الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثدي المقطوع: فارس اللامعقول يترجل..

حكمت الحاج

2021 / 2 / 21
الادب والفن


رحل عن دنيانا الكاتب والقاص المصري محمد حافظ رجب، يوم السبت الموافق للثالث عشر من شهر فبراير الجاري، عن عمر ناهز ستاً وثمانين عاماً، بعد صراع طويل مع المرض. وقد عاش حياة مأساوية منذ ميلاده عام 1935، حيث عمل بائعاً متجولاً بجوار سينما ستراند في الإسكندرية، وعاملاً في مصنع للحلويات.
أقام حافظ رجب بالقاهرة لفترة قصيرة، وعمل في المجلس الأعلى للفنون والآداب، ثم عاد إلى الإسكندرية عام 1962، وأصدر مجموعاته القصصية «غرباء» عام 1968، ثم تتالت مجاميعه «الكرة ورأس الرجل، ومخلوقات براد الشاي المغلي، واشتعال رأس الميت، وطارق ليل الظلمات، ورقصات مرحة لبغال البلدية، ومقاطع من جولة ميم المملة».
وشارك رجب في صباه في تأسيس الرابطة الثقافية للأدباء الناشئين، وقد عرفته أرصفة الإسكندرية بائعاً للفول والسجائر وأوراق اليانصيب، وهو صبي صغير، ولم يحصل إلا على الشهادة الابتدائية، ونشرت قصصه الأولى في جريدة «المساء» التي كان يشرف على ملحقها الأدبي الكاتب عبد الفتاح الجمل، ثم أسس هو وآخرون رابطة لكتّاب الطليعة في الإسكندرية عام 1956، حيث كتب الراحل لطفي الخولي أن مستقبل القصة ينبع من هذه الرابطة.
وكان محمد حافظ رجب قد أطلق صيحته الشهيرة: «نحن جيل بلا أساتذة» التي أشعلت معركة أدبية في الستينات، تصدى لها يحيى حقي، وظل حافظ رجب يكتب القصة القصيرة منتمياً إلى أدب اللامعقول، الذي يعتبر أحد رواده، وبعد أن تعرض لتجربة قاسية في القاهرة، عاد إلى مسقط رأسه في الإسكندرية، وانقطع عن الكتابة فترة من الوقت، واختفى تماماً من الحياة الثقافية.
في مطلع عام 1969، نشرت مجلة "غاليري 68" المصرية عددا خاصا بالقصة القصيرة، ذلك العدد الذي ألهب خيالي عند اطلاعي عليه في بغداد لاحقا، وفتح أمامي مغاليق التعامل مع اللغة، وقوى من عزيمتي الشعرية أنا الشاعر الناشئ آنذاك. وظلت أسماء محمد حافظ رجب ومحمد إبراهيم مبروك وإبراهيم أصلان وبهاء طاهر ومحمد البساطي ويحيى الطاهر عبد الله وغيرهم من فرسان الستينات راسخة في خيالي الأدبي وشكلت مصدرا مهما لي في مضمار كسر المألوف في الأنماط الكتابية السائدة آنذاك والتوجه نحو قصيدة النثر كخيار نهائي غير قابل للطعن، وفي التعرف مبكرا على تيار الكتابة في العبث أو اللامعقول والذي توضح فيما بعد عندما بدأت أرتاد عالم المسرح تأليفا وإعدادا ونشرت عدة مسرحيات في هذا السياق.
في ذلك العدد المذكور من غاليري 68، نشرت لمحمد حافظ رجب قصة بعنوان "الأب حانوت"، ومما لا شك فيه أن هذه القصة تعد أبرز ما كتبه رجب في ذلك الوقت وربما حتى بعد ذلك الوقت، وكان قد بلغ باللغة شأوا كبيرا، كما يقول الناقد المصري شعبان يوسف، متحدثا عن محمد حافظ رجب ومشيدا بسرده المتميز إذ يبدأ قصته هكذا: "في اللحظة التي طرق فيها باب الكوخ الصفيح المعلق فوق السطح، كان معلقا من شعره في خطاف حديدي يتدلى من سقف الكوخ فوق ألسنة النيران، تتطلع إليه وهو عار وامرأة بنابين مخضبتين بالدماء تنخز قلبه بمذراة شوكية (أحمل أكواب الماء إليهم.. أحملها إلى الرجال الفعلة) وكان يجيب: (لن أفعل لن أفعل). اشتدت الطرقات على الباب فهوى جسده على الأرض وتناثر شعره فى فراغ الكوخ فدار يلتقطه شعرة شعرة، وأمسك بملابسه يستر بها جسمه العاري وفتح الباب فوجد المرأة ذات النابين الحمراوين أمامه وصرخ وهو يهرول إلى ركن الكوخ: (لن تعلقيني ثانية لن تعلقيني)".
لكنني أختار اليوم لكم في وداع محمد حافظ رجب، بالإضافة الى رائعته "الأب حانوت"، قصته التي تحمل عنوان "الثدي المقطوع" التي نشرها متأخرا عام 1992 في مجلة "ابداع" المصرية، وهي لا شك درة أخرى من درره القصصية التي بوأته مكانة كواحد من أهم كتاب أدب اللامعقول في القصة العربية.
رابط لقراءة الثدي المقطوع:
https://archive.alsharekh.org/Articles/164/16939/382711
رابط لقراءة الأب حانوت:
https://archive.alsharekh.org/Articles/36/1402/70566








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا