الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النداء توأم السؤال.. مع الشاعرة بلقيس خالد في ( أستنشق ُ عطري من جنونك) : هايكو عراقي

مقداد مسعود

2021 / 3 / 1
الادب والفن


حكيم ألماني أوصلني إلى (طرق هيدجر) منذ سنوات.. والطرق أوصلتني إلى طرق شتى وماتزال. هذا الحكيم يصف أحد الشعراء: شاعرا ومثقفا.. ويبدو أن هذا الشاعر كان يكابد من دبابيس الآخرين بسبب سطوع نجمه الشعري. ولأنه يتناول الحياة اليومية شعريا،فهو يحرص على شعرية حياته الخاصة الأنيقة لذا صاغ نصيحة ً واحدة للكل(أستمّر بقراءة قصائدي مرة ً تلو الأخرى، وسيأتي الفهم حتما/141/ غادامير / من أنا ومن أنت/ ترجمة علي حاكم صالح وحسن ناظم/ منشورات الجمل/ بغداد/ط1/ 2018 ) أحببت ُ تسيلان من سنوات الحصار على وطني، قرأت مختارات ترجمها الشاعر سامي مهدي،ونشرها في مجلة الأقلام . . وأرسل لي الأستاذ خالد المعالي في 1995 من ألمانيا كتابا يحتوي ترجمة خالد المعالي : مختارات من قصائد باول تسيلان. نصيحة الشاعر تسيلان للقراء ، عرفتها قبل معرفتي بقصائده وحواراته . بالنسبة لي قلت ُ وأقول : علاقتي بالنصوص لا بالشخوص

(*)
على مائدة هذه الهايكوات العراقية المكتفية بشعريتها النصية، لا عوز قراءة، يحيلنا (إلى مرجع لنستخرج دلالتها.فالبحث عن معنى المؤلف تقييد لعالم النص المفتوح وأبعاده وممكناته حسن ناظم/ شعرية العابث/ دار التنوير/ لبنان/ ط1/ 2019)
(*)
الأغنية أي أغنية تتكون من مقاطع لحنية.. تتجاور/ وتختلف في درجات اللحن ونبرة الصوت ومن خلال هذا التنويع ،تبتهج النفوس ويزدهر الصوت . والأمر نفسه في تشغيل القصيدة لدى الشاعرة بلقيس. فهي تستعيد موضوعتها لتقلّب حجراكريما وتغير وقفتها أثناء التناول. فاللقطة الأمامية لأي مشهد تختلف عن اللقطة الجانبية، وحين تكون الكاميرا عالية والمشهد أدنى تختلف اللقطة ودلالتها عن اللقطة والكاميرا منصوبة في مكان خفيض وتصوّر مشهدا عالياً
(*)
في (عطري من جنونك) نستنشق أريجين في زهرة واحدة متعالية عن ما يدب حولها من هوام وكائنات مؤذية لا يراها المجهر، وفي الوقت نفسه تراها وتشعرها الزهرة وتتجنبها بفعل شاهق ٍ : الزهرة ذاتها بمزدوجها القيمي. ومن قوة المزدوج القيمي في تضاداته وتماهياته ينسج الهايكو العراقي للشاعرة بلقيس : نقلة ً شعرية من أسى اليومي ومسرات التعالي عليه بشحنات تشرق ُ حيوية ً شعرية ً تواصل تجددها الدائم.
نحاول تجهيز النص بفاعلية التباعد بين طرفي كتلة النص من خلال هذه العملية تشطير مبنى كل نص من نصوص الهايكو :
(*)
-1-
ثقوب الروح --------- ماء العشق
-2-
خياطة الشفاه --------- جراح الروح
-3-
ترحيل الروح ------------ سؤال الجسد
-4-
الحلم ------------- ------ العري
-5 –
الصدق ---------------- مكر اللغة
- 6-
الأنوجاد --------------- الفقد
-7 –
الوسيلة ----------- المتاهة
- 8-
الجسد ---------- اللغة الثانية
-9-
لقاء ---------------- جهتان
- 10-
نداء ------------------- صمم
-11-
القدم --------------- العين
- 12-
غياب ------------ نسخ
-13-
تيه ----------- دليل
-14-
نداء ------ سؤال
-15-
مَساس - توحيد
-16-
عودة ---------- عزم
قُبل ----------- جراح
-17-
نور --------- ظلام
ناسوت ----- لاهوت

(*)
نعتذر لجماليات الهايكو ولنشوة القراءة، ونحن نقوم بتصنيف النوعية الشعرية الهايكوية بالشكل التالي :
(1) العنونة مشحونة بدلالات الإصرار/ الإشهار (أستنشق ُ عطري مِن جنونك ) وهناك تنوع العنونة في شحنات إصرارها من خلال المرقمات الهايكويات التالية :
(-4- 5- 8- 11- 12- 13- 15- 16- 17)
(2) يتجسد الإصرار بتنويع ثان ٍ من خلال إحالات الملفوظ الواحد مثل (عشق) في المرقمات التالية (-1-5- 6-8-15)
(3) مهارة اللعب على المفارقة اللغوية :
(روحٌ مثقبة ٌ
والعشقُ ماء)
هنا تتبدد خصوبة الماء. والماء : في هذا الهايكوهو المعادل الموضوعي للعشق فكلاهما تربة خصبة لتجديد الحياة والحيوية.
لكن هذه الخصوبة حاضنتها غير مؤهلة لصيانتها، لا لسبب فيها بل لمؤثريات تسببت في تخريبها/ تثقيبها .الفعلة المخربون مغيبون ينبون عنهم فعلهم الشائن. وفي المبتدأ والخبر( روح مثقبة ٌ) وجيز سيرة ٍ لتاريخ المحذوفين والمحذوفات من أي فاصل إعلاني. هذا الهايكو ينتظر مددا.. ويحصلُ عليه من الهايكوين التاليين :
(نُخيط ُ بالقُبل ِ
جراح الروح)
(عُدنا..
عقدنا العزم : أن لا نعود
قبل أن ترتقُ القُبل ُ
: كل جراحنا)

نرى صورتين شعريتين جديدتين، حيثُ القبل ُ تخيط للامرئي المحسوس : جراح الروح.. هناك صورة تحاول جديدا أيضا يجسدها الهايكو التالي :
(إذا تهت ُ
أقتفي في نومي طيفك)
هذه المهارة اللغوية الثمينة، تفعّل صدمة تلقي للقارىء ذي البعد الواحد/ القارىء الأفقي التي يتعامل مع النصوص تعامل بضائعي لكن القارىء المتهمل في تعامله مع المنصوص سيغوص في عمق المعنى الثر لطبقات هذا الهايكو:
التيه
الإقتفاء
النوم
الطيف .
نلاحظ أن النجاة من المتاهة، لن يكون بإجراءات القصدية الميداني في حياتنا اليومية. هنا يستعمل النص : سيرورة النوم التي توفر لنا حريات الحركة بكل أبعادها.. هنا ترمي قراءتي على النص شبكة من طاقة التاكيون بين الروحي واللاروحي فهذه الطاقة :(هي الغذاء الرئيسي لكل ماهو حي، وفي مسامات جسدنا لواقط لطاقة التاكيون. تعمل على تنظيف المحتوى العاطفي المؤلم والمتراكم في النفس ) والحضور العاطفي الباذخ يتعمق في هذا ين الهايكوين :
(أذهب
ستجد صورك َ
السلام
في عينيّ )
وكأن الهايكو الآخر تتمة للأول
(ربما
تأتي مرة ً أخرى
على هيئة خاطر)
يواصل الهايكو برمي شبكته الشعرية لتشبيك الآخر الذي لاتكتمل الذات بسواه :
(لم تلتفت
نا..
ديتك
إلى
أن
تحشرجت
حنجرتي)
وتتكرر هذه المحاولة ذات البعد الميداني في الهايكو التالي
(كلما ناديتُك
ضيعت ْ
السؤال
حنجرتي)
(*)
للأن تناولتُ الذات أثناء محاولاتها للتكامل بتوأمها..والجسر بين ضفتي ّ النهر الواحد : هو ضمير المتكلم : نُخيط .. رأيتُها.. ناديتُك.. أذهب.. تهت ُ.. ربما تأتي .. حنجرتي.. مسني.. عُدنا
الآن ينتقل فعل القراءة إلى الذات وهي ترصد سواها ضمن نسيج الشبكة الشعرية ذاتها . ومن منصة الرصد يتأثل التقابل المرآوي بين الذات والحالة وبين الذوات والذات الأولى المتسيدة في الهايكوات كشخصية روائية رئيسة .
(روحٌ مثقبة ٌ
والعشق ُ ماء)
يحتمل هذا الهايكو : المستويين : الذات الواحدة وكذلك الذات الجمعية.
(في هيام الروح
مَن يحرك الجسد؟)
(تحرر الروح
يصير الجسد
زورقا تائها)
(لم يفكروا..
حين تحدثت
عن العشق أجسادهم)
نتمعن في هذه الاحجار الكريمة بنسقها الثلاثي / المثنوي
نرى أن النصوص ترصد حركية الروح والفوضوية الجسدانية الخلاقة. الجسد يتكلم لا اللسان في الهايكو الثالث وفي الهايكو الثاني يُنتبذ في ماءٍ لم يكتبه النص بل جسده علاماتيا بالزورق.
الذي يومىء إلى سواه. هنا في هذه الثلاثية الهايكوية تندس كاميرا وتصور ما يجري. وهي كاميرا تغيب وتظهر في هايكوات في كتابات بلقيس خالد الشعرية والروائية
(*)
بالطرق هذه يكون طواف العطر حول الجنون. لا عيب في الموصوف : تأثيم الصفات هو السبب . ولا يخلو الطواف من مطبات مصنعّة. لا عيب في الروح ولا في الماء الحي المعشوق والعاشق . العيب بالذين يحملون المثاقب أولئك الذين لا يقتربون لا من جماليات الحق المطلق ولا.. جمالية النسبي المأخوذ بصفو مرايا الماء.
(*)
قرائتي تكتفي بتعميق الحيز النصي الجميل. أما الفضاء النصي الرحب لهذا النوع الثر من الهايكو العراقي المبصوم رياديا ببصمة الشاعرة بلقيس خالد، من خلال تجربتها الشعرية
الهايكو ية المتفردة بدواوينها الثلاثة فيحتاج كدحا معرفيا دؤوبا
(*)

استنشق عطري من جنونك.. هايكو عراقي
بلقيس خالد
-1-
روحٌ مثقبة ٌ
والعشقٌ ماء..
-2-
نُخيط ُ بالقُبل ِ
جراحَ الروح
-3-
في هيام الروح
مَن يحرك الجسد؟

-4-
رأيتُها : تفترش حلماً
وتنامُ عارية ً
......
-5-
العشقُ لا يكذب
توصيفاتنا ترتدي أقنعة ً
-6-
على العشق
إذا ما استدلتْ،
الروحُ : مفقودة ٌ
-7-
تحررُ الروح
يصيّر الجسد
زورقاً تائها..
-8-
لم يفكروا ..
حين تحدثت
عن العشق أجسادهم.
-9-
بعد لقاءٍ حميم
: مضيا
:هو إلى ملذاتهِ
هي إلى ذبولها
-10-
لم تلتف
نا ..
ديتُك َ
إلى
أن
تحشرجتْ
حنجرتي.
-11-
أذهب ْ
ستجد صورك
السلام
في عينيّ
-12-
ربما ..
تأتي مرة ً أخرى
على هيئة خاطر.
-13-
إذا تهتُ
أقتفي في نومي طيفك
-14-
كلما ناديتُك َ
ضيعتْ السؤال َ
حنجرتي.
-15-
مَسني العشقُ
بعثرتُ كل أحمالي
وتوحدنا
-16-
عُدنا ..
عقدنا العزم: أن لا نعود
قبل أن ترتقُ القبل ُ
: كل جراحنِا .
-17-
كلما أوقدتُ..
اطفأها..
إلهي
شمعة للحب هذه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع