الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كرة القدم وأفينة الشعوب!

حسن مدبولى

2021 / 2 / 14
عالم الرياضة


كان كارل ماركس يرى ان الاديان هى أفيون الشعوب الذى يلهيهم ويخدرهم ويكبلهم ويمنعهم من مواجهة مستغليهم ، ويعميهم عن المطالبة بحقوقهم إنتظارا لعقاب الرب فى العالم الآخر ، ورأى ماركس ان الحكومات ترعى الأديان وتقدر وتكافئ رجال الدين لانهم ينفذون هذا الدور التغييبى ببراعة ، لكن يبدو أن مقولة ماركس تلك لم تعد تعكس حقيقة ما يجرى فى الواقع الحالى ، رغم أنها كانت فى فترات زمنية سابقة تقارب الحقيقة العملية إستنادا إلى وقائع وملابسات سيطرة الكنيسة على مقدرات ومصائر الشعوب الغربية ، فالتراجع الحالى لدور الدين كشأن مقدس وإنحساره فى معظم دول العالم الغربى، وكذلك انهيار صورة رجال الدين الذين فقدوا الهيبة والتأثير هناك ، والإنتقال التدريجى لتلك التطورات، الى شعوب ودول العالم الثالث بإختلاف إنتمائاتهم الدينية ، أنهى تقريبا على التأثير السحرى للدين ورجاله فى نفوس البشر بكافة أنحاء العالم،وبالتالى تراجعت قيمة الديانات المقدسة ، وتحولت تعاليمها وصلواتها إلى محض طقوس روتينية تؤديها الغالبية العظمى من بنى البشر برتابة فى أكثر الأحيان،بل و إنقلبت المفاهيم الدينية إلى النقيض ، حتى أصبح زواج المثليين بدور العبادة أمرا مشروعا ، و بات تقطيع وتذويب جثامين المعارضين لا يلفت الأنظار ؟ و هكذا تدهورت أو إنهارت الصورة المقدسة للأديان ولم تعد تصلح كمدخل للسيطرة والإستغلال ، ومن ثم كان من الضرورى للعصابات صاحبة النفوذ فى العالم ، أن تبحث عن بديل مناسب، يمكن من خلاله السيطرة على وجدان الملايين من البشر ، لتحقيق الكثير من المصالح المشروعة وغير المشروعة ، ولم يكن هناك بالطبع أفضل من كرة القدم، فهى لعبة سحرية لها تأثير جهنمى يستلب العقول مهما كانت درجة ثقافة صاحبها ، وتتحكم فى الأمزجة والتوجهات بل ولا تجد مانع فى شريعتها من إستحلال الحرام ، مادام يصب فى صالح الفريق المفضل؟
وهكذا وبينما كانت كرة القدم تعتمد على إحراز الأهداف الوهمية التى يهلل لها ملايين المفتونين بكافة أرجاء العالم ويحتفلون بها أيما إحتفال وتكتفى بلعب ذلك الدور الترفيهى، إذا بها تتحول إلى احد أهم الأدوات التى تساعد فى إحكام الهيمنة وتحقيق الثروات الهائلة بواسطة إستغلال أهداف الملاعب الخضراء الإحتفالية الترفيهية الوهمية،لتحقيق هدفين حقيقيين متكاملين ، أولهما هو تحويل جموع المشجعين والمتعصبين إلى أرقام تتم ترجمتها الى مليارات الدولارات التى تصب فقط فى حسابات من يخططون ويسيطرون على مقاليد اللعبة عالميا ووطنيا ، وبالتالى وبلهجة عامية مصرية يمكن وصف الامر هنا بان كرة القدم تحولت إلى سبوبة حلوة يجنون من ورائها المليارات التى تدخل حسابات قلة قليلة بينما الملايين من السذج يحصون عشرات الأهداف والبطولات التى احرزها فريقهم المفضل ؟
أما ثانى وأخطر تلك الاهداف الشيطانية ، فهو إستخدام كرة القدم فى تغييب العقول لتمرير سياسات ومخططات تدميرية ما كان لها أن تمر لو ان الناس كانوا يمتلكون إرادتهم ووعيهم ؟ فعلى سبيل المثال تجد أن الغالبية العظمى من الناس ينشغلون بشكل مدهش عن متابعة مأساة سد النهضة وعملية ردم مجرى ومدخل النيل الى مصر ، وتهديد وجودهم ووجود وحياة الأجيال القادمة ، بمشاهدة فريقهم الكروى الإسطورى وهو يحقق النجاح تلو النجاح، وإذ بينما سد النهضة يكتمل ويمتلئ ، ستجد أناسا محترمون ، ومثقفون يصفون أنفسهم بالمناضلين من اجل التنوير، وأفرادا مكدودين يحصلون على لقمة العيش بالكاد ، ستجدهم جميعا يرددون ويكتبون الحمد لله على نعمة النادى !! ألف مبروك الفوز الرائع ، الله اكبر الله أكبر ؟ و ستجد أيضا نفس نماذج هؤلاء بالعالمين العربى والإسلامى يطيرون فرحا وبهجة وهم يتابعون( مو صلاح أو بنزيمة ) وهما يحرزان أهدافا رائعة فى الدوريات الأوربية ،فيما لا يبالون ولا يبدون أى إلتفاتة أو ردة فعل على جرائم لاعبى السياسة الدولية الذين يغتصبون أولى القبلتين وثالث الحرمين رسميا؟ ولا حتى على تلك المذابح الدائرة ليل نهار ضد المماثلين لهم فى المعتقدات فى أكثر من مكان ؟
حتى على مستوى الشعوب غير العربية أو المسلمة توجد أيضا أمثلة تؤكد على إستخدام كرة القدم كبديل تخديرى للشعوب هناك ،منها مثلا ذلك الحدث التاريخى الذى تم فى الأرجنتين عام 1978 حيث كان النظام السياسى هناك نظاما قمعيا دمويا يقتل ويعتقل الالاف ،ومع ذلك تم السماح له بتنظيم مباريات كأس العالم على أرضه لإكسابه الشرعية ، وقد أقيمت المباراة النهائية لكأس العالم 1978 على بعد ميل واحد من سجن يضم آلاف المعتقلين السياسيين المعارضين لنظام الحكم القمعى هناك ، حيث طغى هدير المفتونين بالفوز ، على أنات وآلام وصرخات المسجونين المقبورين تحت الأرض و الذين لم يلتفت لهم أحد،كذلك أيضا لعبت كرة القدم دورا آخر فى الأرجنتين نفسها عام 1986 عندما نجح النظام الحاكم هناك في إقناع الجماهير بأن فوز المنتخب الوطني على إنجلترا فى مونديال عام 1986 يُعتبر تعويضًا مجزيا وكافيا عن الهزيمة العسكرية المذلة التى ادت إلى التفريط فى جزر فوكلاند الأرجنتينية والتى تم التنازل عنها لإنجلترا بشكل مخزى ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى عسل فخور بصعود 4 مصريين لدور نصف النهائى فى احسن بطول


.. الرئيس السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء هي ملحمة بطولة




.. مصطفى عسل: أشكر جماهير الأهلي على الدعم وأسعى للتتويج بلقب ب


.. عاجل .. نقل أطفال الترسانة للمستشفيات بعد إصـ ابتهم باختـ نا




.. نوران جوهر: سعيدة بالتأهل لنصف النهائي وأتمنى التتويج بالب