الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يختلف الاقتصاديون؟

محمد رضا عباس

2021 / 3 / 5
الادارة و الاقتصاد


لماذا يطلق الاقتصاديون نصائح متضاربة الى صناع القرار؟ سؤال حير السياسيون وجعلهم يطلقون عليهم النوادر والفكاهات. الاقتصاديون يختلفون في استشاراتهم لأنهم يشككون بنظريات منافسيهم ويختلفون لأنهم يحملون قيم إنسانية مختلفة. على سبيل المثال، الاقتصاديون يختلفون على سؤال فرض الضرائب على الدخل ام على الاستهلاك، لان في الولايات المتحدة الامريكية أنواع من الضرائب يجب على مواطن دفعها بدون تأخير او معارضة، فبالإضافة الى دفع الضريبة على الدخل في نهاية كل عام، المواطن الأمريكي يدفع ضرائب إضافية على كل ما يشتريه من الأسواق التي تذهب إيراداتها الى حكومة الولايات وليس الى الحكومة الفيدرالية. بالحقيقة في بعض الولايات يجب على المواطن دفع ضريبة شراء مرتين واحدة الى حكومة الولاية والثانية الى الحكومة المحلية. لتقريب الفكرة، فان الموظف الذي يعمل في شركة الكهرباء الوطنية العراقية ويسكن في الفلوجة، هذا الموظف يجب عليه دفع ضريبة دخل لحكومة الانبار وللحكومة الفيدرالية (بغداد) في نهاية كل عام ويدفع ضريبة إضافية كلما اشترى حاجة من سوق المدينة، جزء منها يذهب الى حكومة المحافظة، الانبار، والأخر يذهب الى حكومة الفلوجة.
على كل حال، اختلف الاقتصاديون على تأثير هذه الضرائب على الاقتصاد الوطني. أنصار من يدعو التحول من ضريبة الدخل الى ضريبة الشراء، يقولون ان هذا الاجراء سوف يشجع المواطن على الادخار، وان هذا الجزء المدخر سوف لن يكون هدفا للضرائب مما يعزز حجم الاستثمارات الوطنية وزيادة الإنتاج الوطني ورفع مستوى المعاشي للمواطنين. فيما ان أنصار ضريبة الدخل يعتقدون ان الادخار سوف لن يتأثر كثيرا مع تغيير نوع الضريبة. انهم يختلفون أيضا على عدالة الضرائب على الدخول السنوية. المؤيدون للضرائب التصاعدية يقولون ان فرض نسبة عالية من الضرائب على أصحاب الدخول الكبيرة سوف يغني ميزانية الدولة، يدعم النمو الاقتصادي، ويقلص تأثيرات الدورات الاقتصادية. فيما ان أعداء الضرائب التصاعدية (اغلبهم من المحافظين) يصرحون ان الضرائب التصاعدية تقلص فرص العمل لإنها تقلل الدخول وتقلل الادخار والاستثمار وبالتالي يقلل الطلب على العمل. انهم يعتبرونها معاقبة للنجاح وتقتل روح العمل وبالتالي يجعل نسبة كبيرة من السكان تعتمد على المساعدات الحكومية. وأخيرا، فان الرافضين للضرائب التصاعدية يقولون انها تؤدي الى صراع طبقي بين مكونات الشعب الواحد. على سبيل المثال ان 36% من ميزانية الولايات المتحدة الامريكية يتحملها 1% من السكان، في حين ان 47% من السكان لا يدفعون ضرائب بسبب قلة دخولهم السنوية، مما ينتج عنه انتفاع مجموعة كبيرة من السكان من جهود 1% من السكان , وهذا ينتج عنه الحساسية بين الطبقتين.
الاقتصاد ليس علم طبيعة تتحكم به القوانين. انه علم وفن إدارة الموارد المتوفرة في المجتمع، ولهذا السبب يختلف الاقتصاديون على كيفية استخدامها. على سبيل المثال، بعض الاقتصاديون يؤكدون ان النمو العالي للإنتاج سوف يزيد من النمو الاقتصادي، يزيد الطلب على الايدي العاملة، يرفع الدخول ويؤدي الى ارتفاع في مستوى المعاشي للمواطنين الى درجة تمكنهم من الصرف على الرعاية الصحية، الصرف على المرافق الترفيهية مثل الحفلات الموسيقية، المسرح، والسفر داخل وخارج البلاد. اقتصاديون اخرون ينظرون ان الموارد الطبيعية المتاحة في خطر الفناء من كثرة الاستخدام ويحذرون من الاستهلاك غير المنضبط، ويعزون التغير المناخي وتلوث الماء والهواء والتربة الى حجم الإنتاج الكبير ويطالبون بتقنينه. اقتصاديون يؤيدون فرض الدولة حد اعلى على الايجارات ويعتبرونها انتصارا للفقراء ولذو الدخل المحدود، فيما ينظر اقتصاديون اخرون ان فرض حد اعلى للإيجار يؤدي الى تقويض رغبة المستثمرين في زيادة عدد الوحدات السكنية. الاقتصاديون يختلفون على فرض الدولة ضرائب على الاستيرادات، البعض منهم يعتقد ان فرض الضريبة سوف تحمي الصناعة الوطنية من المنافسة العالمية، فيما ان اقتصاديون اخرون يرفضون فرض الضرائب على الاستيراد لان هذه الضرائب سوف يتحملها المستهلك وتحرمه من البضاعة المستوردة الرخيصة الثمن والجودة العالية. لقد اختلف الاقتصاديون حتى على الحد الأدنى للأجور. منهم من يقول ان رفع الحد الأدنى للأجور سوف يزيد من فرص العمل ويقلل الاعتماد على العمالة الخارجية (outsourcing), فيما يقول اخرون ان زيادة الحد الأدنى للأجور يؤدي الى زيادة عدد العاطلين عن العمل و التضخم المالي , ويجبر الشركات الكبرى الى الانتقال الى بلد اخر , اقل كلفة .
الاقتصاديون يختلفون بسبب المدارس الفكرية التي ينتمون لها. أنصار الاقتصادي الإنكليزي المعروف John Maynard Keynes يحثون الحكومة في زيادة مصاريفها في أوقات الركود الاقتصادي من اجل دعم الاقتصاد الوطني وبقاء العمال في ورشة أعمالهم، فيما يصرح الاقتصاديون من المدرسة الكلاسيكية (القديمة) بانه لا حاجة بالتدخل الدولة في شؤون الاقتصاد وان الاقتصاد يعالج مشاكله بنفسه. كلا المدرستين سوف لن تموتا وسيستمر الخلافات الى ما شاء الله، وحتى لو انتهت الخلافات النظرية بينهم، فان خلاف اخر سوف يظهر، وهكذا الى الابد. ان اختلاف القيم الروحية التي يحملها الاقتصاديون كبشر مثل الاخرون، سيجعل الخلاف قائم فمنهم من ينظر الى ان تدخل الدولة في شؤون الاقتصاد شر مطلق، واخرون ينظرون له على انه واجب أخلاقي لحماية العمال والمستهلكين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024


.. بايدن يعتزم تجميد الأصول الروسية في البنوك الأمريكية.. ما ال




.. توفر 45% من احتياجات السودان النفطية.. تعرف على قدرات مصفاة


.. تراجع الذهب وعيار 21 يسجل 3160 جنيها للجرام




.. كلمة أخيرة - لأول مرة.. مجلس الذهب العالمي يشارك في مؤتمر با