الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السوبرمان

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2021 / 3 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أركيولوجيا العدم
23 - السوبرمان
الإنسان المعاصر أصبح منذ منتصف القرن العشرين ما يسمى اليوم بالإنسان المعزز - L Homme augmenté نظرا لتطور العلوم التطبيقية كالطب والهندسة الإلكترونية والكيمياء والفيزياء وعلم الجينات. غير هذا الإنسان لا يسير في طريق الإنسان المتفوق النيتشوي، بل يسير في الطريق المعاكس. التعزيز البشري أو التحسين البشري (Human enhancement (HE هو التغيير الطبيعي، أو الاصطناعي، أو التكنولوجي لجسم الإنسان "ماديا" من أجل تعزيز قدراته البدنية أو العقلية. هناك حالياً ثلاثة أشكال من التعزيزات البشرية : الإنجابية والجسدية والعقلية. تشمل التحسينات الإنجابية اختيار الجنين عن طريق الفحص الجيني قبل الزرع، ونقل السيتوبلازما cytoplasmic transfer، والأمشاج المولدة في المختبر in vitro-generated gametes. وتشمل التحسينات الجسدية كالجراحة التجميلية وتقويم الأسنان، والأدوية المستحثّة مثل المنشطات والعقاقير المعززة للأداء، والتحسينات الوظيفية - الجراحات الترقيعية وتركيب الأطراف الاصطناعية، والطبية - عمليات الزرع مثل منظم ضربات القلب، واستبدال الأعضاء - مثل العدسات الإلكترونية، والتدريب على القوة - مثل رفع الأثقال بالإضافة إلى المكملات الغذائية. ومن أمثلة التحسينات العقلية : المنشطات الذهنية والمنبهات العصبية neuro-stimulation والمكملات التي تحسن الوظائف العقلية. ويمكن استخدام الحواسيب والهواتف المحمولة والإنترنت أيضاً لتعزيز الكفاءة المعرفية - الإدراكية والذاكرة. تُقدّم الجهود الملحوظة في التحسينات البشرية من قبل أجهزة شبكات إنترنت الأشياء the interconnected Internet of Things (IoT) devices، بما في ذلك الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء - مثل نظارات الواقع المعزز، والساعات المسماة الذكية، والمنسوجات الذكية، والطائرات بدون طيار، وشبكات "النانو" داخل الجسم والمحمولة على الجسم on-body and in-body nanonetworks. هناك أشكال مختلفة وعديدة من تقنيات تعزيز الإنسان منها ما هو قيد التطوير ومنها ما يجري اختباره وتجربته حالياً. تشمل بعض هذه التقنيات الناشئة كلًا من الهندسة الوراثية البشرية - العلاج الجيني، والتقنية العصبية - مثل الغرسات العصبية والواجهات الدماغية-الحاسوبية، والبرمجيات الإلكترونية، واستراتيجيات لهندسة الشيخوخة الضئيلة، وطب النانو، والطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد إلخ.
هناك عدد قليل من تقنيات تعزيز الإنسان الافتراضية تحت البحث والتجريب، مثل: تحميل الدماغ، mind uploading والإكسكورتيكس exocortex، والتغذية الاصطناعية الذاتية endogenous artificial nutrition. تحميل الدماغ هي عملية افتراضية «لنقل» و «تحميل» أو نسخ العقل الواعي من الدماغ إلى ركيزة غير بيولوجية من خلال المسح ورسم الخرائط لدماغ بيولوجي بالتفصيل ونسخ حالته إلى نظام الكمبيوتر أو جهاز آخر. يُعرّف الاكسكورتيكس exocortex - Exocortex | Computer Graphics and Simulation Software على أنه نظام نظري اصطناعي لمعالجة المعلومات الخارجية من شأنه أن يعزز العمليات الإدراكية البيولوجية عالية المستوى في الدماغ. يمكن أن تكون التغذية الاصطناعية الداخلية مشابهة لمولد النظائر المشعة الذي يعيد تشكيل الجلوكوز - على غرار التمثيل الضوئي، والأحماض الأمينية، والفيتامينات الناتجة عن منتجات التحلل، والتي تستفيد منها نظرياً لأسابيع بدون طعام إذا لزم الأمر.
هناك العديد من المواد التي يُزعم أنها تحمل وعدًا في زيادة الإدراك البشري بوسائل مختلفة، تسمى هذه المواد بالمنشطات الذهنية Nootropic، ويمكن أن تفيد الأفراد الذين يعانون من انخفاض إدراكي والعديد من الاضطرابات المختلفة، ولكنها قد تكون قادرة أيضًا على تحقيق نتائج على الأشخاص الأصحاء إدراكياً. هناك أيضًا منشطات ذهنية متعلقة بالمواد التي تُصنع بشكل طبيعي ولكن يتم تعديلها في المختبر. أصبح الدفاع عن قضية التعزيز البشري مرادفًا بشكل متزايد لـما يسمى «بعد الإنسانية - "transhumanism"»، وهي أيديولوجية وحركة مثيرة للجدل ظهرت لدعم الاعتراف وحماية حق الأفراد في الحفاظ على عقولهم وأجسادهم أو تعديلها؛ ولضمان حرية الاختيار والموافقة المستنيرة لاستخدام تقنيات تحسين الإنسان على أنفسهم وأطفالهم. يمكن رؤية فهمهم المشترك للعالم من منظور فيزيائي بدلاً من منظور بيولوجي. استنادًا إلى فكرة التفرد التقني، يندمج التعزيز البشري مع الابتكار التقني الذي سيؤدي إلى تقدم ما بعد الإنسانية post humanism .
على الرغم من أن العديد من مقترحات التعزيز البشري تعتمد على العلوم الهامشية، إلا أن فكرة واحتمالات تعزيز الإنسان أثارت جدلاً عامًا. السؤال الرئيسي للجدل الأخلاقي حول التعزيز البشري يشمل بشكل أساسي ما إذا كان يجب ألا يكون هناك أي قيود، أو بعض القيود، أو الحظر الكامل لهذه التكنولوجيا.
الإنسان المعاصر إذا يمتلك كل الوسائل التي تمكنه من التطور عقليا وفكريا وفلسفييا من الوقت والتكنولوجيا وكمية المعلومات والمعارف المتاحة أمامه، غير أنه بطريقة ما يرفض التفكير العقلي ويفضل خلق أسطورة جديدة مبنية على العقل هذه المرة وليست خيالية، ولكنها تبقى أسطورة في جميع الأحوال .. مثل الإنسان المعزز أو الذكاء الإصطناعي والسيبورغ أو الإنسان المختلط - المهجن - بيولوجيا وآليا. في الحقيقة الإنسان فكر كثيرا، لقد فكر وقدر وعاود التفكير والتقدير ثم قرر في النهاية التوقف عن هذه اللعبة القديمة، وقرر خوض مغامرة جديدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا