الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجميل في سوق العدم

فاتن نور

2021 / 2 / 25
كتابات ساخرة


إنها ظاهرة تستحق الدراسة.
أن يقترب عدد مراكز التجميل في بلد، صالونات وعيادات؛ من عدد أكشاك بيع المأكولات الشعبية على الأرصفة، وأن تتنافس المراكز والأكشاك على أعداد الزبائن المقبلة بشهيّة منفتحة.
لست ضد التجميل، ولكن إذا أردنا التفاوض مع الطبيعة أو مراوغتها بعض الوقت، للظهور بشكل أفضل، فلنتفاوض دون هوس، بتعقّل وذكاء لا يطيح بالجيب والخلقة.

إنها من الظواهر الملفتة حقاً.
أن يعتزّ المرء بتاريخه المزوّر أيما اعتزاز، ولا يعتزّ بتاريخ وجهه أو جسده الذي يحكي الحقيقة.
والبلد الذي غابت عن مدنه وشوارعه ومرافقه العامة، مظاهر الترتيب والنظافة، وصور الجمال بأبسط مقوماته، وكأنه لا يستحقها؛ أن يدخل أناسه زرافات زرافات في دين المراكز، وكأنهم لا يستحقون حتى الوجوه التي خلقها الله. أو لا يحتملون الاحتفاظ بأنفسهم كما سوّتهم الطبيعة.

تراهم يحتشدون لنفض جيوبهم بفرح طافح، وكأن ملائكة الرحمة قد حطّت بها أخيراً ما يكفي من الأرزاق. لا يعرفون إن هذا الفرح، سيكون لربما آخر جيل من الأفراح التي بمقدورها أن تطفح، وأن تصبح مقروءة في الملامح السلسة، الملامح التي لا يكسوها الصقيع العشوائي الذي تسوّقه هذه المراكز الشرهة.

ربما صناعة فقه جديد بات ضرورة، فقه قراءة الملامح. من أجل تفسير تعابير الوجوه بعد التحديث، ومتابعة عنعناتها المنقطعة والمرسلة والموقوفة. أو الاجتهاد في تأويلها إذا تعسّر الفهم. فالتقطيب، في وقتنا هذا، قد لا يكون بالضروة نوع من العبس، أو التعبير عن أمر غريب قد حصل، بل قد يكون من تداعيات زحاف الحاجبين ليس إلاّ، فجلّ من لا يسهو في الرسم والنحت. والضحكة العريضة، قد لا تكون ضحكة بالمرة. بل مجرد محاولة جادة لبسط الشفتين المزمومتين بالقوة.. وهلم جرّا.

وبعد الغيث غيث..

مسرعون على أرصفة القمامة
متفاعلون مع الزمن المنكسر، بروح التأقلم المر والمرح.
روح رياضية، تدفع لشفط المزيد من شحوم المواجع.
الشفاه غليظة، ربما لوجه الله.
تشبه، بما يكفي، غلاظة المرحلة الحنيفة.
ومقلوبة بعسر الضوء، متورمة وصاعدة، تروم لمس الإنوف المنحوته، أو مسايرة واقع الأنفة الحديثة.
ولم تعد أهلّة الجباه أهلّة. ارتدّت عن بكارة تكوينها الأول.
لعبت بها الأصباغ والأوشام، بما يشبه النحس، صارت كالفزع متشابهة، كأنها ندوب معركة خاسرة. أو شعار موحد لمحو أميّة التفرّد بهويّة الجمال الطبيعي.
والرؤوس حمّالة غواية.
تلك التي لا تسترها رافعات الخرق والدبابيس، التي تهيل على أطوال أصحابها ما لا يقل عن ست بوصات على كل رأس؛
تراها حليقة الحواف بعناية، منتصبة الشعور في هوام الوسط، تشي أن في الأمر ما يشبه الجهاد. جهاد البخاخات واللواصق، لتحفيز الخصال العنينة.
مشاهد تجعلك تتفهم ولأول مرة، الفرق بين تطرف الذكور وتطرف الإناث على أرصفة القمامة.

يتبع..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما