الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله والبق بانق

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2021 / 3 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أركيولوجيا العدم
٢٢ - بداية الإنفجار

يرتكز فهمنا للكون اليوم على ركيزتين أساسيتين: نظرية النسبية العامة la relativité générale التي أسسها إينشتاين وفيزياء الكم la physique quantique. هيكلين نظريين تم التحقق منهما اليوم بدقة ولا مجال للشك في صلاحية هذين النموذجين لتفسير الظواهر الكونية، لكن الغريب في الأمر أنهما لا يتحدثان مع بعضهما البعض، ويتجاهل كل منهما الآخر إذا جاز التعبير ولا مجال للتوفيق بينهما حتى مؤخرا، حيث بدأ العمل في محاولة دمج النظريتين في نظرية واحدة شاملة من قبل بعض الباحثين، مثل الفيزيائي الإيطالي كارلو روفيلي Carlo Rovelli الذي يعمل جاهدا على ملء هذا الفراغ. وهو مدير أبحاث في مركز CNRS الفرنسي وأستاذ في جامعة البحر الأبيض المتوسط في مرسيليا. وقد طور كارلو روفيلي مع الباحث الأمريكي لي سمولين Lee Smolin نظرية الجاذبية الكمية ذات الحلقات la gravitation quantique à boucles، والتي تهدف بطريقة ما، إلى توحيد النسبية العامة و فيزياء الكم. كارلو روفيلي يقول بأن سؤالًا واحدًا وجه حياته كلها كباحث وهو "طبيعة الزمن"، وهو سؤال فلسفي أهتم به الفلاسفة منذ الفلسفة اليونانية حتى هايدجر وسارتر، غير أن روفيللي ارتكز على أعمال إسحاق نيوتن وألبرت أينشتاين وستيفن هوكينغ وآخرين، ليحاول أن يفهم ما هو الزمن، الذي يبدو مثل ندف الثلج التي تذوب عند محاولة الإمساك بها، نحن نعلم الآن أن الوقت لا يمر بنفس السرعة في الأماكن المرتفعة أو الواطئة؛ ويختلف على مستوى النجوم والكواكب. ما الذي يبقى ملموسًا في هذا الركام؟ وكيف يمكننا بناء نظرية زمنية تتمسك بإدراكنا وتحليلات الفلاسفة وومضات الشعراء؟ هذا هو التحدي الذي تحاول الفيزياء الحديثة مجابهته.
وهكذا أصبحت إشكالية بداية الكون وإنبثاقه وبدايته - إن كانت له بداية - مسألة مطروحة أمام المعامل والمختبرات العلمية وتخص الفيزياء والرياضيات وبقية العلوم النظرية والتطبيقية، وخرجت من المعابد الدينية ولم تعد منحصرة في صفحات الكتب الصفراء. ومع ذلك ما يزال هناك من يشكك في أهمية هذه الإكتشافات وهذه المعارف، بإعتبارها لم تحل المشكلة الأساسية، لماذا هناك أي شيء بدلا من لا شيء؟ في نهاية الأمر ما هو الفرق بين الـ Big Bang، وبين خلق الله الأرض والسموات في ستة أيام ؟ أسطورة مقابل أسطورة، أسطورة الخيال الفني في مواجهة أسطورة العقل العلمي، الصورة مقابل المفهوم والمقولة، كلمة كلب مقابل الكلب الحي الذي ينبح ويعض. ولا يمكننا إلا أن نلاحظ وبطريقة موضوعية، بل شديدة الموضوعية، بأنه من خصائص الإنسان المعاصر أنه يرفض أن يفكر وأنه يفضل الأسطورة على الواقع، رغم أنه لم تتوفر للإنسان من قبل إمكانيات بهذه الغزارة والفعالية تمكنه من خلق المفاهيم ومسائلة النظام الفكري البشري وتطويره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد