الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من علوم الإمام أبي العزائم | الطريق إلى الله |‏ 18

عدنان إبراهيم

2021 / 3 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الإخوان‏
‏ أريد بالإخوان : كل الناطقين معي بلا إله إلا الله محمد رسول الله، المتفقين معي ‏على ‏التصديق بما أنزل الله على ‏سيدنا ومولانا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، المؤمنين باليوم الآخر، ‏وإن ‏تفاوتت مراتبهم من حيث فهم آيات الله، وذوق معانيها، ‏وانبلاج أنوارها، ‏ووضوح ‏الحجج والدلائل، بحسب المواهب التي يمن الله بها على كل أخ مؤمن، ‏من ‏الفطنة ‏والذكاء، والنور والفقه، والمعرفة والعناية، والتوفيق لعمل تزكية النفوس والقربات، ‏ومكارم ‏الأخلاق، ‏وحسن المعاملات، وعلوم اليقين.‏
‏ فإن هذا التفاوت وإن أدى إلى اختلاف في مشاهدهم وأحوالهم وخصوصياتهم ‏بالنسبة ‏لما يمن الله به عليهم من ‏مزيد الإيمان، إلا أننا والحمد لله جميعا نمثل أبناء والد ‏واحد ووالدة ‏واحدة، كلنا بارون بوالدينا، لا نشك ولا ‏نرتاب من صحة نسبتنا إليهما. ‏إلا أننا ‏نتفاوت في السن، وتفاوتنا في السن لا يؤدي إلى اختلاف بيننا أو ‏خلاف، بل ‏كل ‏واحد منا وإن كان رضيعا هو أخ للآخر وإن كان كهلا حظه من والديه مع ‏طفولته ‏كحظ ‏الكهل منهما نسبا وميراثا وحقوقا، إلا أن الصبي يعظم أخاه الكبير ‏بالاقتداء به، ‏وتلقي علومه، ومعاونته له ‏على النفع العام. ‏
‏ والأخ الكبير يرحم الصغير بدلالته على الخير، وتربيته على ما به سعادته ‏وسعادة ‏إخوته، وموالاته بما لابد له ‏منه من غذاء للجسم أو للروح، أو تزكية للنفس. ‏
قال الله تعالى (إنما المؤمنون إخوة) ‏ وقال ‏‏(صلى الله عليه وآله وسلم): «ترى المؤمنين ‏في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا ‏اشتكى منه ‏عضو تداعى له سائر ‏الجسد بالسهر والحمّى». وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «المؤمنون ‏كرجلٍ واحدٍ إذا اشتكى ‏رأسه ‏اشتكى كله وإذا اشتكى عينه اشتكى كله). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا، ‏ثم شبّك ‏بين ‏أصابعه» وقال صلى الله عليه وسلم: «المسلمون تتكافا دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، ‏ويحير ‏عليهم أقصاهم، ‏وهم يد على من سواهم...». ‏
‏ فكأني والحمد لله إذا قلت : إخواني، فإنما أعني كل من اعتقد عقيدتي التي هي ‏‏: ‏أشهد أن لا إله إلا الله ‏وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله، وصدّق بكتب الله ورسل ‏الله ‏صلوات الله وسلامه عليهم، وملائكته وقضائه ‏وقدره، وآمن بالآخرة إيمانا حقيقيا ‏جعلها ‏ممثلة أمامه (1)، فرغب في نعيمها، وخاف عذابها؛‏ خوفا تحقق به أن ‏الوقوع في ‏المعصية هو ‏عين العذاب الأليم.
بهذا أراني منشرح الصدر إذا أنا خاطبت إخوتي بما أخاطب به نفسي، وقمت ‏خادما ‏لهم (2) بقدر ما وهب ‏لي ربي. والمأمول من إخواني أني إذا ‏كتبت ما هو خير وحق ونفع؛ أن نشكر الله جميعا على توفيقه ‏وعنايته، ‏فإن ذلك من رَوْحِ الله وتوفيقه وعنايته. (3)‏
‏ وإن أخطأت أو سهوت فعلى إخوانى أيدني الله وإياهم بنور الذكر الحكيم أن ‏يغيروا ‏خطئي هذا بما هو الحق، ‏ويستغفروا الله تعالى لى، لأن ذلك من عجلتي التي أنا ‏مفطور ‏عليها، ومن نسياني الذي هو من أخص مميزاتي. ‏
‏ أسأل الله تعالى أن يحفظني من سوء النية وخبث السريرة، ويعيذني سبحانه من أن ‏أتبع ‏غير سبيل المؤمنين، أو ‏أن أبتدع ضلالة أغير بها سنن سيد المرسلين، إنه مجيب ‏الدعاء. ‏

الأخ في الله تعالى ‏
هو أنت إلا أنه شخص آخر، لأنه يقصد ما تقصد، ويتمنى ما تتمنى، ويعتقد ‏ما ‏تعتقد، ويعمل بعملك، ‏ويقتدي بقولك وعملك وحالك. ذاق ذوقك، وفهم ‏عبارتك، ‏وأدرك إشارتك، يسعى فيما يرضيك، ويحب من ‏تحب، يصادق صديقك، ‏ويعادي ‏عدوك، يحفظك غائبا، ويسرك حاضرا، يذكرك إن غفلت، ويعينك إن ‏ذكرت، ‏يسارع ‏في مراضيك عندما ترضي الله، ويتوقف عن العمل إن جهل حكم عملك؛ حتى ‏يتبين ‏له بدون ‏جدل ولا انتقاد ولا اعتراض ‏ تجمل بكل خصالك، واتصف بجميع صفاتك، وَدَّكَ بأكمل ما يود به ‏نفسه، ‏وتحمل ‏الشدائد في جمع الكلمة، يجاهد نفسه ليتجمل بمكارم الأخلاق، يصل رحمك، ‏ويكرم ‏أقاربك، ‏ويعطف على أولادك. ‏
‏ هذا هو الأخ، ولو كان بعيد النسب عنك. الأخ هو أنت خلقا، واعتقادا، ‏ومقصدا، ‏وعملا، وحالا. الأخ ‏من بذل نفسه قبل نفسك، وماله قبل مالك، وقدم ‏أصدقاءك ‏وأهلك وأولادك؛ على خاصته وأهله وأولاده. ‏ليس الأخ بنسب الأبوين، إنما ‏الأخ من ‏ناسبك في خصوصياتك، وتشبه بك في جميع أحوالك. قرب منك بما ‏جملك ‏الله به ‏فصار قريبك، وانتسب إليك بما تقربت به إلى الله تعالى فصار من نسبك. الأخ ‏من لا ‏تتكلف ‏له، ولا تخشى الشر منه، استوى عندك السر والعلن معه، وأنت عظيم ‏في عينه ‏وقلبه في كل أحوالك، من يسر ‏وعسر وبعد وقرب.إن شددت يسّر، وإن ‏يسّرت ‏هابك، سروره أن تكون مسرورا.. هذا هو الأخ (وقليل ‏ما ‏هم) ‏فهذا الأخ هو الوارث للأحوال والعلوم والأسرار. فإذا كان ‏من ‏أهل نسبك كان ذلك أجمل وأكمل، ‏وذلك هو الفوز العظيم.وإنما هي مشابهة ‏توجب ‏القرب بعد الحب، فالرقي إلى المقام بعد الحال، فالوصول، ‏فالكمال.‏
‏ أسأل الله أن يجملنا بأخلاقه، وأن يمنحنا عنايته، وأن يواجهنا بوجهه الجميل إنه ‏مجيب ‏الدعاء.‏

الآداب ‏
‏ لما كانت الآداب إما أن تكون آدابا في عبادات، أو في معاملات، أو في تزكية ‏النفوس ‏وتطهيرها، أو في طريق ‏الدعوة إلى الله وإرشاد عباده بالحكمة والموعظة الحسنة، ‏أو آداب ‏تعليم العلم وتلقيه، وغير ذلك من الآداب. ‏
‏ وكل نوع من تلك الأنواع له أحكام خاصة به، نريد أن نبين الآداب التي ينبغي أن يكون عليها ‏المسلم لأخيه ‏المسلم، والمتعلم للمعلم، وآداب الدعوة إلى الله، وما ينبغي أن يكون ‏عليه ‏العلماء في حال إقامة الحجة لله، ودفع ‏الشبهة عن سنة رسول الله، ومحو البدع. ‏

الآداب الواجبة على كل مسلم لأخيه : ‏
‏ لما كانت الآداب الواجبة لابد وأن تكون أوجبها الله تعالى أو أوجبها رسول الله ‏‏(صلى ‏الله عليه وسلم وآله)، ‏وقد تتبعت الأحاديث الواردة في حقوق المسلم على ‏المسلم، ‏فظهر أن جميع ما ورد عن رسول الله (صلى الله ‏عليه وآله وسلم) في الحقوق الواجبة على كل مسلم ‏لأخيه ‏أربع عشرة خصلة، أما قولي: الواجبة على كل ‏مسلم؛‏ فلِما ورد في لفظ ‏الأحاديث عن ‏سيدنا علي بن أبي طالب عليه السلام «للمسلم على المسلم ‏ستّ ‏خصالٍ واجبةٍ»، ‏وعن سيدنا أبو أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه عن رسول ‏الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «حقّ المسلم ‏على المسلم ستّ خصالٍ، إن ترك منها شيئا ترك واجباً عليه‏‏» وقد جمع ‏تلك الخصال كلها الإمام أبو طالب ‏المكي في كتاب :(قوت القلوب). ‏
‏ نبدأ أولا بذكر عشر خصال، ثم نذكر بعدها ما زاد عليها، فأما ‏الخصال العشرة التي كثرت الأخبار بها فهي : ‏
‏1 - أن يسلم عليه إذا لقيه. ‏
‏2 - ويجيبه إذا دعاه. ‏
‏3 - ويشمته إذا عطس. ‏
‏4 - ويعوده إذا مرض. ‏
‏5 - ويشهد جنازته إذا مات. ‏
‏6 - ويبر قسمه إذا أقسم عليه. ‏
‏7 - وينصح له إذا استنصحه. ‏
‏8 - ويحفظه في غيبته إذا غاب عنه. ‏
‏9 - ويحب له ما يحب لنفسه. ‏
‏10- ويكره له ما يكره لنفسه. ‏
‏ وعن أنس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (أربع من حق المسلم، أن تعين محسنهم، ‏وأن ‏تستغفر لمذنبهم، وأن ‏تدعو لمدبرهم، وأن تحبّ تائبهم). ‏
‏ وقد كان ابن عباس رضي الله عنه يؤكد هذا المعنى خاصة للمسلم على المسلم، ويفرضه ‏فرض ‏الحلال والحرام، ويفسر به ‏قوله تعالى (رحماء بينهم).‏
‏ فهذه الخصال المذكورة جامعة مختصرة لا عذر لأحد في تركها إلا من عذرته ‏السنة، ‏وأكمل المؤمنين إيمانا ‏أقومهم بها، وأسرعهم إليها. وفى الخبر عن رسول الله (صلى ‏الله ‏عليه وآله وسلم) : «من أعطي حظّه من الرّفق ‏فقد أعطي حظّه من خير ‏الدّنيا ‏والآخرة ومن حرم حظّه من الرّفق فقد حرم حظّه من خير الدّنيا والآخرة». ‏
‏ ‏
تسليم السالك ‏
‏ إن التسليم للمرشد هو تسليم لله تعالى ولرسوله (‏صلى الله عليه وسلم‏ وآله)، ملاحظا أنك ‏إنما ‏تصحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ‏ذات المرشد، ومعنى ذلك إن كنت تجهل أنك ‏تسمع ‏منه وترى فيه الحق الصريح الجلي، الذي كان عليه رسول ‏الله (صلى الله عليه ‏وآله وسلم) وأصحابه، ‏صلوات الله وسلامه عليه وعليهم، فتكون كأنك سمعت من ‏رسول ‏الله، ورأيت رسول ‏الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفى هذا المعنى ما ورد عن أبي يزيد البسطامي ‏رحمه الله من قوله: «‏من أنا ؟ قالوا ‏‏: أنت أبو يزيد، قال: أنا محمد رسول الله، يعني لا ‏تنظروا إليّ بعين ‏العصمة، ولكن انظروا إلى بعين البصيرة، فإن ‏كنت على ما كان عليه ‏رسول الله (صلى ‏الله عليه وسلم وآله) فاصحبوني، وإن خالفت رسول الله ‏فقوّموني». ‏وهذا أساس ‏الطريق، فإن الحق فوق الخلق، فاقبل الحق؛‏ ولو من الغريب البعيد البغيض ‏الدنيء، ‏ولا ‏تقبل الباطل؛‏ ولو من الولي العالم الورع الزاهد. ‏
‏ وأهل السلوك يعرفون الرجال بالحق، ولا يعرفون الحق بالرجال. وما أفسد ‏العقائد ‏وأذهب الأنوار والأسرار إلا ‏معرفة الحق بالرجال، فيقال : قال سيدي فلان، ‏وقال ‏سيدي فلان متى كان شهيرا. والحقيقة أن نعرف الرجال ‏بالحق مهما كانت ‏درجتهم، ‏وبذلك تكون أهلا للحق ومحلا له، وتكون صادقا إذا قلت : إني في معية ‏رسول ‏الله، ‏فإن الله تعالى أخبر أن أهل المعية رجال اتصفوا بصفات ذكرها في آخر ‏الفتح، ولم يذكر ‏أشخاصا، فوسع ‏لنا وهو الواسع العليم. ومن اتصف بتلك الصفات ‏كان من أهل معية ‏رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولو كان في زماننا هذا ‏أو بعده. ‏
‏ بعض من لا بصيرة لهم في الدين ولم يسبق لهم تحصيل العلم، يقتدون ببعض ‏أدعياء ‏الطريق، فيدخلون في ‏قلوبهم أن التسليم للشيخ مهما كان وعلى أي حال كان ‏خير، ولا ‏يصل السالك إلى الله إلا بالتسليم للشيخ، ‏ثم يعملون أمام المريدين صريح ‏الحرام، أو ‏يقولون صريح الكفر، ويأمرون بترك الفرض والسنة، وينهون عن ‏الأعمال ‏الشرعية، ‏فيسلم لهم أهل الجهالة تسليم الأعمى لاعتقاد أنهم أهل الحقيقة وأنهم ارتقوا ‏عن ‏الشريعة، ‏ويضربون مثلا يدل على كمال جهالتهم فيقولون : « إن كان شيخك ‏حمار ‏امسك ذيله »، مبالغة في التسليم ‏الأعمى، وكم من فئة من الناس استحوذ ‏عليهم ‏الشيطان فأنساهم ذكر الله!!. ‏
‏ وقد أضل إبليس بهذا كثيرا من الخلق. ومن نظر إلى الفرق المشهورة في اليهود ‏والنصارى ‏وأسباب تفرقهم؛‏ لعلم ‏أن الشيطان لعنه الله تعالى هو الذي أفسد العقائد ‏والأخلاق ‏والآراء ليضل عباد الله. وقد أصبح المسلمون ‏شيعا وفرقا لأن أكثرهم جهل ‏طريق معرفة ‏الرجال، فعرف الحق بالخلق، فكان الخلق أمامه هم الحجة على الحق، ‏بعد ‏أن كان الحق ‏هو الحجة على الخلق، وأعني بالحق : هو كتاب الله وسنة رسول الله (صلى ‏الله عليه ‏وآله ‏وسلم). ‏
‏ أنا لا أنكر أن لأهل السلوك الصادقين أحوالا تدعوهم إلى مالا يقبله العقل، ‏ولا ‏يتحمله الشرع المعلوم للأمة، ‏ولكن تلك الأحوال تدعو إلى ترك الأسباب، وإلى ‏الفرار ‏من العمران، إلى اعتزال الخلق أجمعين، إلى خرق العادة ‏من طبع السالك، إلى ‏مخالفة ‏المألوفات، إلى اعتزال الخلق والأنس بالحق، إلى الصولة بالحق على أهل ‏الباطل ‏مهما ‏كانت مقاماتهم، إلى الصمت مرة واحدة، إلى القبض المستمر مع سلطان ‏الرجاء. ‏
‏ وهذه أحوال الصادقين التي كان عليها أصحاب رسول الله ومن تبعهم بإحسان. ‏ولكن ‏تلك الأحوال لا تروق ‏في أعين أهل السوء، فليس للسالك أن يسلم بها مقلدا ‏صاحبها ‏وإن كانت هي خالص روح الشريعة خوفا ‏عليه من الرجوع بعد الإقدام، لأن ‏تلك ‏الأحوال العلية لا يقوى عليها إلا أهل التمكين ممن جذبتهم العناية، ‏والتسليم ‏لصاحبها ‏شيء وتقليده شيء آخر. ‏
‏ أما الأحوال الشيطانية التي منها ترك الأعمال الشرعية، والتعرض لأماكن ‏الشُبَه، ‏والتزين بأزياء النساء، وعمل ‏الحيل لجمع أموال الناس، والظهور أمامهم بما ‏يجعلهم ‏يعتقدون فيه ويعظمونه، مع ما يخالف كتاب الله وسنة ‏رسول الله، لأنه شهر بين ‏العامة ‏أن أولياء الله تعالى كالإمام السيد أحمد البدوى.، وكالإمام السيد ‏إبراهيم ‏الدسوقى، ‏وكالإمام السيد الرفاعى السلام، وكالإمام السيد عبد القادر الجيلانى عليهم ‏جميعا ‏السلام- ‏كانت لهم أحوال لم ينالوها إلا بالإصطلام وترك السنة والكتاب، وهذا ‏محض ‏الكذب عليهم عليهم السلام، ‏لأنهم سلكوا طريق الله تعالى على أيدي الأئمة ‏المرشدين، ‏العلماء الربانيين، حتى بلغوا من التمكين مبلغا جعلهم ‏لا يتنفسون نفسا إلا ‏ويقومون ‏بمقتضى الوقت فيه شكرا، ورضاء وصبرا، قولا وحالا، ومن أحب أن يعلم ‏ذلك ‏فليقرأ ‏تراجمهم في مواضعها. ‏
ولجهل العامة بسير أولياء الله تعالى سمعوا من أخبارهم ‏التي كان ‏يكرمهم الله بها، وجهلوا سيرهم في بدايتهم، ‏وسلوكهم في نهايتهم.‏
‏ وكيف يسلم السالك طالب النجاة من هول يوم القيامة بصحبة من يهلكه ‏بمخالفة ‏سنة رسول الله (صلى الله ‏عليه وآله وسلم)! وهذا ليس بتسليم، وإنما هو جهل بالحق، وحظ جليّ لا ‏خفيّ ‏ومن سبقت له الحسنى حفظه ‏الله من بدايته لنهايته مما يخالف رسول الله (صلى ‏الله ‏عليه وآله وسلم)، وأيقظ قلبه للتوبة عند حصول الزلل، ‏قال تعالى : (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون‏)‏ وللتسليم مقدار مخصوص ‏إذا تجاوزه السالك وجب عليه أن لا يتبع أستاذاً، ‏وهذا ‏المقدار هو التسليم لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإن خالف ‏المرشد ما كان عليه رسول ‏الله ‏وقف عن الإقتداء به حتى يستبين له الحق فيه، أو يسأله عن مأخذه من ‏كتاب ‏الله ‏تعالى وسنة رسول الله، قال الله تعالى (بل الإنسان على نفسه بصيرة) ‏والعاقل ‏لا يقلد إلا من بعثه ‏الله بالحق بشيراً ونذيراً، مبينًا لنا محاب الله ومراضيه. ‏
والمرشد ‏يبين لنا ‏ما خفي من بيان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وما كان عليه الأئمة الهداة من ‏الصحابة ‏والتابعين.‏ ومسلم ‏يقلد تسليم الأعمى، لغير رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولغير العلماء أهل الخشية من ‏الله؛‏ ‏لا يكون مسلما، بل ولا ‏إنسانا. والله يحفظ أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من دعاة الجهالة ‏الناسين ‏يوم الحساب آمين.‏



‏"دستور السالكين طريق رب ‏العالمين"‏
الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم
الطريقة العزمية بمصر والعالم الإسلامي
_______________________________
‏(1)‏ ‏ الآخرة هي الحياة الروحانية وليس مفهومها مخصص لما بعد الموت كما نفهم، وإنما الحياة الروحانية موجودة الآن بما أننا أرواح ‏وأجساد، ومعنى كلام الإمام أن العبد يرى نعيم الآخرة ف نفسه، وعذابها في نفسه كذلك. فكل ما يشعر به العبد من تقلبات ‏من حزن إلى فرح، ومن فرح إلى ترح، ومن قبض إلى بسط، كل هذا من نعيم وعذاب الآخرة.‏
‏(2)‏ انظر إلى تواضع الإمام، وهو الرجل الفرد الوارث الجامع في زمانه لجمالات وكمالات الحقيقة المحمدية.‏
‏(3)‏ من كانت الدنيا وحدها همه لا يفهم كيف أن توجيهات الإمام عناية كبرى من الله، ولكن يفهمه من كان يعلم معنى السعادة ‏الروحانية وكيف أنها لاتقاس بالسعادة المادية المؤقتة غير الحقيقية.‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد