الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة لرواية مستر نورگة للكاتب نوزت شمدين

غادة عريم

2021 / 2 / 21
الادب والفن


مستر نورگة
للكاتب نوزت شمدين
((المجتمع أشبه بسفينة في عرض البحر, وواجب على كل من فيها أن يكون مستعداً لتولي الدفة وقيادتها)) إنها مقولة لهنريك إبسن الكاتب المسرحي والأديب الشهير في مملكة النرويج من مسرحية عدو الشعب, والذي يُعد رمز من الرموز الوطنية في النرويج . هذا القول الذي أستخدمه الكاتب نوزت شمدين في روايته الجديدة مستر نورگة والتي تعني النرويج باللغة النرويجية, ولكن الكاتب لم يستخدم المقولة عبثاً بل طبقها بكل حرفية ومسؤولية عالية في معاني الرسائل التي تضمنتها فصول الرواية. فالكاتب الذي ينشر رواية في هذا الزمن أشبهه بقائد سفينة في بحر الحياة المليء بالكتب المطبوعة في زمننا هذا لكن أن يكون الكاتب قائد مستعد لتولي القيادة وتوصيل الفكرة فهذا نادر الحصول لأنه يتطلب الايمان بالفكرة وتجسيدها بطريقة أدبية غير مملة وقد أجاد الكاتب ذلك. إنه الكتاب الثاني الذي أقرأه للكاتب و الذي أود أن لا ينتهي لأنني استمتع بالفكرة والنص الادبي.
المقارنة الصعبة ما بين مملكة النرويج و العراق والتي تكاد تكون مستحيلة تجسدت بشعور نافع إنه ينتمي الى الكاتب إبسن و بأنه جده الحقيقي و بين وجوده على ارض العراق. لم يعد لنافع في العراق من عالم الاحياء سوى أخته, انطباع بأن الروح تسكن مكان و الجسد في مكان آخر, الامر الذي اجاده الكاتب بأسلوب عميق الافكار متين البناء و الذي يشد القارئ.. وأنا اقترب من النهاية شممت رائحة الموت تقترب من نافع في يومه مغبر الحظ, انها النهاية الحتمية لكل من يحاول ان يصل الى الحقيقة في بلاد سيطر عليها الظلم.
الجهد الذي بذله الكاتب لتنسيق الفترات الزمنية والحقب التي مر بها المستر نورگة تسير في كلا البلدين بتناغم واقعي, جهد يستحق عليه الثناء و رفع القبعة لذلك. منذ لقاء نافع بالرحالة ثور هايردال الى دخول المنظمات الارهابية الى البلد مرورا بالحروب و تعاقب رؤساء الوزراء في النرويج , انما يدل على ثقافة الكاتب العالية بمحيطه و محاولة ايصال الواقع بأمانة أدبية.
ملخص الفكرة ان نافع الفتى الذي لم يستمتع بطفولته والذي تلقى انواع الظلم والقهر من والده, يلجأ الى عالم آخر متصوراً ان جده الاديب النرويجي هنريك ابسن. طريقة الهروب تلك فكرة ذكية من الكاتب فاللجوء ليس فقط بتغير موقع الجسد الى بلد آخر. انها رحلة الروح الى ملجأ تقتنع بانه مكانها واستقرارها. تشخيص حالة الشيزوفرنية التي أصابت نافع هي ما تصيب كل المهاجرين لكن تشخيصها يصعب الا على من يتأمل الروح و يتعمق بتفاصيلها.
حصل نافع على تعاطف الجيران وابناء الحي الذي يقطن به بسبب ما تعرض له من قبل ابيه من ضرب واهانات. وينقلب كل هذا التعاطف الى عداء و قسوة ما ان يعلموا قدراته الفائقة بالحفظ و الذاكرة القوية و كأنه ملفات حفظ متنقلة. تلك الامور التي تحدث يوميا بحياتنا التفاتة قيمة ما بين سطور الكاتب والتي تصيب المثقفين و غيرهم على حد سواء. انها طبيعة البشر بنسبة الانانية التي تطغى عليهم. وما ان يبدأ المستر نورگة بتقليد اصوات الموتى وكلماتهم ومواساة الاسر الثكلى يعودون لمحبته و الدعوات له , تحليل النفس البشرية بتلك الطريقة الذكية اعجبتني.
يقول الكاتب : واحدة من اسباب نقمة ابسن على مجتمعه انه لم يلق المساعدة التي يرجوها منه وهو في بلده فغادرها محطما وعندما نجح و ذاع صيته, لقى الحفاوة كلها في بلده حين عاد اليها سنة 1891. وحارب الامراض المجتمعية في ذلك العصر و التي تعود و تجد مكانها في بلاد الرافدين لتتراكم فوق بعضها ونتخلف شيئا فشيئا عن العالم. ( اقتباس من الرواية). فكرة المقارنة الصعبة للبلدين بسهولة شرحها في تلك الاسطر البسيطة.
قيادة الدفة في الرواية للوصول الى الهدف مهارة يتمتع بها الكاتب نوزت شمدين .القيادة كفاءة وخبرة, لقد وصل نافع لهدفه ووصل الكاتب قبله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا