الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انهيار المنظومة القومية العربية وتفككها

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2021 / 3 / 10
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


انتهت المنظومة القومية الشرقة اوسطية التي سادت في النصف الثاني من القرن العشرين على نحو كارثي ومأساوي ومؤلم، وهي التي كان قد ابتدعها الديكتاتور المصري "البكباشي" ناصر وسطا فيها بالقوة المسلحة والانقلاب العسكري على مؤسسات الدولة وقضى بموجبها على دولة الدستور والقانون والحياة المدنية ومؤسسات الدولة والانتخابات والحياة البرلمانية ودمـّر الجيش الوطني المصري وعطـّل وشلّ الحياة العامة وأسس لعبادة الفرد "الديكتاتور".

وقد اتخذت من، وحملت هذه المنظومة ما يعرف بمفهوم "العروبة" وفكرة القومية العربية كإيديولوجية لها وشرعية لأنظمة الحكم التي أنشأتها، وهي –أي العروبة- مزيج هرطوقي وهجين فكري مابين الإخوانية السياسية والعنصرية العرقية والفاشية الشوفينية والنرجسية العرقية والقبلية السياسية التي تعتبر من يسمون بـ"العرب" عنصراً متميزاً خارقاً وذا خصائص جينية فريدة مختلفة وأعلى شأناً عن بقية المكونات العرقية وشعوب المنطقة (صاحبة الأرض قبل الغزو والاحتلال العربي الإسلامي) تصل حد القداسة لأن، وباعتبار ما تسمى بـ"الرسالة" نزلت عليهم وفي أرضهم فاكتسبوا خصوصية معنوية استثنائية فارقة.

لم تكن أجندة الانظمة القومية وهمومها وطنية ومحلية بل خارجية وعابرة للحدود الوطنية "قومية" وتطلعاتها وطموحاتها امبراطورية "وحدوية" لذا تراها وقد كانت تهمل الشأن الوطني وتهتم بالقضايا القومية و" المركزية" على حساب الهموم الوطنية والداخلية، فكان لكل نظام قومي عروبي قضية مركزية "يلعب ويلهو" بها بالإعلام ويشغل الناس ببريقها ووهجها القومي ويلهب مشاعرهم بحروب وهمية، فالنظام القومي العربي الناصري الذي استلم مصر وهي تتقدم على كوريا الجنوبية وتقدّم لها المساعدات انتهى لأفقر بلد عربي يطلب القمح و"الرز" فلا يجد حيث اتجه "قومياً" لاحتلال وضم سوريا، ومن ثم للتدخل باليمن "الشقيق" في حرب أهلية داخلية راح ضحيتها عشرات آلاف الجنود المصريين ليقع فريسة سهلة فيما بعد لجيش الدفاع الإسرائيلي الذي أذاقه الذل والهوان في حرب حزيران، بينما النظام البعثي العراقي حارس البوابة الشرقية وبطل القادسيات المزعومة والعنتريات الدونكيشوتية كان جل طموحه احتلال الكويت والطمع بثروة الشقيق، والتصدي لـ"الفرس"(نوعة شعبوية فاشية قومية عنصرية)، فيما سوريا البعثية "قلب العروبة النابض" كانت ما تسمى بـ"القضية الفلسطينية" تستحوذ على لب نخبها البعثية العروبية وأضاعت ردها من عمرها السياسي عبثاً في حرب لبنان الأهلية دون أية جدوى تذكر ولبنان اليوم بلد مفلس جائع ممزق يقبع على صفيح ساخن وبرميل، فيما اليمن الشمالي غرق في عملية ابتلاع اليمن الجنوبي الماركسي "لتوحيده" وضمه وتخليصه من الرجس الشيوعي وإعادته للحضن العربي الإخواني ليكسب بذلك بركات وحسنات ورضا أعراب الصحراء، وأسس لما تشهده اليمن اليوم من عملية فناء متدرج وموت بطيء بجروب الأشقاء، فيما اعتبرت الجزائر الصحراء العربية "قضيتها المركزية وتبنيها للفكر الإخواني العروبي الظلامي أشعل فيها حرب العشرية الدامية، فيما كانت جل اهتمامات إمام المسلمين وعميد الحكام العرب وقائد ثورة الفاتح العقيد الليبي المهرج قذافي بالوحدات الاندماجية الفورية مع تونس والحلم بـالكيان الهزلي الكاريكاتوري المضحك المعروف بـ"اتحاد الجمهوريات العربية"، ومغامراته القومية بالتشاد والسودان، فيما كان النظام القومي السوداني يعمل على قضيته المركزية الداخلية بأسلمة وتعريب دارفور وجنوب السودان التي انتهت لإبادات وجرائم حرب وتقسيم السودان وإفلاسها بعدما ، مع كامل المنظومة القومية بعدما استنزفت تلكم الحروب والطموحات النرجسية "والفتوحات" العروبية موارد تلك الدول وأفرغتها، جمباً إلى جنب مع عمليات فساد منظم وممنهج واستباحة موارد الدول من قبل النخب القومية العسكريتارية الفاسدة الحاكمة، ووضعتها جميعا على حافة الجوع والإملاق.
والأنكى من ذلك، وداخلياً كانت تلك الأنظمة الموتورة، تنهج نهجا فاشيا عنصريا ضد مواطنيها وتمارس عليهم التمييز العرقي والديني وتمارس عمليات التطهير الثقافي الفاشية والأسلمة والتعريب وطمس الهويات واللغات والثقافات للسكان الأصليين، وتملي عليهم الخطاب الشعبوي التعبوي العنصري الشوفيني، فتـُعلي من شان "العرب" والعرق العربي على نحو عنصري وتحتقر وتزدري وتضطهد بقية المكونات ولا تعترف بهم ولا بتراثهم أو خصوصياتهم الثقافية وتظلمهم وتهمّشهم وتنتقص من مكانتهم وتخصص دساتيرها وقوانينها لـ"العرب" فقط "خص نص" وتعتبر وتضع " العربي" والمسلم، على نحو محدد ورئيس، مع ثقافته وتراثه في مكانة ومرتبة وصف أمامي ودرجة اولى ومواطن "سوبر" تحق له الولاية والإمارة والرئاسة والتحكم بالآخرين والوصاية عليهم عن طريق تقلد الوظائف العليا والمهام القيادية بغض النظر عن درجة ثقافته ومكانته العلمية والاجتماعية، فالأهم البعد الإيديولوجي والولاء الأعمى للنخب السلطوية العروبية، فكانت ترفع الحثالات والوضعاء لمجرد انتمائهم وتعلقهم بالإيديولوجية والتراث المقدس فعزت الدوري، مثلاً، شبه الجاهل والفاشل دراسياً، المتواضع أخلاقيا وعلمياً كان بائع ثلج في صباه لكنه ارتقى لنائب رئيس مجلس قيادة الثورة لعقود طويلة، ومثله أمثال من عتاة القومجية، وما على الرعايا والأتباع الآخرين من "اهل الذمة" والأقليات سوى الانقياد والسمع والطاعة لهؤلاء الرعاع الجهلة، فانهارت المنظومة القومية وتفككت واشتعلت فيها الحروب الأهلية والصراعات المجتمعية وهربت وطفشت النخب الثقافية والفكرية والعلمية وهجرت الأقليات المضطهدة وهربت ففرغت هذه المنظومة من عصبها التنموي وهوت للحضيض والقاع وتفككت وتمزقت بأسرع وأهون من بيت العنكبوت و"قـِنّ" دجاج.
للبحث صلة وتتمة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة