الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو بناء إستراتيجية وطنية للتقليل من استخدام الأكياس البلاستيكية في العراق

سوسن شاكر مجيد
(Sawsan Shakir Majeed)

2021 / 2 / 26
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


تفاقمت في العراق ظاهرة النفايات البلاستيكية ( أكياس النايلون) بسبب ازدياد استعمالها من قبل الكثير من الأفراد والذين يفضلونها على غيرها لوضع حاجياتهم وأمتعتهم ومشترياتهم المختلفة، أو حفظ أطعمتهم وأشربتهم نظرا لخفتها وسهولة استعمالها أو التخلص منها.
وعندما يسير المرء في شوارع العراق يجد ان الأكياس البلاستيكية تتطاير في كل مكان في الشوارع وإنها تتحرك مع الرياح وتجد مستقرها على فروع الاشجار والحقول والأسيجة وعلى ضفاف الانهر والبحيرات او في مجاري المياه والصرف الصحي والحدائق والساحات العامة . وأن وزارة البيئة غير مكترثة بتشوه المنظر ولا تمتلك اية معلومات احصائية عن اعداد الأكياس البلاستيكية المستخدمة سنويا من قبل العراقيين او اعداد المعامل المنتجة لهذه الاكياس او توجيه المستخدمين بالأساليب الصحيحة للتخلص منها.
ومن هنا لابد من توضيح أهم الأضرار الناجمة عن استخدام الأكياس البلاستيكية والتي شخصتها معظم الدراسات والبحوث في هذا المجال وهي:
‏ 1. ان الاستعمال المتزايد للأكياس البلاستيكية والتخلص منها في القمامة تعد صعبة التحلل اذ انها تحتاج مابين (400-1000) عام كي تتحلل وتمتصها التربة ، وينتج عند حرقها تصاعد العديد من المركبات الكيمياوية السامة وأخطرها مادة الديوكسين المحرمة دوليا ومعادن ثقيلة ضارة تلوث مصادر المياه والتربة والهواء.
2. وفي حالة حرقها في أماكن تجميعها سوف تنطلق منها الغازات والأبخرة السامة في الهواء والمضرة بصحة الانسان، مثل الميثانول و سيانيد الهيدروجين والأمونيا وأول أوكسيد الكربون، وأكاسيد النيتروجين، وبعض المركبات الهيدروكربونية الطياره وغيرها، وتتسبب في حدوث اضطرابات وأمراض مختلفة للإنسان، كالحساسية وأمراض الجهاز التنفسي والجهاز العصبي والجهاز الهضمي وأمراض القلب والكبد والكلى وغيرها

3. تنقل الرياح الأكياس البلاستيكية خفيفة الوزن إلى الأشجار والنباتات مما يؤدي ‏إلى حجب الضوء عن بعض أجزاء النباتات وبالتالي عدم استكمال عملية التمثيل الضوئي ‏.
4. نتيجة لتعلق الأكياس بكل ما تصادفه في طريقها فإنها تشوه الفسحة الجمالية للبيئة (التلوث البصري).
5. أن الحفظ المتكرر للأطعمة في أكياس البلاستيك يؤدي الى وجود متبقيات من مادة البلاستيك في دم الإنسان والتي تعتبر سموما قاتلة وسببا رئيسا للأمراض.
‏6. أن المواشي تقوم بأكل الأكياس البلاستيكية الموجودة في الشوارع وبراميل القمامة أو ‏تلك المعلقة على النباتات، مما يسبب انسداد القناة الهضمية وبالتالي مرضها وموتها.
7- ان الأكياس البلاستيكية تشكل خطرا على البيئة البحرية، حيث تلتف حول الشعب المرجانية، مما يحرمها من ضوء الشمس ومن التيارات المائية المتجددة الداخلة والخارجة منها وإليها والتي تحمل لها الطعام والأوكسجين، الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى موتها حيث تبيّن أن نحو مئة ألف حيوان بحري يموت سنويا نتيجة ابتلاعها بطريق الخطأ اعتقادا منها أنها احد الحيوانات البحرية مثل قنديل البحر وغيرها،
‏8. عندما تقوم الأتربة بدفن الأكياس البلاستيكية ، تؤدي تلك الأكياس إلى تشكيل ‏طبقة عازلة تفصل التربة إلى جزئيين مسببة حجز مياه الأمطار في الجزء العلوي، وعدم تسربها بشكل كلي أو جزئي إلى الآبار ‏الجوفية .‏ او ‏حصول التربة أسفل الأكياس ‏البلاستيكية على المياه والمخصبات اللازمة .‏

دور الجهات التشريعية في العالم للحد من استخدامها:
حدد الأتحاد الأوروبي إستراتيجية للتقليل من استخدام الأكياس البلاستكية وقد ارتأت الجهات التشريعية في الاتحاد الأوروبي وبعض البلدان الصناعية الكبرى الى تقديم جملة إرشادات وتوجيهات علمية وتكنولوجية صحيحة لمصنعي البلاستيك المجدد، ليتمكنوا من إنتاج وتصنيع بلاستيك مجدد مقبول لأغراض تغليف الأغذية على أن يمنح الذين يتبعون تلك الإرشادات والتعليمات وثيقة عدم ممانعة في استخدام منتجاتهم من البلاستيك المجدد في تغليف الأغذية،
ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلا، تعتبر إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية U.S Food and Drug Administration هي الجهة المنسقة مع مصنعي البلاستيك المجدد . وأكدت التشريعات في أن يكون الغلاف البلاستيكي المعد للاستخدامات الغذائية آمنا من الناحية الغذائية، هذا يعني بأن الغلاف لايؤذي الصحة العامة للمستهلك، ومن الشروط الأساسية لاستخدام الغلاف البلاستيكي في الأغذية هو أن يحقق حدا مقبولا (أدنى) من السلامة والأمان ضمن شروط التغليف وظروف الاستخدام وبالتالي:
- لا يجوز أن يتسبب الغلاف البلاستيكي المعد للاستخدامات الغذائية إلى احتمال تشكل مادة أو مواد في الغذاء تسبب خطورة على سلامة المستهلك.
- أن لا يكون لتلك المادة أو المواد المتشكلة في الغذاء بسبب الغلاف البلاستيكي المعد للاستخدامات الغذائية تأثير على سلامة المستهلك.
- أن لا يحدث الغلاف البلاستيكي المتلامس مع الغذاء تفسخا أو تغيرا في تركيبه، بحيث يؤدي إلى الإضرار بصحة المستهلك.
- يجب الإعلان بشكل واضح وصريح على المنتج بأن الغلاف مجدد في حال استخدام البلاستيك في تغليف المنتج الغذائي.

مجالات الاستخدام الآمن للبلاستيك المجدد فهي:
1- عبوات المواد والسلع غير الغذائية مثل الزيوت المعدنية والشحوم والمنظفات الصناعية والمبيدات.
2- الأوعية الخارجية لتعبئة العبوات المغلقة المحتوية على أي سلع غذائية كانت أم صناعية، مثل أوعية عبوات المياه الغازية، أو أوعية الأدوات الصناعية والمعدات الميكانيكية.
3- أكياس تعبئة القمامة وصناديق جمعها وحاوياتها.
4- أعمدة إضاءة الشوارع والمطارات، واللوحات الإرشادية للطرق، وأعمدة إشارات المرور في الشوارع والمطارات.
5- دعائم أسوار الحدائق وساحات مواقف السيارات، والأندية والملاعب الرياضية.
6- أرضيات الملاعب وبعض الطرق والمباني وأفنية المدارس وأماكن تجمع الأطفال
7- الكتل المحددة للأرصفة والطرق، والعلامات المحددة للشواطئ والموانئ وغيرها.
8- مواسير نقل مخلفات الصرف الصحي.
9- الخلطات الإسفلتية الخاصة في تبطين بعض الطرق ومهابط الطائرات وأرصفة الموانئ.
معلومات حول كمية أكياس البلاستيك المستخدم:
يقدر تقرير صادر عن الامم المتحدة ان اعداد اكياس البلاستيك المستهلكة في جميع انحاء العالم هي أكثر من واحد تريليون ، بينما يستهلك العرب نحو 25 مليار كيس، وبعد أن اكتشف الخبراء تأثيرها الضار على الإنسان أطلقوا تحذيراتهم من استعمال هذه الأكياس، وهناك بعض البلدان التي أدركت الخطورة الصحية والبيئية لاستخدام أكياس البلاستيك، فقررت منعها.
فأتخذت فرنسا مع بداية عام 2010 قرارا بمنع استعمالها،
أما أيرلندا فقد فرضت ضريبة 15 يورو على كل كيس لا يستخدم لأغراض خدمية أو بيئية مما أدى إلى خفض استعمالها بنسبة وصلت إلى نحو 95%، وفي تايوان تقوم معظم المتاجر بتحصيل دولار تايواني واحد (34 سنتا) مقابل الكيس الواحد، ونجم عنه انخفاض استخدام الأكياس بنسبة 80%، بعد أن منعت المتاجر ومطاعم الوجبات السريعة والعاملون في مجال صناعة الأغذية والمشروبات تدريجياً من إعطاء أكياس للمستهلكين مجاناً.
أما في بريطانيا فقد نجحت سبعة من أكبر الأسواق البريطانية في رهان تقليص استعمالها على النصف خلال ثلاث سنوات، وفي آخر تقرير لوزارة البيئة البريطانية يشير إلى أن استعمال الأكياس البلاستيكية تقلّص من 870 مليون كيس عام 2006 إلى أقل من 500 مليون كيس حاليا.
ولم تتوقف هذه الدول وغيرها عند الردع والمنع، بل أوجدت حلولاً عملية بيئية، واقترحت بدائل قابلة للتحلل بيولوجيا، فالبلاستيك المصنوع من السكر أو الحبوب أو نشاء الذرة ينتهي به الأمر إلى أكوام السماد.
اما على صعيد الدول العربية فقد وضعت وزارة البيئة والمياه في الأمارات العربية المتحدة إستراتيجية (2010-2013) من اجل خلو الأمارات من الأكياس البلاستيكية.
كما وضعت وزارة البيئة الأردنية أستراتيجية للأعوام (2010-2012) لتخفيض استهلاك الأكياس البلاستيكية.
علاج مشكلة الأكياس البلاستيكية:
يقول خبراء البيئة إن علاج مشكلة الأكياس البلاستيكية يتطلب تضافر الجهود من جانب الجهات المعنية من سلطات حكومية ومنتجين ومستهلكين، من أجل تقليل استعمال أكياس البلاستيك وتقليص حجم إنتاجها والاهتمام بإعادة تدوير نفايات البلاستيك بما يوفر المواد الخام ويقلل من بقاء الأكياس المهملة في الطبيعة أو في مواقع تجمع النفايات،
ولتلافي الأضرار والمخاطر الناجمة عن الأكياس يؤكد خبراء البيئة، إنه وبالرغم من الأضرار البيئية والصحية التي قد تحدثها الأكياس لاسيما الأنواع غير القابلة للتحلل، فإنه من غير الممكن من الناحية العلمية الاستغناء عنها كليا، ولكن يمكن الحد من استعمال هذه الأكياس وكذلك فرض بعض القيود على صناعة المواد البلاستيكية غير القابلة للتحلل، ويمكن استعمال بدائل قابلة للتحلل، وقد بذلت في السنوات الأخيرة جهود مكثفة لتطوير وإنتاج بدائل قابلة للتحلل، بعضها بلاستيكي والبعض الآخر غير بلاستيكي (عضوي) لتحل محل الأكياس البلاستيكية غير القابلة للتحلل أو المواد المستخدمة في صناعتها وأهمها بدائل غير البلاستيكية ومنها الأكياس الورقية، ويتم إنتاج هذه الأكياس غالبا من مخلفات عضوية تمت إعادة تدويرها كالورق والكرتون والخشب وأوراق الأشجار وغيرها، وتمتاز الأكياس الورقية بالمقارنة مع الأكياس البلاستيكية بسرعة تحللها في الطبيعة .
وهناك طرق أخرى لتجنب أخطار أكياس البلاستيك منها الاستفادة من الأكياس المستعملة، حيث أن من الطرق الشائعة للتخلص من الأكياس البلاستيكية المستعملة هو ردمها مع بقية النفايات المنزلية وغيرها بطريقة الطمر الصحي في التربة،
وقد استحدثت في السنوات الأخيرة عدة تقنيات لإعادة تدوير العديد من مكونات النفايات، لاسيما المواد العضوية بتحويلها إلى أسمدة، والزجاج والمواد البلاستيكية ذات الحجم الكبير وبعض المعادن وغيرها،
توعية أفراد المجتمع بأن مسؤولية المحافظة على البيئة وحمايتها من التلوث، هي مسؤولية عامة مشتركة بين جميع أفراد المجتمع منتجين وتجار ومستهلكين، فعلى المستوى الصناعي والتجاري فإن المصنعين والتجار مطالبون بتغيير استراتيجياتهم والتوجه إلى صناعات بديلة أقل ضررا بالبيئة، مثل صناعة الأكياس البلاستيكية القابلة للتحلل أو الأكياس الورقية والقماشية وغيرها،
كما أنهم مطالبون بوضع علامات مميزة على الأكياس البلاستيكية مثل عبارة "غير قابل للتحلل"، وذلك لأخذها بعين الاعتبار سواء من قبل المستهلك عند التسوق، أو من قبل الأجهزة الخدمية عند التخلص منها،
كما أن الشركات والمحلات التجارية مطالبة بتغيير أساليبها الحالية في التعامل مع الأكياس البلاستيكية بعدم الإسراف في استعمالها أو اعتبارها وسيلة للدعاية لمنتجاتهم، كما أنهم مطالبون بطرح بدائل للأكياس البلاستيكية كالأكياس الورقية أو القماشية في محلاتهم لكي يتمكن المستهلك من الخيار بينها وبين الأكياس البلاستيكية. وأما بالنسبة للمستهلكين فإنه يقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة في المحافظة على البيئة التي يعيشون فيها، لأن أي ضرر بالبيئة يعود بالضرر عليهم وعلى أجيالهم القادمة،
ان المستهلكين مطالبون أكثر من غيرهم بالترشيد في استخدام الأكياس البلاستيكية واستعمال أي من البدائل المتوفرة سواء أكانت ورقية أو من قماش أو الخيش لقضاء حاجاتهم للتسوق والتخزين وغيرها من الاستعمالات اليومية.

المقترحات:
1- تشكيل لجنة عليا مؤلفة من وزارة البيئة، والصحة ، والصناعة، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني والمتخصصين في مجال الصناعات البلاستيكية من اجل وضع إستراتيجية وطنية للتقليل من استخدام الأكياس البلاستيكية لما لها من اضرار على صحة الانسان والحيوان والبيئة.
2- توعية افراد المجتمع وخاصة ( المستهلكين، والمنتجين، والتجار) في أهمية المحافظة على البيئة وحمايتها من التلوث والتقليل من استخدام الأكياس البلاستيكية.
3- ضرورة استبدال الأكياس البلاستيكية الحالية بصناعة الأكياس من الورق والكارتون والخشب والقطن والخيش واوراق الأشجار او غيرها من المواد الخام.
4- توعية طلاب المدارس والجامعات وربات البيوت عن الأضرار الصحية الناجمة في استخدام الأكياس البلاستيكية في وضع وحفظ الأطعمة فيها .
5- دعوة الخبراء والمتخصصين من المنظمات الدولية والإقليمية للتعرف على خبراتهم وتجاربهم في مجال التقليل من استخدام الأكياس البلاستيكية وعقد ورش عمل للمعنيين في هذا المجال.
6- ضرورة فرض الضرائب او الرسوم على المتاجر والمحلات التي تتعامل مع الأكياس البلاستيكية او تتخذها أسلوبا للدعاية والإعلان.
7- إصدار دليل عملي من قبل وزارة البيئة والتربية وبالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة يتضمن المخاطر الناجمة على استخدام الأكياس البلاستيكية وتأثيرها على الصحة والبيئة.
8- توفير الإحصاءات والمعلومات حول أعداد المصانع المنتجة للأكياس البلاستيكية، وأعداد الأكياس المستهلكة من قبل العراقيين مع وضع خطة للتقليل من استخدام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيول دبي.. هل يقف الاحتباس الحراري وراءها؟| المسائية


.. ماذا لو استهدفت إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية؟




.. إسرائيل- حماس: الدوحة تعيد تقييم وساطتها وتندد بإساءة واستغل


.. الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع العقوبات على إيران بما يشمل الم




.. حماس تعتزم إغلاق جناحها العسكري في حال أُقيمت دولة فلسطينية