الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غير المفكر فيه

حسن مدن

2021 / 2 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إلى سببين يمكن أن نعزو ما الذي يجعل كثيراً من الأمور غير مفكر فيها، أي أنها لم تخضع للدراسة والبحث والتحليل من أجل فهم جوهرها وتمهيد الطريق لتوظيف النتائج المستخلصة من ذلك في إنارتنا نحو الأفضل.
السبب الأول يعود إلى نقص المعرفة، فالبشرية غالباً لا تضع أمام نفسها إلا تلك المهام التي نضجت ظروفها، والمعرفة نهر ممتد لها منبع ولكن ليس لها مصب نهائي كذاك الذي للأنهار الموجودة في الطبيعة، فنهر المعرفة مستمر في الجريان نحو المطلق، نحو اللانهائي، وهو في هذا الجريان يتغذى بالجديد والتجارب والخبرات، وليس من شأن عقول جيل من أجيال البشرية أن تحيط بالمعرفة، الكلية، المطلقة، لكن كل جيل يقدم إسهامه في إثرائها بما لم يكن فيها قبله.
حتى أكثر أدمغة البشرية عبقرية ليس بوسعها أن تفعل أكثر من مقاربة الأمور التي نضجت ظروف فهمها ومعالجتها، مع أنه من الصحيح أيضاً أن قدرات أدمغة هؤلاء العباقرة تتفاوت بين عقل وآخر، ومن بينها تلك العقول التي ترى أبعد وأشمل، وتستطيع أن تستشرف جوانب من المستقبل، بما في ذلك المستقبل البعيد، لكن ليس بوسعها أن تحيط بكل هذه الجوانب.
لكن بين غير المفكر فيه قسم من الأمور التي لا يعود عدم إمعان الفكر فيها إلى نقص معرفة البشر وإدراكهم عن فهمها والإحاطة بها، وإنما إلى عامل آخر من صنع البشر أنفسهم، حين يقرر النافذون منهم وضع جملة من المسائل في خانة ما لا يجب التفكير فيه، أي حظر الاقتراب من معالجته ودراسته وتشخيصه، ومن هنا نشأت لدى الأقوام المختلفة، عبر الحقب الزمنية المختلفة أيضاً، ما بات يطلق عليه «التابوهات".
وكلما كثرت هذه "التابوهات" في المجتمع كلما تعثر تقدمه وولوجه دروب الحداثة والنهضة والتقدم، وأعيقت فيه حرية العقل وعطلت فيه الكثير من قدرات الأفراد التي تزداد حيوية وانطلاقاً كلما اتسعت مساحات الحرية والإبداع، فيغتني رافد المعرفة الجاري في المجتمع المعني والمؤدي إلى نهر المعرفة البشرية الكبير الذاهب، وبدون توقف، كما أسلفنا نحو المطلق واللا نهائي.
"التابوهات" التي صنعها البشر ليقيدوا أنفسهم فيها، أو بها هي ما يجعل المجتمعات تراوح في المكان نفسه، تلوك الكلام نفسه، وتجتر "المُسَلمات" نفسها، لذلك فإنها لا تبارح دائرة التخلف، لأن من طبيعة المعرفة، حتى تكون جديرة بأن يطلق عليها هذا المسمى، إخضاع ما نحسبه "مسلمات"، ونقصد هنا المسلمات الفكرية بدرجة أساسية، للمساءلة والتدقيق بين مرحلة وأخرى، كي نرى ما إذا كانت ما زالت مسلمات بالفعل أم أن المعرفة تخطتها، وربما لنكتشف أيضاً أنها منذ البدء لم تكن "مسلمات" بالمفهوم العلمي، وإنما نحن من أضفى هذه الصفة عليها، وحلنا دون أن يقترب منها أحد ليخضعها للمساءلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما لا يجب التفكير فيها هي المسلمات الدينية
سمير آل طوق البحراني ( 2021 / 2 / 20 - 05:44 )
اخي الكريم بعد التحية . المسلمات العلمية المادية قابلة للتفكير وهي على هذا الاساس تفدمت في كل فروعها. اما المسلمات الدينية هي التي لا يجب التفكير فيها وان كانت غير منطقية لان المؤمنين بها يعتبرونها مقدسات واوامر الاهية وان كانت موضع خلاف بين المؤمنين انفسهم. ابي انتقل الى جوار ربه قبل 53 سنة والى الآن وبين الفينة والاخرى يقوم اخي بمجالس عزأء لاهداء ثوابها الى روح والده استنادا على الحديث المروي عن الرسول وهو: اذا مات الانسان انقطع عمله الا من ثلاث. صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له لان هذا الحديث يعتبر من المسلمات ولكن ما مصداقية هذا الحديث ان صح فهل ناخذه على ضاهره لانه من المسلمات؟؟.يقول الامام علي (ع) اليوم عمل ولا حسب وغدا حساب ولا عمل وهذا يعني ان الحديث السابق ليس من المسلمات على الفهم المتدوال والمعمول بموجبه. اولا الصدقة الجارية لا بد انها كانت في حياة المرء وليس بعد وفاته والعلم الذي ينتفع به كان قد اوجده في حياته ليفيد به البشريةا وليس طبع كتب ادعية ووضعها في المساجد اما دعاء الولد الصالح ليس عملا لان العمل هو كل ما ياتي بنتآئج ملموسة وليس طلب الاستغفار.


2 - ما لا يجب التفكير فيها هي المسلمات الدينية 1
سمير آل طوق البحراني ( 2021 / 2 / 20 - 05:44 )
اخي الكريم هناك الكثير من التابوهات الممنوع التفيكر فيها ولا سيما اذا كانت سببا للارتزاق وتدجين العقول و للقبول بالخنوع للناطقين باسم السماء وهذا ما جعل المسلمين في ذيل الامم. والادهى والامر هو ان القرآن نفسه غير متفق على تفسيره والشاطر هو من يعرف لي المعاني للشهرة او لاغراض نفعية او خدمة لارباب السياسة. اخي الكريم ان غض الطرف عن كل ما يقال انه مقدس وان خالف العقل والمنطق هو من فرق المسلمين وجعلهم في ذيل الامم. شكرا لك على هذه الاضآءة.

اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل