الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من علوم الإمام أبي العزائم | الطريق إلى الله |‏ 14

عدنان إبراهيم

2021 / 2 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عرفنا من المقال السابق أن الله تعالى ليس في المجرات ولكنه ظهر في ابن آدم، لم يخلق الكون ‏ليسكن المجرات أو ‏الفضاء، ولكنه خلقه للإنسان ‏‏(هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) ‏وخلق الإنسان له هو سبحانه ليظهر ‏فيه (ابن آدم خلقتك لنفسي، وخلقت كل شيء لك..) ‏هذه ‏العلاقة هي حجر الزاوية في المعرفة الإنسانية ‏قاطبة في الحقيقة ولو وصلت البشرية كلها لهذا ‏السر وكشفته وبنت عليه حضارتها وصناعاتها ‏وعلاقاتها الدولية، ‏لعم السلام وانتهت الحروب.‏
ولعل السبب في انحسار هذا المفهوم ومهاجمة أهله هو أن البشرية لا زالت في طور النمو ‏الروحي ولا زالت تنزع ‏نحو الشر، وهذا المنحى هو طريق ‏الأرواح المتأخرة التي لم ترتق روحياً بعد ‏بالشكل الكافي، فأحدهم لا يقبل أن ‏يكون مظهراً لله ولكنه يقبل أن يكون مظهراً للشيطان ‏ولا يجد ‏غضاضة في ذلك. وبناء على هذا تتشكل رؤيته ‏وتعريفه لنفسه، فالأفكار تثمر الأفعال ‏والسلوك، ومن يرفض صفات الحق والخير بزعم تنزيه الله ‏سيظل على ‏نفس الصفات السيئة التي ‏تثمر الآثام والأفعال السيئة.‏
ومع هذا فهذا ليس تنزيهاً بل هو تعطيل ونفي، فأين هي صفات الله (الظاهر) سبحانه وتعالى ‏في كونه إن لم ‏تظهر في الإنسان ؟! هذا سؤال ‏محوري وجذري يجب ألا يمر مروراً عابراً.‏
فالله خلق الإنسان ليظهر فيه، وليتطهر من صفات نفسه لا ليظهر بها (من الشح والبخل ‏والكبر الخ)، فيظهر ‏على ربه (وكان الكافر على ربه ‏ظهيرا) والكفر هو تغطية الحقيقة وإنكارها ‏وجحودها وعدم الإيمان بها. وكثيراً ما ‏يحتال الإيجو ليحافظ على وجوده، فهو لا يريد أن يموت، ‏فيأبى ‏عقيدة التجلي والظهور لكي تظل هكذا تعيش ‏قلقاً كئيباً، بينما نجاتك وفوزك في اتباع ‏طريق الخير باطناً أولاً، أن تصحح اعتقادك عن نفسك ‏وعن ربك، ‏لتكون في نظرك أكثر ‏صلاحاً وليكون ربك أمام ناظريك أكثر وضوحاً. وهذا هو ما عاشه المحبون عبر ‏التاريخ، ‏كأمثال الحلاج ومحي ‏الدين بن عربي وابن الفارض ومولانا جلال الدين الرومي ‏وأشباههم من رموز الخير ‏والصلاح.‏
وهو ما خلق الله الكون لأجله، أن تراه ويرى نفسه في مرآتك. فالله يريد منك أن تعبده لذاته، ‏وهذا منطقي ‏عقلاً ونقلاً، أن تطلبه هو، لا أن ‏تنساه - وهو المعبود - وتنشغل بالعبادة، والأمر ‏كله عبارة عن وسائل ‏للوصول إلى هذه العقيدة، ثم الترقي فيها. ‏
فالإسلام هو التسليم بالحكمة التي تسمعها من الرجل في زمانه من نبي أو وارث
والإيمان هو التصديق بها
والإحسان هو أن تبدأ في جني ثمرتها فتعبد الله كأنك تراه
والإيقان فوق الإحسان، وهو من مقامات الأنبياء، قال الله عن ابراهيم عليه السلام: (وكذلك ‏نري ابراهيم ‏ملكوت السموات والأرض وليكون ‏من الموقنين) وله مراتب، ومراتب اليقين:‏
‏1-‏ علم اليقين: أن تعلم موقناً أنك عبده ومظهره
‏2-‏ عين اليقين: أن ترى هذا وتشهده بعين بصيرتك، ال ابراهيم عليه السلام (رب أرني كيف ‏تحيي ‏الموتى) يطلب مرتبة عين اليقين، ‏ويريد أن يشهد كيف يتصل نور الله بالعبد فيحييه. ‏
‏3-‏ حق اليقين: أن تفنى عن شهودك وتبقى بالله.‏
ما هي أهمية هذه الأعمال القلبية بالنسبة لتطور الإنسان ؟ لها أهمية كبرى في إدراكه ونمو ‏وعيه ‏بذاته.. تخيل أسداً يرى نفسه أرنباً، أو جبلاً عظيماً ‏يرى نفسه أحقر من ذرة رمل أو حبة ‏تراب، ‏نعم لو رأى هذا تواضعاً بينما هو يدرك حقيقته لكان هذا حقاً (العبد يتحلى بذل ‏وجمال ‏العبيد، ‏وفي نفس الوقت يرى في نفسه جمال المبدئ المعيد، فلا تلتبس عليه المرتبتان) لكن الذي ‏يرى ‏نفسه ولا يرى ربه على خطر عظيم. ‏ومن هنا تأتي أهمية قراءة علوم الإمام أبي العزائم، ‏الإمام ‏الوارث في عصرنا الصعب. وفعل القراءة كسلك معدني، أحد طرفيه في رأس ‏الكاتب ‏والآخر في ‏رأس القارئ، فيعمل كموصل للأفكار العظيمة والعلوم الراقية والفهم المتطور . وقد ‏يرتقي شخص ‏واحد في أمة فيعمل على ‏ترقيتها معه من ‏خلال التواصل، وأحد أهم وسائل التواصل هي القراءة.‏
‏(لو تدارسنا ما كان عليه أئمة الهدى من رجال السلف والخلف، حتى ظهر لنا ما كانوا عليه ‏رضوان الله عنهم، ‏وأخذنا نطالع مؤلفات المرشد الحى ‏القائم في هذا العصر، السيد محمد ماضي ‏أبو العزائم، فسوف يظهر لنا أن ‏تراثه أيده الله بروح منه هو الشفاء لأمراض النفوس - التي ‏أحدثها ‏ظهور غير المسلمين عليهم - من انفصام ‏عروة الإخاء الإسلامي، ومن التساهل في ‏الأخلاق الإسلامية وفي المعاملات والعبادات، ومن الغفلة ‏التي ‏حجبت البصائر عن النظر في ‏آيات الله والعبرة فيمن سبق، مع تفصيل المجمل وبيان المبهم.‏
فأغنانا الله بتلك الأسفار القيمة التي جمع الله فيها علوم الأولين والآخرين، لأن الأمة في حاجة ‏شديدة إلى إمام ‏مجدد في كل زمان يبين لها حكم ‏الله تعالى، مطابقا لروح كل عصر، حيث أن ‏الإسلام دين الله تعالى الذي ‏رضيه لجميع خلقه في كل زمان ومكان. ولما كان الطريق إلى الله ‏تعالى ‏هي السنة التي كان عليها رسول الله ‏صلوات الله وسلامه عليه، ومنهج الصفوة من خيرة ‏الأمة، كان لابد أن يكون جامعا لكل ما لابد ‏للسالكين ‏منه، من عقيدة، وعبادة، ومعاملة، ‏وأخلاق. ومن تزكيه للنفوس. ومن تلقى علوم اليقين. ومن القيام بنوافل البر ‏في كل مقام ‏من ‏مقامات الإسلام، والإيمان، والإحسان، والإيقان. ومن تلقي علوم اليقين وإشارات أهل ‏التمكين ‏حتى يصل السالك إلى مقام يكون فيه وهو ‏في القرن الرابع عشر من الهجرة مع (محمد رسول الله ‏والذين ‏معه) بما يجملهم الله تعالى به من صفات أهل المعية التي ذكرها في آخر ‏سورة ‏الفتح). (1)‏ ‏
يعتقد كثير من الناس أن الطريق إلى الله تعالى طريق غريب غير مألوف في الواقع، وأنه خاص بأناس معينين، لهم طبيعة معينة، أو لهم مؤهلات ‏خاصة تتيح لهم ظهور الكرامات التي تشبه المعجزات، ولكن هذه الإعتقادات والهواجس أفكار خاطئة، يقول الإمام أبو العزائم: وقد ثبت لنا ‏بصريح القرآن أنه (صلى الله عليه وآله وسلم)خاتم الأنبياء فلا نبى بعده، وأن ما جاءنا به هو ‏محبوب الله ‏الذي لا يقبل من العبد سواه، وأن مخالفته في عقيدة أوعبادة ‏أو أخلاق أو معاملات ‏بدعة مضلة ومفسدة ‏مذلة، وأن العبّاد والزهاد والعلماء إذا كوشفوا بمقامات وأسرار، أو بغيوب ‏وأنوار، أو قامت حجة ‏لهم بآيات ‏الكون، أو ظهرت لهم معجزة تحير العقول، ولم تكن كل تلك ‏الحقائق مؤيدة بسنته (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهي ضلال. ‏
‏ و إني أوصي إخوتي السالكين والواصلين والمتمكنين، أنهم إذا كوشفوا بمشاهد يرونها عليّة ‏وخالفت السنة ؛ أن ‏يضربوا بها ظهر الحائط أدبا مع ‏رسول الله ونجاة لأنفسهم، قال (‏صلى الله عليه وسلم‏‏ وآله): ‏‏«الحلال بيّن والحرام بيّن» ‏ومهما كان السالك يقظا ومتمسكا بالسنة فإنه لا يبلغ من اليقظة ‏مقام ‏أبينا آدم عليه السلام، ولا من الرعاية ‏للأدب مع الله تعالى، ومع تمسكه وأدبه عليه السلام، ‏فقد أفسد إبليس عليه حاله، فإن إبليس اللعين ‏ياإخوتي ‏ما ترك وليا بل ولا نبيا بل ولا رسولا، ‏إلا وهو حريص على فتنته، وإن أكثر الصحابة رضوان الله عليهم كانوا ‏يبيتون الليل يبكون ‏خوفا ‏على الإيمان أن يسلب منهم من فتنة إبليس، وهم أصحاب من نعلمه، فكيف يطيب ‏للسالك ‏أن يأمن جانب الله أو يظن السوء به، ‏فيعتقد أنه أباح له مالم يبحه لغيره، أو جعله قطبا ‏يتصرف في ‏الكون، أو جعل له الشفاعة ؟! ‏
‏ كل تلك دسائس الشيطان للسالكين، ووساوسه للواصلين، وقيام الخناس بين يدي المتمكنين ‏ليضل بهم ‏التابعين. أعاذنا الله من كيده. ‏
‏ إخوانى: أيدنا الله وإياكم بروح منه، حافظوا على الميزان، والميزان هو كتاب الله وسنة رسوله ‏‏(صلى الله عليه ‏وآله وسلم)، واعلموا حق العلم أن ‏السمك يخوض البحر، وأن الغراب يطير في ‏الجو، وأن الكافر يتكلم في ‏الشرق فيسمعه من في الغرب، وأن أولياء الله تعالى قلوبهم ‏منكسرة ‏خاشعة، أبدانهم هينة خاضعة، وهممهم ‏معلقة بالعرش، ومقصودهم الرضوان الأكبر، ومعبودهم ‏الله تعالى، ومحبوبهم من يقربهم إلى الله ‏تعالى، ويوصلهم ‏إليه. صغرت الدنيا في أعينهم ففارقوها ‏أحوج ما يكونون إليها، راغبون في الجنة لأن الله تعالى رغبهم فيها، ‏ووعدهم أن ينضر ‏وجوههم ‏ويتفضل عليهم بالنظر إلى وجهه يوم القيامة، ولولا ذلك لفارقوها كما فارقوا الدنيا. ‏
‏ إخواني: حافظوا على ما يبقى لكم خيره يوم القيامة من أعمال القلوب والجوارح، حتى تكونوا ‏أشبه الناس ‏برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبالصحابة، ‏واحذروا مصاحبة أهل الدنيا ومجالسة أهل البدع ‏المضلة، قال الله تعالى: (فلا ‏تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين)

كرامة الأولياء
‏ الكرامة هي تكريم الله العبد بما يقربه إليه، أو إظهار خوارق العادات على يد العبد ليهدي به ‏غيره من غير ‏قصد، فإذا قصد السالك أن تظهر له ‏آية من الآيات لينال الشهرة أو ليحصل ‏لنفسه مالا أو جاها كان ‏مضلا، لأن الله أخذ المواثيق على الرسل أن يظهروا المعجزة ليخرجوا ‏الناس من ‏الظلمات إلى النور، وأخذ العهود ‏على الأولياء أن يحفظوا الكرامة، فإذا أظهرها ‏سبحانه ليكرم غيرهم بالهداية والتوبة فذلك فضله تعالى، ‏وأفضل ‏إكرام يكرم الله به أولياءه هو ‏الاستقامة، والاستقامة عند العلماء خير من ألف كرامة من الكرامات التي يدعيها ‏المشعبذون ‏أهل الجهالة ‏ليوهموا الناس أنهم على تقوى من الله، والله سبحانه لا يصلح عمل المفسدين. ‏
‏ ومن أجل ذلك أنكر العلماء الكرامة من غير المستقيمين، ولم ينكر العلماء إكرام الله لأهل ‏الأستقامة، كما ‏أكرم مريم ابنة عمران بالطعام ‏والفاكهة، وأكرم والدة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة ‏ميلاده بما هو معلوم، وأكرم كثيرا ‏من أوليائه بالنجاة من الوحوش ومن الظلمة، وأكرم بهم ‏ذريتهم ‏كما في حاثة موسى عليه السلام والخضر من ‏رفع الجدار، ولا ينكر إكرام الله لأهل الإيمان عند ‏التجائهم إليه سبحانه أحد من المسلمين، ‏ولكننا ننكر على ‏أهل البدع المضلة المخالفين للكتاب ‏والسنة، وكم أكرمنا ربّنا وأغاثنا في كل أحوالنا بما لا نستحق، له الحمد وله ‏الشكر. ‏
‏ ومن ظن أن الكرامة غير الاستقامة فليس بمؤمن على بصيرة، وكم خدع هؤلاء المشعبذون ‏جهلاء فأضلوهم عن ‏الصراط المستقيم، إني أعيذ ‏إخوتى المؤمنين من هؤلاء الضلال. وقد ‏التبست الكرامة بأعمال هؤلاء الضلاّل ‏فاعتقد فيهم أهل الجهالة اعتقاداً جعلهم يطيعونهم حتى ‏في ترك ‏الصلاة والصيام، وفى إباحة المحرمات، ظنا منهم ‏أن هذا هو الدين. ‏
‏ ومسلم يعتقد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم الأنبياء بصريح القرآن، ويقرأ الكتاب والسنة، ويأتيه ‏شيطان ضال ‏مضل يهدم أركان الإسلام، ويبيح ما ‏حرمه القرآن، ويبيح الأعراض ويقبل منه، لا ‏يكون مسلما أبدا، وكيف لا ‏؟ والله تعالى يقول : (فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) ويقول: (ولله ‏على ‏الناس حج البيت) ثم يقبل منهم بعد ذلك ‏من يدعى الإسلام محاربة القرآن والسنة. نعوذ ‏بالله من غضب الله ومن الكفر بعد الإيمان. ‏
‏ الكرامة أن يكرم الله المؤمنين بالاعتصام بالكتاب والسنة، ويعصمهم من الفتن المضلة والأهواء ‏المذلة.‏

الاعتصام بالكتاب والسنة ‏
‏ قال الله تعالى : (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور ‏رحيم) وقال: (من ‏يطع الرسول فقد أطاع الله)‏
وعن عائشة رضى الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله :«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس ‏منه فهو رد» ‏وعن جابر رضى الله عنه عن النبى ‏‏(‏صلى الله عليه وسلم‏‏ وآله) قال: «أمّا بعد فإنّ أصدق الحديث ‏كتاب الله، وخير الهدى ‏هدى محمّدٍ، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ محدثهٍ بدعة، وكلّ بدعةٍ ‏ضلالة» ‏وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‎ ‎‏:«أبغض ‏النّاس إلى ٱلله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغٍ في الإسلام سنّة ‏الجاهلية، ومطالب دم امريء مسلمٍ بغير حقّ ‏ليريق ‏دمه» رواه ابن عباس رضي الله عنهما. وقال ‏‏«كل أمتى يدخلون الجنّة إلاّ من أبىٰ، قالوا: ومن يا رسول ‏الله ؟ قال: من أطاعني ‏دخل ‏ٱلجنّة ومن عصانى فقد أبى». ‏
‏ ‏
الطريق إلى الله تعالى ‏
الطريق إلى الله تعالى هو عمارة كل وقت من أوقات السالك بما اقتضاه الوقت من اللازم ‏الشرعي، من عمل ‏قلبي فقط، أو عمل بدني فقط، أو ‏عمل مزدوج منهما، وبذلك ينتقل على ‏معارج القرب في كل لمحة ونفس، ‏لأن الزمن هو المراحل التي ينتقل منها إلى حضرة الرب ‏سبحانه ‏وتعالى، وإنما العمر هو المسافة التي بين العبد ‏وربه (إنّ إلى ربّك الرّجعى). ‏
‏ فكلما مضى من عمره نفس انتقل مرحلة إلى ربه، وفي كل نفس له كمالات يتجمل بها إذا ‏عمر الوقت ‏بواجبه. فإن أهمل خسر الوقت وخسر ‏الربح فيه، وطولب بواجبه، لأن تلك ‏الصحف ترسم فيها صور الأعمال ‏محلاة بنور القبول والثناء من الله تعالى، أو بظلمة المعصية ‏والمقت من ‏الله. ‏
‏ ولا يعد المريد سالكا على الطريق إذا لم يحط علما بواجب الأوقات، وبصحبة من سلك، ‏وعرف المبدأ ‏والمرجع، وتمكن من معرفة النفوس، وعلم ‏أمراضها ودواءها وتكميلها، على أنى لا ‏أحكم أن المريد معصوم من ‏المعاصي، ولكني أرى أنه يقع في صغائر الأمور التي تشتبه عليه لأنها ‏خفية، ‏وانتفاؤها عن المريد متعذر، كما ‏يحصل من بعض المريدين من المسارعة في عمل النوافل، ‏والتساهل بالواجبات ؛ من بر، أو صلة، أو نجدة، ‏أو ‏عيادة، أو جهاد، أو اكتساب. فقد يكون ‏واجباً يقتضيه الوقت فيترك ذلك ويقبل على الأوراد والصيام والسهر ‏في الصيام، فتكون ‏تلك ‏المعاصي تدخل على المريد من حيث لا يعلم، وأمثال هذه كثيرة نكتفي بما تقدم من ‏المثل، لهذا ‏يجب على المريد صحبة الكامل.‏
‏ إذا تحقق هذا من أن العمر هو المسافة، لزم على كل مريد أن يعلم الحقوق الواجبة عليه لنفسه، ‏ولربه سبحانه، ‏وللناس بحسب مراتبهم (2) ويعلم ‏مواقيت تلك الحقوق وشروطها، فقد يكون ‏الوقت يقتضي الشكر فيصرفه ‏في الذكر، وقد يقتضي السعي على المعاش فيصرفه في ‏الصلوات. ‏‏(3)‏



"دستور السالكين طريق رب ‏العالمين"‏
الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم

_______________________________________________
(1)‏ ‏ من مقدمة الإمام ‏السيد أحمد ماضي أبو العزائم لكتاب "دستور السالكين طريق رب ‏العالمين"‏
هذا الفهم للدين وللطريق على عكس ما يفهمه الوهابية ويعلمونه للناس أن الإسلام ‏علاقة مع الله من خلال تقديم العبادات ‏فقط، على نسق ‏تدين اليهود.‏
‏(2)‏ ‏ تأكيد على نفس المعنى، أن الإسلام هو دين الحياة ذاتها، وأن العبد يرتقي من خلال ‏تصحيح النية في كل أعماله ول كانت ‏لا ‏علاقة لها بالعبادة في الظاهر.‏

‏(3) وإنى أحب أن أضع مقدمات للمريد وضوابط إذا لاحظها يسهل عليه معرفة مقتضى ‏الوقت، ويعلم الأحكام الشرعية التي تجب عليه في ‏نفس الوقت، والله الموفق. ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 12345


.. لابيد: كل ما بقي هو عنف إرهابيين يهود خرجوا عن السيطرة وضياع




.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #


.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع




.. #shorts yyyuiiooo