الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيكولوجيا -الذات العربية -فى عوالم زيعور

جيهان خليفة
كاتبة صحفية

(Gehan Khalifa)

2021 / 3 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقولون أن وعى النهضة وعى حالم ولكن هل لذات "قلقة" "متوترة" "مضطربة" أن تحلم ؟ هل لذات "مسجونة" "مقفلة" "منفصمة"أن تدخل عالم الحرية أن تحلق فى سماء الوعى والنهوض ؟..نحن هنا فى العالم النفسى للذات العربية فى "الهو العربى "بكل أمراضه ، مكبوتاته، محرماته ، نرجسيته، سنعريه لنخرج ما به من "عوارض" "علل، علنا نصل إلى لحظة التعافى والإنطلاق .
عندما حاول الدكتور"على زيعور" أستاذ التحليل النفسى ، فى كتابه "التحليل النفسى للذات العربية " وضع هذه الذات على آريكة التحليل النفسى وجدها ذات مصابة بالقلق ، منجرحة ،متوترة لاحظ إضطرابها بلا أدنى صعوبة ، وجدها مقهورة بتسلط الأقوياء، فاقدة للثقة التى تعتبر أساس الصحة النفسية والإنفعالية ، هى شخصية فاشلة على صعيد التكيف مع بيئتها ، تشعر بالنقص والدونية مع الغير، ذات متضخمة بإرثها التاريخى المتوارث ، بكل ما به من خرافات ،معتقدات ،أساطير، قصص ،روايات ، هنا يرى زيعور أن هذا الإرث الذى يشكل اللاوعى العربى ، لابد من إستكشافه ، لأنه أصل السلوك والتفكير، وبالتالى أساس الخلل فى الصحة النفسية ، مشيرا إلى أن الشخصية العربية مجردة من الذاتى خاضعة إلى ماهو عمومى ، زيعور يرى أن الأيديولوجيات العربية تعانى إنشطارات فى الذات، ففى الوقت الذى تحتقرفيه الآخر تقدس ذاتها بل تنرجسها لذلك فهذه الأيديولوجيات لا توفر النضج النفسى والإنفعالى للإنسان العربى .
يرى أن الاقتصاد العربى إقتصاد منجرح ، لأنه غير كاف لايطمئن على المستقبل ، يجرح الصحة النفسية الاجتماعية للفرد فهو من ضمن أسباب أزمة الذات العربية المضطربة دائما حيث يبدو جليا، "الصراخ" بأن لا شيء أنبل ، ولا أعظم أو أعمق ، من العمل الذي يخدم المعذب في لقمته وحريته. وليس في الثقافات كلها قطاع أقرب للإنسانية، ولمهام الإنسان، من الفكر الذي يحرث ويزرع لمحاربة القواهر الاقتصادية ، ولتعزيز اللقمة الشريفة للإنسان العربى المنجرح في راهنه ومستقبله على حد قول زيعور .

العقل العربى عقل " أصولى " مستسلم للاهوت القديم

العقل العربى عقل أصولى "صراطى " مستسلم إستسلام تام أمام اللاهوت القديم رافض أدنى علمانية أو تاريخية للقراءة أوالتفسيرأوالتأويل للنص .. فى ذلك يقول زيعور :" إنه من الصعب جدا أن نقنع المتعصب بأن الدين ليس وحده المفسر للإنسان والوعى للحرية والتاريخ فى الحضارات الإسلامية ، وأنه لمن غير المقنع أن يزعم أن كل إنسان ، وكل مافى كل إنسان داخل تلك الحضارات ، يسيطرعلى سلوكه ووعيه الدين سيطرة مطلقة أوهيمنة أحادية ، تجعله متحجرا، مقفولا، مغلولا ذاك الكلام مجروح وعصابى إنه هذائى وبارانوئى " . على حد قول زيعور [1]

الحيل الدفاعية وسيلة "العقل العربى " للتعويض والهروب من الواقع

العقل الصراطى يتخذ حيل دفاعية أو " آواليات " كما يسميها زيعور هذه الحيل هى التى أنتجت سلوكه ، مشيرا إلى أن هذه الحيل قد تكون أداة غير دقيقة ،والفكرالناتج بواستطها فكر ناقص من حيث الكفاءة والقدرة على تفسير الواقع والتاريخ وعلى تحليل الأحداث والظواهر، مستشهدا بحيلة "التعويض" عن حاضرعربى حضارى ، أوعن توكيد ذاتى شديدة الحضور والفاعلية ، بالنكوص " أى العودة " إلى التراث الفردوسى ، والنعيم العدنى الطفولى ، هذا الإتجاه للتعويض وتغطية الواقع للهروب ، كان من وجهة نظر زيعور قسريا ، لا واعيا ، لذلك وإن كان يحقق "صحة نفسية" أو توازن نفسى ، ورضى عن الذات ، إلا أنه زائل وناقص وغير مباشر مزيف ومشوه ، مشيرا إلى أن آوالية " وسيلة " التحدى بمعنى المجابهة والتحليل والتفسير شبه مغيبة فى وعينا العربى . [2 ]

من ذلك نجد أن الفكر العربى المتماهى والمتطابق مع تراثه ، يحتاج إلى النقد والإستيعابية ، إلى المقاربة والتاريخية والمقارنات ، فى ذلك يقول زيعور: " من أراد أن يحاور سيد قطب أو حسن البنا أن يكون فى الموقف المتزن ، حيث إن إعادة قراءة خطاب الوحى الإسلامى، يبين لنا أن سيد قطب تشدد، أو قرأ بمنظور خاص ضيق أوعادى نصوصا ، وأنه إرتكز على نصوص ، وأغفل أخرى ، أوأغفل الخصائص التى ميزت عبر التاريخ خطاب الوحى عن تفسيراته الإجتماعية والسياسية وعن الظواهر الإسلامية المتعددة ، فالقراءة المجتمعية والمعرفية النقدية الإستيعابية ، تميزهنا بين خطاب متشدد ،وخطاب منفتح ينادى بإسلام يكون مغذيا وغذاء للإلتزام بالإنسان وبالوحى الذى هو قراءة راهنة حية للحياة " [ 3]

جلسات التحليل "الزيعورى " كانت طويلة مشحونة بالعديد من الصعوبات ،منها النرجسية العربية الشديدة ،وإلتصاق الذات العربية بالثقافة، نقص المعرفة من الداخل ، برغم أن معرفة الثقافة من الداخل أو على يد أهلها كما يرى زيعور ضرورة منهجية ،إنتقد زيعور وجهة نظر الذات العربية فى ثقافة الآخر،التى بدت له منفلته من العاطفة " بنص قول زيعور " ووجد أن من السهل جدا على بعضنا نقد الآخر، وإعتباره موضوع للدراسة منفصل عن الذات ، مشيرا إلى أن الكثير من الأدبيات العربية المعاصرة ، لا تتورع ولم تجد أدنى صعوبة فى إطلاق النارفى وجه الغرب ، فالغرب بالنسبة لنا غرب إستعمارى ، إستغلالى ، عابد للمال ، يلهث وراء مصلحته ، ولكن تتعثر هذه الأدبيات ، فى منهجها المخصص لدراسة ثقافتنا الخاصة ،هنا نجد التلفيق التوفيق الحذف ننتقى نمحو نبخس .


زيعور حاول على آريكته بوعى وتصميم تتبع المنجرح واللاسوى فى سلوكنا جميعا المختلف والمحظور اللاعقلانى واللامتكيف الجارح لكرامة المواطن العربى وحقوقه لذلك يقول : " إن معرفة المرضى والممرض خطوة منهجية وضرورة أساسية لاغنى عنها فى عمليات التكيف وتعزيز الصحة للفكر والسلوك والمستقبل " . [4ٍ]

أمراض الفكر العربى

وفقا للتحليل النفسى الإناسى يرى زيعور " المتهم بالكتابة خارج اللغة واستخدام الألفاظ المهجورة " أن الفكر العربى مصاب بأمراض نفسية منها :
الفقار: " هو مرض الفكرعندما يصاب بالتصلب والعقدانية المحكمة الإغلاق والتمركز" .
السلاك : "مرض السلوك المصاب بالتحجر والإنفعال برفض الحرية والحداثة التى تعتبر روح الصحة العقلية للمواطن العربى " .
العقاد : "وهو العصاب أو العارض الذى تقع فيه الشخصية فتتقوقع داخل التصلب والعناد أو الرفض الطفولى بل والمرضى " . [4 ]
هذه العوارض النفسية تتأتى للذات العربية المعتدى عليها فكريا ، الممزقة القلقة دائما من مخاوفها القديمة، من عقدها التاريخية الطفولية ، هذه المخاوف تتمثل فى خوف الذات العربية من الإندثار، الأذى ، فقدان الكرامة ، وفقدان التقدير الذاتى .

زيعور يتهم الوعى العربى "بالتلذذ الغبى بالبلادة " يرى أن سيرورة إعادة ضبط الثقافة تستلزم الوعى .. فى ذلك يقول " مامضى لا يعود لكن وعينا به هو المهم ، إعطاؤه معنى جديد موجها بناءهو الأهم ، لابد أن نتعامل لا مع ظواهر الماضى ، بل مع ذكرياتها والتصورات الباقية فينا عنها وفى وعينا ولاوعينا فى فكرنا وسلوكنا موقفنا الأساسى يكون موقف الصابر من خبراته القديمة يعطيها معنى جديد يعى ما تركته فيه وما أحدثته يتملك روحها بأن يتمثلها ويتجاوزها "نحنطها" كى نتغلب على الإنفعالى والطفولى فيها بذلك التملك تفقد الظواهر التاريخية والخبرات الصادمة تأثيرها الإنفعالى علينا " . [5]

زيعور كان يهدف من موسوعته فى التحليل النفسى للذات العربية البحث عن الحلول المؤدية إلى ما أسماه التوازن الخلاق، التكيف الإسهامي، الصحة الانفعالية التي ليست فقط الشعور بالرضى عن الذات بل وبالإيجابية عموما أو بالقدرةعلى العطاء والمشاركة الفعالة التي يعترف لنا بها الآخرون وتتحقق في الواقع .
مصادر :
1- كتاب العقل الصراطى فى الفلسفة والأيديولوجيا والمدنيات ،الدكتور على زيعور – الدكتور عمر فروخ ، صادر عن دار النهضة العربية – بيروت لبنان ، طبعة إلكترونية ص18
2- نفس المصدر السابق ص 11
3- كتاب انجراحات السلوك والفكر فى الذات العربية ، صادر عن المركز الثقافى العربى ، ص39
4- نفس المصدر السابق ص 20
5- نفس المصدر السابق ص 104
6- كتاب التحليل النفسى للذات العربية ، صادر عن دار الطليعة بيروت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا


.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز




.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب


.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل




.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت