة ) • شفافیة وراءھا الأحمر القاني .. ( تعبر عن شفافیة القلب في إدراك الأشیاء , وعن دمویته وحركته الدائبة ) • غلالة سوداء شفافة تختلط بشعر فاحم السواد مرسل عندما تكون ھائمة , ومصفف عندما تكون في حالة اتزان .. • وأخیرا اتشاح بالسواد , أو بالأزرق القاتم , أو بالرمادي المائل إلي السواد یختلط مع رأسھا بالشعیرات البیضاء .. ( ویصح استخدام البني القاتم الذي یوحي بصلابة الصخر ) إن المخرج یقف عند عتبات الاقتراح علي مصمم الأزیاء أو المناظر , انطلاقا من رؤیته العامة , لكن لا یقرر و لا یفرض , بل یقترح لأن المصمم فنان مبدع متخصص له شخصیته ، و له بصمته الفنیة . یفرق المخرج نبیل الألفي بین الشخصیة في التراث المصري القديم و الشخصیة المسرحية نفسھا في النص من خلال بعض معالم الشخصيات في تاريخ المصريين القدماء:
• شخصية (توت) : ( الأستاذ حسین ریاض ) القطع الرئیسیة في ملابسه تتألف من الآتي :
( رداء , غطاء رأس , حزام , صندل)
• معالم شخصيته في التاريخ :
• هو شخصیة جلیلة .. یسكن القمر ، و یعمل فیه طوال كل شھر , حتى یرد إلیه ما یفقد منه و یعیده بدرا في تمامه وكماله .
• إنه یمثل المحافظة علي نظام العالم .
• كما یمثل الكتابة و الفن و ترتیب الزمن.
• معالم شخصیته في المسرحیة:
• إنه في المسرحیة أیضا شخصیة جلیلة ؛ و ینعكس في تكوینھا النفسي جانب كبیر من شخصیة " المؤلف " فھو ( رجل حكمة فنان و حامل قلم )
• إنه مع بدایة المسرحیة یرید أن یعیش بقلمه و حكمته في دائرة فنه بعیدا عن محیط الصراع الواقعي الذي یرتطم مباشرة بالظروف الاجتماعیة والسیاسیة المرتجفة المخلخلة و لكنه عندما یبدو أمر الواقع سافراً فإنه في ھذه الحالة یتبین طریق قضیته ، فیلتزم بھا ویتحمل مسئولیتھا و یكافح في سبیلھا بكل قواه و إمكاناته .. مھما كانت الوسائل و الأسالیب ؛ فإیجابیة ھذه الشخصیة نحو المجتمع لیست إیجابیة حكیمة تصر علي أن تتبین مواضع أقدامھا قبل أن تضرب في طریقھا نحو الھدف . و ھو یربط ذلك بمراحل التعبیر في الشخصیة من خلال ثلاث مراحل تمر بھا :
• أ - مرحلة الكاتب الفنان الذي یؤثر الھرب من الواقع .. ب- مرحلة اقترابه من قضیة الواقع و تبنیه لمعالمھا و اعتناقه لھا ..ج- مرحلة التزامه بالقضیة و كفاحه في سبیلھا .. وھو یقترح حسب فھمه للأصول علي مصمم الأزیاء بعض قطع في ملابسه و تكوینه أن تأخذ ملابسه طابع الإیحاء بالقراطیس و الأقلام و المزامیر .. و یقترح الألوان كذلك تتدرج مساحات الألوان وفقا لمراحل التطور في الشخصیة من الأخضر الھادي الحالم ... إلي الأحمر الطوبي .... .. إلي الأصفر الدافئ المائل إلي البني ........إذا لم یكن في ھذا ما یعكس الكثیر من أو من البنفسجي الرائق الحالم أیضاً الدقة و النعومة،

وعن معالم بقيو الشخصيات ، يقول المخرج الأستاذ نبيل الألفي : علي غرار توت و إیزیس , اشتملت المذكرة علي الإرشادات و التحدیدات والاقتراحات الخاصة بشیخ البلد , وطفون ، و أوزوریس , و مساط , و الفلاحین ... وسائر الشخصیات الأخرى التي تلتقي و تفترق في عالم المسرحیة .

• دور التحلیل و التفسیر في التدریبات :
• لعل من أھم ما یضطلع به المخرج المسرحي في أثناء تدریبات التحلیل ( قراءة الطاولة ) أن یكشف للممثلین عن أسباب إرشاده لممثل ھذا الدور أو ذاك إلي أسلوب أداء الشخصیة التي أوكل إلیھ أداءھا " :( لماذا یكون " إلقاء " الشخصیة في ھذا المشھد متدفقاً سریعاً ؟ أو كیف كان " إیقاع " الحركة في ذلك الموقف بین الیأس و الرجاء ، متأرجحا بین الاسترخاء والتحفیز .. ؟! "
• و من واجبات المخرج أیضا أن یشرح للقائمین علي تنفیذ خطة الإضاءة أو المناظر المسرحیة " ( لماذا یحدد اللون الأسود مقرونا باللون الأحمر في منظر من المناظر أو قطعة من قطع الأزیاء ، كأن یوضح لأي من ھؤلاء أن اقتران اللون الأحمر باللون الأسود بھدف مشاركة اللونین في دعم الإحساس بالجریمة في موقف معین و ارتباط ذلك بشخصیة معینة لتوكید الإحساس بالقتامة و الكراھیة و ظلمة اللیل المحیطة بالشخصیة أو بالموقف الدرامي, فاللون الأسود في الطبیعة مقرون باللیل , وھو في العرف مقرون بالحداد , وفي المزاج مقرون بالقتامة و الكآبة .. و بذلك سیعمل علي إثارة ذلك الإحساس لدي المتفرج وسیشارك بنصيبه في إحیاء الصبغة الدرامیة إلي جانب الانفعال , و الحركة , و الحوار, والإضاءة / والجو العام الذي تجري الحادثة في نطاقه . إن المخرج مطالب أمام ممثلیه و الطاقم الفني و التقني الذي یعاونه في تحقیق عالم العرض المسرحي الذي ھو بصدده بتقدیم تفسیر نظري أو تحلیل لكل ما یشیر إلیه بالنسبة للممثل أو للمصمم أو الفني أو للعامل , و أن یشرح لماذا ینفعل بتكییف حادثة درامیة علي ھذا النحو أو ذاك و لماذا جاءت صیاغته الفنیة لھذا الموقف علي تلك الصورة و في ھذا الإیقاع و بھذه الألوان دون غیرھا – ذلك إذا كان المخرج یمتلك القدرة علي التحلیل والتفسیر و إلا فلماذا یقدم علي إخراج عرض مسرحي – وعلي المخرج أیضا في تحلیله لتجربة العرض في بدایات قراءاتھا الجماعیة الأولي المتتالیة كیف یري الجزء فیھا علي ضوء رؤیته للنص ككل و كیف یتحسس العلاقات بین الأجزاء ویربطھا بالكل و كیف یفسرھا ، و كیف یصدر حكما علي الشخصیات أو یقومھا في الموقف الدرامي ، وكیف یصوغ العلاقات الإیقاعیة للأداء انطلاقا من تقویمه للقیم وللأفكار الفرعیة مرتبطة بفكرتھا الأساسیة و أن یعلّم الممثلین و الأطقم الفنیة العاملة معه كیفیة أداء ذلك كله – وفق تخصص كل منھم – وذلك ھو الأساس المنھجي الأول ، وربما الأخیر في عمل المخرج و لیس مجرد تحقیق الحركة و الملابس و المناظر والعناصر الشكلیة للعرض وذلك بالطبع لا یتأتي لمخرج ما بدون دراسة تأملیه و تحلیلیة و نقدیة للنص علي أن یضع في ذھنه أن مثل تلك القراءة الدراسة للنص إنما ھي مجرد بدایة لعمله, و ھو بذلك علي العكس من الناقد الجاد الذي تشكل دراسته للنص و العرض بعد مشاھدته له ھو في ذاته نھایة المطاف رحلة العرض المسرحي فعن طریق دراسات البدایة التي یقوم بھا مخرج عرض مسرحي ما ودراسات النھایة التي یقوم بھا ناقد جاد ذو منھج أو مسلح بنظریة نقدیة للعرض المسرحي نفسه یمكن لتاریخ الفن المسرحي أن یحفظ جھود مخرجیه و فنانیه ومنتجیه فلا تضیع و تتواري في الظل .
ولنا أن نتساءل : أين عمل مخرجي مسرحها العربي في هذه الأأيام مما بينه منهج المعلم الأستاذ نبيل الأافي ؟
• نص المخرج :
اعتاد نقاد المسرح ، ومعلنوه ودارسوه في حالات القراءة المسرحیة النقدية المتخصصة علي الاكتفاء بتحليل نص المؤلف سواء أكان نصا مؤلفا أو مقتبسا أو مترجما , و لم يعتادوا التفكیر في أن للمسرح نصین للعمل المسرحي الواحد :
النص الأول : ھو النص الدرامي الذي كتبه المؤلف
أما النص الثاني : فھو النص المسرحي و ھو نص المخرج . ومع أن ظاھرة وجود نص إخراج للنص الدرامي قد بطلت في أیامنا ھذه التي تراجعت فیھا قیم كثیرة ، و أصول عرفھا الرواد و تمسكوا بھا ، و علي رأس ھؤلاء الرواد یبرز بحروف من نور اسم الفنان المخرج و المعلم نبیل الألفي ، فما من نص أخرجه نبیل الألفي للمسرح إلا و تجد له نصا إخراجیا معادلا تنظیریا و تجسیدیا لنص المؤلف سواء انطلق من منطلقات الترجمة الحیة لذلك النص علي خشبة المسرح أو انطلق منطلقا تفسیريا ؛ فھو في كل الأحوال إعادة إنتاج اادلالة ااكلة للنص المسرحي بالتجسید الحي الذي یتأسس عمله علي تصور ومنھج, وأسس نظریة یعادلھا بمعادلات تجسیدیة ـو تشخيصية إبداعیة .
و ما دمنا قد وقفنا عند التصور و المنھج و الأسس النظریة للعملیة الإبداعیة غي قن الإخراح فقد وقفنا عند دور الفكر في عمل المخرج المسرحي المصري " فالمخرج بدایة یكون مثقفا , مفكرا ولابد أن یكون دارسا متمرسا بالأساليب الفنية ، حتي مع ميله لأسلوب فني بعينه – أو اقتصر ھذا الأسلوب علي عرض مسرحي بعینه – أو نظرية بعينها ؛ فجهوده تصب في إطار ترجمة نعني النص أوو تفسیره ، و في الثانیة تتخطي جھوده تلك الحدود لتصبح جھود خلق وفق أسلوب ینطلق من أسلوب النص , إلي آفاق جدیدة من إبداع المخرج الفنان حتى تشكل أسلوبا إبداعیا ذا هوية.
* المخرج بین التأثیر و التأثر:
لا عمل في مجال الابتكار أو مجال الإبداع إلا وفيه نصیب التأثیر و التأثر . ولا شك أن التأثیر والتأثر كلیھما مرتبطان ارتباطا وثیقا بعاملین رئیسیین أحدھما ذاتي و الآخر موضوعي , و لا شك أن ابتعاث الدلولة للأستاذ نبیل الألفي إلى فرنسا ىستكمال صقل دراسته المنهجية لفنون الإخراج المسرحي كان له تأثیر كبیر علي مجمل فنه وخاصية أسلوبه . و من مظاھر ذلك أن نبیل الألفي كان قریب الشبه من حیث كونه رجل مسرح من المخرج و رجل المسرح الفرنسي لوي جوفیه
كما أن إبداعات نبیل الألفي في الإخراج المسرحي قد وجھت جهود فنه المسرحي الوجھة نفسھا عند جوفييه - منهجا وأسلوبا – واقعيا طبيعيا -. كما تعانق الفكر مع الجمالیة في كل الأعمال التي قام نبیل الألفي بإخراجھا .. تعانقت" الصورة القدیمة للمسرح بكل ما فیھا من وعي كشكل من أشكال تحقیق التراث و الجذور والتمسك بھما في مقابل شكل یعني بفلسفة الجمال و الفكر المعاصر ، متمثلا في مظيره التجدید ي عند جوفیه . لقد كان كلاھما واعیا برسالة المسرح و بدوره في صنع تلك الرسالة و تأكیدھا - كل في مجتمعه -
وإذا كان جوفیه قد عكف علي تصمیم جدید لخشبة المسرح فقد صمم نبیل الألفي مسرح بیرم التونسي الصيفي بالإسكندریة في منتصف ااستنيات من القرن العشرين و كرس جھوده في الإشراف علي بنائه في حي الشاطبي علي كورنیش البحر مباشرة . وإذا كان جوفیه علي غیر عادة بعض المخرجین إ- لا ینضم إلا لتفكیره و لا یعتمد إلا علي ما یوحي له به تصوره و رؤیته في عملیة الإخراج لأنه ھو الذي یلد العمل الفني ولیس الآخرون ؛ فإن نبیل الألفي ؛ كان كذلك لا یعتمد إلا علي ما یوحي له به تصوره و رؤیته في عملیة الإخراج , لقد كان یؤمن مثلما كان جوفیه یؤمن .. بأن الاعتماد علي الذات من أدق مھمات الإخراج,
لقد كان مفتاح التفكیر وبدایة طرق الإخراج عند نبیل الألفي من داخل منظور الشخصيات – تماما كما كان عند لوي جوفیه . لقد آمن نبیل الألفي بما آمن به جوفیه من أن لكل عصر علاماته و أماراته الجدیدة التي یأتي بھا العصر و یثرھا في أشكال و عادات ورموز , و كل ممثل یري ھذه القضایا من زاویة نظر مختلفة , و الطریقة أحیانا ما تكون جدیدة , و أحیانا أخري تكون مستھجنه أو عفي علیھا الزمن , لكن كل شكل أو عادة أورمزأوتقلید فإنه ینتمي إلي قواعد علیا..ھذه القواعد ھي كلمات الشاعر الدرامي .
وإذا كان جوفیه في كتاباته المسرحیة یؤكد علي حق الكاتب المؤلف الدرامي , و یجعله ھو الأساس في كل مراحل الفن المسرحي ، فإن نبیل الألفي كان كذلك فلا مسرح بدون الدراما و لا مسرح بدون المؤلف الدرامي . في العصور القدیمة كان الدرامیون المؤلفون ھم سادة المسارح و مدیروھا وممثلوھا .. شكسبیر ومولییر . مولییر أخرج و مثل في دراماته التي كتبھا .. و في وقت متأخر انفصلت الوظیفتان المسرحیتان ، المخرج الممثل و الكاتب الدرامي ، لكن العلاقة الفنیة لم تنفصل أبدا . وظلت قائمة حتى وقتنا ھذا ,,
والمتتبع لأسلوب عمل نبیل الألفي في الإعداد التمھیدي لأیة مسرحیة یقدم علي إخراجھا سیجد أنه یبدأ عملھ بعد القراءة التأملیة و التحلیلیة للنص الذي بین یدیه بالاتصال بمؤلف النص المسرحي ومناقشات عمل وتفاھمات حول تعدیل ھنا أو تعدیل ھناك , فالأمر كما فھم كمال غید عن جوته أن الدراما الجیدة یحتل جزء صغیر منھا مكانه علي الورق المحرر , أما الجزء الأكبر منھا فانه یحتل خشبة المسرح والإضاءة و طاقات الممثلین و انفعالات الشخصیات , و الصوت و الحركة , بل یمتد ھذا الاحتلال إلي جماھیر الصالة في أحیان كثیرة..
• لا یكفي أن یفكر الممثل , بل علیه أن یشع أفكارا . •
• الاستغراق في التأمل بالقلب , و المعدة , و لیس باصطناع العلل علي نحو إبداعي .
• لا یكفي ثقة الممثل في الفھم وحده .
• لیكن العمل واسعا عریضا , أو بابا مفتوحا علي مصراعیه لیستقبل كل الأفكا
• لممثل واجبه الطاعة بلا سفسطة , و الاستعداد الدائم للاستقبال •
• الممثل یجب أن یكون مستعدا لإعطاء كل نفسه إلي العمل المسرحي و ذلك بتجرید نفسه من أحاسیسھا لیتعلم أحاسیس مناسبة لما یتعلم للدو .
• ضرورة أن ینھي الطالب عملھ في المحاضرة بقدر كبیر و لأعلي و أكمل ضمیر لأن التعلیم لصالحھ في النھایة . •
• لا یجب التفكیر في النجاح دوما . فالفشل موجود كذلك في الحیاة , و في المسرح أیضا
• إن الفھم للدراسة العلمیة یعادل الإحساس تماما و الأھم عند جوفیه ھو تعلم المحاضرة والتدرب علي إنجاز ما تم أولا بأول , إن التدریب ھو الطریق الوحید و الأمثل لتحقیق مستوي ناجح في فن التمثیل المسرحي .. وإذا كان منھج جوفیه في تعلیم فن التمثیل ھو في ذاته منھج فني یرتكز علي ما یأتي:-

• البدء من الكلمة – التدریب علي أدوات ذات فاعلیه و مستویات انفعالیه – اعتماد الحركة ، علي الإحساس ؛ فالإحساس یقود الحركة و یثریھا بعد أن یولّدھا – رفض آلیة الأداء الصوتي – توظیف كل العناصر في خدمة الكلمة ( تمثیل – إخراج – دیكور – موسیقي)

• أن ینوب الممثل عن الجماھیر ویكون مندوبھم – البحث عن تقنیة خاصة بالدور .
لم يختلف منھج الأستاذ المعلم ( نبیل الألفي) في تعلیم فن التمثیل عن ذلك كثیرا

• المخرج و التدریب النھائي للعرض المسرحي :

یولي المخرج للتدریبات النھائیة لكل عرض مسرحي یخرجه أھمیة كبیرة لضبط الإیقاع العام للأداء التمثیلي مع المجموعات و المناظر و الملابس و الإضاءة ولا یخلو الأمر من المشكلات الفجائیة و ھي متعددة ، یقول نبیل الألفي : " إن الممثل الذي یتخلف مثلا عن تدریب من التدریبات النھائیة للمسرحیة لا یقدّر عادة أھمیة حضوره أو تخلفه ؛ أو لعله لا یدرك في الغالب أنه جزء من كل ؛ و إذا حدث أن أدرك ذلك , فھو قد لا یزن بعین الفھم : أین یقف من ھذا الكل ؟ و إلي أي مدي یؤثر فیه و یتأثر به ... ؟وھو یفرق بین الممثل الذي یتخلف عن التدریب في نھایاته ؛ فمن الممثلین من یتخلف لارتباطاته بعمل تلفزیوني أو سینمائي أو إذاعي و ھذا أمر یدخل في ضغوط حیاتیة یعاني منھا الفنان في مصر ، و " الممثل الذي لا یعي من أمر فنه و مسئولیة دوره شیئا كبیراً, فیھمل مثلا حفظ دوره حتى یوم تقدیم المسرحیة"
وھو لا یلوم ذلك الممثل و إنما یتكلم " عن الممثل الذي یقدّر مسئولیة دوره تقدیرا منعزلا , فیقع ھو أيضا في الخطأ و يتسبب في بعض المشاكل لأنه نظر إلي المسألة دون الإحساس بالكل إلي جانب الجزء... ھذا الممثل الطیب في الغالب ، قد تكون لدیه مصلحة خارجیة یرید أن یحققھا .. و المخرج قد یتجاوز عن تخلفه مرة أو مرتین أو أكثر , من أجل تحقیق ھذه المصالح ؛ ما دامت التجربة في مراحلھا الأولي , والوقت یسمح بتدارك الأمر دون أن یكون ھناك كبیر ضرر.. ولكنھ قد یأخذ الأمر علي ھذا النحو أیضا في المراحل النھائیة , فیرجح كفة قضاء مصلحة خارجیة , بسیطة , و یتخلف مرة قبل موعد العرض بخمسة أیام مثلا ... ثم یأتیك في الغد قائلا : " و أیة خطورة في تخلفي ؟ ألیست ھناك أربعة أیام أخري , سنعید خلالھا التدریب – علي نفس ھذا الفصل الذي أشترك فیه – مرة أو مرتین "
ویعلق نبیل الألفي علي موقف ذلك النوع من الممثلین فیقول " وھو في ھذه الحالة , ینسى أن ھناك – إلى جوار دوره ، و الفصل الذي یشترك فیه – سائر الأدوار الأخرى و سائر الفصول . . . ولا یضع في اعتباره أن التدریبات النھائیة تتطور من مرحلة إلى مرحلة ، و أن " الأداء التمثیلي " في ھذه الأیام القلیلة الباقیة , تنضم إلیه تدریجیاً باقي عناصر العرض "
یعطي الأستاذ نبیل الألفي أھمیة كبرى للتدریبات النھائیة التي تسبق العرض المسرحي إذ " أن المخرج یضع في برنامجه في ھذه الأیام الأخیرة ، على أساس أن یأخذ الأداء إیقاعه النھائي مع بعضه بعضا من جھة ، ومع عناصرالعرض المتصلة به من جهة أخرى ، ولأن ضبط إیقاع العرض المسرحي , یعدّ الخطوة الأخیرة في عمل المخرج قبل افتتاحه أمام الجمھور , فإن " ھذا یتطلب من . . دون المخرج عادة , أن یبتعد قلیلا إلى الوراء في الصالة , لیضبط ترابط الأداء في مجموع العرض على نحو أكثر شمولاً أن یسمح وقته , بل دون أن تسمح طبیعة ھذه المرحلة , بأن یعود إلى خشبة المسرح , حیث یضبط مع الممثل مسألة فرعیة تتعلق بمدى قوة انفعاله بھذه العاطفة, أو بمدى سرعة حركتھ في تنفیذ تصرف معین من تصرفات الشخصیة التي یؤدیھا . . . ولاشك أن ضبط إیقاع العرض المسرحي یتحقق بمشاھدة المخرج المراجعة للعرض الذي ینتھي من إخراجه مراجعة شاملة , لوضع اللمسات الفرعیة في صقل الأداء التمثیلي , التي قد یفتقر إلیھا في تصویر الدور المسند إلیه , كان مجالھا ذلك التدریب الذي تخلف عنه , ولیس مجالھا ھذه التدریبات النھائیة في الأربعة أیام الأخیرة , حیث ینبغي أن تتطور لمسات مستویات " الإیقاع العام " , الذي یشمل توافق الأداء التمثیلي مع وسائل العرض الأخرى في وحدة متضافرة . .
ویشیر نبیل الألفي إلى الكثیر من المفاجآت التقنیة و الإداریة التي تعترض تحقیق المخرج لعالم المسرحیة ما بین نظرة المؤلف البعیدة عن الإحساس بزمن التجربة و عالمھا المركب , وبعیدة أیضاً عن تقدیر الظروف المادیة و غیر المادیة التي یشتبك بھا المخرج في تحقیقه لعالم المسرحیة، و منھا تقاعس المشرف على تنفیذ الملابس قبل حلول موعد التدریب النھائي العام , " لقد ربط إنجاز مھمته بموعد العرض أمام الجمھور . . و یبدو أنه لم یفھم لماذا ینبغي أن ترتدي الشخصیات و المجموعات ملابسھا في التدریب النھائي للمسرحیة . . لم یضع في اعتباره , أن المخرج ینبغي أن یطمئن إلى الترابط و التوافق بین ألوان الملابس والشخصیات و المواقف في حركة العرض , وسط ھذه المناظر بالذات , وتحت ھذه الإضاءة عینھا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غرقُ مطارِ -دبي- بمياهِ الأمطارِ يتصدرُ الترند • فرانس 24 /


.. واقعة تفوق الخيال.. برازيلية تصطحب جثة عمها المتوفى إلى مصرف




.. حكايات ناجين من -مقبرة المتوسط-


.. نتنياهو يرفض الدعوات الغربية للتهدئة مع إيران.. وواشنطن مستع




.. مصادر يمنية: الحوثيون يستحدثون 20 معسكرا لتجنيد مقاتلين جدد