الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزن يطارد قلوبنا

بديع الآلوسي

2021 / 3 / 9
الادب والفن


كوبنهاغن مدينة منخفضة ، تتوضأ بالمياه المالحة ، وعلى شاطئها عروس البحر المبتسمة للعشاق ، أما آشتي فقد كان يحتسي قهوته في عزلته ، دون ان يفكر بما ينتظره ، وهبت الريح مصادفة ً ، ريح تحدثنا عن مصائر الخلق ، هكذا وبغتة صار صاحبي جزءا ً من مشهد الفجيعة ، كان ينظر الى طائر البوم النائم في شجرة السرو ، قال : فال سيء !
وصار يغني ويكتب ويمنح الاشياء صفات كردية ، ربما قلبه ارتجف من القلق ، ليكسر عزلته او ليؤثث حياة تؤنسه و تعيد ترتيب الاقامة .
حدق حوله ، وجد أخيرا ً كتاب للشعر الشعبي ، كان اشتي الجميل يغار من بلاغة الشعراء الفطريين ، لكنه بين الوطن و المنفى وجد لروحه نوعا ً من التفرد .
أعتاد التنقل بين المدن والعواصم ، كان غجري الهوى ، تدهشه السناجب التي تلعب وتلقي عليه التحية ، او طائر الحسون وهو ينقر على شباكه .
لم يفكر ان يقوم بالتمارين التي تساعد قلبه المتعب ، لم يتوقع ان مرضا ً اكثر خطورة يتحرش به .
واصل طريقه بثقة ، وكإن لا شيء سوف يحدث ، اختار ان يواجه ازمته بالسخرية ، وتحسس الحياة القصيرة والجميلة مرددا ً :
ــ إنها اشبه بهدية لا تعوض .
صار يطهو لنفسه ما يشتهي من سمك وطيور . هكذا كان يحاول تاجيج الرغبات باحتساء النبيذ الذي يطرد هيجان التعاسة ، كان يتلذذ بمذاق الحياة المتبل بالتوابل الحارقة .
قال : يجب قراءة عشر صفحات من اشعار عمر الخيام .. بعدها طربت روحه وستيقظت في مخيلته جماليات الكتابة ، ليحرر صفحتين عن خريف المنفى .
مناخ ضبابي يخنق كوبنهاكن ، كان من المفروض ان يهرب الى كردستان ، لانه لا يطيق سجن الغربة .. في السنتين الاخيرتين حاول ان يضع لنفسه برنامجا ً لكتابة الرواية ، انه الكردي الذي تجاسر على الموت ، موهبته كانت مؤهلة لمقاومة الظرف غير الملائم .. تخيل كما تخيلنا من ان الابداع سيخلدنا ، اجتمعت في قلبه قوة هائلة قبل ان ينهار ويفقد توازنه .. اشتي لا يحتمل كل ذلك ، ولا يحب مواسات الاخرين ، لا يستصيغ المديح او الثناء ، لذا فضل الرحيل بلا وداع .. بعد ان خاض حياة حافلة بالنضال والوصال والمحبة والعطاء ، بعد ان عودنا على الفكاهة لكي لا يخذلنا الحزن ..
والان وانت تسافر الى عوالم خفية يا آشتي ، ليس امامي سوى ان اشعل شمعة وراقبها وهي تموت رويدا ً رويدا ً … هكذا نعزي انفسنا ونخفف عن ارواحنا اضطرابها ، مع يقيننا المؤكد من إننا سنلحق بك .. حينها لا نعرف ماذا سنفعل !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في