الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشهد الاقتصادي السوري

عادل عبد الزهرة شبيب

2021 / 3 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لقد أدت العقوبات المفروضة على سورية والتدمير والاضطراب المرتبطة بالحرب الأهلية الى خراب اقتصاد سورية . وبحلول نهاية عام 2013 قدرت الأمم المتحدة الأضرار الاقتصادية الكلية الناجمة عن الحرب الأهلية السورية بمبلغ ( 143 ) مليار دولار والى 327 مليار دولار نهاية 2015 .وفي عام 2018 قدر البنك الدولي ان حوالي ثلث مجموع مساكن سورية ونصف مرافقها الصحية والتعليمية قد دمرها النزاع . كما عانى الاقتصاد السوري من التضخم المفرط المرتبط بالنزاع . ويعتبر معدل التضخم السنوي السوري من اعلى المعدلات في العالم .
ان المشهد الاقتصادي السوري حافل بالتطورات الملفتة والتي كان بعضها نتيجة لعوامل خارجية وبعضها الآخر نتيجة تراكم أزمات وسياسات سابقة مثل اعتماد النظام السوري الحل العسكري في التعاطي مع الاحتجاجات الشعبية . وكان للتدخلات الخارجية من قبل روسيا وايران وتركيا في الشأن السوري اثرها في زيادة الضغط على موارده المحدودة اصلا , وعلى عدم استقرار الوضع الأمني . كما اثرت الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في سورية على اسعار العملة السورية التي وصلت الى مستويات قياسية في تاريخها كما ازداد العجز في الموازنة الى وضع غير مسبوق .
لقد تأثر المشهد الاقتصادي – الاجتماعي السوري بعدة عوامل مؤثرة , فقد ادى خيار النظام السوري في استخدام القوة المفرطة ضد الاحتجاجات الشعبية السلمية التب بدأت في آذار / مارس 2011 الى دخول سورية في صراع مسلح طويل المدى حيث انعكس هذا الخيار على عدد من المؤشرات في الاقتصاد الكلي وتم التوسع في عمليات الانفاق العسكري بشكل كبير على حساب حاجات الشعب الضرورية , كما نلاحظ ارتفاع الأسعار بشكل كبير في ظل انخفاض الصادرات من نحو 8 مليار دولار الى نحو 500 مليون دولار فقط عام 2020 نتيجة تراجع الانتاج الصناعي بالدرجة الرئيسة بمختلف اقسامه , كما ارتفعت نسبة العاطلين عن العمل حوالي 60% من القوى العاملة مع ضعف قدرة القطاع الخاص على توظيف مزيد من العمالة نتيجة لتدهور الظروف . هذا ويتركز جزء كبير من العمال في نشاط زراعي بسيط وليس في شركات كبرى . كما برزت ازمة المحروقات والخبز والمواد الغذائية خاصة بعد رفع الدعم جزئيا عن الخبز والمازوت المخصص للتدفئة اضافة للبنزين وعدد من المواد الدوائية ولم يرافق ذلك زيادة في الرواتب مما اثر على الاوضاع المعيشية لغالبية الشعب السوري .
وفيما يتعلق بالاحتياطي النقدي الأجنبي فقد بلغ في عام 2010 ( 21 ) مليار دولار امريكي , بينما بلغ في عام 2020 ( 400 ) مليون دولار . وبلغت نسبة الفقر في عام 2010 ( 30% ) بينما بلغت في 2020 ( 85%) . كما اثرت الاوضاع الامنية والصراعات وتدهور الوضع الاقتصادي في سورية سلبا على المستثمرين الاجانب او الدول الراغبة بالدخول في عملية اعادة الاعمار . واعطت الاوضاع السلبية في سورية تأكيدا لرجال الأعمال والمستثمرين السوريين ان العودة الى حالة طبيعية للاقتصاد السوري لن تكون امرا ممكنا في المدى المنظور مما دفعهم للتفكير بشكل جدي اكثر للخروج من سورية او اخراج اموالهم منها على الأقل . وفي ظل تهالك المنظومة الصحية في سورية فلم تتمكن من استيعاب صدمة انتشار جائحة كورونا مما سبب وفاة كثير من ابناء الشعب السوري. كما ظهرت تأثيرات الجائحة في الاقتصاد على قطاع السياحة في سورية حيث انخفضت اعداد السياح الى اقل من ( 150 ألف ) سائح ( عدا لبنان ) بعد ان كان نحو ( 2,5 ) مليون سائح في عام 2019 . وبسبب الخلافات الداخلية مع النظام فقد عمد الى اقصاء عدد من رجال الأعمال والحجز على اموالهم .كما اثرت الأزمة المالية في لبنان على سورية لكون لبنان تعتبر متنفسا مهما للسوريين الا ان اعلان البنوك اللبنانية عن بعض الاجراءات التي اتخذتها حول الأموال المودعة لديها قد عرض زبائن هذه البنوك من السوريين لأزمة كبيرة حيث لم يعودوا قادرين على تحريك اموالهم , كما اثر انفجار مرفأ بيروت على خلق ازمة اضافية للتجار حيث كانوا يستخدمونه لتأمين مواد تجارية من مختلف الأنواع وهو ما اثر على قدرة هؤلاء التجار على تأمين احتياجاتهم بأجور شحن معقولة .
لقد ساهمت المعطيات المختلفة التي عاشها الاقتصاد السوري او تأثر بها في عدة أثار وازمات تمثلت بانخفاض سعر الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية. ومن التأثيرات الاخرى ارتفاع عجز الموازنة . وقد انعكست الظروف الاقتصادية الصعبة على الواقع المعيشي للسكان في سورية حيث باتت الرواتب البالغة في المتوسط 60 ألف ليرة سورية بما لا يتجاوز 25 دولارا في الوقت الذي قدرت فيه احتياجات الأسرة السورية بعشرة اضعاف هذا الرقم . لقد خرج الاقتصاد السوري عن السيطرة ولم يعد النظام السوري قادرا على السيطرة على الليرة السورية . ومن المرجح ان تتصاعد الأزمة الاقتصادية في سورية تحت العقوبات الأمريكية الجديدة الرامية الى معاقبة اركان النظام على الجرائم التي ارتكبت ابان حرب البلاد الأهلية.
وبهذا الصدد فقد أشر الحزب الشيوعي السوري سلبيات الوضع الاقتصادي في سورية والذي يتميز بالركود بسبب السياسات الاقتصادية المعتمدة وضعف الأداء في القطاعات المنتجة الرئيسة في البلاد وبسبب الفساد وسطوة المتنفذين وانعكاس ذلك كله سلبا على الأوضاع الاجتماعية لملايين السوريين من الفئات الفقيرة والمتوسطة وارتفاع نسب الفقر والبطالة الى مستويات غير مسبوقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو