الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حطام المجتمعات العربية الهشيمية

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2021 / 3 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع في لندن مع مصعب قاسم عزاوي.

فريق دار الأكاديمية: ما هي الأسباب التي تدعوك إلى تسمية المجتمعات العربية بأنها «حطام وهشيم اجتماعي»؟

مصعب قاسم عزاوي: المجتمعات العربية المظلومة المنهوبة المقهورة تكابد نموذجاً فريداً من الاستبداد بأشكاله الفاشية، والليبيرالية الشوهاء المستحدثة، والقروسطية الفكرية التي عفى عليها الزمن بشكل يجافي واقع مجتمعات العالم الأخرى التي قرر المستبدون بها من الأثرياء الأقوياء بأنه لا بد من إعطاء فسحة من «الحياة المحدودة» لتلك «القطعان الشاردة من الجماهير» التي يتحكمون بمصائرها، لضمان إمكان تحول أفرادها إلى «عمال مؤهلين» قادرين على القيام بمتطلبات الإنتاج الاقتصادي في تلك المجتمعات التي تمثل الشركات العابرة للقارات الحاكم الفعلي فيها، و«ناظم الخطى» لإيقاع عمل «الاستبداد المقنع» فيها؛ بالتوازي مع الاستفادة من إمكانية تحول أولئك العمال المؤهلين في المآل الأخير إلى «مستهلكين مواظبين» بشكل يضمن عودة «الفتات الاقتصادية» الممنوحة لهم عبر عملهم «كعمال مؤهلين» إلى خزائن الشركات العابرة للقارات التي قامت باستئجار «قوة عملهم» بالتراضي وفق قوانين اقتصاد السوق «كعبيد مؤقتين من الصباح إلى المساء فقط». و ذلك النسق الأخير حالة شبه معدومة في العالم العربي، نظراً لانعدام أي إنتاج حقيقي في المجتمعات العربية، جراء اعتمادها بشكل شبه مطلق على نموذج بدائي أقرب إلى «الهمجية» من أنماط الاقتصادات الريعية القائمة على استخراج المواد الأولية وبيعها في السوق العالمي؛ وهو ما يعني عدم تحقق الحاجة الموضوعية «لإعطاء فسحة من الحياة» للمواطنين في المجتمعات العربية الذين لا طائل منهم في اقتصاد السوق، إذ ينظر إليهم بأنهم «طفيليات فائضة عن الحاجة» تقوم بامتصاص الثروات المحدودة في المجتمع، والتي يتم استخراجها من الأرض أساساً سواء عبر التنقيب والحفر أو عبر أنماط من الزراعة البدائية التي تهدف في المقام الأخير إلى تصدير ناتجها إلى السوق العالمية. وذلك النموذج الأشوه في العالم العربي أفضى إلى «تغول وحشي بربري منفلت من كل عقال» للنظم الاستبدادية العربية في علاقتها مع «رعاياها» أنتج تهشيماً كليانياً شاملاً عمودياً وأفقياً لكل ما يمكن أن يمت بصلة إلى إنتاج «شبكة من التفاعل الحضري بين المواطنين تهدف إلى تحقيق مصلحة جمعية يتقاسم منافعها واشتراطاتها كل أولئك المواطنين»، وأي شكل جنيني لأي مجتمع مدني حقيقي في أي من المجتمعات العربية بغض النظر عن أي تفارقات ظاهرية بينها هنا وهناك.
فالحقيقية المرة أنك لا تجد أي منظمة اجتماعية، أو نقابة، أو تجمعاً إعلامياً، أو عملاً خيرياً في المجتمعات العربية، إلا وكان في غالب الأحيان مخترقاً عمقاً وسطحاً من «المؤسسة الأمنية» التي تمثل بنيان الدولة شبه الأوحد في العالم العربي، ليس لعمالة أو خيانة أو تواطؤ المشتغلين في تلك المؤسسات، وإنما لاستحالة بقاء أي تشكيل اجتماعي على قيد الحياة، في حال رفضه لشروط اختراقه الكلياني من قبل «بصاصي وعسس المؤسسة الأمنية»، وهو ما يعني انعدام إمكانية مساهمة تلك البنية الاجتماعية في «ترقية المجتمع»، أو تخليق أي تهديد حتى لو كان مجهرياً لهيمنة «الاستبداد وطغمه الأمنية و من لف لفها من مرتزقة، و انتهازيين، ووصوليين، وقناصي فرص»، على مفاصل المجتمعات العربية، في حالة تراجيدية سوداء من «التصحر الاجتماعي المهول» ناتجه الفعلي التاريخي الأكثر بروزاً هو «حطام وهشيم اجتماعي مقيم» في كل المجتمعات الناطقة بلسان الضاد المكلوم المحسور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان.. مزيد من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله | #غرفة_الأخبا


.. ماذا حققت إسرائيل بعد 200 يوم من الحرب؟ | #غرفة_الأخبار




.. قضية -شراء الصمت-.. الادعاء يتهم ترامب بإفساد انتخابات 2016


.. طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة يهتفون دعما لفلسطين




.. قفزة في الإنفاق العسكري العالمي.. تعرف على أكبر الدول المنفق