الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الفطرة السليمة لا تقول -مستوى سنة رابعة ابتدائي-!
ردوان كريم
(Redouane Krim)
2021 / 2 / 27
مواضيع وابحاث سياسية
منذ بداية الحراك الجزائري في 22 فيفري 2019 ضد النظام الحاكم، من أجل التغير الجذري للأوضاع الاجتماعية، الإقتصادية، السياسية و الثقافية نحو نظام ديموقراطي متفتح يمتاز بحرية أكثر و حداثة أحسن و أقرب إلى ما وصلت إليه دول العالم المتطورة، تعرض بعض الحراكيين إلى السجن، و القمع بكل أشكاله، و جائت بعض التصريحات المستفزة من قبل قائد الأركان للجيش السابق "قايد صالح" و بعض الشخصيات السياسية التي كانت في صفه كالزيت على النار. ما جعل بعض هؤلاء الحراكيين يطلقون عبارات ساخنة ترد على تلك الاستفزازات. و من بين هذه الإجابات الفورية من ردود الفعل التي تحولت إلى مقولات نسمعها يوميا و لا تمد إلى المنطق بصلة نجد عبارة " مستوى سنة رابعة ابتدائي" التى وجهة إلى قايد صالح أو أعوان الأمن الذين واجهو الحراكيين أو السياسين المساندين للنظام.
من جهة نجد أن هذه العبارة الموجهة إلى الطبقة السياسية الفاعلة في البلاد و الموالية لهذه الأخرى صحيحة،كونهم لا يملكون مستوى ثقافي، علمي، و دراسي يسمح لهم بالتعبير عن أفكارهم بخطاب جدي و حديث، يتناسب مع الواقع و الأحداث و الشعب الذي يخاطبونه، و بكلمات منهجية، ذات طابع رسمي، و تحترم شكليات السياسي و التي يعتمدها أصحاب القرار في كل العالم، و إن كان أدنى شرط لتكون سياسي هو توفر البلاغة و فن الخطابة لدى هذا الأخير نجد أن هاؤلاء يمكنهم حتى القيام بقراءة واضحة من ورقة. و عليه عبارة " مستوى سنة رابعة ابتدائي" مجرد وصف للحالة الفكرية و الثقافية المزدرية عند أصحاب القرار و لكن من جهة أخرى، هذه العبارة جارحة و مسيئة للأشخاص البسطاء من عامة الشعب من الطيبين، اللبقين، و الذين لهم مستوى ثقافي يعجز على الإتيان به أصحاب الشهادات. و يبقى المستوى الدراسي في الجزائر عامل لا يعبر أبدا عن وعي و إدراك أو مستوى ثقافي، إذ نجد من الجامعيين من يدهشنا بكونه لا يفهم و لا يفقه في الأمور أي شيء في شتى المجالات و لا يتقن حتى تخصصه الدراسي. و كم من إسكافي، نجار، عامل تنظيف و آخرين أبهرونا بفلسفة حياتهم، أرائهم السياسية، أفكارهم الأدبية، و قراءاتهم لقضايا الساعة. فكيف ننسى قبل ذكر هذه العبارة أنه يوجد أمهات و أباء سهرو الليالي و عملوا كل الأيام بجهد شاق من أجل تربية أبنائهم تربية جد متحضرة، و منحهم تعليم راقي لم تسمح الظروف الاقتصادية و الإجتماعية لأوليائهم أن يدرسوا أو يواصلو دراستهم، و لكنهم لم يبخلوا على أبنائهم بتوفير كل المستلزمات و الظروف الحسنة من أجل أن يتخرجوا مهندسين، أطباء، أساتذة، صحافيين، محامين و غيرهم. و هل جزاء الإحسان هو هذا الإنكار للمعروف و الجميل ؟! يقال " لا يحس بالجمر إلا من يدوس عليه"؛ فكم من مرة جمعنا حديث عن أحوال البلاد بين الأصدقاء و المعارف و أطلق أحدهم بدون تنبه عبارة " مستوى سنة رابعة ابتدائي!" و رئينا وجها بيننا تغيم و انقلبت حال سمائه على أثر العبارة التي لم يزن قائلها معنى فحواها. كل البلدان و ليس الجزائر فقط تقام على جميع أطياف مجتمعها و ليس فقط المتعلمين فقط، و الإقتصاد يبنى على اليد العاملة التي لا تحتاج بالضرورة إلى مستوى علمي و ثقافي كبير أكثر من الخبرة المكتسبة عبر التجربة، و الشهادات الجامعية ليست تصريح رسمي على أن فلان مثقف بل مجرد شهادة تقول أن فلان درس و إكتسب معرفة في مجال دراسي ما، لا أكثر و لا يزيد. و المستوى الثقافي ليس معرفة إسم عاصمة ألمانيا أو حفظ شعر أو أحاديث نبوية أو قرآن. و ليست معرفة جراحة العظام، أو القانون أو أنواع و تصنيفات الأدب، أو كهرباء المحركات أو بيولوجيا الفيروسات التي هي شؤون الإختصاص مثلما يدرك الفلاح مستلزمات الزراعة بأنواعها. المستوى الثقافي ليس مرتبط بالأمية و ليس مرتبطا حكرا بالشهادة الجامعية. المستوى الثقافي ليس حفظ ما يخزنه غووغل من معلومات. ما يحتاجه المرء ليكون مثقف ليس معلومات كثيرة بل إلى تنسيق و تسير معلوماته بالشكل الصحيح لنفع مجتمعه و المساهمة في تجاوز مشاكل وقائع و أحداث بلاده و العالم. تنسيق و تسير أفكاره بطريقة إيجابية و صحيحة يسمى " تفكير سليم". التفكير السليم هو المنطق السليم أو الفطرة السليمة التي تسمح للإنسان بالحكم الصحيح على الأشياء بإعمال عقله بمنطقية و عقلانية محايدة مع نفسه و غيره، فيدركها كما هي، و يختار رد الفعل اللازم و الإستجابة الصحيحة إتجاه قضايا الساعة حين لا يعرف كيف يتصرف كونها جديدة عليه و على غيره. و عليه المواطن الجيد هو من يتصرف بالطريقة الصحيحة حين لا يعرف أصلا ما تتطلبه الموطنة عند حدوث حدث ما. و المثقف بذلك هو من يعمل عقله لإيجاد الحلول اللازمة للمشاكل التي يعاني منها مجتمعه حين تغيب تلك الحلول و الإقتراحات المطلوبة للخروج من أزمة ما.
النقد السلبي يقوم به أي كان و النقد الإيجابي كل من يرتكز تفكيره على فطرته السليمة. أما المثقف فهو من يجمع بين معرفته و دراساته العليا مع المنطق السليم لوقف نزيف أزمة بلاده الإقتصادية، الإجتماعية، الثقافية و السياسية.
قبل الحراك ضرب الأطباء فقالت الناس " باك + 9 أو 7 ضربه من لم يحصل على شهادة البكالوريا" ثم جائت عبارة " ما جبتش الباك بمعدل 16.5 لكي يضربني شرطي إلى الصدر." الضرب و العنف بكل أشكاله أي كان فاعله و أي كان ضحيته هو فعل لا أخلاقي سواء ديونتولوجيا المهنة أو أدب التحضر ، و الشرطة دورها حماية و توفير الأمن للمواطن و ليس اللا أمن و الإضرار به و إضافة إلى ذلك يبقى القمع عمل لا إنساني مرفوض جملة و تفصيلا، سواء كانت ضحيته طبيب أو فلاح، طالب أو بطال، صغير أم كبير ، و ذكر أو أنثى، أما المستوى الدراسي لا علاقة له بالأمر. فكم من حافظ مردد حصل على معدل كبير لم ينفع المجتمع بعد تخرجه و كم من معمل لعقله حصل على معدل رديء و بعد التخرج إستفاد المجتمع من جهود علمه و عمله. القمع و الدكتاتورية فعل لا إنساني و فرض الطبقية بإسم المعدل الدراسي أو المهنة فعل جارح و لا يدل على الذكاء.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. آلاف الوجبات تدخل القطاع يوميا.. هل تكفي؟ | الأخبار
.. أكثر 10 إعلانات ما سوت شغلها ???? | TOP 10 مع بدر صالح - الح
.. الرئيس عباس يصادق على تشكيلة الحكومة الفلسطينية الجديدة برئا
.. البيت الأبيض: عودة الهدوء إلى الحدود بين لبنان وإسرائيل -أول
.. صور جوية حصرية لسكاي نيوز عربية لقطاع #غزة #سوشال_سكاي