الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرى تأسيس ( الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية )

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2021 / 2 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


بحلول السابع والعشرين ( 27 ) في شهر فبراير 2021 ، يكون قد مر على تأسيس ( الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ) ( RASD ) خمسة وأربعين سنة ، ولا تزال هذه الجمهورية تراوح مكانها قبل التأسيس في 27 فبراير 1976 .
بهذه المناسبة أحيت جبهة البولساريو ذكرى التأسيس في ( ولاية آوسرد ) ، بحضور إبراهيم غالي رئيس الجمهورية ، في استعراض شبه عسكري ، تم فيه رفع علم الجمهورية الى غير ذلك من البروتوكول الذي يتطلب احياء حفل تأسيس ( الدولة ) ..
لكن وبخلاف سنوات السبعينات ، والثمانيات ، وحتى النصف الأول من التسعينات ، غابت تلك الوفود الأجنبية التي كانت تغطي الحضور دبلوماسيا ، كدول اوربة الشرقية ، وسورية ، واليمن الجنوبي ، وممثل فلسطين ، وممثل عن الاتحاد السوفيات ، والعديد من دول منظمة الوحدة الافريقية قبل حلها ، والفيتنام ، والأحزاب الشيوعية والاشتراكية الاوربية ، والأحزاب الشيوعية العربية ، وبما فيها منظمة الى الامام الماركسية .... فالحفل اليوم كان فقيرا في هذه المادة ، حيث ان الحضور الدبلوماسي كان باهتا ، الى درجة محاولة التغطية عليه ، بالمرور مرور الكرام عند تهنئة الحاضرين من قبل احدى الصحراويات التي القت الكلمة قبل مجيئ رئيس ( الجمهورية ) إبراهيم غالي ... ونفس الشيء يلاحظ على التغطية الإعلامية الدولية للحفل ، فهي كانت اكثر من باهتة ، وهي التي كان من المفروض فيها ان تنقل وقائع ( الحرب ) الدائرة كما تدعي البوليساريو ، لكن باستثناء الاعلام الجزائري الرخيص المعروف بالنفخ ، فلا موقع اعلامي دولي أشار الى ما يسمى ب ( الحرب ) ..
السؤال الذي نود طرحه هنا : كيف تأسست ( الجمهورية الصحراوية ) ؟ ، ومن أسسها ؟، وما هي الغاية المتوخى الوصل اليها من قبل المؤسسين ؟ هل نجحت في ان تكون حقا دولة ، لان لا جمهورية بدون دولة ؟ هل تحققت فيها مواصفات الدولة ؟ وأين هي الآن ؟
عندما نضع للتشريح كل المعطيات التي مرت منها الجمهورية منذ تأسيسها في 27 فبراير 1976 ، وهي معطيات لها ارتباط مباشر بظروف والغاية من تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب " البوليساريو " في سنة 1973 ... ، وعندما نركز على كل قرارات مجلس الامن الذي بدأ في التعامل مع المشكل منذ سنة 1975 ، تاريخ بدأ النزاع المسلح ، بدعوى الحفاظ على السلم والامن الدوليين ، وعندما نرجع الى كل قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة من اول قرار كان وراءه المغرب ، وهو القرار 1514 الصادر في سنة 1960 ، وعندما نرجع الى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 16 أكتوبر 1975 .. ، واخذا بالاعتبار كل المواقف التي اتخذها الاتحاد الاوربي ، خاصة في شقه القانوني بخصوص النزاع الذي بتت فيه محكمة العدل الاوربية ، وستبت فيه مجددا في 2 مارس القادم .... فان الجميع يتحدث من حيث القانون عن الاستفتاء وتقرير المصير ، وهنا فان منح الصحراويين نظام الحكم الذاتي لتدبير وتسيير شؤونهم بنفسهم ، يعتبر نوعا من الاستفتاء ، وتقريرا لمصير الصحراويين بأنفسهم ، لا بقرارات غيرهم ، لان أي خطوة للقدوم على نظام الحكم الذاتي ، ستكون خاضعة للقانون الدولي ، ولإشراف وبضمانات الأمم المتحدة ...
اذن هل انشاء الجمهورية الصحراوية كان نتيجة استفتاء ، او قرر بشأنه الصحراويون مصيرهم بأنفسهم ؟ مع العلم ان القرار الأخير لمجلس الامن كان واضحا ، لأنه نبد الاستفتاء المؤدي الى الانفصال .. فالواقعية ، والمسؤولية ، والحل المقبول والمتوافق عليه من قبل اطراف النزاع ، يعني الحكم الذاتي ، ولا يعني الانفصال ، والاّ من منع مجلس الامن والأمم المتحدة ان يذكروا بالحرف ، اسم الجمهورية الصحراوية في قراراتهم ، وهي جمهورية من المفروض ان تكون قد ابطلت الاستفتاء ، اذا كان الغرض منه انشاء دولة هي موجودة ...
ان تأسيس الجمهورية الصحراوية ، كان تأسيساً جزائريا محضا ، ونفخت فيه ليبا معمر القدافي بأموالها ، وبعتادها العسكري ، طبعا الى جانب سلاح الدولة الحاضنة التي هي الجزائر ... فما يسمى اليوم بالحرب الجارية في الصحراء ، من المفروض انها حرب جزائرية ، وليست حرب صحراوية ، والاّ من يمول ، ويغدي الصحراويين بالسلاح ، والمزنجرات ، والسيارات ، والمحروقات .... لخ ؟ انها الجزائر لا غير ..
ان تأسيس الجمهورية الصحراوية من قبل الهواري بومدين ، نفخت فيه الحرب الباردة التي كان تدور بين المعسكرين ، وكان من المفروض ان تنتهي الحرب في الصحراء ، مع نهاية الحرب الباردة .. لكن ولتمطيط المشكل ، وجرجرته الى اقصى حد لاستنزاف المنطقة ، وابعادها عن اية تنمية مدنية ، بغية تركها على حالها متخلفة ، ستفعل فعلتها الدول الغربية حين بدأت في كل مرة تتخذ مواقف متباينة ، ومتعارضة مقصودة ، مرة مع مغربية الصحراء ، ومرة مع الانفصال كتهديد للنظام ... وانْ كانت الدول الاوربية خاصة فرنسا ، لا تحبذ الانفصال ، لأنه سيتسبب في سقاط النظام ، وبتر مفاصل شتى من المغرب ، وهذا سيشكل ضربة موجعة لمصالح شركاتها بالمغرب ، كما ان ليس من مصلحة الاتحاد الأوربي تقويض النظام المغربي الشريك الاستراتيجي ، لصالح النظام الجزائري الذي كانت له مواقف ضد الغرب ، على الأقل ظاهريا ..
الآن اين نحن من المشكل ؟ . هناك تطورات حصلت على الورق ، ولم تحصل على الأرض ، كما ان تعامل البوليساريو معها ، جعلها لا تحظى بأية صيغة سياسية او قانونية .. فمن جهة ان النظام المغربي اعترف صراحة بالجمهورية الصحراوية عندما نشر اعترافه بجريدته الرسمية عدد6539 الصادرة في شهر يناير 2017 ، وهو اعتراف ومثل طرحه لحل الحكم الذاتي ، لم يستشر فيه الشعب بواسطة استفتاء ، وهنا فمن يتحمل المسؤولية النظام وليس الشعب ، كما اعترفت بها الدولة التي اسستها الجزائر ، واعترفت بها موريتانية في سنة 1979 ، واعترفت بها ليبيا معمر القدافي الدولة ، وهذا الاعتراف رغم تجميده بمناسبة تأسيس معاهدة الاتحاد المغربي الافريقي ، فالان بعد سقوط الدولة الليبية ، وتحولها لسلطة مليشيات ، يكون الاعتراف قد ذهب مع الرياح ....
لكن ان كل هذه التطورات الحاصلة ، لم تؤثر في اصل الوضع الذي تحدده شرعية الأرض التي يملكها المغرب كما عبر عن ذلك " بتير فالسوم " ، بل حتى عندما أسست الجزائر في 27 فبراير 1976 الجمهورية الصحراوية ، فهي اسستها على الورق وليس على الأرض ، واعترافات الدول المعنية بها ، هي اعترافات على الورق .. ، فظلت الجمهورية ، وبقيت فقط على الورق ..
إضافة الى هذه الحقيقية التي تنفي بالمرة وجود شيء يسمى بالجمهورية الصحراوية ، لان الأمم المتحدة ومجلس الامن لا يعترفان بها ، ونفس الشيء بالنسبة للاتحاد الأوربي ، وروسيا الاتحادية ، والصين باستثناء الافارقة في مربضهم وحظيرتهم منظمة الوحدة الافريقية التي أصبحت الاتحاد الافريقي ، الذين شرتهم الجزائر بأموال الشعب الجزائري المفقر ، فان اكبر ضربة أوقفت حلم الجمهورية من ان يتحول الى واقع ، كانت اتفاق وقف اطلاق النار الذي اغرق البولساريو في سبات عميق ، دام ثلاثين سنة ، تحولت فيه أشياء كثيرة ، امميا ، وجغرافيا في العالم وبالمنطقة ...
فإلى الآن ، وباستثناء حظيرة الاتحاد الافريقي التي بدا الافارقة يكتشفون أكاذيب الجمهورية المزعوم ، جمهورية تندوف التي أُنشئت على الورق ، فالسؤال : هل حقا ان الجمهورية الصحراوية تشكل فعلا دولة ؟ أي هل تتوفر فيها شروط الدولة كما يحددها القانون الدولي العام ، ويحددها القانون الدستوري والأنظمة السياسية ؟
ان من شروط الكيان لكي يصبح دولة ، هناك ثلاثة : الأرض ، السيادة ، والشعب وليس السكان .. فهل تتوفر في الجمهورية الصحراوية شروط الدولة هاته :
1 ) شرط الأرض : هل الجمهورية الصحراوية التي أُنشئت في تندوف على الورق ، تتوفر على ارض كشرط لقيام الدولة .... وهل الثلث المسمى بالمنطقة العازلة التي سلمها المغرب الى الأمم المتحدة ، لتبقى فاصلا بينه وبين الجزائر ، كافية كشرط قائم للدولة الصحراوية ..
ان ما يسمى بالمنطقة العازلة تخضع للقانون الدولي ، وللأمم المتحدة ، ولا تخضع للبوليساريو التي تصول وتجول فيها ضدا على القانون الدولي ، الواضح في تفسيره للمناطق العازلة .. لذا فوجود البوليساريو فوق هذه المنطقة ، هو تواجد غير قانوني ، والأمم المتحدة لاعتبارات قد تأخذ تفسيرات شتى ، لم تحرك ساكنا لضبط الوضع بما ينصص عليه القانون الدولي ... كما ان النظام المغربي في تهاونه مع هذا الوضع الشاد الذي يجب تصحيحه ، لان في بقاءه هناك خطر يحدق بالقضية ، ربما يفكر في التنازل عن المنطقة نهائيا لصالح البوليساريو ، ليقيمون عليها دولتهم ، كحل يستجيب للقاعدة الشرعية ، اخف الضررين ، او الضرر الأكبر يدفع بالضرر الأصغر ، او لا ضرر ولا ضرار .... لكن ان كان النظام يفكر بهذا الحل الضيق الزبوني ، فتلك مصيبته ، وتلك مهلكته ، وتلك نهايته ، لان ما حصل هو اقتسام غنيمة ، وليس التمسك بحق يفرضة ويشهد عليه التاريخ ، وتشهد عليه المشروعية الدولية .. وعندها سيكون التعامل الاممي مع النزاع ، تعاملا سيضرب في الصميم ، كل ما بناء ودافع عنه الشعب المغربي ، منذ سنة 1956 التي سيتعرض فيها جيش التحرير المغربي ، لمؤامرة ، وخيانة " إيكوفيون " المسماة بمؤامرة " المكنسة " او " الشطابة " .. فوضع المنطقة العازلة يجب تصحيحه ليتلاءم مع القانون الدولي ..
واذا كانت ارض المنطقة العازلة ، لا تعتبر شرط ارض لتحويل الكيان الى دولة ، فكيف ستصبح ارض تندوف الخاضعة للنظام الجزائري ، شرط ارض لإضفاء صفة الدولة على كيان موجود فقط في الأوراق ؟
2 ) شرط السيادة : ان هذا الشرط يرتبط من حيث الجوهر مع شرط الأرض ، لان اية سيادة تمارس على الأرض .. فاين هي الأرض التي تمارس عليها الجمهورية الصحراوية سيادتها ؟ ، او ان السيادة كما تفهمها البوليساريو هي فقط وجود جمهورية وعلى رأسها رئيسا للجمهورية مريض بالطووسية ، ومنفوخ بالضراعة ، وهناك وزراء ، ومدراء وموظفون ، وبعض الدبابات ، والمزنجرات ، ورفع الاعلام .. ، وهناك احتفال بإحياء ذكرى تأسيس الجمهورية كما شاهدنا بالأمس في ما اسموه ( ولاية آوسرد ) ... فاين الأرض التي تمارس عليها الجمهورية سيادتها ؟ هل هي المنطقة العازلة وهذه تخضع للقانون الدولي ووجود البوليساريو بها هو وجود غير قانوني ، ام ان السيادة تمارس بالرابوني وبتندوف ... ومثل انتفاء شرط الأرض ، فان شرط السيادة منتفي بدوره .
3 ) شرط الشعب : هل سكان تندوف اللاجئون يشكلون شعبا ؟ وهل سكان الأقاليم الجنوبية المغربية يشكلون شعبا خاصا متميزا ومنفصلا ، وهم الذين يكونون مع المغاربة الشعب المغربي بكل اثنياته واعراقه ؟
نعم عندما اعترف النظام المغربي في يناير 2017 بالجمهورية الصحراوية ، يكون بذلك قد اعترف بشيء يسمى بالشعب الصحراوي ، لان السؤال . هل من جمهورية دون ان يكون لها شعب ، بل حتى عندما يعترف النظام بجبهة البوليساريو التي يفاوضها في أمريكا ، وفي سويسرا ، فهو يعترف بشعب اسمه الشعب الصحراوي ، ولو لم تكن الجبهة تفاوض باسم شعب ، هل كان النظام المغربي ان يرضخ للتفاوض معها تحت اشراف الأمم المتحدة ....
لكن بما ان كل حرب مكر وخدعة ، فمثل اتفاق 1991 الذي أصاب البوليساريو بالشلل النصفي ، الذي ظهر شلله اليوم في ما يطلق عليه بعودة الكفاح المسلح ، فان اعتراف يناير 2017 ، كان مجرد اعتراف على الورق ، مثل ان انشاء الجمهورية في 27 فبراير كان فقط على الورق ، وبما ان جمهورية تندوف هي جمهورية ورق ، فما يسمى بالشعب الصحراء الذي اصله الشعب المغربي ، يبقى فقط شعب من ورق ... والصراع هو بين النظام المغربي وبين النظام الجزائري للسيطرة على المنطقة ، ليكون النظام القائد لها .. والمغرب مرشح للعب هذا الدور بسبب عوامل كثيرة ، منها العلاقات الخاصة مع أمريكا وإسرائيل ، وأنظمة الخليج ، والعديد من دول الاتحاد الافريقي ، و خاصة الاتحاد الأوربي الذي لا يعير ادنى قيمة ، ولا اعتبار، ولا أهمية للقرارات التي تتخذها محكمته ، " محكمة العدل الاوربية " ، وهي التي ستنظر في الثاني من مارس في دعوى الطعن المقدمة من قبل الجزائر باسم البوليساريو ، للطعن في نفس الموضوع الذي افتت فيه المحكمة سابقا ، وستفتي فيه اليوم ، وستكون نتيجة تطبيقه ، هي نفس نتيجة تطبيق قرارات المحكمة السابقة ...
ان القرارات التي تصدرها محكمة العدل الاوربية ، تكون غير ملزمة ، وتبقى فقط استشارية ، عندما يكون احد اطراف النزاع من خارج الاتحاد الأوربي ، أي ليس اوربيا ... لذا فرغم قرارات المحكمة المتخذة سابقا ، فالاتحاد مضى في تجديد التوقيع على الاتفاقيات التجارية ، واتفاقيات الصيد البحري مع المغرب ، وكيفما كان قرار المحكمة المقبل الذي قد يصدر في شهر يونيو ، فسيكون القرار فاقدا لعنصر الالزام ، لان البوليساريو ليست منظمة اوربية ..
إضافة الى هذه الحقائق ، هناك الازمة التي تعيشها الجزائر اليوم ، وهي ازمة اقتصادية واجتماعية ، بفعل انخفاض أسعار الغاز والبترول عمودا الاقتصاد الرّيعي الجزائري ، والازمة السياسية التي تحوم حول اصل الحكم الدكتاتوري بين فرقاء الحكم المتصارعين ، والحراك الشعبي الذي لا يزال يتمدد ، ويطالب بإنهاء حكم الدولة العسكرتارية المافيوزية، لصالح دولة الشعب المدنية ...
كل هذه الحقائق ، ترشح المغرب قيادة قاطرة المنطقة ، وقيادة أي اتحاد قد يصنع في المستقبل ، وتبقى دعوة الاخواني رشيد الغنوشي التي يغازل فيها جمهورية الورق ضدا على المغرب ، ومعه النظام الجزائري الذي هو نظام أصلا ضد اية اتحاد ، او وحدة ، وضد إعادة فتح الحدود التي اغلقها مع المغرب ، دعوة نشاز غير طبيعية ، صدرت وتصدر عن شخص واشخاص غير طبيعيين ... فهل يمكن تصور او تخيل قيام اتحاد او وحدة بالمنطقة ، دون الاخذ بعين الاعتبار المغرب ..... ان اية محاولة ستكون وحدة هدامة ضد الوحدة ..
اذن السؤال : كيف والى اين سيتطور الوضع ؟
في جميع دراساتي السابقة عن الصحراء ، كنت اشير الى ان الوضع لن يستمر على ما هو عليه ، وان مجلس الامن لن يبق ابد الدهر يعقد اجتماعات تبقى محط مواقف متناقضة من قبل اطراف النزاع ، وان الستاتيكو المفروض سيتغير قريبا ، لان مرور خمسة وأربعين سنة على النزاع ، والمجلس يصدر نفس القرارات المنسوخة سيعرف له نهاية . وكنت قد حددت العودة الى الحرب في نهاية سنة 2020 ، وفي ابعد تقدير في سنة 2021 ، لان بقاء قرارات مجلس الامن معلقة واستشارية طبقا للفصل السادس من الميثاق ، لن يفيد في حل النزاع طبقا لمصالح الأطراف المتصارعة ، وكنت قد اشرت الى ان الهدف من الحرب انْ حصلت ، سوف لن تكون حرب تحرير ، لان البوليساريو لن تهزم الجيش المغربي القوي ، فهي ستكون حربا لتحريك أوراق المفاوضات ، وسيكون الدفاع من وراءها ، دفع مجلس الامن للتحرك ، ولإشراكه في الضغط على المغرب لسواد عيون البوليساريو .. وبما ان ايّ قرار لمجلس الامن قد يصدر تحت البند السابع يلزم موافقة كل دول الفيتو ، فان تناقض مصالح هذه الدول ، ولو هو تناقض شكلي ، لان الأدوار تلعب في المسرحية بالتناوب ، سيدفع ببعضها الى استعمال سلاح الفيتو ، وهذا يعني ان سلطة المجلس في حل النزاع ستكون اكثر من ضعيفة ، لانه مقيد ومكبل قانونيا بسلاح النقض ...
وكنت قد طرحت بعض التساؤل عن المغزى الذي تبحث عنه دول مجلس الامن صاحبة الفيتو ، والاتحاد الأوربي ، من جرجرت النزاع الذي يمكن للمجلس لو كانت له إرادة الحل ، ان ينهيك باللجوء الى الفصل السابع ، واستخلصت ان الهدف من إبقاء النزاع مفتوحا ، يتعدى الاعتراف بالجمهورية الصحراوية التي لن تكون ابدا ، ويتعدى الاعتراف بمغربية الصحراء ، وهو الاعتراف الذي لن يكون ابدا ... ووصلت الى الماهية الحقيقية للصراع ، والمشاريع التي تنتظر المنطقة ، والتي هي مكمل للمشروع الذي يجري تنفيذه بالشرق الأوسط ، الذي يرمي الى تفتيت دول وخلق أخرى ، وتغيير أنظمة ، وترك البلد مفتوحا على مليشيات الإرهاب العقائدي ...
ان المشروع الذي يخطط له بالمنطقة ، ومدخله الصحراء ، هو مشروع التدمير ، الامتداد المدروس للمشروع التدميري بالشرق الأوسط ، والذي اصبح رأس المملكة العربية السعودية ، وكل دول الخليج على راس جدول اعماله ... فتدمير دول شمال افريقيا خاصة الدول العربية ، هو امتداد لتدمير الشرق الأوسط ، والمدخل الذي يحضر له بعناية والذي يتمناه كل الغرب ، ان تنشب حرب بين المغرب وبين الجزائري بسبب الصحراء ، لن يكون فيها رابح ولا خاسر ، بل سيخسر الجميع ، لان الهدف استنزاف المنطقة اقصى درجة ممكنة ، ومن ثم اضعاف الجميع ليسهل المرور الى الوصاية الغربية ، التي ستكبل المنطقة عشرات ، وعشرات السنين .. في الوقت الذي تكون فيه الدولة العبرية ، وايران ، وتركيا اسياد المنطقة .. تحت المظلة الغربية .. ان تهديدات الجنرال سعيد شنقريحة ، وتنظيم المناورات العسكرية بالذخيرة الحية بجوار الحدد المغربية ، لم يحصل صدفة ، او حصل بحسن نية ، بل ان كل شيء مخطط له من قبل .. فالجزائر تحضر للانتحار الذي سيقضي على الجميع ...
في شهر ابريل القادم سيعقد مجلس الامن دورة خاصة حول الصحراء ، وهي دورة استثنائية هذه المرة ، لأنها ليست كالدورات السابقة ، فيُقال ان حربا تدور بالمنطقة ، ومجلس الامن لم يصدر عنه أي بيان بخصوص ( المعارك ) الدائرة . وللسكوت هذا ، اوجها متعددة ، من أهمها رضى المجلس على هذه الحرب ، متمنين ان تنزلق اليها الجزائر ..
فهل سيخرج مجلس الامن بقرار منسوخ عن القرارات السابقة التي دأب يصدرها منذ سنة 1975 ؟ لا اعتقد ، ربما ان المجلس سيرفع يديه عن النزاع بدعوى فشله في حله ، وربما قد لا يجدد للمينورسو سنة أخرى ، لان ( الحرب ) جارية ، ربما قد يرمي المجلس بالنزاع على انظار الجمعية العامة برلمان الشعوب لتنظر فيه ، على ان تخرج بقرار موقف ترجعه الى المجلس ليعالجه على ضوء الفصل السابع من الميثاق ... ربما .. ربما ...
يجب اتخاذ جميع الاحتياطات ، والقيام بجميع الاستعدادات ، لأي حماقة قد يقدم عليها النظام الجزائري ، لان المغرب مفروض عليه تصحيح خلل المنطقة العازلة التي ستسبب في إيذائه .. وقد يصطدم بتهور البوّال الجنرال سعيد شرنقريحة ، المريض بحب المغامرة الغير محسوبة الوقائع ...
قد تكون آخر دورة لمجلس الامن ، وقد تكون الدورة الما قبل الأخيرة ....
والجزائر من خلال البوليساريو لم تعد تهتم بالاستفتاء ، ولا بالجمهورية الصحراوية ، ومطلبها اضحى هو الجلاء .. والحرب ستتواصل حتى ( التحرير ) .
اطلقوا سراح المعتقلين السياسيين ، ومعتقلي الرأي ، وفاضحي الفساد ، والصحافيين ، ومعتقلي الريف ، وجرادة ... الخ ، ويجب تصفية الجو السياسي ... فمن دون جبهة شعبية غير استرزاقية ، وغير وصولية ، وليست انتهازية ، القادرة وحدها على حماية وحدة المغرب ، ووحدة الشعب المغربي ، الخطر يطل من ثقب الباب ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء