الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من علوم الإمام أبي العزائم | الطريق إلى الله |‏ 13

عدنان إبراهيم

2021 / 2 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من عبارات أهل العلم بالله في التوحيد
أوردها عليك، لتعلم أن طريق آل العزائم عمل بما كان عليه ‏‏السلف الصالح وتجديد ‏لعلومهم وأحوالهم وأسرارهم رضى الله عنهم، قال الله ‏‏تعالى: (وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ ‏بِهِ فُؤَادَك) ونحن ‏نرشف ‏من رحيق عبارات علماء السلف، ما به تطمئن قلوبنا بأنا – والحمد ‏لله – ‏‏افتبسنا من المشكاة المحمدية التى اقتبسوا منها.‏
قال الشاشى الأندلسى : إن ‏الأولياء يتمندلون أى ‏‏"يتروّحون" بأسماء الله الحسنى، ما عرفه من كيّفه، وما ‏وحده من ‏مثّله، ولا ‏عبده من شبّهه. المشبه أعشى، والمعطل أعمى، ‏المشبه متلوث بفرث ‏التجسيم، والمعطل نجس ‏بدم الجحود، ونصيب المحق ‏لبن خالص، وهو التنزيه ‏‏(1) انزل من علو التشبيه ولا تعطل، قلل أباطيل التعطيل، ‏‏فالوادى المقدس ‏بين الجببلين.‏
قال أبو المعالى رحمه الله: من اطمأن إلى موجود انتهى إليه فكره ‏فهو مشبه ‏‏(2)، ومن سكن إلى النفى ‏المحض فهو معطل، ومن قطع بموجود ‏واعترف ‏بالعجز عن إدراكه فهو موحد، جل رب الأعراض والأجسام ‏عن ‏صفات ‏الأعراض والأجسام، جل ربى عن كل ما اكتنفته لحظات الأفكار ‏والأوهام.‏ ‏ وقال الدقاق رحمه الله: المريد صاحب وله، لأن المراد بلا شبه، ‏وقيل: ‏مثله الأعلى ليس كمثله ‏شىء. ‏
‏ وقال الجنيد رحمه الله: أشرف كلمة في التوحيد قول الصدّيق: الحمد لله ‏‏الذي لم يجعل للخلق سبيلا إلى ‏معرفته إلا بالعجز عن معرفته. قال القشيرى ‏‏رحمة الله عليه: يعنى أن العارف عاجز عن معرفته والمعرفة ‏موجودة فيه.‏
ولغيره: ما عرف الله سوى الله (لا أحصى ثناء عليك أنت كما ‏‏أثنيت على نفسك).‏
كل ما ترتقى إليه بوهم
من جلال وقدرة وثناء
فالذى أبدع البرية أعلى
منه سبحان مبدع الأشياء
وقال الشبلى رحمه الله: من توهم أنه واصل فليس له حاصل، ومن ‏‏رأى أنه قريب ‏فهو بعيد، ومن تواجد فهو فاقد، ومن أجاب عن التوحيد ‏‏بالعبارة فهو غافل، ومن سكت عنه فهو جاهل، ما ‏أرادت همة سالك أن ‏تقف ‏عند ما كشف لها، إلا نادته هواتف الحقيقة: (الذي تطلب أمامك) ‏وما ‏تبرجت ‏ظواهر المكونات إلا نادتك حقائقها: (إنما نحن فتنة فلا تكفر). ‏‏(3)‏
ما ينتهى نظرى منهم إلى رتب ‏
فى الحسن إلا ولاحت فوقها رتب‏
وقال الحسن ‏رحمه الله: العجز عن درك ‏الإدراك إدراك
تبارك الله وارت غيبه حجب
فليس يعرف إلا الله ما الله
دعا نبى إلى الله عز وجل بحقيقة التوحيد، فلم يستجب له إلا الواحد ‏‏بعد الواحد، فعجب من ‏ذلك، فأوحى الله عز وجل إليه: ‏
‏"تريد أن ‏تستجيب لك العقول" ؟ ‏
قال: نعم
قال: احجبنى عنها
قال: ‏كيف ‏أحجبك وأنا أدعو إليك ؟ ‏
قال: تكلم في الأسباب وفي أسباب الأسباب ‏
‏فدعا الخلق ‏ من هذا الطريق فاستجاب له الجم الغفير.‏
ومن عجز عن أقرب الأشياء نسبة منه فكيف يقدر على أبعد ‏‏الأمور حقيقة منه ؟ من عرف ‏نفسه عرف ربه. ‏
ومنه: قيل لطبيب: بم عرفت ربك ؟ قال: بالأهليج يجفف الحلق، ويلين. ‏
وقيل لأديب بما عرفت ربك ؟ قال: بنحلة، في أحد طرفيها عسل، ‏‏وفي الآخر لسع، والعسل ‏مقلوب اللسع.‏
وسأل الدهرية الإمام الشافعى عن دليل الصانع فقال: ورقة الفرصاد ‏‏تأكلها دودة القز فيخرج ‏منها الإبريسم (4)، والنحل فيكون منها العسل، ‏‏والظباء فينعقد في نوافجها المسك، والشاة فيكون منها البعر، ‏فآمنوا كلهم ‏‏وكانوا سبعة عشر.‏
قيل لأعرابى: بم عرفت ربك ؟ فقال: البعرة تدل على البعير، ‏‏والروث يدل على الحمير، وآثار ‏الأقدام تدل على المسير، فسماء ذات أبراج ‏‏وبحار ذات أمواج، أما يدل ذلك على العليم القدير ؟
قد يستدل بظاهر عن باطن
حيث الدخان يكون موقد نار
قيل لأعرابى: بم عرفت الله ؟ فقال: بنقض عزائم الصدور، وسوق ‏‏الاختيار إلى حبائل المقدور. (5)‏
وقال الدقاق: لوكان إبليس بالحق عارفا، ما كان لنفسه بالإضلال ‏‏والإغواء واصفا. ‏
ومنه: التوحيد محو آثار البشرية، وتحديد صفات الألوهية.‏
الحق واحد ‏في ذاته لا ينقسم، واحد في ‏صفاته لا يماثل، واحد في أفعاله لا ‏يشارك، ‏لو كان موجودا عن عدم ما كان موصوفا بالقدم.‏
الحياة شرط ‏القدرة، دلت ‏على ذلك الفطرة، لو لم يكن الصانع حيا، ‏لاستحال أن يوجد شيئا. لو لم ‏يكن باقيا لكان ‏للألوهية منافيا. ‏
لوكان البارى جسما ما استحق الألوهية ‏اسما، لو كان البارى جوهرا لكان ‏للتحيز مفتقرا. ‏العرض لا يبقى والقديم لا ‏يتغير ولا يفنى. ‏
لو لم يكن بصفة القدرة موصوفا، لكان بسمة العجز معروفا. ‏لو لم ‏يكن عالما ‏قادرا لاستحال كونه خالقا فاطرا. دلت الفطرة والعبرة أن ‏الحوادث لا ‏تحصل إلا من ذى قدرة.‏
لو لم يكن بالإرادة قاصدا، لكان العمل ‏بذلك شاهدا. (6)‏
من تنوع إيجاده، دل ذلك على أن الفعل مراده. ‏
لو لم ‏يكن ‏بالسمع والبصر موصوفا، لكان لضديهما مألوفا. لو جاز سامع ‏لا سمع له ‏لجاز صانع لا صنع له. ‏لو كان سمعه بأذن لافتقرت ذاته إلى ‏ركن. (7)‏
من ‏صدرت عنه الشرائع والأحكام، كان موصوفا بالكلام. ليس ‏في الصفات ‏‏السبع ما لا يتعلق إلا بالحياة، ولا يؤثر إلا القدرة والإرادة.‏
كما جاز أن يأمر ‏بما لا يريد، جاز ‏ان يريد ما لا يحب. (8)‏
لا يسأل عما يفعل.‏
الواحد كاف وما زاد عليه ‏متكاف
ليس مع الله تعالى موجودات ‏لأن الموجودات كلها كالظل من نور ‏القدرة. له ‏نور التبعية لا رتبة المعية.‏ (9)‏
إن من أشرك بالله جهول بالمعانى
أحول العقل لهذا ظن للواحد ثانى
قال سيدنا جعفر بن محمد: لوكان على شىء لكان محمولا، ولو كان ‏في ‏شىء لكان محصورا، ولو كان ‏مع شىء لكان محدثا. ‏
قيل لثمامة بن الأشرف رحمة الله تعالى عليه: متى كان الله ؟ فقال: ‏‏ومتى لم يكن ؟ فقيل: لم كفر ‏الكافر ؟ فقال: الجواب عليه.‏
قال خادم أبى عثمان: قال لى مولاى: يا محمد لوقيل لك: أين ‏‏معبودك ؟ ما كنت تجيب ؟ قال: ‏أقول: حيث لم يزل. قال: فإن قيل لك: ‏‏فأين كان في الأزل ؟ فقال: أقول: حيث هو الآن. فنزع قميصه ‏وأعطانيه.‏
قيل لصوفى: أين هو؟ فقال: مَحَقَكَ الله، أيُطلب مع العين أين ؟!‏
ومنه: سمعت شيخا يقول: نَقْصُنا صفة كمال له فينا، يعنى إذا ‏‏وجب له كل الكمال وجب لنا كل ‏النقص. وهذا على أنه ليس في الإمكان ‏‏أبدع مما كان، وفيه كلام.‏
ومنه: بلغ أحمد أن أبا ثور قال في الحديث: خلق الله آدم على ‏‏صورته أن الضمير لآدم، فهجره، ‏فأتاه أبو ثور فقال أحمد: أى صورة كانت ‏‏لآدم يخلقه عليها، كيف تصنع بقوله: "خلق الله آدم على صورة ‏الرحمن" ‏‏فاعتذر إليه وتاب بين يديه.‏(10)‏
ومنه: أتى يهودى المسجد فقال: أيكم وصى محمد (صلى الله عليه ‏‏وآله وسلم) ؟ فأشاروا إلى الصديق رضى الله عنه (11) ‏قال: إنى سائلك ‏عن ‏أشياء لا يعلمها إلا نبى أو وصى نبى، قال: سل، قال: فأخبرنى عما ‏ليس ‏لله، وعما ‏ليس عند الله، وعما لا يعلمه الله، فقال: هذه مسائل ‏الزنادقة وهم ‏بقتله.‏
فقال ابن عباس: ما أنصفتموه، إما أن تجيبوه، وإما أن تصرفوه إلى من يجيبه، ‏فإنى ‏سمعت رسول الله (صلى الله عليه ‏وآله وسلم) يقول لعلى: " اللهم اهد ‏‏قلبه وثبت لسانه" ‏
فقال أبوبكر: قم معه إلى على
فقال له سيدنا ‏على: أما ‏ما لا يعلمه الله فقولكم في عزير: إنه ابن الله، والله ‏عز وجل لا يعلم له ولدا، ‏قال في التزيل: ‏‏(وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ) ‏واما ما ليس عند ‏الله فالظلم، وأما ما ليس له فالشريك. ‏
فأسلم اليهودى، فقبل أبوبكر رأس على وقال له: يا مفرج الكربات، ‏‏وورد مثل هذه المسائل عن ‏الصحابة رضى الله عنهم. ‏
قال القاضى بن الطيب ‏للقسيس لما وجهه عضد الدولة ‏إلى ملك الروم: لم ‏اتحد اللاهوت بالناسوت ؟ فقال: أراد أن ينجى الناس ‏‏من الهلاك، قال: ‏فهل درى أنه يقتل ويصلب أو لا ؟ فإن لم يدر لم يجز أن ‏يكون إلها ولا ابنا، ‏وإن درى ‏فالحكمة تمنع من التعرض لمثل ما قلتم إنه ‏جرى.‏
سأل القاضى هذا البطريق عن أهله وولده، فأنكر ذلك النصارى، فقال: ‏‏تبرئون هذا ما تثبتونه ‏لربكم (أي الصاحبة والولد) ؟ سوأة لهذا الرأى، ‏فكسروا.‏
قال ابن العربى: سمعت الفقراء ببغداد يقولون: إن عيسى عليه السلام كان ‏‏إذا خلق من الطين ‏كهيئة الطير طار شيئا ثم سقط ميتا، لأنه كان يخلق ولا ‏‏يرزق، ولورزق لم يبق أحد إلا قال هوالله، إلا من ‏أوتى هداه.‏
‏ سأل ابن شاهين الجنيد عن معنى "مع" فقال: مع الأنبياء بالنظر والكلاءة ‏‏‏(إننى معكما)، ومع ‏العامة بالعلم والإحاطة (وهو معهم)، فقال: ‏مثلك ‏يصلح دليلا على الله.‏
ومنه: سأل قدرى (12) علياً رضى الله عنه عن القدرة، فأعرض عنه، فألح ‏عليه ‏فقال: أخَلَقَكَ كيف ‏شئت أم كيف شاء ؟ فأمسك، فقال: أترونه ‏يقول: ‏كيف شئت إذا والله أقتله، فقال: كيف شاء، فقال: ‏أيحيبك كيف ‏تشاء ‏أو كيف يشاء ؟ قال: كيف يشاء، فقال: أيدخلك حيث تشاء أو ‏حيث يشاء؟ قال: ‏حيث يشاء، قال: اذهب فليس لك من الأمر شىء.‏
قال أبوسليمان: أدخلهم الجنة قبل أن يطيعوه، وأدخلهم النار قبل أن ‏‏يعصوه، جل حكم الأزل ‏أن يضاف إلى العلل، سبق قضاؤه فعله (إِنِّي ‏‏جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) ، وأوقفت مشيئته أمره ‏‏(وَلَوشَاء رَبُّكَ لآمَنَ ‏مَن فِي ‏الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا).‏
قال الشاذلى: أهبط آدم إلى الأرض قبل ‏أن يخلقه ‏لأنه قال: "في الأرض" ‏ولم يقل: في السماء، ولا في الجنة.‏

من بيان عظمته: (رَفِيعُ الدَّرَجَات) من آثار قدرته: (رَفَعَ السَّمَاوَاتِ) ‏‏، توقيع ‏أمره ‏‏(يأمر بالعدل والإحسان)، واقع زجره: (وَيَنْهَى عَنِ ‏الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ ‏وَالْبَغْيِ) تنفيذ حكمه: ‏‏(فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ) ‏دستور ملكه: (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ‏وَهُمْ يُسْأَلُونَ). ‏

‎“‎دستور آداب السلوك إلى ملك الملوك‎”‎
الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم
_________________________________

‏(1)‏ التشبيه هو اعتقاد أن لله شبيه من خلقه، كالملاحدة الذين يبحثون عنه بالتلسكوبات الفضائية، أو ‏كالوهابية الذين يعتقدون أن له شكل أو صورة معينة تقعد على العرش وأن العرش سرير فوق ‏السماء، فاعتقاد الصورة تشبيه لأن الله ليست له صورة ولا يراه أحد في ذاته مباشرة، ولكن يراه ‏في غيره، فهو يظهر في غيره فيضيئه بالحياة والسمع والبصر وسائر الصفات، وهو ليس له مثيل ‏في ذلك (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). والتعطيل هو نفي صفات الله تعالى، والحق ‏هو التنزيه فننزه الله عن الشبيه ونثبت له صفاته التي ظهر بها في خلقه. ‏
‏(2)‏ لأن الفكر يستمد معلوماته من الحواس، وحدود الحواس هو الكون المخلوق، ولهذا فإن معرفة الله ‏بالتفكير غير ممكنة، ولكنه يعرف بالنور الذي يقذفه في القلب ومن خلال صحبة العارفين ‏والتعلم منهم.‏
‏(3)‏ المراد عدم الوقوف عند الظواهر والمظاهر، بل على المؤمن أن يرى ما ورائها، فالجمال موصل للجميل ‏سبحانه.‏
‏(4)‏ االدهرية هم الذين يقولون (نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر) وأن الكون بلا خطة ولا هدف، ‏ولفرصاد نوع من التوت، والإبريسم أحسن أنواع الحرير.‏
‏(5)‏ أي جريان الأمور على عكس اختيار العبد في أحيان كثيرة، ما علاقة هذا بالإستحقاق والإستعداد ‏والإعتقاد والمشاعر، هذا مبحث آخر في قانون الجذب، لكن عمل قانون الجذب نفسه أكبر ‏الآيات الدالة على الله.‏
‏(6)‏ أي لدل الكون بما فيه من مخلوقات على العبث وعدم القصد، سبحانه عن ذلك.‏
‏(7)‏ والمشبهة كابن تيمية وظله محمد بن عبد الوهاب (وامتدادهم الوهابية والجماعات السلفية حتى الآن) ‏يقولون أن له أعضاء كالإنسان، وجه وأذن وعين ويد ورجل وأصابع، ثم ذراً للرماد في العيون ‏يقولون أنها أعضاء تليق بجلاله وعظمته! بل ويُكَفِّرون المنزهين الذين ينزهون الله عن الشكل ‏والصورة ويقولون أنه يظهر في غيره، وكفى بهذا ضلالاً بعيداً. ومعطلة الصفات لكي يفروا من ‏التشبيه بالمخلوقات قالوا أنه موصوف بلا صفة، والحق أن له صفات وأسماء حسنى تظهر في ‏غيره، وأن كل ما ورد في القرآن مما يوهم التجسيم فهو رمز لتقريب معنى هام لا يمكن فهمه إلا ‏من خلال ما يعرفه البشر من كلمات ومعاني يتداولونها بينهم، لكنها في حق الله ليست على ‏ظاهرها حتماً لمن له ذرة من عقل، ومن هنا تأتي أهمية أهل العلم لا سيما الأئمة الورثة من أهل ‏بيت رسول الله ص. ‏
‏(8)‏ يأمر بما لا يريد: كما أمر آدم بعدم الأكل من الشجرة، وأراد أن يأكل منها، ويريد ما لا يحب: هو لا ‏يحب أن يُعصى وأراد وقوع المعصية، لأنها تُظهر صفات العفو والصفح والتجاوز والمغفرة، قال ‏رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (والله لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله ‏لهم).‏
‏(9)‏ الوجود – في الحقيقة – هو ظهور الصفات، لأن الله غيب مطلق أراد أن يظهر، وظهوره هو هذا ‏الوجود من حولنا، ومن هنا فهذا الوجود ليس معه، لأنه ظهوره، فكيف يكون معه ؟! وكما ‏قال الإمام: (له نور التبعية لا رتبة المعية) وهذا معنى ماورد في الحديث: (كان الله ولا شيء معه، ‏وهو الآن على ما عليه كان). وأما ما يساور البعض من أسئلة وعلامات استفهام: كيف أكون ‏ظهوره؟ وسبحان الله وحاش لله الخ.. فكل هذا صادر عن العقل أو (الإيجو ‏EGO‏) والذات ‏المزيفة الوهمية، وليس من النور الذي أنزله الله على رسوله وورثته.‏
‏(10)‏ الصورة هنا كما سبق القول هي الصورة المعنوية، صورة الصفات. فالله سبحانه خلق الإنسان ‏لكي يكون صورة للرحمن، والرحمن هو حضرة ظهور الأسماء والصفات للخلق، والإنسان ‏مطالب أن يطلب الله ويعبده بهذا، يدعوه بأن يظهر فيه بجماله ويخلصه من قبيح صفاته، وهذا ‏كثير في دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم كقوله تعليماً لأمته: (اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من ‏زكاها) وقوله (واهدني لأحسن الأخلاق إنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا ‏يصرف عني سيئها إلا أنت) والأخلاق هي الصفات.‏
‏(11)‏ أبو بكر رضي الله عنه لم يكن وصي النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوماً واحداً، لأن الوصي هو الإمام الوارث الفرد الجامع، ‏وأما أبو بكر فكان خليفة حاكماً، فأين هذا من ذاك ؟ وأين للخليفة من العلم والنور ما يصلح ‏أن يكون به إماماً وارثاً ؟ ولهذا كان أبو بكر يقولان: لولا علي لهلك عمر، أو لهلك أبو بكر. ‏وهذا حق لا يجادل فيه أحد. والشيعة لهم مؤلفات كثيرة في إثبات الوصاية لعلي عليه السلام، ‏من أحسنها كتاب (الغدير) للعلامة عبد الحسين الأميني. وهو في عدة مجلدات ويعتبر موسوعة ‏ودائرة معارف علمية، وقد بناه على حديث غدير خُم (من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم ‏وال من والاه وعاد من عاداه) الذي ورد عن النبي ص في تولية علي مقام الإمامة من بعده.‏
‏(12)‏ القدرية هم الذين ينفون القدر ويقولون أن العباد يخلقون أفعالهم، والله يقول (والله خلقكم وما ‏تعملون). وهذا كلعه مرجعه في النهاية إلى أن الله هو الظاهر في عباده وهو الفاعل، وهم في ‏حكم العدم.‏
‏(13)‏ يقولون أن العباد يخلقون أفعالهم وأنه يقع في ملك الله ما لا يريده، أي أنه يُعصى رغماً عنه ‏عياذاً بالله (فراراً من السؤال عن المعصية أو الخطيئة والصلب عند النصارى)، بينما الحق على ‏العكس من ذلك، أنظر تعليق رقم 8 للأهمية.‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س


.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: صيغة تريتب أركان الإسلام منتج بش