الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقل عند المعري2/ 2

داود السلمان

2021 / 2 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


العقل عند المعري اداة قوية نضرب بها واقعنا لنفصل به ما بين الخير والشر، ما بين الواقعية والمثالية، ما بين العقل والجهل. العقل هو الطريق اللاحب والشر طريق التيه والضلال، وبحسب المعري إن اللادينيين هُم من يتبع العقل، واما الدينيون فهم رموا العقل وراء ظهورهم وآمنو بما قال الدين وما وضع من منهج وطريق رُسم لهم بريشة لا يمكن أن يشك في ابداعها من الدينيين. الدينيون ليس لهم الحق في أن ينتقدوا المنهج الذي وضع لهم او الشك ولو طرفة عين بمصداقيته، لأن النقد والانتقاد هو من شأن العقل ومن اولوياته، لذلك طفق العقلانيون ينتقدون منهج خصومهم من خلال منطق العقل فوجدوه، بحسب رأيهم منطق سليم، منطق يتفق والعقل.
آمن المعري بالعقل مُهتدي لا شريك له في عالم الواقعية، وابتعد عن شبح الغيبيات والماورائيات وبالحدس وسوى ذلك من القضايا التي لا يمكن لنا اثباتها عقلا ولا واقعًا، وراح يتبع القضايا الفكرية والانسانية والواقعية برؤية عقلية خالصة، نظرة حيادية بمنظار العقل، ليحل بذلك جُل القضايا التي عجز سواه عن حلها حلاً واقعيًا يرتضاه الجميع، نظرة بمنظار العقل ذلك لما يمتاز به العقل من قوة باصرة تجد الاشياء شاخصة امامه من دون لف حدسي، ولا دوران تجاه الماورائيات الغامضة التي تعطي النتائج مسبقًا، بدون حساب ولا نتائج يقرها العقل ويرتضاها المنطق، حتى اتُهم المعري بالدهرية وهي صفة اتصف بها كل من آمن بالعقل واتخذه ميزان يزن به الامور المعقدة، سواء كانت تلك القضايا دينية ام فكرية فلسفية، وتهمة الدهرية تعني الابتعاد عن الفكر الديني والميل الى المنطق واستشارة العقل. وبقياس الدينيين هي تعني التزندق فقالوا أن المعري كان يتزندق، بل وجعلوه من كبار الزنادقة، لأنه خالفهم بما يقولون وما يرون من حل للمشاكل التي كانت سائدة في عصره، وخصوصًا القضايا الواقعية والتي فسروها بحسب اهوائهم وما يمتلكون من ارث قديم هو بعيد كل البُعد عن منظومة العقل والوعي الذهني.
العقل عند المعري هو النور الذي يُسلط على الدياجي ويبددها، فتنقشع تلك الدياجي مهزومة مكشوفة عورتها ظاهر زيفها لجميع الملأ، هذا النور هو نور العقل نفسه، فالذي لا يتبع هذا النور سيبقى الظلام حليفه، ليسير معه خطوة بخطة، فلا يرى المطبات والحفر التي تعتري طريقه، وتقف في دربه، ويكون نظره غير ذي بُعد بل يتمتع بنظرة قاصرة، نظرة سطحية ليس فيها عمق. فالدينيون بنظر المعري هُم من لا يستنير بنور العقل حيث جعلوا العقل مقياس ليس ذو اهمية، وقالوا إنه قاصر في مواجهة القضايا الكبيرة التي تخص الوجود، واعتبروا انفسهم هُم من يمتلك معرفة تلك القضايا وحدهم، وهم من يمتلك الحق في التفسير، والسبب إن ثقافتهم ومعرفتهم دُقت اُسسها على بنُى ثابتة، بنُى لا تخضع في نفس الوقت الى منطق العقل، وبالتالي لا يمكن لهم انتقاد او شك في اطر تلك البنى، والشك فيها او نقدها يعتبر من زيغ الكلام، والتوجس من الحقيقة التي بمنطقهم هي حقيقة ساطعة لا يتسرب اليها الشك من بعيد ولا من قريب.
هكذا كانت نظرة المعري للعقل، إنها نظرة بُعد تعبر جميع الآفاق لتدرك قطرات ندى المعرفة القابعة وراء سحاب الجهل والتعلق بحبال الغيبيات والماورائيات التي لا تستند الى العقل بقدر استنادها الى افكار مستوردة من خارج اسوار المعرفة الحسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي