الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجميل في سوق العدم 2

فاتن نور

2021 / 2 / 27
كتابات ساخرة


(Body dysmorphic disorder) أو اضطراب تشوه الجسم. وهو من الاضطرابات العقلية. أعراضه هي التركيز الشديد على المظهر وعيوب الجسد الصغيرة، المحسوسة والمتخيلة. والتفكير بها دون توقف. والسعي إلى الكمال عبر مراكز التجميل. أرجو أن لا يكون الكثير من أهل الأرض مصابين به، فثمة هوس بالتجميل يثير القلق.
وبعد.. لماذا نستثني الدماغ وهو أهم أعضاء الجسد، ولا نسعى بنفس الاندفاع والحماس، إلى تجميله بالعلم والمعرفة الحيّة؟
تجميله ينتج وعياً مفيداً لصاحبه والمجتمع، لا ينقطع أثره بالتقادم الزمني مثل تجميل الجسد، الذي لا ينتج غير الشعور الشخصي المؤقت بالرضا، وسرعان ما تغلبه الطبيعة فينتهي أثره.
لكن يبقى التجميل بصفة عامة، حرية شخصية، وهي حق من حقوق الإنسان، وهذا أمر مفروغ منه.

إنما التوازن ثيمة الكون والوجود، وثيمة الحياة النابضة، ولا حياة دون نبض، دون توازن.
البلاد التي تعجّ بمراكز التجميل، والتي صارت سمة العصر وصنعته الأولى، حتى في منازل الأزقّة الضيقة؛ تكاد تخلو من مراكز هادفة أو محافل تعنى بجوهر الإنسان، بعقله. بتنمية ملكاته وفضوله المعرفي.
ولكن، هل الحريات الشخصية هي فعلاً حريات شخصية أم هي حريات متاحة، تستقطب المتعطشين للحرية؟

وسائل الإعلام يمكنها تبشيع الجميل وتجميل البشع. والناس يتكالبون عادة على ما تروّجه هذه الوسائل القذرة بغالبيتها. فمن يتحكم بها يتحكم بعقول الناس وبنوع الحريات الشخصية المتاحة. فيسلط الأضواء على حقول محددّة ويشجّع على تنميتها والاستثمار فيها. ويحجب الحقول التي لا تناسب أجنداته، أو يلجأ إلى تبشيعها وتحريمها باسم الله.

وبعد الغيث غيث..

مسرعون، متأنّقون، وحدّ هطول الفك الأسفل للدهشة
تصنعهم أهوال الموضة العتيقة والعقول العتيقة، وذائقة التجارة الرخيصة
لا تضيرهم موجعات الاندثار، ووجه البلد المنسلخ
فالنقش هداية، وتنجيد الجسد استخارة
هم مسرعون فقط، لا يزيغون عن مقاصد التجميل السامية
فالجسد إمام، ولا إمام سواه.. فليغفر لهم المعرّي، وتلطف بهم لزوميّاته:
يرتجي الناس أن يقوم إمام / ناطق في الكتيبة الخرساء
كذب الظنّ لا إمام سوى العقل / مشيراً في صبحه والمساء
وكل اللطف بأولي الأمر منهم، أهل الذلّ والعقد:
وتستّروا بأمور في ديانتهم / وإنما دينهم دين الزناديق
ليذهب كل شيء إلى الجحيم، إنه عصر الزغللة
اشباع المظاهر، والثمالة بالصور، بعد نفي الخمور إلى سوقها السوداء.
عصر متلازمة السيلفي الجبّارة
أنا ألتقط كل يوم، إذن أنا موجود
هكذا نقترب من ديكارت، فلا نضنّ عليه بدعاء.
يبقى السحب والشدّ، ونحت الخصور، قيمة مضافة
ونفخ ما يمكن نفخه، صولة واعدة، للتحليق والطيران
إنه الإنسان السوبرمان، الخفيف جداً، أطاح بنظيره الثقيل
سوبرمان نيتشه، فليخرس زرادشت إلى يوم يبعثون
ماذا فعلوا بهم، حتى انكفأوا بكل هذا النهم، محاولين تحديب بعدهم الرابع
دون تجاعيد، وشدّه إلى الوراء.. وراء منحنيات الزمكان والجاذبية
إلى الوراء.. إلى العدم.
فليغفر الله لإينشتاين على فكرته المسروقة: الكون الأحدب.
ومرحى لغيلان البرد والجرود
لترويج الصناعة
فالبلد قد بال على نفسه وتسوّل، وخاب خيبته الكبرى
إنها اللذة المرعبة في التنكّر، بعد الطوفان والقلق
وإنه الانبهار الخرافي بالنجاة.. في سوق العدم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا