الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلا كرامة منذ أكثر من ألف عام

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


"تجرأنا على الحلم ولن نندم على الكرامة" : شعار أراد السوريون من خلاله القول بأننا ماضون في الطريق، هذا يستفز الأسد ، وهذا أجمل مافي الشعار، لكن على الجهة الأخرى، و الجهة العملية حيث يقولون بأنّهم تجرأوا على الحلم، ولن يندموا على الكرامة -أي كأنّهم حصلوا على الكرامة – وهنا أسأل أين الكرامة؟ متى تحقّقت ؟ عندما تتحقق الكرامة سوف نقبّلها من جبينها.
الشعب السوري في الداخل شعب تحت النّار ، يعبث الدكتاتور بكرامته، فحتى رغيف الخبز بات عزيزاً . نعم يحلم الشّعب بالرّغيف الذي يمثل كرامته الآن . نحن شعب منتهك ، مع هذا نضخم ذواتنا ، وكأنّنا فعلاً نؤثّر في السّاحة الدّولية ، ونضع على صفحاتنا مساهماتنا " العظيمة" في القضية السّورية ، ولو عرفنا أن الهولوكوست التي كانت النازية مسؤولة عنه لم يكن ليعرف به أحد لولا أن دولة عظمى وثّقته ، كانت تلك الدولة العظمى في ذلك الوقت هي الاتحاد السوفيتي ، وهذا مثبت، و أتت كلمة عظمى يومها كونها من ضمن الحلفاء ضد النازية. اليوم أمريكا لديها كلّ الملفات ، وهي الدّولة التي سوف تقرّر الوضع السّوري.
قضيّة الكرامة تمتد جذورها إلى أبعد من دكتاتور، وربما جذورها العميقة تمتد إلى قريش حيث أصبحت صاحبة السّلطة، وتكلّم الناس لغتها لأنّها لغة السّلطان بينما كانت لغاتها لهجة من لهجات الجزيرة العربية، لكن لا بأس ، فاللغة وسيلة للتفاهم ، و للتعبير عن الذّات.
في كل مرحلة نبتكر الأسماء الجميلة و العاطفية كي نقنع أنفسنا . فقد سبقنا أجدادنا بتسمية ما قبل الإسلام بجاهليّة العرب، ليتهم تجاوزوا تلك الجاهلية فقد كانت في بعض جوانبها مزدهرة . فماذا يضرّ تعدّد الأديان، وتعدد الأجناس ؟
صُلب الحلاّج على شجرة، وقطعت يداه ورجلاه من خلاف ، و اتهم ابن رشد ، ابن سينا، ابن المقفّع، الجاحظ، أبو العلاء المعرّي، الكندي، جابر بن حيان، و ابن المقفّع بالزندقة، ولا زال معاوية وعلي يتحاربان على الأرض السّورية ، لكنّ الخليفة اليوم هو الحسين ، أو ثاراته! . .
يبدو أن أمراض الدكتاتور في جنون العظمة تنتقل لنا، فبدلاً أن تكون تلك الثورة السّلمية قد علمتنا درساً هاماً في المواطنة ، لكن أخلاق الدكتاتور تلاحقنا، فقد زادت مقدساتنا. نحن اليوم لا نقدّس السّلطان فقط، بل نشأ لنا مقدّسات جديدة ، وجميعها خرجت من باب الدكتاتور ، فما إن يموت شخص إلا ونقوم بتقديسه، نبتكر له الألقاب العاطفية، كأيقونة، وبطل ، وسابق عصره ، وما إلى ذلك من ألقاب بينما هو لم يكن يتجاوز الدور المرسوم له ، وقد تبرمج عقله الباطن على اعتبار كل ما يقوله عظيماً. نحن لم نغنِ المكتبة العالمية في الأدب ، ولم نتجاوز الخطاب البلاغي في السّياسة، ولا زلنا نتمركزّ تحت اسم الطائفية، لكن بطريقة أقوى مما كانت عليه ، و نضفي على أنفسنا ألقاباً ضخمة إلى درجة أن أحد أصدقائي قال لي:" فقدت جزءاً من عائلتي من أجل الثورة، لكنّني اليوم عزفت عن الثورية. أتدرين لماذا؟ لآنهم جميعاً قد رتّبوا أوراقهم بحيث يتقاضون عليها ويشيدون بعظمتهم. لا أعرف إن كنت أغار منهم، أم أمتعض ، لكن ليس من أجل هذا قمنا بثورة. ربما نحتاج لثورة أخرى" . . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا