الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تمثل الماضي للحسم مع سلبياته , والعمل لاستشراف المستقبل من خلال رواية تحت عنوان ليست رصاصة طائشة ... تلك التي قتلت -بيلا- للكاتبة السورية لينا هويان الحسن

حسن ابراهيمي

2021 / 3 / 5
الادب والفن


إن ما لفت انتباهي وأنا بصدد قراءة رواية تحت عنوان ليست رصاصة طائشة ... تلك التي قتلت "بيلا" للكاتبة السورية لينا هويان الحسن هو تمثلها للماضي في بعض جوانبه التاريخية الاجتماعية , والثقافية ,وبالتالي استحضار جزء من ماضي سورية من خلال عرض أحداث روائية تضمنت علاقات سائدة برصد العلاقات ,والتفاعل بين بعض البنى ,وتطورها في إطار التطور التاريخي للمجتمع السوري ,وتفاعله مع الغير في إطار علاقات فرضها الاستعمار أحيانا , وكذا من خلال علاقات استغلال سادت في سورية من سنة 1920 إلى 1950.
ضمن هذا الإطار تم اختيار شخصيات تنتمي لمختلف الفئات الاجتماعية , مع التركيز أحيانا على فئات أكثر تضررا في المجتمع من حيث أوضاعها الاقتصادية ,والاجتماعية , وقد يعود السبب في ذلك حسب ما أعتقد إلى الرغبة في فضح علاقات الاستغلال هذه , وما ترتب عنها من تفقير للشعب السوري , وتردي أوضاعه المعيشية بفعل عاملين داخلي , وخارجي كما ورد سابقا .
في نفس الوقت تجدر الاشارة الى اختيار شخصيات أجنبية شاءت بعض الظروف أن تهاجر إلى سورية , وتستقر بها , بمعنى ما أن البعض من هذه الشخصيات هاجرت إلى سورية بسبب الثورة التي اندلعت في روسيا , وما خلفته من تدخل للقضاء على علاقات الاستغلال , والبرجوازية الروسية التي تكرسها بروسيا .
وبالتالي من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية , وتوزيع الثروة بشكل عادل داخل المجتمع الروسي , لقد كان هذا المعطى سبب هجرة بعض النبلاء إلى سورية من أجل الحفاظ على ثروتهم , واستغلالها في العيش حياة الرفاه في إطار علاقات الاستغلال في سورية البلد الذي احتضنهم حيث ما زالت سورية بلدا متخلفا .
لهذا تضمنت الرواية أحداثا , ووقائع تعبر بالملموس على رفض أن تصبح سورية مسرحا للمزيد من الاستغلال , وعبر علاقات كانت موضوع صراع بين الطبقة البرجوازية الروسية , والطبقات المتضررة في المجتمع الروسي .
ومن أجل التعبير عن هذا الرفض تضمنت الرواية أحداثا تعبر عن اللااستقرار السياسي في سورية , الذي جاء نتيجة للاستعمار العثماني لسورية , والانتداب الفرنسي لها .
من هذا المنطلق ورد " رصاصة طائشة " بالرواية اكثر من مرة من اجل التعبير عن عدم الاستقرار السياسي , ونتائجه منها استشهاد البعض على الرغم من كون الرواية لم تدقق في سبب الاستشهاد , ومع ذلك نعتقد أن الرواية تود أن تنبهنا الى الازمة الاقتصادية , الاجتماعية , والسياسية التي يعرفها المجتمع السوري .
كل ذلك بفعل التهميش الذي تعيشه مختلف الطبقات الاجتماعية السورية مقابل حياة الرفاه التي تعيشها الطبقة البرجوازية , ويتبين ذلك من خلال الانخراط في علاقات اجتماعية يتبدى الفقر من خلال رصدها , كما يتبدى الفساد من خلال رصد علاقات اخرى .
ومن أجل التعبير عن الوعي الجمعي للشعب السوري السائد تدخلت الرواية من أجل أن تنبهنا الى نوعية التعليم السائد في المجتمع السوري انداك , وبالتالي من أجل ان تحدد طبيعة التفكير المهيمن في المجتمع من خلال الاشارة الى بعض المؤسسات داخل المجتمع .
وعليه وفي اطار شبكة علائقية اختلطت فيها قيم اسلامية بقيم يهودية , واخرى مسيحية جاءت المدرسة من اجل ان تنبهنا الى طبيعة القيم التي تتلقاها التنشئة , من خلال الترويج للمؤسسات التي تلقن هذه القيم للتنشئة نفسها .
كل ذلك من اجل بناء الشخصية السورية كما يبين التاريخ العربي السوري ذلك , وتظهر مظاهر هذا التاريخ في نمط العيش , وبعض الحرف المزاولة داخل هذا المجتمع نفسه .
من جهة أخرى ومن منطلق كون إدارة الصراع من أجل التحرر من الاستعمار تتطلب التثقيف ونشر العلم لمقاومة الاستعمار اعتقد أنه كان على الرواية أن تتضمن مواقف تجسد بالملموس خطط التنظيمات السياسية التي قاومت الاستعمار .
وعليه فالمقاومة تتطلب التثقيف والعلم , وعليه فانه على الرغم من كون المؤسسة الدينية هيمنت في المجتمع آنذاك , فهذا لا يعني ان المجتمع يخلو من تعليم يلقن التنشئة قيما أخرى خارج ما تسمح به المؤسسة الدينية .
الشيء الذي غاب عن الرواية , وقد يعود السبب في ذلك الى التركيز على قيم منظومة المجتمع المهيمنة .
وعلى الرغم من كون الرواية ركزت على حقبة تاريخية محددة فهذا لا يعني عدم انفتاحها على المستقبل , وعليه فمادامت سورية مستهدفة من التنظيم الارهابي الداعشي , فليس تمة ما يمنع من قراءة الرواية من منطلق استحضار الماضي واستخلاص دروس منه , إذ كما تم التحرر من الاستعمار العثماني , والانتداب الفرنسي , ايضا يمكن التحرر من التنظيم الارهابي الداعشي بدفع المجتمع السوري للانخراط في المقاومة من اجل مجتمع الديموقراطية وحقوق الانسان .
ومن جانب أخر تجدر الاشارة إلى حضور القضية الفلسطينية ضمن هذه الرواية من أجل أن تنبهنا إلى امكانية تحرر الشعب الفلسطيني بوحدته ,وصموده كما تحررت الشعوب المستعمرة سابقا .
وفي الاخير اغتنم هذه الفرصة لأنوه بهذا العمل الذي يعبر بحق عن عمق المأساة التي يعيشها الشعب السوري ,ويكفي أن طرحت الرواية هذا السؤال أقصد سؤال تمثل الماضي لاستشراف المستقبل من أجل الانخراط في تأثيث الوعي الجمعي السوري ودفعه لتلقفه , ودفع كل الغيورين للإجابة عليه , في اطار المساهمة في توعية المجتمع السوري برهان و متطلبات غد افضل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبيه عادل ا?مام يظهر فى عزاء الفنانة شيرين سيف النصر


.. وصول نقيب الفنانين أشرف زكي لأداء واجب العزاء في الراحلة شير




.. عزاء الفنانة شيرين سيف النصر تجهيزات واستعدادات استقبال نجوم


.. تفاعلكم : الفنان محمد عبده يطمئن جمهوره على صحته ويتألق مع س




.. المخرج التونسي عبد الحميد بوشناق يكشف عن أسباب اعتماده على ق