الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البابا الابراهيمي و -قرآن العراق-؟/6

عبدالامير الركابي

2021 / 3 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


ليست هي المرة الأولى التي ابادر فيها الى تغيير عنوان مقال أكون من قبل قد اعتمدته للدلالة على سلسلة من مقالات، يفترض انها وحدة كموضوع، العنوان هودالة ومؤشر يجمل طبيعته المفترض انها ليست انيه ولامحكومة لمتغيرات اللحظة، بمعنى ان مانكتبه هو استخلاص عما سبق وماقبل، جرت محاكمة موضوعه واستخلاص منطوياته قبل كتابته، الامر الذي لااظنه ينطبق على مااراه واكتبه ضمن سياقات تغييرية، بعضها راهن ومتحرك، وبعضها خاضع برايي لتدخلات من خارج الموضوع، من نوع المصادفات ربما، ومنها تلك التي اراها شكلا من اشكال التدخليه الصادرة عن "الغائية الكونية العليا" ضمن لحظة انتقال احتدامة انقلابيه، الأمر الذي سيكون من العسير جدا الخوض في ابعاده، بالاخص بمناسبة زيارة بابا الفاتيكان للعراق، ولجنوبه، وعلى وجه التحديد الى نبي وزعيم الرؤية العراقية الكونية العظمى، "إبراهيم"، ومكانه الذي مارس من خلاله واعلن عن اكتمال أدوات المنظورالمجتمعي السماوي، قبل رحيله من ارض سومر الى المنفى الداخلي شمالا، حيث المجال الاشوري في حران، قبل ان تصبح هذه لاحقا، عاصمة الدولة الاشورية المناهضة للامبراطورية البابلية، وقبل ان يضطر بعد فترة من التامل الاجباري، للمغادرة، بعد توصله لمفهوم "الوعد خارج ارضه"،كممارسة مطابقة لاشتراطات المنفى خارج ارض الابتداء الذي هو اكتمال لاليات تشكل رافدينيه جنوبية، وقفزه ضمن سياق ونتاج تراكم تاريخي ومفهومي (1).
ومن الجدير تذكر ان مبادرة البابا الحاليه كانت لها مقدمات وسوابق، تعود الى التسعينات كان فكر بها البابا "جان بول2 "، الذي أراد وقتها القيام بما اطلق عليه "رحلة الايمان"، يقوم بها من ارض سومر واور قرب الناصرية الحالية، بعربه مزججه تنتهي بالقدس، وهو مالم ترد اليوم إشارة له، او مايدل على كون زيارة البابا الحالية هي استكمال لتلك التي كانت مزمعه ولم تنفذ لاسباب، اظنها قابلة للتفسير وسط تداخلات كون العراق وقتها كان خارجا من حرب، ومن انتفاضة شعبان، ماكان يجعل لزيارة البابا معنى بغاية الحساسية، سواء بالنسبة للامريكيين، او من جانب صدام حسين وتحسسه حينه من ان يمنح الجنوب العراقي مثل هذا الموقع إعلاميا وقيمة، ومايمكن ان يترتب على ذلك من تركيز للنظر يمكن ان تمنحها الرحلة البابوية لمكان، كان هو قد نشر سلسلة مقالات في جريدته "الثورة" ذات طابع مليء بالسم والحقد، يذكر كالعادة بتقليد من الشتائم المقذعه التي اعتاد الحكام الطغاة على كيلها للعراقيين اهل "الشقاق والنفاق"، الثائرين دائما وابدا،العصاة الذين لايقبلون حكما ولاسلطة أحادية تخالف كينونتهم اللاارضوية، النافيه لمفهوم الدولة الارضوي، بما في ذلك منه حتى حكم الخليفة الرابع، الذي تقول الأمم المتحدة اليوم انه الأكثر عدالة في التاريخ، ماقد دفع بعلي ابن ابي طالب لان يقول محزونا ومجروحاوهو يخاطب العراقيين في خطبة له : "لقد ملاتم قلبي قيحا" مع انه عاد لاحقا ومدح الكوفة، وقال بانها محمية من الإرادة العليا، وان من يذلها لابد سيلاقي مصيرا اسود.
كان العراق تحت الحصار وقتها، واللحظة انقلابيه على مستوى العالم، فالقطبيه الدولية المستمرة من بداية القرن كانت الى زوال، والولايات المتحدة تصعد سلم الوحدانية كقوة عظمى على مستوى المعمورة، وبوش الاب يعلن من جنوب العراق بعد :عاصفة الصحراء" عن" النظام الدولي الجديد"، بينما توهمات مثل "الشرق الأوسط الجديد"، و" الفوضى الخلاقه" و " نهاية التاريخ"، تتجمع دالة على فقدان العالم للبوصلة او للعقل المتلائم(2) مع لحظة انعطاف كبرى، مؤدية الى مابعد غرب، والى بدايات التازم الأكبر في الاليات التي حكمت النظام الغربي الحديث والمعاصر، منذ صعوده الالي الراسمالي المنتهي الصلاحية وقتها، ومع انهيار الاتحاد السوفياتي، الذي هو بعكس كل ماقيل من تحليلات قصورية عنه، دالة انهيار النظام الغربي، لولا بقايا المفاهيم الماضوية، وتنطعات السيادة الإمبراطورية في الموضع المفقس خارج رحم التاريخ.
وفي بحث الدلاله الأبرز، فان اللحظة التي نتحدث عنها كانت خارج المصطلح التعريفي، او الإحالة المفهومية، والتسميات المتاحه برغم تاكلها ولا انطباقها على اللحظة المنعطف، لاتكاد تتوقف عن محاولة ادعاء التعبير الفارغ الموحي يالجدة، والمصر على التشاطر بلا معنى، وخارج أي سند واقعي، وفي وقت كان فيه بوش يتلقى امرا من "الله" يقول له: "اذهب واضرب العراق" أودمر "ياجوج وماجوج في بابل" ( كما صرح في مكالمه تلفونيه مع جاك شيراك الرئيس الفرنسي وقتها )كان من الممكن للبابا في حال كانت لدية اية نسبه من الحساسية الايمانيه البديهية ، ان يقول بطريقته، ان ارض الرافدين /العراق، هي ارض إبراهيم الخليل، وتلك كانت ضربة قاصمه للصوت الشيطاني المتلبس بالايحاء الصهيوني، الذي سمعه بوش الابن، والموقف نفسه ربما يتلاقى مع ذات الإحساس الذي جعل مفكرا فرنسيا يرفض ان يقوم الغرب بتدمير البلاد التي علمت الانسان الكتابه، مع انه نسي ان المكان نفسه هو الذي اكتشف العجلة التي ماتزال الطائرة اذا تطير الى الفضاء فبالارتكاز لها، ولاتنزل الا عليها، والاثنان نسيا ان ينوها بما هو جدير بالاستحضار اليوم، حيث ظهرت ووجدت في وثيقة مكتوبة لأول مرة في التاريخ البشري، كلمة "حرية / امارجي" وحقوق المستضعفين والمظلومين، وكل المعروف راهنا من "حقوق الانسان"، مع صعود المشرع الأول، الراعي "كوراجينا"، على مقربة من بيت إبراهيم/ وساحة الحبوبي المشتعلة الان في الناصرية الحالية، حيث المفترض ان تبادر الأمم المتحدة، وتسجل يوم تاريح انتفاضة كوراجينا 3355 قبل الميلاد، اول ثائر باسم الحرية في التاريخ، يوما عالميا للحرية، على شرط ان يستمع قلب العالم الميت لنداء شبيبه ساحة الحبوبي، ويعيه بعدا كونيا في عمق الوجود والتاريخ.
خارج الحدسية الابراهيميه التي هي دين البابا النبوي الالهامي العراقي، هل كان ممكنا له ان يتلمس اليوم دلاله ما على قرب الاستعادة المتجاوزه العظمىى لما "بعد ابراهيمه نبوية" ، هنا يتمثل جانب من الامتحان الشامل الواقع في الفترة التي نتحدث عنها مع نهايات القرن العشرين، وبدايات القرن الحالي، في الوقت الذي صار العالم فيه مزمعا على الانتقال الى مابعد غرب آلي، مع هيمنته الكوكبيه المستمرة خلال القرنين الاسبقين، في وقت لم تكن فيه ملامح الانتقال للطور او الزمن التحولي قد غدت حاضرة، بينما العالم مضطر لان بعيش تحت وطاة وحدود العقل الغربي المنتهي الصلاحية، مع منظومة تفسيره للعالم والتاريخ ولذاته.
يعيش العالم منذ العقود الأخيرة من القرن العشرين، زمن الانتقال من الأحادية واعلى اشكالها الالي البرجوازي ومترتباته، فانهيار الاتحاد السوفياتي هو انهيار نموذج النظم التحولية الالية من دون طبقة برجوازية، استعارت من الغرب الكلاسيكي "ماركس"، وحورت نظريته التي هي، وكان المفترض ان تكون دالة على تحول داخل المجتمعات الراسمالية، لا في الأطراف، حيث الاله من دون صنوها الراسمالي، الأصل، وحيت الانتقالية تقوم بدل ( الالة/ البرجوازية) على ( الالة/ نظرية التغيير المحورة) ونوع الطبقة الجديده المفقسه بحكم متغيرات الاليه، وهو ماقد فعله لنين مضفيا الطابع الاستبدادي الروسي، على منظومة تفكرية وجدت سابقة لاوانها ضمن ارض نشاتها، ليجعل منها دليل مفتعل بدلالات مخالفه للمعلن.
ماذا كان او يمكن ان يحدث لو ان البابا وهو متجه الى بيت إبراهيم عند الزقزورة، لم يجده، بل وجد "قران العراق"، او "الابراهيميه العليّة" وريثة "الابراهيميه النبوية"، محل الحدسية الالهامية التي جاء ليلتقيها أخيرا، تحت وطاة دافع محرك، هو من دون شك، ومن حيث التوقيت والاشتراطات، نتاج نداء خفي، لاشك انه ليس من نوع ذلك الذي سمعه "جورج بوش الابن"، ف" قران العراق" هو بالفعل على الأبواب، والعالم من هنا فصاعدا، مرشح لان يستدير مغادرا زمن ماركس الذي يصادر "العلمانية" والنظرة الارضوية، ومعه كل جوقه علمانويي الغرب الحديث، بينما يضج في الافاق صوت الرؤية الكونية التحولية الثانية، ويصير نداء "بناء بيت الله الثالث" على مقربة من المدينه السماوية المذبوحه، مدينه مابعد المدن الحجر.
ـ يتبع ـ
البابا الابراهيمي وبيت الله الثالث


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من المعتاد وكما هو مكرس، قراءة الابراهيمه وكانها حركة انبثاق بنت لحظتها،بلا سوابق وتمخضات، وان إبراهيم مكتشف مبدا النبوه والتوحيد من دون ماض، وبلا تدرجات نمو موضوعية تاريخية هو ليس الا قمة تكاملية نوعية ضمنها، عائده الى نوع بنية وتشكلها الصراعي التصيري بحسب تكوينها، ومايحيط بها، ويحدد وجهة وسياقات تشكلها، وتراكمات رؤاها، الامر الدال على السذاجه الكلية، وشكل تجلي الدوافع الاعتباطية المكرسه لفكر الانقياد للدوافع الصغرى، المكلله بالجهل، ناهيك عن القصور العقلي، وطغيان مفاهيم الاحادية.
وينطبق مثل هذا التطور الصعودي بحسب المروبات، حتى على رحلة النبوات الأسبق، من العراق باتجاه مصر وساحل الشام، ومنها مايجري ذكره عادة عن النبي ادريس ورحلته الأسبق من رحلة إبراهيم، نحو مصر، والموصوفه بانها ـ وهذا منطقي ـ لم تكن تنطوي على مشروع من نوع الابراهيمي المعروف، أي "الوعد خارج ارضه" وبناء "مملكة الله على الأرض".
(2) بين بريجنسكي كاكثر الاستراتيجيين الامريكين ذكاء، عن فطنة عاليه اثناء متابعته الحذرة لظروف واحتمالات "قيادة الولايات المتحدة للعالم" ابان غياب الاتحاد السوفياتي، ماقد ظهر منعكسا في كتابيه "الفرصة الثانيه: ثلاثة رؤساء وأزمة القوة العظمى الامريكيه" / دار الكتاب العربي / بيروت. و" الاختيار: السيطرة على العالم ام قيادة العالم" الصادر عن ذات الدار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى