الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المؤشرات الخمس للسحر والجاذبية في الإصدار الأخير للدكتور محمد الزوهري-ملامح الكتابة الصحفية- السمات اللغوية والأسلوبية-

عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)

2021 / 3 / 7
الصحافة والاعلام


خمس مؤشرات للسحر والجاذبية في كتاب "ملامح الكتابة الصحفية- السمات اللغوية والأسلوبية" لمؤلفه الدكتور محمد الزوهري الصادر عن مطبعة أنفوبرانت بفاس طبعة 2016. الإصدار المومأ إليه جاء في 120 صفحة من القطع المتوسط يتضمن تقديما شاملا حول الصحافة ووظائفها وفصلين الأول - سمات الكتابة الصحفية .والفصل الثاني - لغة الصحافة وأسلوبها وخاتمة .
المؤشر الأول - لا يكتفي الدكتور الزوهري بمجرد طرح الأسئلة حول العلاقة بين الصحافة والأدب،وتركها معلقة أمام نباهة وذكاء التأويل لدى المتلقي. المؤشر الثاني - يبسط إشكاليات وظائف الصحافة كما هي على أرض الواقع ويستعرض التباسات علاقتها بوسائل الإعلام الأخرى . المؤشر الثالث – يكشف بالحجج والأمثلة عن طبيعة العلاقة بينهما وفيما إذا كانت تداخل أم تعارض؟ المؤشر الرابع - يسرد مختلف أشكال المسخ و التشوهات التي مست الشكل الروحي لصاحبة الجلالة في شتى مجالات الحياة بدء من الاتصال الاجتماعي التوجيه والتعليم الثقافة والفن الترفيه والتسلية الاعلان والدعاية تشكيل الرأي العام وحرية الاعلام وقرارات التوقيف والمنع الخ ،المؤشر الخامس - لا يكتفي بالأسئلة والاستفهامات، بل يتعدى كل ذلك ليقدم الإجابات الشافية الموضوعية العلمية والمنهجية ، المقبولة وفق قواعد المهنة بل الأكثر إقناعا وموضوعية في مجال الصحافة المكتوبة على الإطلاق، دون أن يسقط في الرتابة والديماغوجية .
وإذا كان الإصدار في جوهره رسالة تؤانس وعي جميع الممارسين لمهنة الصحافة ،وتستعرض بقدر من الجلال والحكمة إسقاطات وشوائب الممارسة الإعلامية ووقعها على المزاولين للمهنة بكل تجنيساتها ،سواء كانوا أكاديميين مهنيين مبتدئين أوعاشقين ومتطفلين،بهدف تنقيتها ، وتسائلهم بذكاء لافت في العلاقة بين الصحافة والأدب، فإن جميع الأسئلة المطروحة من قبيل : من يخدم الآخر؟ وهل الصحافة تمثل رافدا إبداعيا إضافيا يغني تجارب الأديب؟ أم أن الصحافة تشبه مقبرة الأدب التي تقتل في الأديب أحاسيس إبداعه، وتأخذ كل وقته وجهده؟ ولماذا انقطع الكثير من الكتاب عن الإنتاج الأدبي، وانساقوا مع الإنتاج الصحفي؟ ستجد لها الأجوبة الشافية للغليل ،ذلك أن منطق التدرج الواعي في منهجية الطرح ، تنبئ بإدراك المؤلف بفهم عميق للإشكالية في عمقها ، وبارتفاع ملحوظ لمنسوب الوعي لدى المتلقي بمختلف مكوناته .
ثمة إشكالية معرفية منذ البداية، أو ما يصطلح عليه في المجال البيداغوجي بالوضعية المشكلة ،فعندما يجزم المؤلف أن " لاعلاقة للصحافة بالإبداع الأدبي الذي يستمد قيمته الفنية من الخيال والتأويل، ولا علاقة لها بالتقارير الإدارية والمحاضر التي تهتم بالتفاصيل الجزئية والمملة، ولا علاقة لها بمنشورات الدعاية السياسية والتجارية التي لا تؤمن إلا بالمنفعة الذاتية والمادية ،كما لا علاقة للكتابة الصحفية بالإنشاء المدرسي الذي اعتاد الطلاب على إنجازه ، المتمثل في مقدمة وعرض وخاتمة، ولا." فهو لا يكتفي برفع اللاءات فحسب ،لكنه يعمق الحيرة ويفاقم انتظارات المتلقي أمام ضخامة وهول السؤال " إذا لم تكن الصحافة هي هذه الأشياء كاملة ،فمن تراها تكون بالضبط ياترى ؟
الوصفة السليمة لمهنة الصحافة التي يقصدها المؤلف " لا تشبه أنواع الكتابات المذكورة أعلاه ، لكنها ، قد تتقاطع معها في بعض أدوات الصياغة وغايات التعبير، إنها كتابة تتماهى مع التعبير الأدبي، وتغترف من معين المحضر البوليسي، وتقترب من التقرير الإداري، وتأخذ من منطوق الحكم القضائي. لكنها ليست، مطلقا، لا هذا ولا ذاك، لكونها تتمتع باستقلاليتها، بفضل لغتها الخاصة، وأسلوبها المتفرد، وزاوية معالجتها الدقيقة، ووظائفها المحددة." ذلك أن الخطاب الصحفي خطاب موضوعي، يتسم بالحياد والدقة، ويبتعد عن الذاتية والتعميم، وصاحبه يعبر عن مشاعر الجماعة وآرائها، وهو مقيد بالمصلحة العامة و بتسمية الأمور بمسمياتها."
وفي ضوء ذلك ،لا يمكن للكاتب الصحفي أن يعتبر مقالاته مجرد سرد تقريري وكرونولوجي للوقائع والأحداث تنتهي صلاحياتها بمجرد صدور الصحيفة ووصولها إلى يد المتلقي ،بل عليه أن يتعامل مع مقالاته على أنها إنتاجات ممتدة في الزمان والمكان ،شديدة الحساسية والفعالية ومرتبطة بالرأي العام والمنفعة العامة" ص49 ، ما يفضي في النهاية إلى تشكيل وعي صحفي قادر على الجمع بين الأسلوب الصحفي والأسلوب الإبداعي في الوقت نفسه، أما الصحفيون الذين لا يحرصون على الإبداع والتميز، فهم برأي المؤلف " مجرد باحثين عن مصدر رزق، بينما العمل الصحفي يحتاج دوما إلى التفوق على الذات، والسعي المتواصل لتقديم المفيد والممتع للقراء".
ويجول بنا المؤلف في أرشيف باذخ الثراء ، ويسوق لنا من التاريخ آراء العديد من الخبراء والصحفيين الرواد ، ويبرز أهم صفات المحرر الصحفي الناجح،بدء من نزعته الإنسانية، وامتلاكه حس التعاطف والفراسة، و سعة في النظر والخيال، واتزان العقل وانتظام آلية التفكير ،وقدرته الفائقة على الهدوء الأداء الجيد، وأن يكون سريع البديهة، ويقظ ومتحمس، وجدي وحازم في التعامل مع كل طارئ، وقادر على استيعاب الحقائق، ومتمكن من رؤية الأشياء بعين القارئ، وحاسم في انتقاء المعلومة الدقيقة، وقادر على التحمل، وملم بحقوقه وواجباته، ولبق في التعامل مع الزملاء ومتحلي بروح الجماعة . ولكن إذا كانت هذه المواصفات الأساسية هي سر نجاح المحرر الصحفي، فإن الأمر يبقى في الأخير متوقفا على القدرة الخلاقة والمبدعة للمحرر أثناء صياغة مقالاته، فكل محرر ينظر إلى موضوعه وفق منظوره الخاص، ولا يوجد في عالم الصحافة محرران متشابهان، فعملية التحرير هي ضرب من الفن والصنعة والمهارة والقدرة على امتلاك ناصية الكتابة النافذة"
ذلك أن الفرق بين الأدب والصحافة برأي المؤلف لا يمكن أن يقوم على أساس أسلوب الكتابة فقط، بل يراعي أمور أخرى مرتبطة بالموضوع والغاية ووقع كل منهما لدى المتلقي، ذلك أن "المؤلف يعبر عن أفكاره وتجاربه الخاصة، بينما الإعلامي يعبر عن أفكار المجتمع وتجاربه". من هنا كانت الصحافة ولا زالت من أكثر المهن تأثيرا في حياة المجتمعات ، و حمل الصحافيون مسؤولية كبيرة في المجتمع، إذ يمكن للصحافة أن تساهم في تشكيل الرأي العام، والتأثير في مجرى الأحداث، وازدهار الحركات الفكرية، وأيضا إثارة غضب الناس في كل مكان. لذلك فإن ممارسة هذه المهنة مهمة في غاية الأهمية ، وليست في متناول أي كان، بل لابد أن تتوافر جملة من الشروط والمواصلات في من يمتهنها .
ويعتبر الكتاب تحفة متفردة في عالم الصحافة والإعلام ، ووثيقة أساسية للباحثين والدارسين والمهتمين ، إذ من خلالها، يمكن سبر أغوار الصحافة ووظائفها وعلاقتها بوسائل الإعلام الأخرى واستشراف معالم حرية الإعلام - الصحافة والمجتمع- وواقع الصحف الورقية والإلكترونية . وبخصوص سمات الكتابة الصحفية يتعرف القارئ على خصوصيات الكتابة الصحفية - خصائص الخطاب الصحفي – الصياغة الفنية للكتابة الصحفية - سمات الكتابة الصحفية الكتابة الصحفية والإبداع- الصحافة إبداع – الصحفي المبدع صفات الكاتب الصحفي- الدقة في أداء الصحفي - الكاتب الصحفي والمتلقي – مقومات الأداء الصحفي الجيد- مهارات المحرر الناجح- انزلاقات الكاتب الصحفي. أما على صعيد لغة الصحافة وأسلوبها فيعثر القارئ على ما يشفي غليله في لغة الصحافة- الأدوات التعبيرية - هوية اللغة الإعلامية - وظائف ومميزات لغة الصحافة - اللغة الصحفية ولسان الأمة. كما سيتعرف على خصائص وصفات الأسلوب الصحفي- الأسلوب الصحفي في قفص الاتهام. العلاقة بين الصحافة والأدب- تاریخ علاقة الأدب بالصحافة - دور الصحافة في نشر الأدب والثقافة - الفرق بين الصحفي والأديب - علاقة تفاعلية بين الأدب والصحافة - أثر الصحافة العربية على الأدب القصة الخبرية– القصة الخبرية والخبر- أنواع القصة الخبرية - التجديد في التعبير الصحفي- دور الصحافة في إحياء اللغة– عثرات التعبير في الصحافة. أخطاء لغوية في التحرير الصحفي- قواعد الصياغة اللغوية - أخطاء شائعة.
ويخلص المؤلف في نهاية كتابه" ليس الهدف من الكتابة الصحفية هو إظهار القدرات اللغوية الغارقة في الخيال والتعقيد، ولا نقل تفاصيل مملة عن ما راج في تظاهرات عامة على شكل تقارير جافة. بل الهدف هو الحفاظ على هوية خاصة بالكتابة الصحفية، عن طريق الاجتهاد في ضبط مواصفاتها والتقيد بمهاراتها بعيدا عن الخيال، والتأويل، والإطناب، والرتابة، والإثارة المجانية .
الكتابة الصحفية إبداع وفن وأسلوب، وهذه المواصفات تسمح للمحرر بصياغة مادته بما يلزم من السلاسة والجذب، وبأسلوب خفيف ولغة واضحة وسليمة، لأن الغاية هي تحقيق الغرض الأول من الكتابة الصحفية، المتمثل في الإخبار بالدرجة الأولى، وما يليه من أغراض أخرى كالتثقيف والتوعية والترفيه .كما أن التحرير الصحفي إن لم يكن مبنيا على مبادئنا الصدق والنزاهة و الدقة وموسوما بعناصر الإتقان واليراعة، فإنه يفقد قيمته الإخبارية والتأثيرية، ويسيء للمؤسسة الإعلامية المعنية..."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إيران وإسرائيل .. ما هي الارتدادات في غزة؟ |#غرف


.. وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 يدعون إلى خفض التصعيد في الشرق




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة استشهاد طفل برصاص الاحتلال في طولكرم


.. شهداء بينهم قائد بسرايا القدس إثر اقتحام قوات الاحتلال شرق ط




.. دكتور أردني يبكي خلال حديثه عن واقع المصابين في قطاع غزة