الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زوجة … لا حدود لغيرتها … ! ( قصة قصيرة )

جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)

2021 / 2 / 16
الادب والفن


مضى عهد الجامعة كحلم عابر .. كان لكريم فيه صولات ، وجولات في داخل الجامعة ، وخارجها قبل ان يتعرف على زميلته سامية ، ويرتبطون بعلاقة عاطفية شبه مستقرة انتهت بزواج ناجح .. لولا غيرتها المفرطة ، وتصيّدها للفلتات والشوارد .. لم تأت غيرتها على زوجها الوسيم كريم من فراغ ، فتعدد علاقاته العاطفية قد نزعت عنه الثقة ، وولدت هاجساً من الشك ، وعدم الثقة لدى زوجته مما عكر على حياتهم استقرارها .. لم ينجو كريم نفسه من المنغصات ، ولم يحظى بأي نوع من السكينة في علاقته معها ! حتى ساءت الامور في اكثر من مناسبة … !
راودته فكرة الانفصال أكثر من مرة ، وبدءْ حياة جديدة مع أمرأة أخرى ، لكن حبه لها ، وخوفه من ان لا يكون البديل افضل .. منعه من ارتكاب مثل هذه الحماقة ، ربما الغيرة هذه التي تنغص عليهم حياتهم يحسده عليها الكثير من الازواج الذين يعانون من برود مشاعر زوجاتهم ، ولامبالاتهن .. لذلك قرر ان يُكمل مشوار حياته معها حتى النهاية .. آملاً في اصلاحها يوماً ما … !
يأتي كريم من عمله ، تنتظره سامية حتى يذهب الى قيلولته ، وتبدء في تفتيش ملابسه بدقة ، تشمها ان كان فيها عطر نسائي مثلاً ، وكأنها تبحث عن دليل لجريمة افتراضية موجودة في هاجسها المرضي فقط .. تتسلل خلسةً ، وتخطف موبايله ، وتفتش فيه ، وعندما وضع شيفرة عليه اعترضت ، واتهمته بأن لديه سراً يحاول اخفاءه ، او ربما شيئاً يخجل منه ، فأضطر المسكين ان يلغي التشفير مجاراةً لجنونها … !
استخدم معها كل الطرق ، ولم ينجح في واحدة منها ، وكانت هذه هي المحاولة الأخيرة :
يقول مهدداً : هل تدرين حبيبتي انني كنت عاقلا اكثر مما ينبغي ، وبحاجة الى لمسة من التهور والجنون .. ؟
ماذا تقصد .. ؟ يبدو عليها القلق ، والحيرة …
أشعر بأنني متهم في كل الاحوال ، فلماذا لا افعلها ، فانا في الحالتين مُدان ، خلاص .. مُدان بفعل .. افضل من مُدان بدون فعل ولا ذنب ، اليس كذلك ، سومتي ؟ يُكمل : شكك هذا يمكن ان اشبهه بأشجار تنبت في الارض دون بذور ، اي لا اصل لها .. تجيبه بنصف سخرية : تكلم بالعربي رجاءً ، وبدون فلسفة .. !
يرد : طيب ، شكك هذا يوقظ في داخلي كل مكامن الجنون التي كنت عليها قبل الزواج ، وربما يدفعني يوماً الى ممارسته .. لماذا في اعتقادك خُلق الجنون اذن ؟ اتدرين .. العقل لم يعد نافعاً في هذا الزمان ! أعتقد مفهوم وواضح !
تصمت .. وكأنها تستعيد كلامه الخطير هذا ، وتدوّره في ذهنها .. ينتظر دقيقة حتى تستقر كلماته في وعيها ، ثم يعاجلها : خذي وقتك حبيبتي .. فكري جيدا فيما قلت ، وأنا في الانتظار .. !
يأتي المساء .. يجلسون على التلفزيون بعد ان نام الاطفال .. في سهرة رومانسيه بريئة .. يشاهدون فيها فلماً عاطفياً ، وهي في كامل زينتها .. ترتدي فستان ضيق يكاد ينطق بتفاصيل جسدها .. رائحة عطرها كهبة نسيم منعشة ، تبدو مثل زهرة متألقة .. تجلس اقرب ما تكون اليه .. يسيل لعابه .. يقرب وجهه نحوها ، تبعده برقة .. يتبادلان ضحكات هادئة ، ويدور حوارهم في همس حتى لا يوقظا الاطفال ، والحب يرفرف حولهم ، ومداعبات من طرفه لترطيب الاجواء .. تُقبله على خده ، وتتملص من مداعباته بغنج .. لاحظ انها منذ بداية السهرة ، وهي تبدو مشغولة الفكر ، وتنظر له نظرات غريبة يفهمها جيداً .. لقد أعتاد على قراءة ملامحها ، وحتى افكارها .. حاول مداعبتها لامتصاص توترها ليصفو الجو وتمر السهرة بسلام .. ! فجأةً ينفرج فمها عن ابتسامة غامضة ، ثم تبادره ، ونبرة السخرية واضحة في صوتها :
حبيبي كرومي .. من هو عباس ؟
بُوغت بالسؤال فعلاً ..
أي عباس هذا .. ؟ يكمل : حبيبتي ، لماذا تفسدين علينا بهجة اللحظة وجمالها .. ؟
ترد : لا تجاوب على سؤال بسؤال .. تريد كسب الوقت حظرتك حتى تهيئ عذر من اعذارك الجاهزة تضحك به على الغبيه سامية .. يهمهم بينه وبين نفسه : الحمد لله.. اخيرا عرفتْ هذه الحقيقة .. !
بماذا تبرطم .. ؟
يجيبها وهو يزفر زفرة طويلة ساخنة .. في اشارة لنفاذ صبره : احسني اختيار الفاظك رجاءً .. !
أمسك الاثنان عن الكلام .. توتر الجو ، وتجمعت السحب .. يعقبها صمت بارد .. يقول في نفسه مداريا ضيقه : يبدو ان كلامي كان مجرد صرخة في البرية ! وإن تغييرها بات امنية مستحيلة !
تعود وهي مازالت في نفس تحفزها :
من هو عباس ؟ مصرة ، وكأن السؤال مشدود على لسانها … !
بعدين .. ؟! اي عباس هذا ؟ يضع يده على جبهتها يسألها : أنتِ محمومة .. ؟ ترفع يده بعصبية : بعيد الشر عني ، انشاء الله اللي يكرهني ، يجيبها بلامبالاة : لا احد يكرهك ، كلنا نحبك خاصة الاحمق الماثل امامك .. تلاسنه : وهل تحتاج ان تكون احمق حتى تحبني .. محاولاً اغاضتها : جائز .. تتجاهل جوابه الجارح ، وتعود :
من هو عباس .. ؟ وهي تحرك اصابعها بتوتر ، وتضرب بقدمها على الأرض بحركات متتابعة .. !
يبدء في التضايق فعلاً من طريقتها في توجيه السؤال :
انتِ راكبك اليوم جني اسمه عباس .. من اين جئتِ بهذا الاسم .. ( لحظة صمت ) ثم ، أخاف تفتشين في موبايلي ، حظرتك ؟ تجيب : مو مهم .. يجيبها محاولاً الدفاع عن نفسه ، وقد بدء صوته في الاحتقان : كيف مو مهم .. هل تقبلين ان افتش في موبايلك .. ؟ تُقدم له موبايلها بعصبية ، وبمنتهى الثقة :
تفضل .. أخذ راحتك ، فتش على كيفك .. !
يرد : انا لا اتدخل في خصوصيات احد .. تجيبه : وهل انا احد ؟ اقصد حضرتك او اي شخص آخر ، ثم غامزاً : فهذه ليست اخلاقي .. ! ماذا تقصد ؟ هذه إساءة لن انساها … ! يرد : انتِ من اجبرتيني على قول ذلك .. لا تزال مصرة على موقفها :
خليك صريح ، وجاوب .. من هو عباس .. ؟!
تراقب الكلمات التي تسقط من فمه ، وتتأمله مستمتعة بمظاهر الحيرة التي تبدو على وجهه .. تيقن بانه كان يحاور الهواء .. ينفذ صبره ، اقول لك يا ستي ما دمتي مصرة .. بصوت ساخر :
عباس هذا الذي في ذهنك .. موظف معي .. ابيضاني ، طويل القامة ، ثم غامزاً في اشارة ضمنية اليها : مو مثل بعض الناس قصار القامة .. يواصل : أزرق العينين ، شعره اشقر … !
تقاطعه بضحكة جافة :
جوابك العائم المخادع هذا ما يمشي معي .. تتصور أنا غبية حتى يعبر علي هذا الملعوب القديم .. اسم صاحبتك ، وتموه عليه باسم عباس .. انا حبيبي ما تعبر علي هذه الألاعيب .. قديمة شوف غيرها .. بعدين تعال اقول لك انا قصيرة القامة .. ها .. ؟ تعال نقيس منو يطلع قصير القامة أنا ام انت ؟!
يتجاهل طلبها وهو يردد :
لعن الله الشك الذي يفرق بين القلوب المتحابة .. تجيبه وهي تنظر اليه بلهفة ، وحب : لا عيني اطمئن انا احبك يا ملعون ، يشعر بدفء المودة ، وهي تتسرب اليه .. يرد في نعومة متودداً ، ومتملقاً كعادته : وانا احبك يا حلوة ، أموت فيكِ .. ! يتبدد الصمت ، ويعاود المكان يقظته ، ويتفشى الدفء ، والهدوء من جديد … !
من المؤكد انه بات يعرف من واقع خبرته معها ان ليس هناك من حل لهذه المشكلة المستعصية الا .. بحبة او ملعقة شراب قبل النوم .. يحملها ، ويحتويها بين ذراعيه القويتين ، وهو يرتجف من وطأة الرغبة ، يشم رائحة الوهج المنبعث من جسدها الدافئ .. تتظاهر بغضب مصطنع ، ومقاومة باردة لا معنى لها ، ثم يهدء جسدها تدريجياً ، ويستكين .. تستسلم له مثل طفلة .. يتفجر جسدها بشوق عارم ، ويُشرق وجهها بابتسامة رضا خفية ، ثم .. يتلاقيان في قبلة طويلة ، وهم في طريقهم الى الفراش .. !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا