الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من علوم الإمام أبي العزائم | الطريق إلى الله |‏ 15

عدنان إبراهيم

2021 / 2 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من آداب السالكين
‏1-‏ العلم بالنفس، العلم بالله، العلم بأحكامه، العلم بأيامه.‏ (1)
‏2-‏ إخلاص النية عند العمل. ‏
‏3-‏ تأدية العمل على الوجه الشرعي. ‏
‏4-‏ الفرح به من حيث أنه لله وبتوفيقه. ‏
‏5-‏ الشكر بعده لله على عنايته، وإقامة العبد مقام عامل له سبحانه.‏
‏6-‏ عدم الإعتماد على العمل.
‏7-‏ تحققه العجز عن حقوق الشكر بعد العمل.‏
‏8-‏ جعل كل الأعمال لله تعالى ولو كانت من شهواته الحيوانية، بتصريفها ‏بحسن ‏النية.‏
‏9-‏ مجاهدة نفسه حتى لا يجد سرورا في نفسه بالعمل أمام الناس أو في الخلوة ‏لصحة ‏توجهه إلى الله تعالى، ‏فإن نشط أمام الخلق، وكسل في الخلوة جاهد ‏نفسه ليكون حاضرا ‏مع الله في الحالين، غائباً عن الخلق في ‏المشهدين، كما ‏يحصل للعامل إذا عمل عملا ‏نافعا لذاته، فإن الأمر يستوي عنده في ‏الخلوة والمجتمع. ‏
‏10-‏ تلبية قلبه فيما يدعوه إليه، إلا فيما أوقع في ريبة في عين الخلق أو شبهة ‏عنده، ‏فإنه يحفظ الخلق من ‏الوقوع في محرم بشأنه، أو من الوقوع في محرم ‏بالاقتداء به. ‏
‏11-‏ غض البصر عن عورات الناس وعيوبهم ومساويهم ليستريح ويريح، إلا من ‏أمر ‏بمعروف أو نهي عن ‏منكر بشروطه الشرعية.‏
‏12-‏ المسارعة عند النشاط إلى القربات بعد الفرائض. (2) ‏
‏13-‏ قهر النفس عند الكسل على عمل الواجبات في أوقاتها ولو بالتكلف.‏ ‏‏(3)‏
‏14-‏ تسليم ما يجهل من أسرار الحكمة والقدرة للعالِم الأكبر سبحانه وتعالى، ‏حتى يفتح ‏له باب العلم بها ‏بدون بحث بعقل، ولا تنقيب بفكر، فإنه ولد ‏جاهلاً أولا.‏
‏15-‏ ترك الجدل مرة واحدة (4) فإنه باب القطيعة ومهاوى البعد، لأنه إذا ترك ‏الظالم أو ‏المبتدع في ضلاله، ‏فهو خير له من أن يجادله ليرده إلى الحق، ‏لأن الجدل بدعة مضلة ولا ‏يأتي الخير بالشر: ‏قال تعالى (بل هم ‏قوم ‏خصمون) وقال (صلى الله عليه ‏وآله وسلم): « إذا غضب الله على قومٍ ‏أوتوا الجدل ».‏
‏16-‏ يكون مقصوده الرضا من الله تعالى، وحسن الثناء منه سبحانه، الأمر ‏الذي يصغر ‏الخلق في عينه فلا ‏يحزنه سخطهم وإدبارهم، ولا يفرحه إقبالهم ‏ورضاهم إلا من وجهة ‏حب الخير لهم، وبغض الشر لهم، ورؤية ‏الفضل من ‏الله عليه في الحالين بالشكر في ‏الإقبال، والابتهال والتضرع في الإدبار. ‏

‏ إني رأيت بعد إقامتي بمصر كثيرا ممن ينتسبون إلى طريقي على غير هدى، ‏فمنهم ‏الضال المضل، الداعي إلى ‏الشر، المعتقد أن الطريق إلى الله تعالى ترك الكتاب ‏والسنة، ‏والعمل بالحظ والهوى، من الإباحة، وترك أركان ‏الإسلام، بدعوى أن هذا ‏حال، وأن ‏الحقيقة في نظرهم فوق الشريعة. والنفوس الأمارة بالسوء تميل إلى هذا ‏الفساد ‏بسرعة ‏وتعتنقه بقوة، خصوصا إذا تلقت هذه الأباطيل من جاهل مغرور. ‏
أحزنني جدا ‏ما ‏رأيت، وأخذت أركب الأدوية لتلك النفوس بقدر الطاقة من تأليف ومداراة، ‏حتى ‏تحققت أن ‏القضاء أعمى أبصارهم، ووجدتني مطالباً أن أتبرأ منهم، فزادهم ذلك ‏طغيانا ‏وأنكروني، وابتدعوا لهم طريقا آخر ‏محاربة لي فشكرت الله الذي أظهر للناس ‏سوء ‏مقاصدهم، وسألت الله لى ولهم الهداية، وهم لا يخفون على أحد ‏من إخواننا ‏السالكين ‏على الكتاب والسنة. ‏
‏وهنا أبين الشريعة والطريقة والحقيقة بيانا شافيا ليحفظ الله قلوب السالكين من ‏الوقوع ‏في الضلالة والخزي. هذا ‏البيان رجعت فيه إلى ما ورد عن السلف الصالح، ‏عندما ‏ظهرت البدع والفتن، وكثرت الآراء والمذاهب، ‏خصوصا الخلاف الذي وقع من ‏أهل ‏الزور والبهتان في الشريعة والطريقة والحقيقة. ‏

تعاريف أولية ‏
الشريعة: هي الإئتمار بالتزام العبودية، و الشرع في اللغة عبارة عن البيان ‏والإظهار، ‏يقال : شرع الله كذا، أي: ‏جعله طريقا ومذهبا. ومنه المشرعة، والشريعة، ‏والشرع، ‏والدين، والملة، والناموس، كلها بمعنى واحد.‏
‏ ‏
الطريقة: ‏هي السيرة المختصة بالسالكين إلى الله تعالى مع قطع المنازل والترقى ‏في ‏المقامات. ‏

الحقيقة: ‏والحق هو الثابت الذي لا يسوغ إنكاره، وفى اصطلاح أهل المعانى: هو ‏الحكم ‏المطابق للواقع. ويطلق ‏على الأقوال والعقائد والأديان والمذاهب باعتبار اشتمالها ‏على ‏ذلك، ويقابله الباطل فمعنى حقيقة الشىء : ‏مطابقة الواقع إياه. قال (صلى الله ‏عليه ‏وآله وسلم): «علم الباطن سرّ من أسرار الله تعالى وحكمه من حكم ‏الله يقذفه ‏في ‏قلوب من يشاء من عباده » وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): « العلم علمان علم في القلب ‏فذٰ--------لك ‏العلم النّافع، ‏وعلم على اللّسان فذٰ--------لك حجّة الله على ابن آدم » . ‏

الشريعة والحقيقة ‏
‏ قالوا: الشريعة أمر بالتزام للعبودية دائما، والحقيقة مشاهدة الربوبية. ‏
فكل شريعة ‏غير ‏مؤيدة بالحقيقة فغير مقبولة، وكل حقيقة غير مقيدة بالشريعة فغير مقبولة أيضا.‏ ‏فالشريعة: أن ‏تعبد الله، والحقيقة: أن تشهده حقيقة، فالشريعة: قيام بما أَمَر، ‏والحقيقة: ‏شهود لما قضى وقدر وأخفى وأظهر.‏

بيان في الحقيقة
‏ الحقيقة بحسب ما يعلمه السالك في سلوكه حتى يصل، فإذا وصل بينّا له ‏الحقيقة ‏بحسب مقام الواصل إلى أن ‏يتمكن، فإذا تمكن ألهمه الله الحقيقة. ‏
إعلم أن الحقيقة أن ترى الله هو المتصرف في خلقه. يهدي ويضل، ويعز ويذل، ‏ويوفق ‏ويخذل، ويولي ويعزل. ‏فالخير والشر، والنفع والضر، والإيمان والكفر، والتصديق ‏والنكر، ‏والفوز والخسران، والزيادة والنقصان، والطاعة ‏والعصيان، والجهل والعرفان: ‏بقضائه ‏وقدره، وحكمه ومشيئته. فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، لا يخرج ‏عن ‏مشيئته لفظة ‏وخطرة وذرة في العالم، لا راد لحكمه، ولا معقب لقضائه وقدره، ولا مهرب ‏من معصيته ‏إلا ‏بتوفيقه ورحمته، ولا قوة على طاعته إلا بإرادته ومعونته ومحبته، فعرفنا أن ‏هذه ‏الصفات التي صدرت بالقضاء ‏والقدر حقيقة. ‏
‏ ثم إن الله تعالى جعل للعبيد كسبا واختيارا ميزهم عن الجمادات والبهائم. فجعل ‏العبد ‏قادرا على الفعل، وجعل ‏له نية وقصدا يختار بها الفعل، ليمتاز بها عن المكره ‏والمضطر. ‏ثم إنه تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب، وأمر ‏بالإيمان والطاعة، ونهى عن ‏الكفر ‏والمعصية. وأخفى عن العباد ما علمه من أحوالهم، وما أراد من أفعالهم. فمن ‏كان ‏في ‏علم الله القديم ومشيئته السابقة سعيدا يسر الله له الطاعة، ومن كان شقيا عسر ‏عليه ‏الطاعة، ‏فالاعتبار بالخاتمة وهى السابقة، وله الحجة البالغة، وسطوة قهره دامغة ( ‏لا ‏يسأل عمّا يفعل وهم يسألون). ‏

الجمع بين الشريعة والحقيقة
‏ وقد جمع الله تعالى بين الشريعة والحقيقة في آيات كثيرة. فمنها قوله تعالى : (لمن شاء منكم أن يستقيم) فهذه ‏شريعة (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) فهذه حقيقة. ‏
ومنها قوله تعالى (فمن شاء ذكره)‏‎ ‎فهذه شريعة، (وما يذكرون إلا أن يشاء الله) فهذه حقيقة.‏
ومنها قوله تعالى تعليما لنا (إيك نعبد) الفاتحة: ‏‏٥--------‏‎ ‎حفظا ‏للشريعة، (وإياك نستعين)‏‎ ‎إقرارا بالحقيقة. فإياك نعبد ‏فيه إثبات ‏الكسب للعبد ‏وإضافة العبادة إليه، وإياك نستعين فيه رد الأمر إلى الله، وأن العبادة ‏بعونه ‏وتيسيره. ‏وفى قوله : ‏(إيك نعبد) ‏أى لا نعبد إلا إياك، ولا نشرك في ‏عبادتك غيرك، ‏فهذا مقام ‏الشريعة، ‏(وإياك نستعين)‏‎ ‎أي لا نستعين إلا ‏بك لا بأنفسنا وحولنا، وهذا ‏مقام الحقيقة، فإياك نعبد مقام ‏الأبرار، وإياك نستعين مقام ‏المقربين.‏
فالأبرار قائمون لله، والعمل الأول هو العمل لله، والعمل الثاني هو العمل بالله. ‏فالعمل ‏لله يوجب المثوبة، ‏والعمل بالله يوجب القربة. والعمل لله يوجب تحقيق العبادة، ‏والعمل ‏لله القيام بالأحكام الظاهرة. والعمل بالله ‏القيام بالضمائر. ‏
‏ فمن زعم أن التمسك بالحقيقة يغنى عن إتباع الشريعة فهو ضال مضل. فعنه ‏‏‏صلى ‏الله عليه وسلم‏ وآله: ( ‏الشّريعة أقوالي والطّريقة أفعالي والحقيقة أحوالي).‏
‏ والمعرفة رأس المال.‏
وطهارة الشريعة بالماء والتراب، وطهارة الطريقة بالتخلية عن ‏الهوى، ‏وطهارة الحقيقة خلو القلب عما سوى الله ‏تعالى. ‏
فمن زعم أن العبور من ‏حجب ‏البشرية والوقوف على أسرار الطريقة والحقيقة بما يخالف الشريعة فقد ‏طغى، ‏وغلبت ‏عليه الضلالة والنسيان، واستهوته الشياطين في الأرض حيران، حتى أوبقته في أودية الهجران، ‏وأهلكته في قيعان الخسران، إلا من تاب وآمن وتاب ‏عليه ‏الرحمن. وإلا فكل طريقة تخالف الشريعة : فهي ‏كفر. وكل حقيقة لا يشهد لها ‏الكتاب ‏والسنة: فهي إلحاد وزندقة، لِما تَوَضَّحَ من أن الحكم بالأسباب ومراعاة ‏الأمر والنهى فرق وعبودية وشريعة، ‏والنظر ‏إلى تصريف الله تعالى في خلقه جمع وتوحيد وحقيقة. فالحقيقة إذا ‏باطن الشريعة، ‏ولا ‏يغني ظاهر عن باطن، ولا باطن عن ظاهر، والمعرفة تَحَقُّق هذه الثلاثة.‏
‏ مما توضح عُلِمَ أن أهل الظاهر هم أهل الشريعة، وأهل الباطن هم أهل الحقيقة، ‏وهما ‏متلازمان حقيقة، لأن ‏الطريق إلى الله تعالى لها ظاهر وباطن، فظاهرها الشريعة ‏وباطنها ‏الحقيقة، فبطون الحقيقة في الشريعة كبطون ‏الزبد في لبنه، وبدون مخض اللبن لا ‏يظفر ‏بزبده.‏
فالمراد من الحقيقة والشريعة إقامة العبودية على الوجه المرضيّ.‏


‏"دستور السالكين طريق رب ‏العالمين"‏
الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم
مؤسس الطريقة العزمية - دعوة الوراثة المحمدية
‏_______________________________________‏
‏(1)‏ يقول الإمام أبو العزائم في "اصطلاحات الصوفية" :
قال تعالى: "وذكرهم بأيام الله"، وهى سبعة:‏
‏1- يوم أخذ الميثاق.‏
‏2- يوم ألست.‏
‏3- يوم التكوين.‏
‏4- يوم البطن.‏
‏5- يوم الدنيا.‏
‏6- يوم البرزخ.‏
‏7- يوم القيامة.. فتدبر.‏
(2)‏ لأن القلب سريع التقلب لا يثبت على حال واحد، ولذلك يجب الإسراع بالطاعة عند ‏الإقبال.‏
‏(3)‏ لأن التهاون بالفرائض سبب في البعد عياذاً بالله، فالمحافظة على الأصول واجب في المنشط ‏والمكره.‏
‏(4)‏ ‏ ‏سواء في الدين أو في أمور الدنيا، لكن الذم المقصود بالأصالة هو الجدل في الدين بحيث ‏يكون الدين سبب للتفرقة والعداوة بدلاً ‏من أن يكون كما أراد الله له: سبب رحمة وتآلف.‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا


.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز




.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب


.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل




.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت