الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع الأمكنة في قصيدة -ماتزال اصباعي- يونس عطاري

رائد الحواري

2021 / 3 / 3
الادب والفن


صراع الأمكنة في قصيدة
"ماتزال اصباعي"
يونس عطاري

"ماتزال اصباعي في هواء غرفتك
تتعرفُ
على المجاز في ارتجال الموسيقا المنحدرة من الجبال في بلاد باردة

انت لاعبةٌ في اثينا
تجعلين هواءً صغيراً رطباً
ينتصرُ
على جفاف الشتاء في الشمال
فندخل كطيرين صغيرهما قتلته الانواء و الشدائد
نحن الذين نختلف على دمع الورقِ تحت سحاب الامنيات و ما وراء الذكريات
كما الاخرين
و ننام كما اناث الغزال الذي يركض كلما ضاع
في غابة كل ما فيها شجر يركض
فلا اثر لدودة القز
في الطمي
في الحجرة
على تلك الجزيرة

في ازقة قديمة يرتفع نداءٌ كانه اغنية ازدهرت
صوتٌ على حافة الانتظار يجتاح بيوتاً من نوافذها العالية
يسقط البَرَدٌ على اجنحة الوطاويط
على درب لم تعد صالحة
للمشي
للعربات التي تقدوها البغال القبرصية

نرقص معاً على انفاس حطبٍ ينمو فيه الغيبُ كعتاباتِ صخرية سوداء
نعرفُ
و نغرفُ من اصداء البعيد حليب المعاعز
نصدق رائحة الريح فجراً"
الألفاظ المجردة تحمل بين ثناياها شيئا من الفكرة التي يُراد تقديمها، كما أنها تقدم ما يحمله (العقل الباطن) للشاعر/للكاتب، لهذا يمكن الوصول إلى ما يُراد طرحه من خلال التوقف عندها.
وعندما تفقد الطبيعة بريقها، وتأتي مقرونة بألفاظ قاسية، فهذه اشارة إلى حالة غير سوية، وإلى أن هناك معاناة، وعندما تأتي فاتحة القصيدة التي بدأت في "غرفك" فهذه اشارة إلى حالة (العزلة/الضيق)، كما أنها تعطي القارئ (لمحة) عن فكرة (الصراع/الاغتراب) التي تحملها القصيدة، وبما أن الشاعر يخاطب (ويستعين) بالمخلص/بالمرأة فهذا تأكيد إلى أن هناك معاناة.
سنتوقف قليلا عند ما جاء في قصيدة "ماتزال اصباعي" لنرى كيف يقدم الشاعر(حزنه) "في بلاد باردة"، ولنبدأ من المكان وما يتعلق به.
تنطلق القصيدة من: "غرفتك تتعرف"، الجبال، بلادة باردة أثينا، الشمال، غابة، الحجرة، الجزيرة، أزقة قديمة، بيوتا، درب، القبرصية، كعتبات صخرية" إذا ما توقفنا عند هذه الألفاظ يمكننا أن نجد حالة (صراع/تناقض) فيما بينها وعدم انسجام، واللافت أن الشاعر يقرن المكان بصفة/بفعل قاسي: "ضاع في غابة، بيوتا تجتاح، دروب لم تعد صالحة، كعتبات صخرية سوداء" وهذا ما يوصل فكرة (الصراع/المخاض) التي بدأت بعد فعل "تتعرف"، فالمكان في القصيدة لم يأتي بصورة حميمة كما هو الحال عندما يتناوله الفلسطيني، بل جاء بصورة اقرب إلى السواد، وهذا يعود إلى بُعد الشاعر عن مكانه الذي ينتمي إليه، والذي اشارة إلى بصورة ناعمة:
" في ازقة قديمة يرتفع نداءٌ كانه اغنية ازدهرت" فرغم أن لفظ "أزقة" يحمل شيئا من القسوة، ورغم أنه مكان يفتقد للجمال وقليل الآفق إلا أنه أقرن بصورة جميلة: "أغنية، ازدهرت" وهذا بسبب ما تحمله تلك الأزقة من ذكريات تأخذ الشاعر إلى مكان أحبه وأنتمى له.
وإذا ما قارنا جمال "ال/أزقة ال/قديمة" والحميمية التي قدمت بها مع كل ما هو متعلق ب"الجبال باردة" سنجده الهوة بينهما، فرغم أن الجبال تعطي آفاقا أوسع وجمالا، إلا أن الشاعر لا/لم ينسجم معها، وهذا ما أكده حينما قال:
" يسقط البَرَدٌ على اجنحة الوطاويط
على درب لم تعد صالحة
للمشي
للعربات التي تقدوها البغال القبرصية"
فالاغتراب حاضرة وبقوة، والذي نجده من خلال كثرة الألفاظ السوداء والقاسية: "يسقط، الوطاويط، لم، البغال" ونحن نعلم أنه، غالبا ما يأتي ذكر الحيوان ليعبر عن حالة الغضب والقسوة التي يعانيها الشاعر/الكاتب، وبهذا يكون الشاعر قد حسم أمره، واعترف بأنه لم يعد يقدر/"ي/صالح للمشي".
وهناك مكان آخر من المفترض أن يأتي بصورة جميلة:
" كعتاباتِ/(كعتبات)" إلا أنه قدم بصورة قتامة: "صخرية سوداء" لا حياة فيها ولا جمال، وهذا يؤكد على حالة اغتراب الشاعر عن المكان وعدم انسجامه معه، فبدا وكأنه في حالة عداء مع "الجبال الباردة".
اعتقد أن هذا يعود إلى (عدم قدرة) الشاعر على ذكر مكانه الطبيعي "سمخ/طبريا/فلسطين" فنعكس هذه الأمر على طريقة تناوله لأماكن الأخرى فقدمها بصورة قاسية سوداء.
فأصبحت تنطبق عليه الآية القرآنية " مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ (143)" هكذا هم الشعراء عندما يعيشون في مكان غير وطنهم، في مكان (فرض) عليهم أو أجبروا على التواجد فيه.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق