الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة يناير وقضايا النساء.. بابٌ لن يُغلَق

ماجي صباغ

2021 / 3 / 2
ملف يوم المرأة العالمي 2021: التصاعد المرعب في جرائم العنف الأسري في ظل تداعيات وباء كورونا وسبل مواجهتها




كان للحراك الجماهيري في يناير 2011 وما تلاه وتواجد النساء في التظاهرات والاعتصامات بشكل ملحوظ والقيام بأدوار فعالة فيها، وما نتج عن ذلك الحراك من تغيرات سياسية خلال العامين التاليين وخلق مساحة من حرية التعبير له، أثرٌ واضح في خلق موجة تحرر نسوي جديدة تلاقت مع الموجة الثورية.

وقد تزامن ظهور حركات التحرر النسوي في مصر مع حركات التحرر الوطني والاحتجاجات وحركات المقاومة الشعبية. فمع نزول جموع النساء في الطرقات بشكل عفوي احتجاجًا على وصول القوات الفرنسية الإسكندرية ضمن الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798، ومشاركتهن في المقاومة الشعبية الشرسة ضد المحتل، تولَّد عن تلك المشاركة عقد اجتماع النساء في رشيد ناقشن خلاله وضعهن الاجتماعي مقارنة بوضع النساء الفرنسيات (هالة كمال، 2016).

وبعد ذلك، مثَّلَت مشاركة النساء في مظاهرات مارس ضمن ثورة الشعب في 1919، والتي رفعت مطالب جلاء المستعمر البريطاني، تحديًا كبيرًا لتقاليد المجتمع التي كانت تفرض على النساء قيودًا تحرِّم عليهن المشاركة في أيِّ نشاط عام. وكانت تلك نقطة انطلاق موجة نسوية نادت بحق التعليم وحق التمثيل السياسي والانتخاب.

وعلى الرغم من عدم تحقيق هذه الانتفاضات الشعبية لأهدافها السياسية، فقد مثَّلَت بوابة العبور للحركات النسوية. ويرجع السبب في ذلك إلى أن تحدي النساء لكلِّ القيود المجتمعية واقتحامهن المجال العام، الذي كان مقتصرًا بصورةٍ حصرية على الرجال، ولَّد لديهن إحساسًا بالقوة ساهم في مواجهة مستويات أخرى من القهر الاجتماعي ومراجعة الأدوار الاجتماعية المفروضة عليهن ومن ثم التمرد عليها.

تواجدت النساء، على اختلاف انتماءاتهن الدينية والسياسية، حاضراتٍ بكثافة في اعتصام التحرير في يناير 2011، وشاركن في التظاهرات، واضطلعن بأدوارٍ متنوعة من توفير الطعام والأدوية في الاعتصامات وعلاج المصابين في المواجهات والمعارك خلال الـ18 يومًا وما بعدها، علاوة على قيادة المسيرات في أحيانٍ كثيرة.

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل اضطلعت النساء بأدوار أكثر ارتباطًا بالقضايا التي تمسهن بشكلٍ مباشر، فقد تصدَّت مجموعاتٌ مستقلة للتحرش في المظاهرات والاعتصامات بعد زيادة أعمال العنف الجنسي، وشاركت آلاف النساء في مظاهرةٍ تضامنية مع الفتاة التي قام قوات الجيش بتعريتها عند فض اعتصام مجلس الوزراء، ورفعن شعاراتٍ تندِّد بانتهاك أجساد النساء، كما نظمن مظاهرةً أخرى في فبراير 2013 رفعن فيها شعاراتٍ مندِّدة بالعنف الجنسي الذي يُمارس ضدهن في المجال العام.

لقد أحدث اقتحام النساء للشارع شرخًا في الصورة النمطية للفتاة التي تحظى برضا الأسرة والمجتمع المحافظ، تلك الصورة النمطية للفتاة المطيعة الخانعة ذات الصوت المنخفض التي يغلب عليها الضعف والعجز عن مواجهة المخاطر التي قد تتعرَّض لها بمفردها.

ولم يقتصر ذلك التأثير على النساء اللائي شاركن في الحراك، بل امتد ليشمل الكثيرات ممن تابعوا الثورة، التي مثَّلَت لحظةً تاريخية وتبعها زخمٌ خلال عامين كاملين. تعدَّدت مظاهر كسر القوالب والتمرد على الأوضاع الاجتماعية التي تحدُّ من طاقات النساء، وتجاوزت الكثيرات الحدود التي رسمها المجتمع الأبوي. سعت قطاعاتٌ من النساء إلى الاستقلال عن الأسرة وتحمُّل أعباء مادية إضافية ومواجهة الكثير من الصعاب في سبيل الحصول على مساحةٍ شخصية أكبر. وازدادت بشكلٍ ملحوظ أعداد الفتيات اللائي تحدين الظروف الاجتماعية التي فرضت عليهن ارتداء الحجاب وقررت خلعه، وازداد عدد الفتيات اللائي يقدن الدراجات كوسيلة للتنقل. ليست هذه الظواهر، التي قد يبدو بعضها دقيق ومُفصَّل، إلا إشارات للمساحات التي تنتزعها المرأة بنفسها لنفسها.

إلى جانب ذلك، رُفِعَت شعارات القوة والاستقلال على مواقع التواصل الاجتماعي strong, independent woman كما طُرِحَت قضية الحق في الأمومة single mothers وهي قضية مثيرة للجدل وطُرِحَت قبل الثورة بشكلٍ نظري عن حق الأم في النسب، ولكن كان من المستبعد أن تعلن فتاةٌ عن أحقيتها في الاحتفاظ بجنينها من علاقة خارج إطار الزواج كما حدث عام 2017. وتعدَّدَت طرق تعبير النساء عن رغبتهن في تحطيم القيود المفروضة على أجسادهن ابتداءً بالرقص والتعبير الحركي ونشر فيديوهات لهن على وسائل التواصل الاجتماعي، وصولًا إلى ارتداء ما يخترنه من ملابس في إعلانٍ ضمني بحقهن في السيطرة الكاملة على أجسادهن.

تعبر المظاهر السابقة، والتي لم تكن مألوفة قبل الثورة، عن تقدمٍ على مستوى الحريات الشخصية وتغير أفكار النساء بشأن تحميلها مسئولية ما تتعرَّض له من سلطوية وانتهاكات جنسية. ومن الظواهر الداعمة لهذه الفكرة اتجاه بعض النساء ممن تعرضن لعنف جنسي إلى الافصاح عن تجاربهن مع التحرش والاغتصاب من قبل غرباء أو أصدقاء أو شركاء في العمل.

منذ البداية أدركت السلطة العسكرية تداعيات التواجد المكثف للنساء في ميدان التحرير وما يمثله من تحدٍ للسلطة والمجتمع المحافظ معًا، وما يترتب عليه من اقتحام المجال العام، فلم تتردَّد السلطة في المواجهة لإعادة الوضع إلى ما كان عليه. ولكي تتمكَّن من صد تيار التغيير وإحكام سيطرتها على المجال السياسي، استخدمت أدواتها القمعية من شرطة وجيش وقضاء، علاوة على أدواتها الإعلامية أيضًا. وخلال ذلك، استخدمت السلطة كافة وسائل الإرهاب من عنف جنسي على أوسع نطاق واعتقال النساء وانتهاكهن بشكل غير مسبوق.

عنف جنسي على يد السلطة
“دول بتوع مظاهرات، إحنا هنروَّحهم ونخليهم مينزلوش التحرير تاني”. لخَّصت هذه العبارة التي جاءت على لسان أحد لواءات الجيش، عند فض اعتصام التحرير يوم 9 مارس 2011 (وما حدث في أعقابه من اعتقال للناشطات وإجراء كشوف عذرية لهن)، الهدف الذي تخطِّط السلطة العسكرية من أجل تحقيقه، وهو عودة النساء للمنازل وجعل ثمن المشاركة في المجال العام باهظًا أكبر من أن تتحمَّله أيُّ امرأة.

تمارس الدولة البوليسية العنف الجنسي ضد النساء لتحقيق السيطرة من خلال تدمير إرادة الضحية وإرهاب الأخريات من مواجهة نفس المصير (ساندرا بلودوورث، 2015). وتعدَّدت أشكال العنف الجنسي الموجه ضد النساء في المواجهات السياسية، من اعتداء جنسي جماعي استُخدِمَ لأول مرة في احتجاجات الأربعاء الأسود في مايو 2005 عند سلم نقابة الصحفيين، حين قام بلطجية الحزب الوطني آنذاك بالاعتداء على صحفيات ومتظاهرات اعتداءً جنسيًا جماعيًا وتمزيق ملابسهن تحت إشراف قوات الأمن.

تكرَّرَت هذه الحوادث بنفس الطريقة وأصبحت منهجًا للسلطة في التعامل مع النساء المتواجدات في أيِّ احتجاج خلال فترة المد الثوري. وفي بيان مشترك صدر عن أكثر من 30 منظمة نسوية وحقوقية في يونيو 2014، وُثِّقَت نحو 500 حالة اعتداء جنسي بالآلات الحادة والأصابع بالاضافة إلى آلاف من حالات التحرش الجنسي في ميدان التحرير والمناطق المحيطة به منذ فبراير 2011 وحتى يناير 2014.

تعد كشوف العذرية من أسوأ التجارب التي عاشتها المعتصمات في ميدان التحرير. فالتفاصيل المؤلمة التي روتها النساء تحمل في مضمونها كل معاني الإذلال وإهدار الكرامة الإنسانية. ويطبَّق هذا الانتهاك البشع من انتهاكات العنف الجنسي في السجون العسكرية كإجراء “احترازي”، وفقًا لتصريحاتٍ عسكرية آنذاك، في حال ادعاء أي معتقلة تعرضها للاغتصاب (وكشوف العذرية هي بالفعل اغتصاب). لكن هذا التبرير، علاوة على كونه ذريعةً للانتهاك الجنسي، فهو أيضًا كاذب، فعلى سبيل المثال أُجرِيَ هذا الكشف أيضًا على شاهدات حادثة فندق الفيرمونت، ما يعني أن هذا الفحص أصبح إجراءً روتينيًا كالتفتيش في جيوب وحقائب المتهمين للبحث عن أدلة إدانة!

إن إجراء فحوص العذرية، أو بتعبير أدق تحري وجود غشاء المهبل، ليس مجرد عنف جنسي ترتكبه السلطة ضد النساء بل يحمل رسالة إرهاب للنساء مفادها أن نشاطهن الجنسي مُراقَب من سلطة الدولة.

ومن مظاهر العنف الأخرى غير المُلتَفَت لها بما يكفي حرمان النساء المعتقلات من استخدام الفوط الصحية، خاصةً في فترات التحقيق الأولى التي تجري في مقرات الأمن الوطني إذا تصادف مرورهن بفترة الدورة الشهرية، وهو أمرٌ له آثار صحية ونفسية سيئة على النساء.

ما يميز تيار التحرر النسوي الذي تشكَّل بعد الثورة هو طرح قضايا تتعلق بجنسانية النساء والنزاع القائم للسيطرة على أجسادهن فيما بين سلطة الدولة وسلطة المجتمع الذين يشكلون التيار المحافظ من ناحية، وبين النساء من ناحية أخرى. ففي السنوات القليلة الماضية، وبعد ظهور حركة أنا أيضًا (Me Too)، كان لها أثر كبير في تشجيع العديد من النساء على الإفصاح عن تعرضهن للتحرش أو الاغتصاب في المجال الخاص.

من ناحية المجتمع، فهو يعيش حالة تطبيع مع ما تتعرَّض له النساء من تحرشٍ أو اغتصاب في أماكن خاصة أو في إطار علاقات خاصة، والتبرير لهذه الجرائم، بشكلٍ يفوق تبريره لنفس الجرائم في المجال العام في العمل أو في الشوارع أو في وسائل المواصلات، فتتحمَّل الضحية المسئولية الكاملة عمَّا يحدث لها نتيجة لتواجدها في هذا المكان في ذلك الوقت مع ذلك الشخص. لماذا إذاً تُعتَبَر هذه التفصيلة نقطةً محورية في تغيير مفهوم المرأة عن جسدها؟ لأن إفصاح أي امرأة عن تعرُّضها للعنف الجنسي في سياق يتعارض مع المعايير التي وضعها المجتمع هو بمثابة إعلان هؤلاء النساء سلطتهن على أجسادهن ورفض أي وصاية خارجية أخرى.

ومن هنا تنبَّهت سلطة الدولة إلى خطورة انتشار مثل هذه الأفكار التي تشجِّع النساء على المطالبة بحقوقهن الجنسية ورفع الوصاية المجتمعية والأسرية عليها.

تنبهت سلطة الدولة إلى ظهور جيل جديد من الفتيات اللاتي لديهن مفهوم مختلف يتعارض مع المفهوم المشترك السائد المفروض اجتماعيًا. فما كان من السلطة إلا أن عبَّرت عن استحقاقها المزعوم في الوصاية على أجساد النساء والتعدي على حريتهن الشخصية باستخدام أدواتها القمعية المباشرة، فسجنت العديدات بتهم تتعلق بالدعارة وتهديد قيم الأسرة في القضية المعروفة بفتيات للتيك توك، واعتقلت الشهود ونشرت ملفات خاصة تتضمن جانبًا من الحياة الشخصية لهم.

غير أن أدوات القمع السياسي من شرطة وجيش ومنظومة قضائية وحدها لا تمكِّن سلطة الدولة من تحقيق الهيمنة الكاملة على المجتمع، لذا فهي تعمل في اتجاهٍ موازٍ على إعادة إنتاج الأفكار المحافظة عن الدور الطبيعي والأزلي للمرأة و”الأصلح” للمجتمع، على حدِّ زعمهم. وتستخدم المنظومة الإعلامية لترسيخ هذه الأفكار.

لا يتطلب الأمر مجهودًا في التحليل للتوصُّل إلى الخطاب السائد عن دور المرأة في وجهة نظر الدولة، بل أن مجرد مشاهدة اللقاء الخاص مع انتصار السيسي، والذي عُرِضَ على شاشة التليفزيون، يكفي لكي نتبيَّن منه نموذج المرأة التي يروِّج لها النظام. نموذج المرأة المثالي هي الفتاة المطيعة التي يجري إعدادها لتصبح زوجةً تتحمَّل وحدها عبء تربية الأطفال والعمل المنزلي غير مدفوع الأجر طبعًا وهي أيضًا سلعة للزينة. نموذج للمرأة الجاهلة والمنعزلة عن المجال العام والتي ليس لها وعيٌّ نقدي، ذلك لأن دورها الأساسي محصور في القيام بأعمال مملة ومتكررة ولا تتطلب أي مهارات من رعاية وطبخ وتنظيف.

خلا هذا اللقاء من أيِّ ذكر أو تلميح لقضايا نالت بعض الاهتمام في العقود السابقة مثل إجراء تعديلات على قوانين الأحوال الشخصية لصالح النساء أو الاهتمام بالصحة الانجابية. رأينا أيضًا كيف تمكَّن النظام من تعبئة قطاعات واسعة من الطبقة الوسطى حول الدفاع عن العائلة والأخلاق والأمن، والتحريض ضد ذلك النموذج من المرأة الذي انتعش مع الثورة، حيث المرأة باعتبارها طالبة وعاملة ومناضلة، لصالح نموذج رجعي للمرأة كأم وبنت وزوجة ينحصر دورها في حماية الأسرة، وبالتالي “الوطن” من وجهة نظر النظام، من الانهيار. ولا يفوتنا هنا أن نشير إلى أن هذا الخطاب يتماشى تمامًا مع التيار الإسلامي، فهو يشارك النظام رجعيته وعدائيته للمرأة، فيعيد إنتاج هذه الدعاية بصورٍ دينية وأخلاقية متنوِّعة.

روَّج السيسي خلال اللقاء المُشار إليه أن تعيين 8 وزيرات في حكومته ووجود 90 نائبة بمجلس النواب يُحسَب أحد إنجازاته على صعيد حقوق النساء. لكن تعيين نساء على رأس وزارات مهمة أو تمثيلهن في المجالس النيابية لم يوقف انتهاك الحقوق القانونية والدستورية لنساء أخريات، ولم يحسِّن وضع النساء بشكل عام. علاوة على أن الحديث عن برامج التمكين التي تقوم على تقديم قروض للنساء الفقيرات تحت مسمى تمويل مشاريع متناهية الصغر أصبح حديثًا مبتذلًا لا تجني النساء من خلاله أية منفعة، بل تتراكم الأقساط على المقترضات، وفي أحيان كثيرة تسجن النساء لعدم قدرتهن على سداد القرض للمؤسسة المالية المقرضة.

معارك أوسع
على الرغم من الصعود الكبير لموجة التحرُّر النسوي في السنوات الماضية في مواجهة أكبر التحديات من الدولة والأفكار المحافظة والرجعية، هذا الصعود الذي يُعدُّ مكتسبًا مهمًا للنساء، لم يمتد التأثُّر بهذه الموجة، التي اقترنت بثورة يناير، إلا إلى قطاعٍ محدود للغاية من النساء، بعضهن شاركن في الثورة وتأثَّرن بها، وأخريات يعملن في وظائف قد تدر أجورًا مرتفعة نسبيًا توفر لهن امتيازات اقتصادية ومساحة أكبر من حرية الاختيار، بينما تظلُّ الغالبية العظمى من النساء بعيدة عن هذا التغيير.

يرجع ذلك إلى عدة أسباب، نذكر منها الطبيعة البرجوازية لخطاب الحركات النسوية بشكل عام نتيجة لسيطرة أفكار النسوية الليبرالية والتي ترى أن سبب اضطهاد النساء ناجم عن عوامل أيدولوجية بالأساس. بالنسبة للنسوية الليبرالية، فإن الأفكار المجتمعية التي تنتقص من جنس الأنثى مكَّنَت الرجال من السيطرة. وترى هذه النظرية أن هناك إمكانية لإتاحة كلِّ شيء لكلِّ الناس -أي تحقيق المساواة- بمجرد تغيير القوانين التي تميِّز ضد النساء والعمل على تذليل العقبات في طريق تقلُّد النساء للمناصب القيادية (كريس هارمان، 2014). تتجاهل هذه النظرية السائدة التحليل المادي لأسباب الاضطهاد والذي يكمن في الطريقة التي تتبعها الأسرة لإعادة إنتاج قوة العمل. فالمرأة تقوم بالعمل المنزلي وتلبية احتياجات الزوج الجنسية وتربية الأطفال على نفس القيم المجتمعية السائدة -والتي تخدم النظام. وتتجاهل النسوية الليبرالية قضية العمل المنزلي غير مدفوع الأجر، الذي يكبِّل المرأة ويجعلها تدفع الثمن نيابةً عن الرأسمالية، حتى لا يضع هذا الرافد من النسوية نفسه في مواجهة مع الرأسمالية.

وكذلك طبيعة القضايا التي أثيرت والتي تتعلق بالحريات الجنسية للنساء، والتي يُنظَر إليها على أنها قضايا تخص نساء الطبقات المتوسطة والعليا (المرأة والذاكرة، 2016)، إذ اختُزِلَت في رغبة بعض النساء في إقامة علاقات خارج إطار الزواج. غير أن هذه القضية تتعدى مجرد رغبة النساء في التحكم وحدهن في حياتهن الجنسية، لتشمل العنف الأسري، والاغتصاب الزوجي، وختان الإناث، وجرائم الشرف، ومفهوم العذرية، ومعايير العفة التي تقوم بوضعها كلٌّ من الدولة والمجتمع والمؤسسات الدينية، ومحاسبة النساء وفق هذه المعايير، بالإضافة الى قوانين الأحوال الشخصية وحق الإجهاض الآمن.

إن الانحسار السريع للموجة الثورية 2011-2013، وهيمنة نظام الثورة المضادة بأجهزته القمعية والإعلامية على المجال العام، وإحكام السيطرة على المجال السياسي، ساهم بشكلٍ كبير في وضع حدودٍ أمام توسيع رقعة نقاش هذه القضايا وكسب تأييد عدد أكبر من النساء. إلا أن هناك مساحةً محدودة في الفضاء لا تزال -إلى حدٍّ ما- خارج سيطرة النظام يمكن استغلالها في بناء تيار نسوي اشتراكي يثير قضايا النساء في جذورها المتأصِّلة في النظام الرأسمالية، لاسيما قضية العمل المنزلي غير مدفوع الأجر ودوره في عملية التراكم الرأسمالي، ويثير كذلك القضايا التي تتعلق بالحريات الجنسية للنساء بشكلٍ أوسع.

مراجع:
– لمحات من مطالب الحركة النسوية المصرية عبر تاريخها، هالة كمال، مؤسسة المرأة والذاكرة 2016.
– جذور العنف الجنسي، ساندرا بلودوورث، بوابة الاشتراكي 2015.
– تحرر المرأة والاشتراكية الثورية، كريس هارمان، بوابة الاشتراكي 2014.
– النسوية والجنسانية، مؤسسة المرأة والذاكرة 2016.
– جرامشي: كراسات السجن والفلسفة، كريس هارمان، بوابة الاشتراكي، 2015.
– مدخل إلى قراءة فكر أنطونيو جرامشي، هشام مصطفى، إضاءات 2020.
– موقع ويكي جندر.
– منصة حكي نسوي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار