الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون المحكمة الاتحادية العليا جدلٌ دائم

سالم روضان الموسوي

2021 / 3 / 9
دراسات وابحاث قانونية


اثأر مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا الجدل من جديد عند التصويت على مواده، بعدما استبشرنا خيراً بان هذا القانون سوف يرى النور، لكن يكاد يجمع اغلب المهتمين بهذا القانون على انه سيكون من أسوء القوانين لأنه لا يبلي الطموح نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية، ولم يقف الاعتراض عند الأفراد بل أن أهم مؤسسة قضائية التي تمثل الجناح الثاني من أجنحة السلطة القضائية قد أعلنت عن رأيها بعد اجتماع رسمي لإدارتها العليا بتاريخ 9/3/2ِ019 والمتمثل بمجلس القضاء الأعلى ، حيث بين المجلس وجهت نظره تجاه مشروع القانون، لكن هذا الرأي وان كنت أثمن ما ورد فيه من اهتمام بموضوع المحكمة الاتحادية العليا، وهو موقف يعبر عن مدى خطورة مشروع القانون، لكن وردت في البيان الصادر عن مجلس القضاء الأعلى الموقر والمنشور في موقعه الالكتروني، فيه نقطتان لابد من التوقف عندها لان أهميتها تكمن في مصدرها وعلى وفق الآتي :
1. قدم مجلس القضاء الأعلى مقترح لحل الخلاف القائم حاليا حول حق فقهاء القانون وخبراء الشريعة الإسلامية في التصويت وعلى وفق المقترح الآتي (يشترك خبراء الفقه الإسلامي في عضوية المحكمة الأصل في الدعاوى المتعلقة بدستورية القوانين والأنظمة التي تتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام استناداً لأحكام المادة (2/أولا /أ) من الدستور .ويشترك فقهاء القانون في عضوية المحكمة الاصل في الدعاوى المتعلقة بدستورية التشريعات التي قد تتعارض مع مبادئ الديمقراطية والحقوق والحريات الأساسية الواردة في الدستور استناداً لأحكام المادة (2/أولا/ب و ج) من الدستور) لكن المقترح لم يوضح المعيار الذي بموجبه نفرق بين الدعوى الدستورية المتعلقة بالتشريعات التي تتعارض مع الثوابت الإسلامية والتشريعات التي تتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان، وهل يوجد قانون نافذ لا يكون فيه للشريعة الإسلامية أو لحقوق الإنسان حضور؟ وعند متابعة الدعاوى بعدم دستورية القوانين التي نظرتها المحكمة الاتحادية العليا بان سند الادعاء هو أما لمخالفة مبادئ حقوق الإنسان أو للشريعة الإسلامية وسأعرض أمثلة عن تلك الدعاوى وعلى وفق الآتي .
‌أ. قانون الأحوال الشخصية النافذ حيث تعرض إلى الطعن بعدم دستوريته بمجمله او في بعض مواده وفقراته تحت ذريعة مخالفة الشريعة الإسلامية ومنها الدعوى العدد 52/اتحادية/2016 وكانت بناءً على طعن تقدم به احد الأزواج الذي أقيمت ضده دعوى من زوجته تطلب فيها التفريق القضائي بالاستناد إلى أحكام المادتين (40 و 43) من قانون الأحوال الشخصية وطعنه انصب على ان تلك المادتين تتعارض مع الشريعة الإسلامية وفتاوى مراجع الدين ويطلب الحكم بعدم دستوريتهم استنادا لأحكام المادة (2) من الدستور. والدعوى العدد 9/اتحادية/2015 حول المادة (39) من قانون الاحوال الشخصية تحت عنوان مخالفة الشريعة الإسلامية.
‌ب. القوانين العقابية والمقصود بها كل النصوص القانونية التي تفرض عقوبة على فعل جرمه القانون والمحكمة الاتحادية العليا نظرت في دعاوى عديد طعون بقوانين عقابية سواء في قانون العقوبات أو القوانين الأخرى او نصوص إجرائية في قانون أصول المحاكمات الجزائية أو القوانين الأخرى وكانت الأسانيد لتلك الدعاوى أما مخالفة تلك النصوص لمبادئ حقوق الإنسان أو للشريعة الإسلامية ومنها الدعوى العدد 57/اتحادية/2017 المتعلق بالطعن بعدم دستورية قرار مجلس قيادة المنحل رقم 120 لسنة 1997 وكان المدعي قد سبب دعواه بان القرار مخالف للشريعة الإسلامية ومخالف لمبادئ حقوق الإنسان والمحكمة أصدرت قرارها باعتباره مخالف لمبادئ حقوق الإنسان.
‌ج. قوانين مدنية مثل قانون ادارة البلديات رقم 165 لسنة 1964 عندما تم الطعن بالمادة (97/1) التي تتعلق بحق الملكية باعتباره من حقوق الإنسان التي اقرها الدستور.
‌د. قوانين الانتخابات حيث تم الطعن بعدة قوانين منها الدعوى العدد 20/اتحادية/2014 التي طعن بموجبها في قانون انتخابات مجلس النواب الملغى رقم 45 لسنة 2013 باعتبارها تتعارض مع مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.
‌ه. مواد قانونية تتعلق بإجراءات بشكل الدولة والمكونات الاجتماعية للشعب العراقي وقوانين تتعلق بإجراءات حجز المواطن بدون قرار قضائي فهذه كلها كان الطعن فيها لأنها تتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان الواردة في الدستور .
والمتابع لجميع قرارات المحكمة الاتحادية سيجد إنها تتعلق بمواد الدستور التي أقرت حقوق الإنسان، ومن هذا العرض المقتضب نجد إن خبراء الشريعة وفقهاء القانون سيكون لهم الصوت الأعلى في المحكمة وجميع قراراتها تخضع لرقابتهم وبالتالي تكون المحكمة تابعة لهؤلاء فقط وليس للقضاة أي دور، وهذا من اخطر الأمور، لان النص المقترح عام وليس فيه محددات يقف عندها حد تدخل الخبراء او الفقهاء وتنقلب المحكمة إلى دار للفتوى وليس محكمة قضائية مثلما نص عليها الدستور. والمقترح لابد من إعادة النظر به لان خطورته تكمن في الجهة التي قدمته التي تمثل أهم مؤسسة قضائية.، كما ان احد أعضاء مجلس النواب سبق وان صرح بتاريخ 6/3/2021 ان اللجنة القانونية اقترحت ان يكون دور الخبراء في الشريعة بالقوانين الشرعية وفقهاء القانون بالقوانين القضائية، بينما لا يوجد مثل هذا التقسيم إطلاقاً لان القانون هو قانون مهما كان موضوعه،
2. كما ورد في بيان المجلس الموقر إشارة إلى أن مجلس القضاء الأعلى يقوم بدوره في تقديم المقترح لأنه مسؤول عن إدارة الهيئات القضائية وعلى وفق النص الآتي (فان مجلس القضاء الأعلى وبحكم مسؤوليته الدستورية بموجب المادة (89 و 90) من الدستور في إدارة شؤون الهيئات القضائية ولكون المحكمة الاتحادية هي إحدى هذه الهيئات فان مجلس القضاء الأعلى يرغب في إبداء الرأي) وجميع المهتمين بأمر العراق يثمنون هذا الموقف الوطني من مجلس القضاء الأعلى الموقر لكن لابد من توضيح أمر دستوري وقانوني، والمتمثل بمسؤولية المجلس عن إدارة الهيئات القضائية بما فيها المحكمة الاتحادية العليا، واقو لان مجلس القضاء الأعلى الموقر ليس له الولاية على الهيئات القضائية التي تنضوي تحت لوائه حصراً على وفق ما ورد في المادة (3/أولا) من قانون مجلس القضاء الأعلى رقم 45 لسنة 2017 وهذا القانون ينظم أعمال المجلس الذي يتكون من الجهات المحددة في المادة (2/أولا) وليس من بينها المحكمة الاتحادية العليا، كما ان مجلس القضاء الأعلى ليس له حق الإدارة او الرقابة او الولاية على الهيئات القضائية في إقليم كردستان وليس له ذلك على الهيئات القضائية في مجلس الدولة مثل (محكمة القضاء الإداري او محكمة قضاء الموظفين والمحكمة الإدارية العليا) وليس له الولاية او حق الإدارة على الهيئات القضائية في المحاكم العسكرية ومحاكم قوى الأمن الداخلي. لذلك لا يمكن اعتبار ان المجلس الموقر تمتد ولايته إلى خارج الهيئات القضائية التي تنضوي تحت لوائه حصراً.
ومما تقدم لابد من الوقوف بوجه هذا القانون الذي يسعى مجلس النواب لإكمال التصويت عليه دون أن يلتفت إلى صوت أهل الاختصاص سواء كانوا إفراد أو منظمات مجتمع مدني أو مؤسسات رسمية مثل ما تقدم به مجلس القضاء الأعلى الموقر، وعلى مجلس النواب إن لا يستغل تعطيل المحكمة الاتحادية وانشغال الناس بهموم العيش ومصاعب الحياة من البلاء والوباء ويمرر القانون لأنه سيكون السكين التي تذبح الحياة المدنية في العراق وانه بأوضح صور الانحراف التشريعي عن مبادئ الدستور، وعلى مجلس النواب ان يعود إلى الجهات المختصة مثل المحكمة الاتحادية العليا ومجلس القضاء الأعلى ومجلس الدولة ومجلس قضاء إقليم كردستان والقضاء العسكري فضلا عن المنظمات الحقوقية مثل نقابة المحامين واتحاد الحقوقيين العراقيين وأساتذة الجامعات من المختصين بالقضاء والقانون الدستوري، حتى يتمكن من الوصول إلى قانون يحمي الحقوق ويصونها،وان لا يحصر مصير الشعب وأجياله القادمة بآراء عدة أشخاص الذي يرجع إليهم في كل نازلة وهم رؤساء الكتل السياسية وهم لا يملكون المعرفة القانونية والدستورية لان بعضهم لم يكن من الحقوقيين بل من حملة الشهادات في الاختصاصات الأخرى.
قاضٍ متقاعد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا