الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ناعوم تشومسكي, ورومانية الولايات المتحدة

عبد العزيز المسلط
سياسي وباحث اكاديمي

(Abdulaziz Meslat)

2021 / 3 / 8
العولمة وتطورات العالم المعاصر


يظهر ناعوم تشومسكي بعض من ارهاصات تشكل العالم الجديد باسقاطاته التاريخية من خلال سلسلة مؤلفات كثيرة يتناول فيها ما اسميه "رومانية الولايات المتحدة"! وابرزها سلسلة هامة جداً تنتمي للفكر السياسي المقارن بدأها ب"النظام العالمي القديم-الجديد"الذي يكشف فيه محطات تاريخية من تشكل مولدات القوة في بنية الدولة العالمية، ثم الحقها بمؤلفه الآخر"ماذا يريد العم سام" كجزء من تلك المحطات التي بدأها، ثم بدأ التركيز بشكل اعمق على مفهوم الهيمنة الاستعمارية في الفكر السياسي الغربي التي تحتاجها المجتمعات والشعوب العالمثالثية في تطلعها للانعتاق من ربقة الثالوث القاتل "الفقر-الجهل-المرض" واهمية دور "الدولة الرومانية الحديثة" في صياغة ميكانيزمات إرادة شعبية حرة في سبيل الانعتاق!
في نفس الوقت يعود تشومسكي ليناقض كل ما تناوله في طروحاته السابقة عندما طرح اتجاهاً جديداً في الفكر السياسي المعاصر رداً على "ازدواجية فوكوياما غير البريئة في تقسيم التاريخ بين اتجاهات تاريخية-جغرافية متداخله" من خلال كتابه الأكثر من رائع "الربح مقدماً على الشعب -النيوليبرالية والنظام الكوني"! ثم لاحقاً أصاب تشومسكي عين العاصفة في تمرده على المألوف التاريخي في السياسة الرأسمالية عبر رصاصة الرحمة الذي اطلقها على تاريخيه المليء بالتناقضات الذرائعية المتغولة والتي لم تنجح في تحويل أفكاره الى نظرية فلسفية في السياسة والاقتصاد الحديث بالرغم من تحقيقها نجاحات كبيرة في بلورة معيارية الحقيقة التي تبناها في وجه الدعوات "الفوكويامية" البراغماتية التي جعلت من العالم طبقة من الأقلية المهيمنة على منافذ السياسة والاقتصاد، وطبقة من الأغلبية التي تفعل كل شيء "قبيح" خدمة لمصالح تلك الأقلية!
شكل كتاب "من يملك العالم" العلامة الفارقة او "ختم الجودة" في نتاج تشومسكي الفكري والفلسفي حيث أعاد تأصيل مجمل الطروحات التي تناولها في كتبه السابقة بشكل جلي عبر كيفيات تشكيل الأمبراطورية الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية، وكيفية ارساءها لقوانين النظام العالمي الجديد وشروطه وتدابيره بشكل منفرد، وكيف منهجت الولايات المتحدة ما اسماها "حلقات الخوف" من مجهول أيديولوجي غير مشروط، وكيف تعمل الدوائر المختلفة اعلامياً بتعميق حالة "الرهاب الغريزي" لدى المجتمعات العالمية، فتارة تجعلها تؤيد مفهوماً ما وتارة تجعلها تنقلب عليه وتعارضه!
خلاصات دعم ديكتاتوريات العالم بشكل ممنهج تناولها كتاب تشومسكي مثلما تناول التوصيفات التعريفية للأنظمة الوطنية من غير الوطنية بناء على معايير ولائية محضة تستند في كثر من الأحيان الى ممارسات غير شرعية لمفاهيم السيادة والشرعية، وتنتهك ابسط مبادئ القوانين الإنسانية!
وفِي هذا كتاب يعيد تشومسكي ما بدأه في كتابه "الهيمنة ام البقاء"، بل يؤسس ويؤصل لفكرة نقده للنظام الاقتصادي الرأسمالي الذي اجاد في تفكيك مقولات الكلاسيكيين الأوائل مثل آدم سميث وفيلهيم ڤ. همبالدوت" وبدا وكأنه يثبت أن السوق الحر التي تخيلها هؤلاء المفكرون لم يتحقق أبداً، وبدلاً من ذلك اصبح هناك مؤامرة كونية وتواطؤ الدولة كمؤسسة سياسية مع المصالح الخاصة، فالدولة من وجهة نظره لا تناقش الدوافع الحقيقية في الواقع إنما دائماً تعمل على إبراز المثالب والعيوب كي تبرر لنفسها "احقيتها في الحكم والسيطرة الاقتصادية، وبالتالي التفرد والاستمرارية في الثروة والقيادة! وهذه كانت احد ابرز السياسات التي اعتمدتها "الإمبراطورية الرومانية" في تاريخها الاستعماري القديم وما التفوق العسكري والاقتصادي الأمريكي إلّا "ضمان لتلك السيادة العالمية"، وتقييداً لاي ممارسة سيادية من الدول المنافسة.
لذلك أصبحت الولايات المتحدة الوريث الكوني الوحيد لكل من الدول الاستعمارية التي ظهرت علي وجه البسيطة، حيث شملت اجندتها الكبرى نصف الكرة الأرضية الغربي والشرق الأقصى وتركة الامبراطوية الرومانية القديمة، والامبراطورية البريطانية الحديثة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تضرب إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية؟ • فرانس 24


.. إدانات دولية للهجوم الإيراني على إسرائيل ودعوات لضبط النفس




.. -إسرائيل تُحضر ردها والمنطقة تحبس أنفاسها- • فرانس 24 / FRAN


.. النيويورك تايمز: زمن الاعتقاد السائد في إسرائيل أن إيران لن




.. تجدد القصف الإسرائيلي على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة