الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من تجارب النّساء

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 2 / 24
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


هناك خيارات أمام المرأة منذ بدء الزواج، حيث يظهر الزوجين على حقيقتهما ، ومهما كانت المرأة صغيرة بالسّن يمكنها أن تفهم شريكها، فإن رأت أنّ الحياة مستحيلة عليها أن لا تنتظر مجيء الأطفال ،عليها أن تغادر بسلام علّها تجد فرصة أفضل ، وعليها أن توازن بين معاناتها كمطلقة في مجتمع يقف ضد الضحية ، وكيف سوف تواجهه، وكذلك الرجل إن اكتشف أن الحياة مستحيلة مع زوجته فالموضوع لا يكلّفه سوى حلف اليمين بالطلاق بغض النّظر عن الإجراءات القانونية ، أما بعد مجيء الأولاد فالوضع أصعب .
دافعت جداتنا و أمهاتنا عن وجودهن بطريقة الدّفاع السلبي، وهي طريقة مقبولة و تعطي ثمارها، ولا زال الدفاع السلبي قائماً عند النّساء . أتحدّث عن صديقة لي " س" كانت متزوجة من الحاج سعيد ، وقد كنّي بالحاج ليس لأنه طاف حول الكعبة بل كان يتنقل بين تجمعات الغجر حيث الفنانات الغجريات الملقبات بالحجيات !
هنا أود أن أبدي احترامي للغجر، فهم لم يولدوا بتلك الحالة، و إنما الترحال، والظلم جعلهم هكذا، ولا أستبعد أن يصبح السوريون مثلهم إن استمر الوضع هكذا ، وهذه الملاحظة حتى لا يقال أنني أسخر من الغجر، لكن المجتمع يسخر من الضَعيف دائماً .
أعود إلى صديقتي و التي قرّرت أن تستمرّ بالعلاقة مع زوجها " الحاج سعيد" . قالت لي يومها: معاناتي الاجتماعية أكبر مما تتصورين، فقد تزوجته برضاي، و كنت قليلة تجربة، وربما كنت مدفوعة بغريزتي، ولا أشعر بالحرج من ذلك فأنا بشر، لكنّ صيته ذاع ، و الجميع يعرف أنّه يخونني حتى أقاربي و أقاربه، و أكثر من ذلك. أصبت بمرض اضررت بعدها للذهاب إلى الطبيب ، فقال لي : هل تعدّدين العلاقات الجنسية؟ كم بكيت في ذلك اليوم ! قرّرت بعدها أن أقاطعه جنسياً فهو أصلاً لا يحتاجني، وليس هذا ما يخجلني. ما يخجلني أن عليّ اتخاذ قرار بالفراق، لكنّني لن أتخذه . لست نذلة ، لكن الجميع يراهن على فشل علاقتنا و الوصول إلى الطّلاق ، و العبث بمصير أولادنا ، ومن ثم إدانتي. أردت التّحدي في بلد ليس فيه قانون، قرّرت الطلاق العاطفي ، والاستمرار في الحياة الزوجية لأسباب كثيرة منها أنّني لن أحقق رغبة الأهل و المجتمع في كسري، الشيء الآخر هو أن حياتي لن تكون أفضل حالاً مع الطلاق لأسباب كثيرة.
عندما تقدمين على هكذا قرار عليك بالعزلة كي تختبئي اجتماعياً، لكنني اتخذت قراراً مغايراً ، أقمت علاقات اجتماعية مدفوعة الثمن من قبلي حيث تجتمع النسوة في بيتي ، يشربن القهوة، يثرثرن، وينشرن آخر الأخبار، يلعب أطفالي مع أطفالهنّ، أشعر بأنّني قدّمت غطاء اجتماعياً لأولادي.
في يوم من الأيّام سلّم عليّ جارنا القسّ ، قال لي: أنت أصيلة يا ابنتي . أعرف كم من الظّلم تتعرضين له، لكنك اخترت طريق الجلجلة، لم أفهم ما قاله القس لي، فخلال زواجي كنت خارج الزمان و المكان، ولا أعرف شيئاً عن الأديان، لكنّني بكيت عندما قال لي ذلك. قلت له بوركت، و لم أعد أمرّ من أمام بيته كي لا أشعر بالعطف، لأنّني أرفضه- أعني العطف-
كنت في تلك الفترة أمجّد نفسي أمام الآخرين، أتحدّث عن مثاليتي كتعويض عن نقصي، لكنّني في مرّات كثيرة فكّرت بالانتحار ، عدلت عن رأيي من أجل أولادي.
أولاد صديقتي أصبحوا شباباً يحملون شهادات عالية ، يعملون ، وهي متقاعدة ، وزوجها مات بحادث سيّارة . سألتها منذ أيام كيف حالها، أجابتني: اخترت تلك المسيرة من أجل أن أوصل أولادي إلى برّ الأمان، لم أكن أعرف أن برّ الأمان هو اللجوء، لكنّني أخشى على أولادي لذلك أضع بيني وبينهم مسافة أمان . صمتت لحظة ثم قالت: للأولاد حياتهم، وقد رأوني أذل أمامهم. أخشى لو اقتربت كثيراً منهم أن يمتعضوا من حضوري.
سألتها عن وضعها النّفسي، أجابتني : أن مسيرة الحياة هكذا، وسوف تكون في وضع تحدّ للحياة حتى الموت.
سألتها عن الرّجال: أجابتني: أن أغلب الرّجال لا يفرّطون بعوائلهم حتى لو كان المجتمع ذكورياً ، فهم يساهمون في رعاية الأطفال ، في أخذ دور الرجل المحب، فقط عديم الضمير هم من يلغي زوجته و أولاده .
وهل تعتبرين زوجك منهم؟ أجابتني: هل تصدقين لو قلت لك غفرت له؟ يجب أن أعيش ، فأنا اليوم غير أنا البارحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعترضتها شرطة الأخلاق.. امرأة تفقد وعيها وتنهار خارج محطة مت


.. مها أبو رسلان شقيقة شاب توفي تحت التعذيب




.. معرض --We Can صوت الأطفال النازحين من قطاع غزة


.. معلمات السويداء تشاركن في الصفوف الأولى للاحتجاجات




.. المحتجة إلهام ريدان