الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو شن حملة وطنية شاملة لمحو الأمية في العراق

سوسن شاكر مجيد
(Sawsan Shakir Majeed)

2021 / 2 / 24
التربية والتعليم والبحث العلمي


انتقدت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ( الألسكو ) في 6 سبتمبر 2013 بعدم وجود تقدم في مجال محو الأمية في الوطن العربي وأشارت الى ان هناك مايقارب 67 مليون امي في الوطن العربي منهم 60% من الاناث.

اما في العراق فقد قدرت الامية الوطنية حاليا 20% والنساء اكثر تأثرا بالأمية في المناطق الريفية حيث تقدر نسبة الامية في المناطق الريفية ب50% بين اللواتي تتراوح اعمارهن مابين 15-24 سنة

وفي العاصمة بغداد تتراوح النسبة مابين 20-28% من النساء وان فرص الوصول والالتحاق في برامج محو الامية الالزامي مازالت تشكل عائقا لمحو الامية في العراق .
وحددت اليونسكو ميزانية مقدارها 6300000 مليون دولار لتعزيز قدرات الحكومة والمجتمع المدني لتوفير محو امية مستدامة للجميع. كما حددت هدفها بتقليل نسبة الامية بمقدار 50% بحلول عام 2015 وان ذلك يعتمد على اعداد وتطوير إستراتيجية فعالة وتنفيذ سياسات شاملة لمحو الامية.
ان النسب والارقام المرتفعة للأميين في الوطن العربي تتطلب من الحكومات الوقوف وقفة جادة لمكافحة الأمية والرقي بالمستوى التعليمي لأبناء المجتمع.
ومن المعروف ان النظام التعليمي في العراق كان يعد من افضل الأنظمة في المنطقة العربية وانه كان مجاني والزامي خلال الفترة مابين (1970-1984) اذ ارتفع معدل الألتحاق الأجمالي أكثر من 100%. وتحققت المساواة الكاملة بين الجنسين في الألتحاق ، وانخفضت نسبة الأمية للفئة العمرية (15-45) سنة الى أقل من 10%. اما الأنفاق على التعليم فقد بلغ 6% من الناتج القومي الأجمالي، و20% من أجمالي الميزانية الحكومية، وان معدل الأنفاق على كل طالب للتعليم بلغ 620 دولار. وحصل العراق على جائزة اليونسكو لجهوده في مجال الحملة الوطنية الشاملة لمحو الامية في عام 1982.
وانخفض مستوى التعليم للفترة 1990 -2003 بسبب حرب الخليج الاولى والعقوبات الأقتصادية فانخفضت حصة التعليم من الناتج القومي الى النصف 3.3% ونسبة الصرف على التعليم من ميزانية الدولة بلغت 8%. وانخفض الانفاق الحكومي على تعليم الطالب الواحد الى 47 دولار.
وانخفض القيد الأجمالي في التعليم الأبتدائي الى 90% وازدادت الفجوة بين الجنسين 95% للذكور و80% للأناث وبلغت نسبة التسرب 20% منها 31% للأناث و18% للذكور.
شن العراق عام 1978 حملة وطنية شاملة لمحو الامية وفي حينها تبنت اليونسكو وبرنامج الامم المتحدة للتنمية دعم الحملة في تمويل بعض المشروعات وتدريب القيادات واعداد النشطاء لتنفيذ البرامج التي تعنى بالجانب الانتاجي وهو منهج وظيفي لانه يهدف الى ربط محو الامية بالمهنة والعمل الذي يقوم بها الامي فيستغل محيطه الانتاجي والاجتماعي ليبدأ منه تعليمه ويتدرج فيه الى ما يشبه التدريب المهني وسمي بمحو الأمية الوظيفي -function-al Illiteracy .
وتركز الفكرة على الاهتمام بمحو الامية على الجماعات المؤطرة والمنظمة اساسا في تنظيم انتاجي مثل المصانع والمؤسسات الصناعية والزراعية .
وقدم العراق في حينها العديد من البرامج والأنشطة في مجال محو الامية منها:
1-فتح العديد من مراكز محو الامية لتعليم اكثر من 2,5 مليون دارس ودارسة وللفئات العمرية (15-45) سنة وبمرحلتيها ( الاساس والتكميل).
2- توفير المدارس الشعبية كقنوات موازية للمدارس الابتدائية ومدارس اليافعين تكون مدة الدراسة فيها اربع سنوات للأعمار 9-15 سنة
3- فتح المدارس الشعبية لخريجي مرحلة التكميل وتقوم المنظمات الشعبية والمهنية بتقديم المعونة الفنية والمادية وإعطاء الأفضلية لتشغيل المتخرجين من المدارس الشعبية.
4-فتح مراكز التدريب المهني التي تعنى بالجوانب الحرفية والمهنية إضافة للمواد الدراسية.
5-قدمت المنظمات النسائية والعمالية الفرص لتدريب المعلمين وفتح مراكز محو الأمية.
6-اتخذت الجامعات على عاتقها توفير فرص التعليم المستمر من خلال إقامة الدورات والندوات المتخصصة المستهدفة لتطوير المهارات والخبرات لدى الكوادر التعليمية.
7-اتخذت دار الثقافة الجماهيرية دورا في تطوير الأجهزة الخاصة بها وتعزيز حركة النشر والإعلام لتناسب المستويات الثقافية المتطورة وتحقيق التناسق والتكامل بين الجهات المعنية بحيث تستوعب كافة الأبعاد القومية والمهنية والعلمية لتوفير المواد للمتحررين من الأمية
8-قيام المنظمات غير الحكومية بتنظيم برامج التربية المستمرة وتيسيرها وذلك بالتنسيق مع الجامعات والمعاهد
9-اعداد دورات لعموم النساء في مجال العمل المهني كالخياطة والاسعافات الاولية وتدريب مربيات دور الحضانة والتجميل والحلاقة وتعليم السياقة وصيانة الاجهزة الكهربائية
10-التوسع في دورات التدريب النسوي وبخاصة الحياكة في الحضر والصناعات المنزلية في الريف والمواد الغذائية


اما اليوم فقد أشار موقع Factbook ان نسبة السكان القادرين على القراءة والكتابة للأعمار 15 سنة فأكثر بلغت 78,5% ، وكانت النسبة للذكور 86% وللأناث 71.2% وان العراق احتل المرتبة 149 من مجموع 205 دولة عالميا في مجال الأمية .
وبين مسح شبكة المعرفة للعام 2011 ان نسبة النساء الأميات بلغت 28.2% للفئات العمرية 12 سنة فأكثر وان نسبة الرجال بلغت 13%. وتزداد هذه النسب لدى الفئات العمرية الشابة اي مابين (12-25 ) سنة والجدول ادناه يوضح ذلك.



وقد تمكنت الهيئة العليا لمحو الأمية في العراق من فتح اكثر من 5000 الآلآف مركزا لمحو الامية في عموم العراق انضم اليها اكثر من 500,000 الف دارس ودارسة ورغم الجهود الحثيثة المبذولة في مجال محو ألأمية الأ ان الجهود مازالت تواجه العديد من العقبات سواء كان على المستوى الفني، والمادي، والمالي، والأمني، والعمل الجماهيري، والأعلامي وغيرها . ومن اجل تطوير وتثوير العمل في مجال محو الامية في العراق لابد ان يؤطر العمل بأتجاه ( الحملة الشاملة للقضاء على الأمية) وضرورة الاستفادة من تجربة العراق السابقة في هذا المجال ومن تجارب الدول المتقدمة من اجل تنويع انماط التعليم والتعلم ، واستفادة اكبر عدد ممكن من الدارسين في العائلة ( صغارا وكبارا وشبابا ونساءا) ومن ابرز التجارب في هذا المجال:
الولايات المتحدة الأمريكية:
شنت الولايات المتحدة الامريكية بين عامي 1910-1935م حملة لمحو الأمية في جنوبها ، واعتمدت الحملة بصورة أساسية على المتطوعين الذين كانوا يعملون في المدارس الليلية والصيفية وكان يطلق عليها مدارس الفرص Opportunity schools وكانت هناك جهود مشابهة لمحو الأمية الوظيفية بين الراشدين الذين يعيشون في المناطق الريفية مثل حملة الاباما Alabama لمحو الأمية والجهود الحديثة لمحو الأمية الوظيفية في مقاطعات جاكسون وكلاي الريفية Clay & Jackson counties في ولاية تنيسي Tenessee .
ومن المنظمات التي تقوم بحملات محو الامية في الولايات المتحدة فيالق محو الامية Literacy Corps مثل فيلق بنسلفانيا لمحو الامية التابع لمكتب محو الامية والتعليم الاساسي للكبار التابع لوزارة التربية والتعليم بولاية بنسلفانيا، ولفيلق بنسلفانيا لمحو الامية شراكة مع مؤسسات التعليم العالي ويقوم بتقديم التعليم الاساسي ومحو الامية للكبار بهدف انخراط طلاب الجامعات في الجهود المحلية للتغلب على مشكلة الامية، خاصة وأن هناك 4 ملايين راشد في بنسلفانيا بحاجة الى تطوير مهاراتهم الاساسية. وعلى الطلاب ان يعملوا كمتطوعين 40 ساعة في الاقل في مجال محو الامية. ولكن الكثير من الطلاب يستمرون في التطوع حتى بعد الانتهاء من المقرر. ومن خصوصية الخدمات المقدمة على اساس فردي (لكل دارس مدرس) مما شجع الدارسين على الاشتراك والاهتمام والدعم الشخصي وحفز الدارسين وجعلهم يستمرون في تلقي الخدمات.
وفي عام 1983م، أعلن الرئيس ريجان مبادرة محو امية الكبار انضمت الكثير من المنظمات والجماعات الجديدة الى اؤلئك الذين كانوا يقومون بجهود محو الامية لفترة طويلة. وركزت الجهود في بداية الحقبة على تقوية برامج محو الامية من خلال المتطوعين. حيث قام تحالف محو الامية بالتعاون مع الجمعية الامريكية لوكالات الاعلان باطلاق حملة اعلانية تبث للجمهور في جميع انحاء امريكا هدفت الى فتح باب التسجيل للمتطوعين للقيام بتعليم القراءة للراشدين. وشجع المجلس التجاري لتعليم القراءة الفعالة الذي شكله هارولد ماكجرو في اوائل عام 1984م الشركات والمؤسسات على دعم برامج تعليم الكبار في مجتمعاتهم المحلية. وفي اواخر الثمانينات، أصبح تعليم القراءة في مقر العمل من الاولويات في جميع انحاء البلاد. واصبحت الشركات تشعر بالحاجة الى محو الامية الوظيفية خاصة مع التقدم التكنولوجي.
وتولي الولايات المتحدة محو امية الراشدين في المناطق الريفية عناية خاصة. وتستخدم العديد من برامج تعليم الكبار في الارياف مثل:
* دليل الدراسة بالمراسلة المركزية في الاسكا للصفوف 1-12، ويقدم اطارا عاما لسكان الارياف لطريقة اكمال المقرر بالمراسلة وبالمجان.
*نظام المدرس عن بعد Tele teacher ،
*النظام المعتمد على الهاتف Telephone-based في فرجينيا يمكن الراشدين في الارياف من الحصول على المساعدة الأكاديمية على مدار الساعة.
* برنامج في الاباما يستخدم شبكة تلفزيونية تعليمية في جميع أنحاء الولاية، اضافة الى مراكز للتعلم ومعلمين في المنزل.
* برنامج في عطلة نهاية الاسبوع في نيوجيرسي يقدم خدمات ارشادية ويدعم مشاريع للدراسة المستقلة ويعطي امتحانات في المقررات المختلفة.
* مشروع Communi-Linkالى 26 مجتمع ريفي محلي في 14 ولاية في غرب الولايات المتحدة. وهو نظام يعمل على ربط منظمات مختلفة ببعضها البعض. ويعمل على مساعدة المجتمعات المحلية الريفية على تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية لسكانها عن طريق توسيع فرص التعليم الاساسي للكبار.
*وفي بنسلفانيا هناك مشروع استخدام المصادر الاقليمية في تعليم القراءة في الارياف
* ومشروع الدراسة لنيل شهادة جراس روتس البديلة Grass Roots Alternative Diploma Study.
*كما تستخدم برامج محو الامية في الارياف التكنولوجيا في تعليم القراءة للكبار مثل الافلام والصحف والراديو والاسطوانات والشرائط السمعية والدوريات المختلفة والبث عبر الاقمار الصناعية.
*وفي الولايات المتحدة نحو 1700 كلية مجتمع تقوم بعمليات محو الأمية.

المملكة المتحدة والدول الاوروبية:
واثيرت فكرة تعزيز طرق اكثر منهجية لمحو الامية في الاسرة والمجتمع بالولايات المتحدة الامريكية وفي الدول الاوروبية في نهاية الثمانينات من خلال برامج ( البداية المتساوية Even Start ).
كما تم تطوير نموذج كنان لمحو الأمية الاسرية ليتم تصديره بعد ذلك الى المملكة المتحدة والدول الاوروبية ويركز على التعليم لمدة 3-4 ايام في الاسبوع ولمدة سنة كاملة ويركز على الاباء ذوي المستوى التعليمي المنخفض واطفالهم خلال مرحلة ماقبل المدرسة وشمل النموذج برامج التعليم الاساسي للكبار الخاص بالاباء وبرامج High/Scope للتعليم ماقبل المدرسي وبرامج تعليم الوالدين وانشطة مشتركة بين الاباء واطفالهم
توسعت فكرة تطوير برامج محو الامية الاسرية لتشمل اوروبا في 1990 وخصوصا المملكة المتحدة ويمكن فهم تطوير برامج محو الامية الاسرية بشكل افضل عن طريق الجمع بين فرعين او عنصرين من النظام التعليمي تعليم الطفولة المبكرة وتعليم الكبار / التعليم المجتمعي.
وعلى الرغم من ان المملكة المتحدة كانت السباقة في مجال محو الامية الاسرية باوروبا الا انه تتوفر بعض البلدان الاوروبية الاخرى مثل ايرلندا ومالطا وتركيا خبرة هامة في المجال وقد تم تطوير او تجريب عدة برامج حديثة لمحو الامية الاسرية في بلجيكا وبلغاريا وفرنسا والمانيا واليونان وايطاليا وليتوانيا ورومانيا وتجمع هذه البرامج على اختلافها بين تعليم الكبار والتعليم ماقبل المدرسي او الابتدائي لتعزيز تعليم الكبار والاطفال على حد سواء ودعم المعلمين والاباء في حماية الاطفال من الفشل الدراسي والتسرب المدرسي في المستقبل


الإتحاد السوفيتي:
في بداية القرن العشرين بدأت جهود مكافحة الأمية الحقيقية في روسيا. حيث بلغت نسبة المتعلمين عام 1919م 22% فقط. وبين عامي 1918-1920م، ازداد عدد المدارس الى 13,000 مدرسة التحق بها مليوني طالب. وظهرت الحاجة إلى محو الأمية المهنية. فأنشئت مدارس المصانع والورش مدتها أربع سنوات عام 1921م. وفي عام 1939م (أي بعد عشرين عاما)، ارتفعت نسبة المتعلمين في الاتحاد السوفيتي إلى 81.2%. ومنذ عام 1939م، تركزت جهود محو الأمية في المناطق الريفية. وكان أعداد الناس من الجنسيات غير الروسية كبيرا جدا. وأصبح تعليم النساء أولوية كبرى بعد الثورة. وتلقى المتعلمون الجدد توجيهات تدور حول ماذا يقرؤون وكيف يدونون الملاحظات. وفي عام 1959م (أي بعد 40 عاما) بلغت نسبة المتعلمين 99.3% بين الذكور، و97.3% بين الإناث بين سن 9-49 عاما.
ولقد قامت الحكومة الروسية بتنظيم جميع برامج تعليم الكبار وتمويلها. وكانت مجانية للدارسين الكبار. وتم تدريس الدارسين في الأوقات المناسبة لهم. وشكل التعليم الرسمي وغير الرسمي في مجمله نظام تعليم الكبار. ودمجت برامج مدارس تعليم الكبار الرسمية مقررات تعليم الكبار في إطار التعليم الثانوي والمهني والتعليم العالي. وكانت مناهج التعليم المسائي والتعليم بالمراسلة والتعليم النهاري هي نفسها. وبلغ عدد الراشدين الملتحقين بهذه المدارس 13 مليون مواطن سوفيتي في 47,000 جامعة شعبية people s universities وجمعت هذه الجامعات بين خصائص التعليم الرسمي وغير الرسمي. وعلى الرغم من وجود مناهج وبرامج دراسية محددة، إلا أنها لم تقدم معلومات موحدة مقننة. حيث التحق بها الكثير من الطلاب للتحضير لامتحانات تعطى في مقر العمل أو في المدرسة، ولم تمنح الشهادات إكمال متطلبات الدراسة التي حصل عليها الطلاب من الجامعات الشعبية أية امتيازات أو حقوق إضافية. كما قامت المتاحف والمكتبات والنوادي بتقديم برامج رسمية وغير رسمية للكبار. ولعبت اتحادات العمال دورا أكبر في تقديم برامج في مقر العمل والتي كانت تهدف في المقام الأول إلى تحسين إنتاجية العمال.
وكان لبرامج تعليم الكبار في روسيا أهداف متعددة مثل: محو الأمية، رفع مستويات المهارة المهنية occupational skill levels، إنهاء مرحلة التعليم الثانوي بنسبة 100%، رفع المستوى السياسي والعقائدي، تشجيع الإغناء الثقافي والاستخدام البناء لوقت الفراغ.
ويمكن تلخيص عوامل نجاح روسيا في محو الأمية فيما يلي:
(أ) رغبة الأميين الشديدة في الدراسة
(ب) محو أمية الدارسين وتثقيفهم العام في آن واحد
(ج) التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والجذرية حيث كانت الحملة على مستوى الدولة
(د) تدريب المعلمين لتعليم القراءة والكتابة لجميع الجنسيات.

الصين
تركزت حملات محو الأمية في الصين في المناطق الريفية. وكانت مشكلة محو الأمية في المناطق الريفية تقع ضمن إطار الإصلاح العام في الصين. فقد انخفضت نسبة الأمية من 80% عام 1949م إلى 20% عام 1988م. ولكن ما يزال هناك 230 مليون أمي من بينهم 72 مليون أمي تتراوح أعمارهم بين 15-40 عاما. ومن العوامل السلبية التي تعيق محو الأمية في الصين أن الغالبية العظمى من الأميين من المحرومين، الذين يحتاجون إلى التعليم ويعيشون في مناطق نائية، وانخفاض الروح المعنوية للمربين القائمين بعملية التعليم، وعدم وجود مصادر كافية. لذا قامت الحكومة الصينية بوضع نظام متسلسل لتعليم الكبار.
ومن العوامل التي ساعدت في عملية محو الأمية في الصين، إدراك الفلاحين حقيقة أن الإنتاج يعتمد على العلم والتكنولوجيا، وأن التعليم يحسن ظروف المعيشة في الريف، وتعميم التعليم الابتدائي، ووجود نظام متكامل للتعليم في الريف. وفي عام 2000م، أعلنت الصين جهودها في تعميم 9 سنوات من التعليم الإلزامي ومحو أمية الكبار.
ومن الانماط المستخدمة في تعليم الكبار في الصين: تعليم الكبار في وقت الفراغ مثل المدارس الليلية، ومجموعات تعليم القراءة، وتفريد التدريب، ومزج التعليم بنظام التفرغ الكلي والتفرغ الجزئي (أي الدراسة وقت الفراغ) والدراسة بنظام التفرغ الكلي. وتقوم الدولة بوضع الأهداف العامة للتعليم، وتقوم الحكومات المحلية بوضع سياساتها وطرائقها.
ومن القوى الاجتماعية التي تقوم بمحو الامية: المدارس الابتدائية ورابطة الشباب والمنظمات النسائية. وهناك عدد من المشاريع التي دعمت محو الامية مثل مشروع Hope الذي بدأ عام 1989م لمساعدة الاطفال الذين تسربوا من المدرسة بسبب الفقر خاصة في المناطق النائية. وهدف هذا المشروع الخيري العام الى السماح للأطفال بالعودة الى المدرسة لاكمال تعليمهم الابتدائي في الاقل. ويقوم المشروع بدعم تعليم الطلاب وبناء المدارس وتزويدهم بأدوات الكتابة والكتب. وتلقى في عام 2002م نحو 242 مليون دولار من التبرعات من الافراد والمؤسسات الحكومية والشركات الخاصة في الصين وفي الخارج، والتي ساهمت في انشاء أكثر من 8000 مدرسة ابتدائية في جميع أنحاء البلاد واستفاد منها نحو مليوني طالب.

كوريا الشمالية
تم محو أمية الكبار أولا ثم ركزت الجهود على رفع مستوى المعلومات العامة للعاملين إلى مستوى خريجي الجامعة. وانتهت المرحلة الأولى لمحو أمية الكبار عام 1949م، وذلك بإنشاء معاهد لحملات محو الأمية.
وفي المرحلة الثانية بين 1949-1959م تم رفع عدد المدارس الابتدائية الشعبية في الورش والمصانع والمناطق السكنية. وهدفت هذه المدارس إلى الحيلولة دون عودة الدارسين إلى الأمية ثانية.
وبين عامي 1960م ومنتصف السبعينات من القرن العشرين، ازدهرت المدارس المتوسطة للعاملين. وكان هدف المرحلة التالية هو عقلنة المجتمع بالكامل أي رفع المستوى الثقافي والفني للعاملين إلى مستوى خريجي الجامعة.
وتم إنشاء الكليات الملحقة بالمصانع. وكان بإمكان العاملين الالتحاق بالدراسة دون الحاجة إلى الانقطاع عن الأنشطة الإنتاجية. كما أنشئت كليات المزارعين والصيادين، والتعليم الجامعي المسائي، والتعليم بالمراسلة.
كوريا الجنوبية
شهدت كوريا الجنوبية تغيرا جذريا في معدلات الأمية خلال الـ 60-70 عاما الماضية. حيث تجاوزت نسبة الامية في ثلاثينات القرن العشرين 70%، أما الآن فهي أقل من 2%. كيف هناك عدة عوامل استطاعت كوريا الجنوبية في ان تتخلص من الامية في وقت قصير نسبيا منها :
الاول:
هو نظام القيم لدى الشعب الكوري. حيث ان التعليم يأتي في مقدمة أولويات الكثير من الكوريين عبر التاريخ. ويسعى الناس الى تعليم أبنائهم حتى لو أدى ذلك الى نقص طعامهم. ويعتقدون أن مردود التعليم أعلى من مردود أي استثمار آخر.
ونظرا للعلاقة القوية بين الآباء والاطفال، كان الآباء دائما على استعداد للتضحية بأنفسهم من أجل تعليم أبنائهم.
والعامل الثاني: هو سهولة تعلم الابجدية الكورية. فهي لغة صوتية علمية تتكون من عشر حركات و14 صامتا وهذا يجعلها سهلة التعليم والتعلم.
ثالثا: بعد تحرر كوريا من اليابان عام 1945م، أدى التوسع الكبير في التعليم الابتدائي الى تمكن جميع الصغار من القراءة.
كما أن المناخ الاجتماعي يتوقع من كل فرد ان يقرأ ويكتب، وهذا يحفز الناس على تعلم القراءة. فالراشد الذي لم تتح له فرصة التعلم عندما كان صغيرا، عادة ما يخجل من نفسه ويحاول جاهدا أن يتعلم عندما تكون الفرصة سانحة. وفي كوريا الجنوبية مؤسسات غير ربحية تعتمد على المتطوعين وتساعد الراشدين على التعلم. وهناك معاهد صغيرة تقوم بتعليم الأميين المحرومين اجتماعيا خاصة النساء.
اضافة الى ما تقدم، قامت الحكومة الكورية في الخمسينات والستينات من القرن العشرين بحملات لمحو الامية في طوال البلاد وعرضها، وكانت تلك الحملات ناجحة. ففي عام 1990م، بلغت نسبة المتعلمين 99.1% بين الذكور و93.5% بين الاناث. وفي عام 1995م، بلغت نسبة المتعلمين من الذكور 99.3% ومن الاناث 96.7%. أي أن نسبة المتعلمين الذكور ارتفعت 0.2%، والاناث 3.2%. مما جعل الفجوة بين نسبة المتعلمين الذكور والاناث تقل تدريجيا.

فيتنام
على الرغم من أن جهود محو الأمية في فيتنام كانت بطيئة حتى عام 1955 بسبب الحرب، ألا انه كان هناك حافز قوي لمحو الأمية بعد الحرب. حيث استطاعت فيتنام محو أمية الغالبية العظمى من الكبار مع عام 1958م بسبب تشجيع المتطوعين على القيام بتدريس مقررات في محو الأمية في المنازل والأسواق وغيرها من البيئات المحلية. وقامت الحكومة الفيتنامية باطلاق حملة "التعليم للجميع" الضرورية للتنمية البشرية. واستثمرت الحكومة والشعب جميع الإمكانيات في الموظفين والموارد المالية والمحاولات العقلية في كل مكون من مكونات حملة "التعليم للجميع".
وعلى مدى العشر سنوات الماضية، خصصت الحكومة الفيتنامية نحو ثلث الميزانية العامة المخصصة للتعليم والتدريب للتعليم الابتدائي. كما أن الصندوق المخصص للتعليم الابتدائي الذي تبرع به المجتمع بعامة والأفراد بخاصة يعادل الميزانية التي خصصتها الدولة للتعليم الابتدائي. وتخطط الحكومة الفيتنامية لزيادة ميزانية التعليم والتدريب من 15% من الميزانية العامة للدولة عام 2000م الى 18% عام 2005م والى أكثر من 20% عام 2010م.
ولقد أكملت فيتنام تعميم التعليم الابتدائي للأطفال بين سن 6-14 عاما في عام 2000م.

بنجلاديش
في بنجلاديش نحو 34,000 مدرسة تتكون من غرفة واحدة تديرها لجنة بنجلاديش لتنمية المناطق الريفية. ويبلغ عدد التلاميذ الملتحقين بها (الغالبية العظمى منهم من الفتيات) نحو مليون من الاطفال الفقراء من ابناء الفلاحين الذين لا يملكون أرضا. ولقد أنشئت هذه المدارس عام 1985م لتعليم الاطفال بين سن 8-10 الذين لم يسبق لهم الالتحاق بالمدرسة أو تسربوا من المدارس النظامية. ويبلغ عدد تلاميذ كل مدرسة مابين 30-33 تلميذا يجلسون على حصير. ولقد أقيمت هذه المدارس الصغيرة قرب القرى لاختصار وقت التنقل. يدرس التلاميذ في المدرسة ما بين 4-5 ساعات لأن الاطفال يساعدون اسرهم في الاعمال المنزلية.

الهند
قد يبدو ان انشاء فصول دراسية وسط زحمة أرصفة محطات القطار غريبا. ولكن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي تمكن الاطفال الهنود الذين يعتاشون على الشحاذة وتلميع الاحذية وحمل الامتعة في محطات القطار في الهند من الالتحاق بالتعليم الاساسي.
وكان اول من طبق هذه الفكرة معلم مدرسة في مدينة Bhubaneswar بولاية Orissa حيث يأتون بالمدرسة الى حيث يتواجد الاطفال - على ارصفة محطات القطار حيث يمزجون حكاية القصة والغناء والرقص في دروس القراءة والكتابة والحساب.

اندونيسيا
يعتبر التعليم في دولة عدد سكانها 220 مليونا وسيلة للتنمية البشرية والقومية. فالنظام مسئول عن خدمة 95 مليونا تتراوح أعمارهم بين الميلاد لغاية 22 عاما. ولكن الأعداد التي استطاعت الاستفادة من هذه الخدمة ما زالت قليلة. حيث لم يتلق نحو نصفهم هذه الخدمة
وتحاول منظمة شروق الشمس الاندونيسية للأطفال تلبية الحاجات التعليمية لأطفال الشوارع. وتحاول هذه المنظمة منع الاطفال من ترك المدرسة من أجل التسول في الشوارع للمساعدة في إعالة أسرهم الذين يعيشون تحت خط الفقر عن طريق تقديم المنح لهم من الروضة وحتى المرحلة الثانوية. حيث قدم البرنامج منذ إنشائه عام 1999م منحا لـ 900 طفل. ويقيم البرنامج علاقات وثيقة مع أسر الأطفال والمعلمين والمدارس لمتابعة تقدم التلاميذ في المدرسة.
وتحاول منظمة NFE ان تحقق عدة اهداف في اندونيسيا تتعلق بجميع الفئات العمرية. حيث تقدم خدمات في التنمية البشرية للفئات العمرية الصغيرة والكبيرة أو التعليم المستمر. وتقدم ثلاث برامج هي: محو الامية، تعليم أساسي لمدة تسع سنوات، والتعليم المستمر.
وتستهدف برامج محو الأمية الفئة العمرية بين 10-44 عاما وتستخدم عدة مداخل يطلق عليها الأمية الوظيفية. ولدعم برامج التعليم الاساسي ذي التسع سنوات، تستخدم الحقائب التعليمية " أ" و "ب" لاستهداف الفئات التي يصعب الوصول إليها بين 7-15 عاما. وتستخدم برامج التعليم المستمر عددا من المداخل لتشكيل مجموعة الحرفيين والمهنيين.
ولبلورة البرنامج، تقدم NFEخدمات تربوية من خلال 22.5 الف دورة تدريبية مهنية ونحو 1500 مركز تعلم في المجتمعات المحلية، وألف مجموعة من الحقائب التعليمية أ، ب، ج، يقوم بتقديمها 3246 مشرف تربوي في المجتمعات المحلية و2772 موظف ميداني.
اما خدمات محو الامية للراشدين، فتقدم من خلال برامج محو الأمية الوظيفية حيث يتعلم الراشدون مبادئ القراءة والكتابة والحساب. ويتناسب المحتوى مع حاجات حياتهم اليومية. فمثلا يتعلم الراشدون من صيادي السمك الحساب بعد ثمن الاسماك التي يصطادونها في اليوم. ويتعلمون قراءة الحروف الرومانية من خلال قراءة اسماء سفن الصيد وكتابة اسماء بعض انواع السمك. وبهذا يشعر المتعلمون الجدد بالاستخدامات العملية للارقام والحروف التي يتعلمونها. وحيث إن نسب الامية بين النساء في اندونيسيا مرتفعة في الارياف، لذا تشمل الخطة عددا من المحاولات الجادة تركز على مدة ارتباط برامج محو الامية باحتياجات النساء القرويات.

باكستان
بدأت منظمة اليونيسيف مشروعا مشتركا مع الكشافة في مقاطعة بلوشستان الباكستانية لمساعدة المزيد من الفتيات على الالتحاق بالمدرسة. وكان الهدف من المشروع خفض نسبة الامية بين الاناث في المقاطعة التي وصلت الان الى أقل من 10%. وكان الكشافة يذهبون من منزل الى منزل في القرى لمتابعة مدى مواظبة الفتيات على الذهاب الى المدرسة والتحدث مع ارباب الاسر لاقناعهم بالسماح لبناتهم بالالتحاق بالمدرسة. ففي السنة الاولى، التحق بالمدرسة 2500 فتاة.
الأستنتاجات:
من خلال ماتقدم يمكن تلخيص اهم الأستنتاجات من تجارب الدول وهي:
1- شن حملة وطنية شاملة لمحو الامية والتركيز على المناطق الريفية والنساء اولا.
2- اعتماد الحملات على المتطوعين من الشباب والشابات
3- مشاركة المنظمات الجماهيرية والقطاع الخاص في الحملات
4- تقديم الدعم المادي والمالي الحكومي وغير الحكومي ومن الافراد
5- الاهتمام بالتعليم الفردي لعدد من الدارسين
6- اعتماد برامج متنوعة في مجال محو الامية ومنها : التعليم بالمراسلة، نظام المدرس عن بعد، النظام المعتمد على الهاتف، استخدام الشبكة التلفزيونية التعليمية ، برنامج التعليم في عطلة نهاية الاسبوع، استخدام التكنولوجيا في تعليم القراءة مثل الأفلام ،الصحف، الراديو، الاسطوانات، الشرائط السمعية، الدوريات، والبث عبر الاقمار الصناعية.
7- تحديد عدد الساعات التي يعمل فيها المتطوعين في مجال محو الامية
8- التركيز على محو الامية من خلال الاسرة او محو امية الوظيفي
9- تعليم الكبار في وقت الفراغ
10- فتح المدارس الشعبية في الورش والمصانع والمناطق السكنية
11- فتح مراكز لتعليم الأميين المحرومين اجتماعيا وخاصة النساء
12- تخصيص ميزانية خاصة لمحو الأمية فضلا عن ميزانية خاصة يتبرع بها الناس الميسورين
13- مشاركة طلاب كليات التربية الأساسية والتربية في الحملة الوطنية الشاملة لمحو الأمية
14- تدريب المتطوعين من طلاب الجامعات في دورات تدريبية لتدريس الدارسين
15- الاستفادة من تجارب الدول في مجال محو الأمية وكما مبينة في بعض الوثائق أدناه.
المقترحات:
1- الأستفادة من تجارب الدول المتقدمة والنامية في التعرف على الاساليب والوسائل المستخدمة لشن الحملات الوطنية الشاملة لمحو الامية في بلدانهم.
2- وضع إستراتيجية وطنية لمحو الامية في العراق بالتنسيق بين الوزارات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية من اجل تقدير الاحتياجات المادية والمالية والبشرية والقضاء على الامية
3- تبني فكرة إدارة الجودة الشاملة لربط مصادر التمويل بمخرجات صفوف محو الأمية بهدف تحسين هذه المخرجات دون فقد مادي أو بشري.
4- إجراء مجموعة من الدراسات والبحوث لتقدير تكلفة الدارسين في مجال محو الامية ،ويعتبر هذا المقدار من الأموال هو الأساس في تقدير تكلفة المراد محو أميتهم ،ومن ثم تحديد الاحتياجات المالية ،وأيضا وضع الأولويات لمن يتم محو أميتهم طبقا للمتاح من هذه الأموال.
5- تشكيل لجان استشارية تمثل حلقة وصل بين المجتمع المدني وكافة الهيئات الدولية والإسلامية والعربية والسلطات الحكومية وبين الهيئات المسئولة عن برامج محو الأمية وتعليم الكبار ،وتكون مهمتها التخطيط لحملات محو الأمية ،والمساهمة في إيجاد آليات للتنفيذ.
6- مد جسور التضامن والتعاون مع مختلف الشركاء بما فيها المنظمات الدولية من خلال تبادل المعلومات والتجارب ذات الصلة بمحو الأمية وتنظيم حلقات دراسية ومنتديات ومؤتمرات وورش عمل وانتاج الكتب والادلة المرجعية ذات الصلة
7- تقديم الدعم المالي وتعزيز الجوائز بغية تشجيع المنظمات غير الحكومية على المساهمة في تنفيذ برامج محو الامية
8-انشاء موقع على شبكة الانترنت يخصص لتعميم الجهود المبذولة في مجال محو الامية في العراق.
9-الاستفادة من الدراسات والابحاث التي اجراها الجهاز التنفيذي للحملة الوطنية الشاملة لمحو الامية في العراق للفترة 1978-1986








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة