الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الفرعية الى المركزية...

عبداللطيف بلمعطي

2021 / 2 / 28
التربية والتعليم والبحث العلمي


لا يخفى على أحد منا سواء أولئك الذين اشتغل أحد أقربائهم بقطاع التربية والتعليم، أو كان له صديق انخرط بهذه المهنة الشريفة النبيلة؛ من أن هذا القطاع ببلادنا تتخلله مجموعة من التحديات والإشكالات التي يمكن وصفها بالمغلوب على أمرها زمنيا. ومسألة "التعيين الأول" هي أحد الصعاب الأولى التي تواجه العديد من مدرسي هذا القطاع إناثهم قبل ذكورهم، خصوصا أساتذة التعليم الأولي من منظومتنا. هؤلاء الذين يجدون أنفسهم في لحظة من الزمن قد خطفوا من وسط أهاليهم ليستقروا من غير تجارب حياتية في الغالب الأعم بمناطق جغرافية من وطننا الحبيب، تفصل بينها وبين الأساسيات الضرورية للاستقرار آماد طوال.
وبحجم المسافة التي تربط بين كلمتي العنوان "من الفرعية إلى المركزية"، حجم الحل الذي يقضي على سنوات من المعاناة التي يتكبدها الاساتذة الجدد، كلما غموا بعد فرحة اجتياز المباراة ولحظات المركز السعيدة التي دائما ما تخفي وراءها ازمة الثلاث او الاربع سنوات الاولى من التعيين. فعلى النقيض من فكرة القضاء على البطالة التي لطالما خامرت الشباب الموجز من بني جلدتنا بهذا الوطن، والتي دائما ما تتبعها افكار وردية عديدة من احلام لا تزيد عن كونها حق من الحقوق الطبيعية، كفكرة الزواج والشقة أو البيت والانجاب... يجد هذا الشاب أو الشابة على أنه قد أضحى ملزما بوأد أزهار عدة من ربيع شباب عمره، في مناطق أقل ما يمكن القول عنها أنها ارض لأهلها الصابرين الطيبين.
نعم، فجأة وبعد التخرج وصيف غامر بفرحة التوظيف، يجد هذا الشاب (ة) الحامل (ة) لأسمى وأنبل الوظائف كونيا؛ أن مقر عمله عبارة عن فرعية بأحد مرتفعات الأطلس الكبير أو المتوسط أو بأحد مرتفعات جبال الريف، حيث جمال الطبيعة بحجم قسوة الاستقرار وسط هذا الجمال.
فيصبح اذاك بين نارين مخير بينهما حسرة، بين العودة إلى حياة البطالة وإعالة الأقارب الذين لا حول لهم غير دريهمات قليلة... أو المضي قدما في رحلة تكون فيها مهمة مراودة النفس على التأقلم في مرحلة أولى، أكبر من أي مهمة قد كلف بها في هذه المناطق. ليطفئ بذلك أولى شموع عمره بهذه الأرض شافعا لنفسه من هذا كله، بمفاهيم لطالما تغنت بها الخطابات السياسية التي لم يعلم أصحابها من رنين وقعها كخطابات غير السطح ليختفي مضمونها عنهم، ويخيم بين هؤلاء الشباب المدرس المواطن بما للكلمة من معنى حقيقي من على مرتفعات قمم وطننا العزيز...
وعليه، وفي الضفة الاخرى من العنوان يأتي الحل كمقترح في شكل مفهوم: "المؤسسات المركزية"، هذا الأخير الذي لربما يكون أحد أكبر الاصلاحات التي قد تُقدم عليها الوزارة المعنية، في خطوة حقيقية للإصلاح قواعد منظومتنا التربوية، خصوصا وأنها كخطوة تفيد أطراف عدة أباء ومتعلمون ومدرسون.
مؤسسات تعليمية جامعة بالجماعات المركزية، التي تتجمع حولها مجموعة من فرعيات دواوير المناطق المعنية. يحج إليها التلاميذ والأساتذة للاستقرار في ظروف حسنة، حيث يكون بها المبيت والإطعام وتوفير كل الضروريات اللازمة لهؤلاء. باعتبارهم أحد ابرار هذا الوطن في الحاضر ومستقبل الايام، والذين سيجدون من الوطن ومسؤوليه عليهم خيرا كثيرا، وجب الاعتراف به ورده كجميل مقدم.
ومن جهة ثانية تكون المؤسسات المركزية عونا لأسر هؤلاء التلاميذ، فتخفف عنهم شيئا من ضيق الحال وفاقة الوضع الاقتصادي فلا يلقون لمصروفهم بال، ويؤمنون لأبنائهم ظروف عيش أحسن لربما لم يستطيعوا إليها سبيلا، خصوصا وأن الحاضن أحد مؤسسات الوطن. فتكون ايام السبت والاحد وكذا ايام العطل أيام عودة إلى أحضان أسرهم، وتكون في الآن ذاته بمثابة تجديد للنَـفس الاسري وهكذا. فتصبح بذلك المؤسسة المركزية قد أضافت للحل الأول حلا ثانيا.
ومن جهة ثالثة، ستخفف هذه المحاولة الاصلاحية على الشباب الـمُدرس بهذه المناطق وطأة وغمة واختناق... لحظة التعيين الاول. فيكونوا أكثر عطاء ولا يؤثر المجال الجغرافي على عزائهم التربوية الاصلاحية، التي قدموا بها الى تلك المنطقة شيئا، ولا يجدون بين مناطق تعيناتهم وأحلامهم الوردية، غير جسر على نهر هادئ سهل العبور. حينها سينظر هؤلاء الاساتذة الى جمال الطبيعة حولهم نظرة المتفائل بغد أفضل، والى الوزارة الوصية نظرة الأم العطوف، فتتقلص بذلك الهوة التي لطالما زركشت المشهد الاحتجاجي، والتي كانت من جهة بدايات اتساع رقعتها، صعوبات التعين الأول. وهكذا نقطع مدبرين مع أزمة: "من الفرعية إلى المركزية..." التي لطالما ثقل حمل همها لدى أساتذتنا منذ سنوات وحتى يومنا هذا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح