الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكائن الأيديولوجي -2-

سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)

2021 / 2 / 18
الادب والفن


ملحق بالكائن الايديولوجي

حياة ثقيلة في عين جيلين متباعدين

هذه قراءة لناقد شاب من جيل ثورة تشرين 2019
للمقارنة مع قراءة الرفيق جاسم الحلوائي عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي سابقا لنفس العمل التي نشرتها في مقال قبل أيام في الحوار المتمدن

مقال الناقد الشاب -أحمد معن الزيادي- في صحيفة الحقيقية عن رواية -حياة ثقيلة 17-2-2016

قراءة في رواية –حياة ثقيلة- للروائي سلام إبراهيم "
أحمد معن الزيادي
" الكتابة أمرٌ سهل..كل ما عليك هو الحملقة في ورقة خالية حتى تتشكل قطرات من الدماء على جبهتك " لعل ما قاله "جين فولر" هو التعبير الأمثل عن رواية –حياة ثقيلة – للروائي سلام إبراهيم والتي صدرت عن دار الأدهم- القاهرة مطلع العام 2015 حيث يروي الكاتب طرفاً من المآسي التي عاشها في وطنه زمن الدكتاتور حيث الاعتقال والهرب والتشرد في سبيل الفكرة التي ما زال يؤمن بها حتى بعد زوال الدكتاتور –العقبة الوحيدة أمام تحقق الحلم المنشود- لكن ذلك لم يكن حقيقياً فاليوم قد مضى أربعة عشر عاماً على الاحتلال سقوط النظام وما زال حال العراق يرثى له ورغم هذا وذاك فأن الكاتب ما زال يؤمن بحتمية زوال الرأسمالية وان العالم يصبح مدينة واحدة يسودها العدل والقانون بزوال الطبقات و الاستغلال والعنصرية حيث الإنسانية تعيش مطمئنة على المستقبل. وكما يقول الكاتب مكسيم غوركي " إننا ثوريون وسنبقى ثوريين ما دام هناك أشخاص لا يفعلون شيئاً سوى إصدار الأوامر وآخرون لا يفعلون شيئاً سوى التنفيذ " يكون الكاتب في هذا العمل راوياً مشاركاً يقوم بسرد الأحداث بصيغة ضمير المتكلم (أنا). وينتقل بسلاسة بين الأزمنة والأمكنة في تداعيات مفتوحة، العراق بودقة للأحداث التي تمر بها شخصيات روايته. ويقوم الكاتب بالتمرد على فيزيقيا النص من خلال استخدامه زمانين في نفس الصفحة أحيانا فهو يتنقل في الكثير من المشاهد بين سبعينات القرن الماضي –قبل سقوط الطاغية- و سنة 2010 أي ما بعد زوال الدكتاتور وكأنه يريد المقارنة وربط الأحداث بين الماضي والحاضر بلغة سلسلة متدفقة كينبوع جارِ يفهمها أواسط المثقفين مختاراً في ذلك تبسيط صيغة السرد ليصل العمل الفني إلى أكبر عدد ممكن من القراء. من خلال بنية المكان وتقنية التداعيات المفتوحة والمرتبطة بثيمة العمل غمر الكاتب قارئه بذكرياته وبفيض صوري أثار مخيلة القارئ وجعلها تعيش التجربة بعنفها والراوي يجلس بسيارة أجرة متجهة نحو بغداد في قسمين من أقسام الرواية الثلاث فأنتج لنا نصاً يتماهى فيه الزمان والمكان أحيانا ويتداخلان في أخرى. فالمكان عنصراً مهماً في تحديد البيئة وإبراز خصوصيتها التي تمنح العمل الأدبي بعداً إيحائيا يتمظهر في تفكيك دلالة العلامات الظاهرة في محتوى النص , والكاتب هنا يُحيل متلقيه إلى الوقوف على حجم الفجائع المرتبطة بالواقع المكاني من حيث كونه حاضنة جغرافية متناغمة في سيرورتها مع أحداث أليمة تولّد تدافع صوري في ذهن القارئ. لاحظت أن الكاتب في جزء كبير من الرواية يفلسف في وصف الحالات والأشياء فهو يطرح مفاهيم جديدة كاستحداث من مخيلته دعماً للواقع التراجيدي للرواية, مثلاً: )يقال أن المحتضر يرى قبيل رحيله في اللحظات الأخيرة شلالاً من الضوء الذي تعشى له العيون,هذا ما أفضى به من توقف عن الحياة للحظات , وعاد بتدخل طبي) ص5 فهو يضفي مفهوماً غريباً لا يمكن إثباته علمياً كما لا يمكن نفيه و يبرر ذلك برؤية هذا الشلال من الضوء عندما كان على مشارفِ موتٍ سيكولوجي. إن استذكار أحداث قديمة مع أصدقاء و أقرباء يثير الطابع المأساوي ويجعله غالباً على أجواء الرواية لأن جميع الذكريات هي "ذكريات موتى" فإن كانت حزينة سنأسى لأنها أحزنتنا يوماً و إن كانت سعيدة سنبكي لأنها رحلت من دون عودة !!
إن من الجوانب السياسية التي كثيراً ما يشير إليها الكاتب هو الفكر الماركسي الذي أرهقه طوال حياته . إن من مميزات السرد في رواية -حياة ثقيلة- هو التلقائية والبساطة وجعل الأحداث تأخذ مجراها الطبيعي لتتفاجئ بدهشة عارمة غير متناسبة من حيث حجمها مع تلقائية الحدث.كما في ص176 حين كان يتحدث عن صديقه – ميثم جواد- الذي كان معه في نفس الزنزانة سنة 1980 ويشير إلى أنه لم يلتقِ به بعد خروجه من السجن فيقول: (لم أجد ميثم ولم يقع بصري عليه إلا عام 2010 أي بعد ثلاثين عاماً حينما دُعيت إلى كربلاء لإقامة ندوة أدبية فرأيته مبتسماً بنفس ملامح شكله تلك الليلة الليلاء يطلُ بنظرة ثابتة من صورته الفوتوغرافية المعلقة على حائط غرفة وسط صور حشد من شهداء شيوعي كربلاء بمقر الحزب الشيوعي) والليلة الليلاء هي تلك التي يقول عنها بأنها من أجمل الليالي حيث قضاها مع حسين (الشخصية المحورية في القسم الثالث من الرواية وهو من أعز اصدقائه) ومع ميثم جواد (الشخصية التي فارقها قبل ثلاثين عاماً ليراه ينظر إليه من داخل صورة فوتوغرافية معلقة على الجدار) وهذا الطريقة السردية في الرواية من الدعامات التي تعمل على تطوير السرد في الرواية العربية و إخراجها من المنظومة الكلاسيكية. إبداع الراوي لم يقف عند حد السرد فقط بل أنه يقوم بوصف الشخصيات وصفاً حاذقاً يصل فيه إلى أدق التفاصيل و كأنه يرسمها من خلال اللغة فلا يدع فيها شيئاً مبهماً يُفقد العمل الأدبي بعضاً من سمات اكتماله. بهذا يمكن تمثيل الرواية بجوانب ثلاثة هي
1- الجانب السياسي: تمثل بتأثره المبكر بالفكر الماركسي و انتمائه للحزب الشيوعي ونضاله الفكري والمسلح
2- الجانب الاجتماعي: تمثل بالعلاقات التي أقامها الكاتب مع أصدقائه وذكرياته معهم وتراجيدية مصائرهم.
3- الجانب الفني: تمثل بالسرد واستخدامه بحرفية عالية تنم عن تجربة معرفية كبيرة تحمل في طياتها إبداعا لا متناهي و الوصف العميق لأدق الأحداث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قليلا من الهواء النقي ربما يفيد
عبدالله عطية شناوة ( 2021 / 2 / 18 - 11:18 )
يبدو أن هذا المسلسل لن ينتهي. كلما كتب أحد رأيا أيجابيا في أحد إعمالك، سارعت إلى إعادة نشره والتذكير برأي مغاير ،لم يكتب وأنما قيل لك في حديث شخصي عابر، رأي فيه محدثك فيما كتبت ((أناء عسل سكب عليه ملعقة نفط))، ومحدثك ـ جاسم الحلوائي ـ ليس متخصصا بالأدب، بل هو سياسي متقاعد، وللسياسيين رؤيتهم التي ربما تختلف عن رؤية نقاد الأدب، ومن حق الواحد منهم أن يعبر عن وجهة نظره فيما يقرأ، وقد عبر الحلوائي عن وجهة نظره شفويا بعد أن طلبت منه أنت ذلك. فهل أرتكب جريمة، بحيث تظل كما يقول اللبنانيون (( كل ما دق الكوز بالجرة )) تنشر الأراء التي تثني عليك وتنادي: أنظروا هذه مكانتي، التي خدش الحلوائي رونقها.
الحلوائي إستاء من ما ورد في روايتك من نعوت بالخيانة لكل المجموعة القيادية لحزبه في مدينتك. وسألك عن أحدى عضواتها التي أعدمت على يد نظام صدام حسين مستفهما كيف يوصف بالخيانة من أستشهد، وحتى من لم يستشهد وضعف أمام هول التعذيب الذي تعرض له؟
مثل هذه الملاحظة بغض النظر من وجاهتها أو عدمه لا تستدعي إعادة غناء موال الأسى منها على مدى سنوات.
أنت كاتب مبدع يا صديقي، لكن إلحاحك على مدى سنين حول هذا الموضوع، يؤش


2 - مواويل الأسى
عبدالله عطية شناوة ( 2021 / 2 / 18 - 19:10 )
ملاحظة الحلوائي بغض النظر من وجاهتها أو عدمه لا تستدعي إعادة غناء موال الأسى منها على مدى سنوات.
أنت كاتب مبدع يا صديقي، لكن إلحاحك على مدى سنين حول هذا الموضوع، يؤشر الى حالة نفسية مرضية، تتجاوز النرجسية المعهودة لدى عديد من المبدعين، الى حالة نترك أمر تحليلها للمختصين النفسيين.
أدعوك الى أستنشاق قليل من الهواء النقي والأسترخاء. ربما سيوسع هذا من رحابة صدرك ويجعلك قابلا للتعامل الأيجابي مع كل الآراء فيما تكتب، ويبعدك عن الشعور بالإهانة من أي رأي لا يشيد بـما تكتب. وهذا سيساعدك حتما على مزيد من التفرغ للكتابة وستكون أنت الرابح من هذا في كل حال.


3 - الروائي سلام ابراهيم ، تحياتي
محمد هادي صالح ( 2021 / 2 / 20 - 19:27 )
الروائي سلام ابراهيم ، تحياتي ، من الضروري ان نسمع وجهة نظر الرفيق ابو شروق بما كتبت ، لانك تجنيت على قيادة الحزب ، بدءا من المقدمة -وقادة الحزب الشيوعي العراقي الذين عرفتهم عن قرب وبتفاصيل الحياة يتميزون بهذه الصفة، اللين الظاهري والعماء الداخلي- تعميمك فيه تشويه واساءة للحزب وقيادته ، لان الشعب العراقي عرف قادة الحزب الشيوعي العراقي من اخلص واشد المناضلين في الدفاع عن مصالح شعبهم ، واكثر من ثلاث اجيال من القيادة تمت تصفيتهم ببشاعة وبصمود بطولي ظلوا حتى الرمق الاخير مدافعين عن قضية شعبهم واستقلال وطنهم وجلهم من الكتاب والادباء والعلماء والمثقفين كل هذا المكون تعتبره خواء ، أتعجبك كروائي يتمتمع بخيال خصب في فن الرواية ، ان يعمم ، واعتقد ان التعميم عند الروائي او الكاتب ، شكل من العماء الداخلي الشديد ، لانه يلغي خصوبة الخيال والتصور للقاريء يقيده ويلغي توقعاته للحدث ... هذا من جانب
يتبع


4 - بقية ...الروائي سلام ابراهيم ، تحياتي
محمد هادي صالح ( 2021 / 2 / 20 - 19:34 )
من الجانب الاخر الاستاذ ابو شروق ، كاتب لامع ومؤرخ وناقد متميز لبعض الاعمال الفنية ،لايمكن ان تختزله بنص مشوه -فأختض وراح يرتجف بعنف وأحمرت عيناه وهو يقول لاهثا
- ما يصير رفيق ما يصير
قضيت عمري بالحزب، هسه عبرت الثمانين وتالي أجد روايه راح تبقى مع الأجيال تصورنه عملاء- انه اختزال مخزي لكاتب ومناضل شيوعي موضع افتخار الحزب ورفاقه، عرف الرفيق برصانته وتحليله الموضوعي مستندا بالوثائق لكل كلمة ينطقها

اخر الافلام

.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني عن عمر يناهز 81 عامًا


.. المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الفنان الكبير صلاح السعدني




.. الفنان هاني شاكر في لقاء سابق لا يعجبني الكلام الهابط في الم


.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي




.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع