الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نجيب عياد: نحو هوية عربية للسينما..

حكمت الحاج

2021 / 2 / 15
الادب والفن


التقيت الراحل نجيب عياد لأول مرة في مدينة سوسة التونسية عام 1999 رفقة المنتج السينمائي الراحل أحمد بهاء الدين عطية، وذلك خلال انعقاد اشغال ملتقى المبدعات العربيات في دورته الرابعة تحت عنوان "المرأة والسينما"، لإجراء حوار صحفي معهما يتناول واقع الصناعة السينمائية التونسية وآفاقها. وتتالت اللقاءات في مختلف المناسبات الثقافية في تونس، والسينمائية منها على وجه الخصوص، ولعل من أقربها فعاليات أيام قرطاج السينمائية حيث ترأسها بنجاح لدورتين متتاليتين عام 2017 و عام 2018 مما أهله بمقبولية واسعة من الأوساط الثقافية في تونس لترؤس دورة ثالثة من هذا المهرجان السينمائي العتيد لعام 2019 لكن المنية وافته قبل التئام المهرجان بعد ان كان قد وضع الخطوط العريضة والدقيقة لسير المهرجان منذ وقت مبكر. فقد تُوفي في تونس العاصمة في 16 آب أغسطس عام 2019 إثر سكتة قلبية.
ولد نجيب عياد بمدينة قصر هلال التابعة لولاية المنستير الساحلية. عمل، وهو الحاصل على درجة الماجستير في الأدب الفرنسي، كصحافي وناقد سينمائي ما بين عامي 1975 و1980، في صحيفة "لوتون" وبعدها في مجلة "حقائق"، ثم أصبح عضوًا في لجنة الأفلام التابعة لوزارة الثقافة التونسية، حيث كان المنتج التنفيذي لعشرة أفلام قصيرة وطويلة.
وفي عام 1998 أسس شركة خاصة به بعنوان "الضفاف" التي أنتج عدة أفلام من بينها "الأوديسة" الذي أخرجه إبراهيم باباي عام 2003، وفيلم "ملائكة الشيطان" إخراج أحمد بولان عام 2007. كما أنتجت هذه الشركة مسلسلات تلفزيونية عديدة كذلك.
انتخب أمينًا عامًا ثم رئيسًا للجامعة التونسية لنوادي السينما ثم مديرًا للشركة التونسية للإنتاج والتوزيع السينمائي من عام 1980 إلى 1988. وفي عام 1991 أسس مع رفيق دربه حسن عليلش «المهرجان الدولي لفيلم الطفولة والشباب» في مدينة سوسة، وتولّى إدارته لسنوات.
وقد صنع نجيب عياد صحبة أحمد بهاء الدين عطية ذروة نجاح وانتشار السينما التونسية في الثمانينيات والتسعينات حيث اقتحما معاً مغامرة الإنتاج السينمائي الخاص الذي كانت تحتكره الدولة بشكل كامل.
وفي عام 2017، أصبح المدير التنفيذي لأيام قرطاج السينمائية، خلفًا لإبراهيم اللطيف. وقد أعاد نجيب عياد المهرجان إلى طابعه الأصلي كملتقى لسينما التحرر الاجتماعي والسياسي ومقاومة الاستبداد والقمع وانتهاك الحقوق والحريات.
يقول عنه رفيق دربه الناقد السينمائي حسن عليلش إنه ورغم عدم انخراطه في أيّ تيار من التيارات المهيمنة آنذاك على المشهد السياسي إلا أنّه كان فاعلاً في اليسار الثقافي الذي كان يقود الحركة السينمائية من خلال الجامعة التونسية لنوادي السينما» و«الجامعة التّونسيّة للسّينمائيين الهواة».
لم يكن نجيب عياد منتجا فقط، بل رجل سينما حقيقيا حمل على أكتافه هموم السينما التونسية، وكان معنيا حتى آخر يوم في حياته بكيفية التقدم بالسينما التونسية خطوات واسعة الى الأمام. كان عياد انسانا واقعيا وبراغماتيا ولم يكن مؤدلجا أبدا، بل كان يقاوم الأدلجة منذ بواكير انطلاقته في "الجامعة التونسية لنوادي السينما"، كما يؤكد الباحث حسن عليلش، الذي يضيف قائلا إنه يرى نجيب عياد كمنتج نجح في ميدان المسلسلات الدرامية التلفزيونية أكثر منه في ميدان السينما حيث لم يسعفه الحظ كثيرا مثلما حصل له مع فيلم "مملكة النمل" للمخرج التونسي الراحل شوقي الماجري الذي لم يلق النجاح المطلوب في الوقت الذي كان فيه عياد شديد الثقة بموهبة شوقي الماجري.
لم تكن السينما أبدا تعنيه كتجارة، وكل ما هنالك إن نجيب عياد كان يحاول أن يتجنب الخسارة لكنه لم يكن يهتم بالأرباح. لذلك يمكن إضافة عنصر آخر من عناصر نجاحه كمنتج متميز في الميدان السينمائي ألا وهو ميدان الأفلام القصيرة والوثائقية مثل انتاجه لفيلم "سباط العيد" للمخرج التونسي أنيس الأسود وفيلم "الحي يروح" للمخرج التونسي محمد أمين بوخريص، الذي واتته فكرة الفيلم مباشرة بعد وفاة "لوكاس مبروك دوليغا"، وهو أول صحافي يلقى حتفه أثناء أدائه واجبه المهني في تونس خلال تظاهرات 14 يناير 2011 أمام وزارة الداخلية إبان الثورة التونسية. وهو من الأفلام الوثائقية المهمة.
لم يقتصر الراحل نجيب عياد على مجهوداته الواضحة في دعم وإعلاء السينما التونسية والإفريقية عبر اختطاط طرق جديدة للإنتاج فحسب، بل امتدت رؤاه في سنواته الأخيرة إلى آماد أوسع جعلته يفكر بشكل عميق في موضوع "الهوية العربية للسينما". صحيح إنه وكما يقول رفيقه حسن عليلش (في حوار حصري للغرض قام به زميلنا الناقد السينمائي أنور بن حسين في سوسة) لم يكن قوميا أبدا بل كان يساريا انساني النزعة ومناهضا للدكتاتورية، إلا انه كان يعتقد إن العرب قادرون على النهوض بالعمل المشترك في مجال الإنتاج الفني وتبادل الخبرات ورأس المال ولهم القدرة على الابتكار وخلق أرضية مشتركة. "وإذا ما كان من الصعب علينا كعرب أن نتحد بشكل كامل فلا أقله أن نتوحد سينمائيا في الأقل".
لذا فقد اختار نجيب عياد ضمن هذا المنطلق البدء بالميدان المغاربي، على أمل التوجه في خطوة لاحقة الى المجال العربي العام. وهكذا وطد العزم على إنشاء علاقات ود وعمل واسعة ومنتجة مع العديد من الشخصيات والجهات والمؤسسات في مختلف مدن وعواصم السينما العربية مثل القاهرة ودمشق ودبي وبيروت، إلا أن القدر لم يمهله الوقت لتنفيذ مطامحه، فهل سيحمل المشعل من بعده مَن يؤمن بما آمن به رجل السينما الكبير الراحل نجيب عياد في سبيل سينما تونسية عربية تنافس العالمية؟
فيما يلي فيلموغرافيا شبه كاملة لإنتاجات نجيب عياد السينمائية والتلفزيونية:
فلاش باك ج2 2017 - مسلسل (منتج منفذ)
فلاش باك ج1 2016 - مسلسل (منتج)
ناعورة الهواء ج2 2015 - مسلسل (منتج منفذ)
ناعورة الهواء ج1 2014 - مسلسل (منتج منفذ)
الحي يروّح 2013 - فيلم (منتج)
يوميات امرأة 2013 - مسلسل (منتج منفذ)
لأجل عيون كاترين 2012 - مسلسل (منتج منفذ)
مملكة النمل 2012 - فيلم (منتج)
السرير 2005 - فيلم (منتج)
الأوديسة 2003 - فيلم (منتج منفذ)
قمرة سيدي محروس 2003 - مسلسل (منتج منفذ)
الريحانة 2001 - مسلسل (منتج منفذ)
يا زهرة في خيالي 2000 - مسلسل (منتج منفذ)
---------------------------------------------------
* نص الشهادة المقدمة الى مهرجان الأقصر للسينما الافريقية في مصر 2021 بمناسبة تكريمه للراحل المنتج السينمائي التونسي نجيب عياد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه