الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيكوباتية 1 الماركي دو ساد

السعيد عبدالغني
شاعر

(Elsaied Abdelghani)

2021 / 3 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يحظى السيكوباتيين باهتمام علماء النفس واهتمام الناس أيضا وذلك يظهر في مشاهدة أفلامهم وقراءة الأدب الذي يتحدث عنهم وغالبا ما يكون لهم كاريزما خاصة لامبالية بالقواعد والقوانين ،لا يشعرون أبدا بالذنب الحقيقي أو القلق تجاه الآخرين وإيذائهم ،كائنات أنانية،ليست لديهم قدرة على التعاطف الإنساني،ولا يهتمون سوى بأنفسهم.
السيكوباتية مصطلح ابتكره هيرفي كليكلي في عام 1941. استخدمت هذه الكلمة في البداية لمناقشة الأفراد الذين يمتلكون الكاريزما والفكر المصطنعين ، والذين كانوا غير متعاطفين ، ومخادعين بطبيعتهم ، ومهملين ، وغير قادرين على الشعور بالذنب أو قلق حقيقي تجاه الناس ، ولا يعرفون الخوف [1]
تُعرَّف السيكوباتية بأنها اضطراب عقلي (معاد للمجتمع) يُظهِر فيه الفرد سلوكًا غير أخلاقي وغير اجتماعي ، ويظهر نقصًا في القدرة على الحب أو إقامة علاقات شخصية ذات مغزى ، ويعبر عن التمركز الشديد في الأنانية ، ويظهر فشلًا في التعلم من التجربة والسلوكيات الأخرى المرتبطة به.وأول السيكوباتيين الذي سأتحدث عنهم هو الماركي دو ساد.
الماركيز دو ساد أرستقراطي وروائي فرنسي مشهور قضى الكثير من حياته في السجون ،ما يقارب من 32 عام، وتم طرده من عائلته لعمل عنيف ضد أمير كان من المفترض أن يكون زميله في اللعب وذلك في عمر الخامسة عشر.واشتقت من رواياته واسمه مصطلح السادية وهو يعني"الشخص الذي يستمد اللذة ، وخاصة الإشباع الجنسي ، من إلحاق الألم أو الإذلال بالآخرين".
شخصية مثيرة للجدل حتى يومنا هذا وارتبط اسمه بالكثير من الأعمال منها الاغتصاب واللواط والدعارة وانتشر المصطلح في الأدب"السادية" وتم التعبير عنه في الكثير من الأعمال.فقد أربك العالم الأدبي وقلب المفاهيم ليس بشكل سطحي بل بشكل مبرَر عميق وفلسفي مع الإباحية الكبيرة. والأمر الضخم فيه هو أنه يعتبر أكبر مخرب فهو معاد للدين بشكل قوي ومعادي للبورجواية أيضا ورافض للمجتمع ورافض للمفاهيم عن الخير ومفعِل لقوة الشر ومحتفلا به فهو يقول في روايته الأولى التي سنناقشها"الجريمة هي روح الشهوة. وماذا تكون المتعة إذا لم تكن مصحوبة بجريمة؟ ليس موضوع الفجور هو ما يثيرنا ، بل فكرة الشر"[2]فبعد دفع التأليه وفكرة الخلاص يكون الجنس البشري كأنه وليمة لهؤلاء مثل ساد لأنه باحث عن المتعة وبما أن هناك ملايين يعانون فلم لا يستمتع البعض بألم هؤلاء؟وألمهم حتمي والحتمية مرتبطة عند ساد بأن البحث كذلك عن المتعة في الاستمتاع بألمهم حتمي كون لا يمكن تخريب كل شيء ويفكر في وجود الله من هذا المنحى فهو إن كان موجودا سيكون الشر أكثر منطقية لكون عذاب البشر من وجهة نظره متعة.
أما القسوة وهي الشعور القائم في أدبه فلديه مفهوم خاص عنها "القسوة ، وليس الشفقة ، هي الفضيلة الحقيقية: فالقسوة ، بعيدة جدًا عن كونها رذيلة ، هي أول شعور تضخه الطبيعة فينا جميعًا. والقسوة هي ببساطة الطاقة الموجودة في الإنسان الذي لم تفسده الحضارة بالكامل بعد: لذلك فهي فضيلة وليست رذيلة"[3]كأنه يعاصر البدائية في الحضارة الحديثة والوصول لها من تلك الوحدة القاسية وإلغاء الآخر فالحضارة لا تؤثر بهذا الشكل على الوحيد المنعزل المسجون.
من أعماله"أيام سدوم المائة والعشرون" التي قام بإخراجها المخرج الإيطالي بازوليني ورواية"جوستين" و ازدادت شهرة ساد بعد استخدامه من قبل السرياليين: أندريه بريتون ، المنظر الأكثر أهمية في الحركة ، تصور السريالية صراحةً كمشروع يسعى إلى تقويض "حكم المنطق" وإعطاء الأولوية للقدرات النقدية والخيالية لللاوعي من خلال ممارسة التلقائية ، "إملاء الفكر في غياب كل سيطرة يمارسها العقل وخارج كل الانشغالات الجمالية أو الأخلاقية"[4] وازدادت ثانية بعد اهتمام باتاي وبلانشو وفوكو ولاكان وآخرين كثر،وأثر في المخرج بونويل وفي رسامين كثر منهم دالي ومنهم مصورين مثل أراكي. وسنتحدث في المقال عن أدبه من خلال تلك الروايات وتلك الروايات أو ذلك الأدب كما يقول باتاي "هو الملاذ الوحيد للعاطفة،هو ما فرض حصول مزايدة تُوسِع من حدود الممكن إلى ما وراء الأحلام الأكثر عبثية،أحلام لم يسبق قط للإنسان أن تخيلها".[5]
الإرهاب الأدبي
بعض المنظرين والقراء يريدون أن تحرق أعماله لأنه يقوم من وجهه نظرهم بنوع من "الإرهاب الأدبي" مع القذارة والجنون والاختلال والمرض النفسي وتعليلهم لذلك أنهم يشعرون بالاشمئزاز المشوب بالخجل من قراءة أدبه ولكي نفرق هل أعماله أعمال مرهِبة أم أعمال مرعبة ؟فقد أفرد رادكليف التفريق بين المفهومين "الإرهاب والرعب متعارضان تمامًا ، وأن الأول يوسع الروح ، ويوقظ الملكات إلى درجة عالية من الحياة ؛ بينما الثاني يجمدها ويقترب من القضاء عليها "فالفرق أن الرعب هو الشعور بالرهبة والخوف من احتمالية حدوث المُخِيف بينما الرعب حدوثه.

أيام سدوم المائة والعشرون :
لهذه الرواية قصة فبعد إخراجه من سجن الباستيل الفرنسي ،نقل إلى ملجأ خارج فرنسا واضطر إلى ترك ممتلكاته بما فيها أسطوانة نحاسية مخبأة في شق الجدار، داخل الاسطوانة كان هناك لفيفة بطول 12 مترًا وعرض 11 سم ، مغطاة بخط اليد الدقيقة: مخطوطة للرواية غير مكتملة تسمى 120 يومًا من سدوم.
الرواية ربما هي الأكثر فظاعة والأكثر قذارة فلا وجود لمفاهيم الخير الديني أو غير الديني فيها وتُوصف بتلك الفظاعة دوما، فليست القيمة التعبيرية لها في الجنس بل في العنف أيضا فالجنس فيها لم يتم إدماجه لإثارة الغرائز للقارىء بل للصدمة في طريقة تنفيذه وارتباطه بميول نفسية وللتعبير عن السلطة المطلقة و كون النشاط الجنسي والرغبة الجنسية كصدى لفرويد لهم أهمية تجاوزت غرفة النوم.
مكتوبة بلغة صادمة في الوصف والتشبيهات الجنسية بالطبيعة والغرائبية في التقاط المشَبه.تجري في أوائل القرن الثامن عشر،تم اختطاف عدد كبير من الشباب والشابات ليخضعوا للنزوات والرغبات الجنسية للخاطفين ويمارسون أشكال مختلفة من التعذيب الجنسي في ألعاب حيث يتم اختيار مثلا الفتيات كأجَل مظهر لتكون ضحيةو استأجروا عاهرات لسرد قصص الانتهاكات والانحرافات وتكون كل واحدة منهن راوية للحكايات لمدة شهر ويخصص بالطريقة القادمة الأمر
1.الشهر الأول للمشاعر البسيطة والتجاوزات الأقل دقة والأكثر شيوعا
2.الشهر الثاني للعواطف المزدوجة
3.الشهر الثالث للعواطف الإجرامية
4.الشهر الرابع للعواطف القاتلة والأكثر انتهاكا للقانون والطبيعة والدين وتنتهى بالقتل.
تبدأ الرواية بمقدمة من خمسين صفحة تعرض الشخصيات المركزية للخاطفين وخططهم المنحرفة الكبرى وهم أربعة رجال (دوق وأسقف وقاض ومصرفي)لديهم قوة ونفوذ وثروة تجعلهم يفعلون أي شي يريدوه ويفلتوا من أي قانون ولا شيء يقف ضد إرادتهم في تجربة انحرافهم بشكل أكبر.أحدهم قتل والدته وأخته وثلاثة من زوجاته والآخر حصل ثروته من جرائم القتل.
الراوية في الشهر الأول هي العاهرة "دوكلوس" لديها تاريخ جنسي منتهِك في بيوت الدعارة وغيرها وفي هذا الشهر الأول كما قسم ساد وذكرنا "المشاعر البسيطة" الإهانات محدودة ومقننة. الراوية الثانية هي " تشامبفيل" ، والراوية الثالثة "مارتين".
الشخصيات أنانية بشكل كبير فهي لا تبحث إلا عن المتعة مهما كانت على حساب الآخر،متلاعبة للوصول لما يريدونه وخادعة سيكوباتية.
جوستين:
هو العمل الآخر الجوهري للماركيز دو ساد.رواية قصيرة كتبت في أسبوعين عندما كان مسجونًا في سجن الباستيل الشهير.
البطلة المركزية جوستين وهي امرأة مات والدها وتركها فقيرة تقع في مواقف مروعة مهينة وطبعا جنسية من رجال كثيرة بشكل متطرف من التعذيب والجلد والوسم والحرمان من النوم والعمل كحيوان وكل هذه الأمور مخبأة تحت شعار الفضيلة.تكتشف بعد ذهابها للاعتراف في دير أن الرهبان منحرفون وتتوالى الأحداث المأساوية عندما تحاول مساعدة أحدهم يتعرض للسرقة فيسجنها في زنزانته ويستغلها جنسيا ومع ذلك تظل تطلب المساعدة.إنها نقية ممكن أن تُوصَف بذلك وجدانيا رغم الانتهاك الرهيب الذي لحق بها جنسيا.
المراجع
1. arsen, Randy J. and Buss, David M. (2010) Personality psychology: Domains of knowledge about human nature
2. الماركيز دو ساد،120 يوم في سدوم
3.الماركيز دو ساد،فلسفة غرفة النوم
4.Breton, Andre. 1978b. What Is Surrealism? Selected Writings. Edited by Franklin Rosemont. London: Pluto Press.
4.جورج باطاي،الإيروسية،ترجمة محمد عادل مطيمط ص188








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي