الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين رشيد الغنوشي الإخواني رئيس البرلمان ، وقيس سعيد رئيس الجمهورية ، ضاع حلم اتحاد المغرب العربي الكبير ..

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2021 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


بمناسبة مرور اثنتا وثلاثين سنة عن تأسيس اتحاد المغرب العربي ، الذي سقط قبل اتمامه التسعة اشهر اللازمة لولادته الطبيعية التي لم تكن بالمرة طبيعية ، وحلول ذكراه في فبراير 2021 ، ادلى كل من رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي رئيس البرلمان ، ورئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد ، بتصريحين متناقضين ، لا يجمعهما غير الحقد الذي عبر عنه الغنوشي إزاء فكرته من إعادة بناء المغرب الجديد...
وبينما وجه رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد ، برقية تذكيرية الى قادة المغرب الحاليين ، داعيا الى تجاوز كل العراقيل المنصوبة في طريق بناء وحدة مغاربية ، طالما حلمت بها الأجيال السابقة ، وركز في دعوته على الدول الخمسة التي كوّنت الاتحاد ، سيخرج رشيد الخنوشي رئيس البرلمان التونسي بتصريح غريب وشاد، يعرب عن قصر بعد النظر وضيق الصدر ، حين دعا الى تكوين اتحاد مغاربي ، ليس بين الدول الخمسة التي كوّنت الاتحاد ، لكنه قصر الوحدة في ثلاثة ( دول ) ، هي الجزائر التي كانت ولا تزال سبب افشال كل دعوات الاتحاد ، سواء الاتحاد المغرب الغربي الذي تم خنقه في المهد ، او الوحدة الانتهازية بين ليبيا وبين تونس بورقيبة ، او الوحدة الشكلية بين المغرب وبين ليبيا ، واقتصر في عدوته للوحدة ، على دولة ليبيا الغير موجودة أصلا، وتحكمها المليشيات والقوى الخارجية ، وتونس البلد الذي أجهض حلم ثورة الياسمين البوعزيزية ، حين أصبحت تونس بيد الجماعات الاسلاموية الفاشية المعادية للديمقراطية ، والجزائر ذات النظام العسكرتاري الذي يشتغل على الاستحواذ ، وبسط النفود بالمنطقة ، ولا يريد اية وحدة الاّ وهو قائدها ، ورائدها ... أي ان الجزائر ستصبح المحور الرئيسي التي ينفخ في قوتها سعيد شرنقريحة ، وباقي الدول الأخرى ستكون مجرد ملحقات وتوابع ...
واذا كانت دعوة قيس سعيد المعطوبة ، بسبب الخلافات الخطيرة بين دول الاتحاد ، خاصة الجزائر التي تفهم الاتحاد ببتر جزء من المغرب في الجنوب ( الجمهورية الصحراوية ) ، والمساعدة على بتر جزء آخر في الشمال ( الجمهورية الريفية ) ، وبالعمل ما امكن للوصول الى مياه الأطلسي لتطويق المغرب وخنقه ، وهو اتحاد لن تقوم له قائمة ما دام تربط الجزائر أي اتحاد ، و اية إعادة لفتح الحدود، بضرورة رضوخ المغرب لمطالبها ، بالتنازل عن صحراءه ، وبتأسيس جمهورية تفصل بينه وبين موريتانية امتداده الطبيعي نحو القارة الافريقية ، فان قِصر فهم الغنوشي الاتحاد كما افرز عقله المسطح ، بثلاثة دول هي الجزائر المعادية لأي اتحاد لم تكن قاطرته ورائدته ، وليبيا الدولة التي لم تصبح دولة ، وتونس التي لاتزال تعيش نكسة اخفاق مطالب البوعزيزيين ، واستثناء اقوى دول المنطقة المغرب وموريتانية من دعوة الغنوشي ، يبين مدى قصر بعد النظر ، وسيطرة الكولسة والتآمر على ذهنية المتأسلمين ، الذين يقفون صفا واحدا مع عسكر الجزائر ..
فحين تلتقي الفاشية الاسلاموية ، مع النزعة الدكتاتورية العسكرتارية ، اكيد ان أي اتحاد قد يُبْنى سيكون اتحاد هدم ، يشتغل ضد فكرة الاتحاد ، اللهم ان يكون اتحادا عسكريا ذي نزوعات عدوانية مقيتة ...
والسؤال لماذا الخروج بهذه الدعوة الشاذة في هذا الظرف بالذات ؟
اعتقد ان لنزاع الصحراء دور في هذه الدعوة ، ولا استبعد ان يكون وراءها اللوبي الجزائري داخل تونس ، الذي يعزف على وثر العداء لوحدة المغرب .. فما معنى توجيه دعوة اتحاد لثلاثة دول ، واحدة منهم ليست بدولة التي هي ليبيا ، واستثناء اكبر دول المنطقة استقرارا ، التي هي المغرب وموريتانية ... ؟
وبما ان الجزائر تعمل ضد وحدة الأراضي المغربية ، وتشتغل لبتر أجزاء من ترابه ، فأكيد ان اية دعوة لوحدة إستثنت المغرب وموريتانية ، هي دعوة بسبب موقف التيار الغنوشي الاسلاموي من قضية نزاع الصحراء المتماهية مع الاطروحة الجزائرية ، ومن عداء الغنوشي للنظام المغربي ، ولشخص الملك محمد السادس شخصيا .
ان قصر الوحدة على تونس والجزائر الدولتين الموزتين ، وليبيا اللاّدولة ، هو موقف بدأ يتبلور في اتجاه الإعراب صراحة عن تأييد تونس الاخوانية ، لاطروحة الجزائر بخصوص نزاع الصحراء ... وانّ استثناء موريتانية من هذه الدعوة ، فذلكم بسبب ما يروج من قيام القيادة الموريتانية بتصحيح خلل تاريخي ، قام به مسؤولون موريتانيون سابقون، بالتخندق ظلما الى جانب الجزائر في حربها ضد المغرب ، وهذا يعني ان القيادة الموريتانية الحالية ، تريد موقف الحياد من نزاع الصحراء ، والحياد يعني عدم الاعتراف بمغربية الصحراء ، لكن في المقابل يعني سحب الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ... أي اتخاذ نفس المسافة من اطراف النزاع ..
ومن خلال تحليل المعطيات الموجودة في الساحة ، وربطها بالتطورات المتسارعة بالمنطقة ، والتناقضات الحاصلة بين الأنظمة ، فان دعوة قيس سعيد ، لإحياء اتحاد مغاربي سقط قبل اكمال مدة حمله التسعة اشهر ، محكوم عليها بالفشل ، وستبقى سراباً لا يعكس حقيقة الواقع التي تنحو ضد الوحدة ... فعندما تربط الجزائر اية عمل وحدوي واي محاولة لإعادة فتح الحدود التي اغلقتها الجزائر وليس المغرب ، بقضية الصحراء ،فمثل هكذا مطالب هي ضد الوحدة ، وضد أي اتحاد ، وضد أي عملية لفتح الحدود ... لذا فدعوة قيس سعيد تبقى دعوة نشازا ، او تبقى صيحة في واد ..
وبالمقابل ، فان دعوة الغنوشي رئيس البرلمان التونسي ، لإقامة وحدة بين دول موزية ، لا تتوفر في احداها صفة وعناصر الوحدة التي هي ليبيا ، واستثناء دول كبرى بالمنطقة لها مكانتها ، وقوتها ، وسياستها ، هي دعوة للتخندق سياسيا ، ودعوة عدائية ضد اكبر المكونات السياسية بالمنطقة ، خاصة المغرب ، وتكون هكذا دعوة مشبوهة ، مؤشرا على مواقف ، او قرارات قد تتخذ ضد الوحدة الترابية للمغرب ...وهذا يعني ان وحدة اتحاد المغاربي بين الدول الثلاث محكوم بالفشل ، لأنه لا يمكن القفز على المغرب وموريتانية ، كما ان هكذا دعوة مسمومة تستثني طرف على اخر، هي نفسها عرقلة لأي محاولة وحدة ، بين الدول الخمس التي قصدها قيس سعيد في رسالته / دعوته ..
ان الوحدة او الاتحاد ، كما نادى اليها رئيس الجمهورية قيس سعيد ، او الاتحاد ، او الوحدة ، كما دعا اليها رشيد الغنوشي ، لن تتحقق ابدا ... فوجود نظام ملكي في المغرب ، ونظام جمهوري في الجزائر ، يتصارعان السيطرة على المنطقة ، هو اكبر حائل رئيسي يحول دون اية اتحاد او وحدة .. بل حتى ولو اصبح المغرب جمهورية ، او أصبحت الجزائر ملكية ، وهذا مستبعد ، لان التاريخ علمنا ان الأنظمة الملكية تصبح جمهورية ، في حين لم يسبق في التاريخ ان أصبحت جمهورية ملكية .. فان الوحدة لن تتحقق ، لان الأسباب موجودة في الذم وفي الجينات العربية والبربرية ، التي تبقى انقلابية لا علاقة لها بالديمقراطية ... ومن دون الديمقراطية الحقيقية ، ديمقراطية الشعوب ، يستحيل الحلم بوحدة ، او اتحاد .. ولنا اكبر مثال ودليل على الاتحاد الأوربي الذي توحد بالديمقراطية ، ولم يتوحد بالانقلابية ، ثورة شعبية ، او بلانكية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان


.. أثناء زيارته لـ-غازي عنتاب-.. استقبال رئيس ألمانيا بأعلام فل




.. تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254