الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللغة - اللوغوس

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2021 / 2 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أركيولوجيا العدم
٢٠ - اللوغوس
اللغة ليست مجرد جهاز بدائي لتوصيل الرسائل والإتصال بين مخلوق وآخر. اللغة برنامج متكامل شامل ومعقد وشديد الفعالية لبناء الأساطير والملاحم والأديان وكل ما يتعلق بالحضارات القديمة منها والحديثة. وقد أدركت المجتمعات الغابرة أهمية اللغة في بناء الخيال الجماعي، وأدرك الإغريق أهمية التواصل والربط بين اللغة والفكرة والكينونة، فكل ما يمكن أن يقال.. يمكن أن يكون.
لوغوس- باليونانية: Λούος Logos، هي من أكثر الكلمات أهمية وأكثرها غموضا في الفكر الغربي الديني منه والفلسفي، إذ تدل في سياقات شتى على مدلولات متعددة، كالخطاب، اللغة، العقل، القانون الكلي، كلمة الإله، من بين معان أخرى. اللوغوس Logos عند أفلاطون وأرسطو قانون الوجود وأحد المبادئ المنطقية، وعند الرواقيين قانون العالمين الطبيعي والروحي في إطار وحدة الوجود. كان أول من استخدم مفهوم اللوغوس في الفلسفة اليونانية هو هيراقليطس Heraclitus في فلسفته عن التغير والصيرورة، فقد جعل اللوغوس المنظمَ لكل الأشياء والأساس والمبدأ الذي تتم به عملية التغير والسيلان؛ اللوغوس عنده هو القانون العام الذي يسير عليه الوجود في تغيره من حالة إلى ضدها، وهو الشيء الوحيد الثابت في هذا الوجود الدائم السيلان والتغير وهو النار. واللوغوس في مطلع إنجيل يوحنا هو الكلمة: " في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، والله هو الكلمة، به كل شيء كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان"، فاللوغوس هو الكلمة الخالقة والصورة التي عليها يتجلى الله، إنه المسيح. وجاء في خاتمة رسالته الأولى وفي الرؤيا المنسوبة إليه أيضاً أن هذا اللوغوس أو الكلمة، هو الذي كان قبل خلق الكون، كان عند الله، وهو هو الله، وهذا اللوغوس أو الكلمة، تجسد، أي اتخذ جسداً، وحلّ بين الناس، فكشف لهم حقيقة الخلاص وبث فيهم الحياة الخالدة، ممكنا لهم من أن يصيروا أبناء الله. وقد وجد آباء الكنيسة الأوائل في فكرة اللوغوس وسيلة للتوفيق بين الفلسفة اليونانية والعقيدة المسيحية بأن ادعوا أن اللوغوس هو مصدر كلتيهما والينبوع الوحيد لكل حقيقة. في البدء كانت الكلمة، والكلمات أتخذت طرقا متعددة، والكلمة "الله - المسيح" أدت إلى طريق مسدود كما هي كل الطرق المتجهة نحو السحاب، غير أن بعض العقول المجازفة والتي اتخذت بعض من هذه الطرق المسدودة، تركوا بعض الإرشادات والملاحظات وحتى بعض الخرائط المفيدة في تسلق مسارب وشعاب أخرى. القديس أوغسطين في كتابه "مدينة الله" والذي يدافع فيه عن مدينة الله المسيحية ضد مدينة البشر، يطرح سؤالا محيرا مثل سؤال سبينوزا "ماذا كان يفعل الله قبل أن يخلق العالم ؟"، غير أن القديس المحترم كان يعرف الجواب قبل أن يطرح السؤال، وبروح تهكمية أجاب بأن الله كان يعد الجحيم ويجهزه لإستقبال الذين يطرحون مثل هذه الأسئلة. غير أن ذلك لم يكن لمجرد الضحك، فقد أراد بهذا التساؤل طرح إشكالية الزمن ووضع حجر الأساس لنظرية الزمان الوجودي التي ساهمت في تطور الفكر الفلسفي طوال القرون اللاحقة. الزمان بالنسبة له خاصية ملتصقة بالعالم، ولا وجود للزمان قبل وحود العالم، ومن هنا يبدو السؤال المطروح ساذجا وبلا معنى، سوى كونه ذريعة لتساؤلات أكثر أهمية بخصوص حدوث العالم أو أزليته. الزمان لم يكن بعد ضلعا من أضلاع المربعات أو اللبنات المكونة لهندسة العالم. والتساؤل عما إذا كان العالم حادثا تاريخيا ويدخل الزمان في تكوينه حتى ولو خلق في لحظة معينة من قبل قوة عليا أو إلهية، أم أنه يوجد منذ الأزل كما هو .. هذا النوع من الأسئلة كان منحصرا داخل المربع الديني واللاهوتي السابق ذكره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الصين يحمل تحذيرات لبكين؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. زيارة سابعة مرتقبة لوزير الخارجية الأميركي إلى الشرق الأوسط




.. حرب حزب الله وإسرائيل.. اغتيالات وتوسيع جبهات | #ملف_اليوم


.. الاستخبارات الأوكرانية تعلن استهداف حقلي نفط روسيين بطائرات




.. تزايد المؤشرات السياسية والعسكرية على اقتراب عملية عسكرية إس