الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تخضع موازنات العراق العامة لتأثيرات صندوق النقد الدولي ؟

عادل عبد الزهرة شبيب

2021 / 3 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يلاحظ أن موازنات العراق العامة لم تكن بعيدة عن تأثيرات صندوق النقد الدولي حسب الاتفاق المنعقد بين الحكومات المتعاقبة وصندوق النقد الدولي الذي قدم بدوره قرضا للعراق بقيمة (5,4 ) مليار دولار وبفائدة قدرها (1,5) سنويا. وكان القرض كما هو معروف وفقا لشروط على الموازنة الاتحادية للسنوات القادمة , منها فرض ضرائب جديدة وتقليل الانفاق الحكومي والغاء التعيينات وتقليص العجز في الموازنة وغيرها . وتشير الانباء الى أن موازنة 2021 ستكون بعجز يبلغ اكثر من 73 ترليون دينار . ووفقا لشروط صندوق النقد الدولي فان على الحكومة العمل على ايقاف هدر الثروات وايقاف التعيينات وهيكلة الموازنة الاتحادية وتقليص الانفاق الحكومي . و لذلك فإن على الحكومة العمل على تحسين جباية الضرائب والجمارك وتحسين الجباية في المنافذ الحدودية وضرورة مكافحة الفساد المالي والاداري المستفحل في اجهزة الدولة المختلفة المدنية والعسكرية وتقليص رواتب الرئاسات الثلاث والغاء حماياتهم التي تكلف موازنة الدولة الكثير.
وحسب ما اعلن فان الموازنة لعام 2021ستعتمد على سعر 42 دولار لبرميل النفط وان التعيينات سوف لن يتم اطلاقها .
الموازنة كما هو معلوم تعتبر المحرك الاساسي للاقتصاد الوطني والاداة الرئيسة لتنفيذ السياسة الاقتصادية , وحتى تؤدي الموازنة مهامها بشكل صائب لابد من :-
1. أن يجري اعدادها في سياق نهج استراتيجي وسياسة اقتصادية –اجتماعية واضحة .
2. توظيف موارد الدولة والقطاعات الاقتصادية المختلفة لتطوير البلاد .
3. أن تضمن الموازنة رفاه الشعب .
4. أن تساعد على تأسيس اقتصاد يتصف بالدينامية والنمو المتوازن والدائم .
5. أن تضمن ربط التخطيط والمشاريع في القطاعات والوزارات مع الاولويات الوطنية .
6. ضمان التنسيق بين الجهات ذات العلاقة كافة .
7. أن يتم تقديمها في نهاية السنة المالية المنتهية والعمل بها في بداية السنة المالية الجديدة في 1/1. ونحن الان في بداية آذار 2021 ولم تقدم الموازنة بعد مما يشير الى وجود خلل كبير في ادارة شؤون البلاد .
8. أن لا يتم اقرارها وتمريرها في مجلس النواب وفق مساومات وتنازلات لتمرير بعض القوانين وانما يؤخذ بنظر الاعتبار المصلحة العامة للبلاد بعيدا عن مبدا ( شيلني وأشيلك ) المعتمدة حاليا في مجلس النواب .
الموازنات العامة للبلاد طيلة السنوات المنصرمة عكست الطبيعة الاحادية الريعية لاقتصادنا الوطني حيث شكلت العائدات النفطية حوالي 95 % من اجمالي الايرادات في ظل عدم استقرار أسعار النفط في السوق العالمية وتذبذبها وتعرضها للانخفاض الحاد وتعرض الاقتصاد العراقي للعديد من الازمات الاقتصادية الخانقة جراء ذلك . كما يلاحظ في هذه الموازنات أيضا قلة المصادر الاخرى من الايرادات غير النفطية كالضرائب اضافة الى ضعف النشاطات للقطاعات الاقتصادية الاخرى كالزراعة والصناعة والسياحة والتعدين وغيرها..
ويلاحظ أيضا أن النفقات التشغيلية في الموازنات السابقة تحظى بالتخصيصات الاكبر مقارنة مع التخصيصات الاستثمارية ,في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد الى الاستثمار لإعادة بناء وتطوير البنى التحتية المدمرة والمتهالكة ولتوفير الخدمات الاساسية وتفعيل النشاطات الانتاجية للقطاعات الاقتصادية المختلفة وتحفيز النمو الاقتصادي بهدف خلق فرص عمل وتقليص معدلات البطالة والفقر المرتفعة.
كما تميزت موازناتنا الاخيرة بوجود نسبة عجز فيها حيث استخدم كمبرر للاقتراض من صندوق النقد الدولي وفق شروطه المجحفة والجاهزة , واللجوء للقروض الخارجية وفق شروط المؤسسات المالية العالمية خطأ كبير اذ ينبغي أولا تحديد أسباب العجز وضبطه وفقا للحاجات الفعلية لاقتصادنا الوطني والاولويات الاقتصادية والاجتماعية للموازنة العامة , كما ينبغي ضغط النفقات غير المبررة وترشيد الاستهلاك الحكومي الذي يتميز بالبذخ واللامبالاة .
وايضا تتميز آليات اعتماد الاسعار التخمينية للنفط وكميته المصدرة في الموازنة بالارتجال فكثيرا ما تحدد الاسعار التخمينية بشكل أقل من سعر السوق المتداول ويجري التصرف بجزء من موارد الموازنة العامة بعيدا عن الرقابة ولأهداف سياسية غير معلنة القصد منها توسيع القاعدة الاجتماعية للفئات المتنفذة وكوسيلة لشراء الاصوات في عملية الانتخابات بصورة غير شرعية واستغلال المال العام في الانفاق على حملات الانتخاب .فمثلا حددت موازنة العراق لعام 2021 والتي لم يتم اقرارها بعد سعر برميل النفط بـ 42 دولار بينما هو الان وصل الى 67 دولار للبرميل فأين ستذهب الفروقات في زيادة الأسعار خاصة وانه لا يقدم بها كشفا ولا تقدم الحسابات الختامية في نهاية السنة المالية .
كما تفتقد الموازنات السابقة الى آليات لمعالجة فروقات أسعار النفط الخام في حالة بيع النفط الخام بأسعار اعلى مما مثبت في الموازنة فهي ايرادات خارج الموازنة ويتم التصرف بها دون موافقة أو رقابة برلمانيتين .
ان موازنة 2021 ينبغي أن تشمل مختلف القطاعات الاقتصادية الانتاجية الوطنية وخاصة الزراعة والصناعة وزيادة التخصيصات لهما في الموازنة العامة مع زيادة التخصيصات الاستثمارية وضرورة التأكيد على الاهتمام برفع كفاءة الاجهزة التنفيذية التي تتميز بترهلها واعتماد المحاصصة والمنسوبية في التوظيف واستشراء الفساد والذي يسبب المستوى المنخفض لنسب تنفيذ المشاريع على صعيد الوزارات وفي المحافظات ,ما يحول دون انجاز المشاريع المخطط لها في وقتها المحدد . اضافة الى ضرورة الاهتمام بتحسين وتطوير اساليب ونظم الادارة وتوفير الكوادر الفنية المؤهلة لإدارة المشاريع مع ضرورة اجراء اصلاح عميق في اسس ونظم وقواعد اعداد الموازنة والاطر الادارية والفنية لتنفيذ المشاريع. ومن الضروري جدا اعتماد الدولة رؤى استراتيجية اقتصادية واضحة ومتكاملة تحدد في ضوئها الاولويات الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن ترجمتها الى خطط وبرامج استثمارية تتولى تنفيذها اجهزة ومكاتب متخصصة في إدارة المشاريع . وللتخلص من الصفة الاحادية لاقتصادنا الوطني المعتمد على مورد وحيد تحدد عائداته الاسواق العالمية , لابد من اعتماد سياسات واضحة وثابتة في التوجه نحو تنويع وتنمية مصادر ايرادات الموازنة العامة كالعوائد الضريبية العادلة والرسوم الجمركية وتحسين نظام جباية رسوم الخدمات ومكافحة الفساد المالي والاداري .
ومن الضروري تقديم الدولة لكشف بالحسابات الختامية في نهاية كل سنة مالية وبكل شفافية لمعرفة نفقاتها وايراداتها وكيف تصرفت بالمال العام وهذا مالم تلتزم به الدولة لحد الان مما يثير الشكوك والشبهات حول سرقة المال العام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا - مالي: علاقات على صفيح ساخن؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. المغرب - إسبانيا: لماذا أعيد فتح التحقيق في قضية بيغاسوس للت




.. قطر تؤكد بقاء حماس في الدوحة | #غرفة_الأخبار


.. إسرائيل تكثف القصف بعد 200 يوم من الحرب | #غرفة_الأخبار




.. العرب الأميركيون مستاؤون من إقرار مجلس النواب حزمة مساعدات ج